للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَلَامُ الْفُقَهَاءِ مَحْمُولًا عَلَى وَقْفِ الرَّجُلِ كَمَا قَدَّرْنَاهُ فِي كَلَامِهِ.

نَعَمْ لَوْ قَالَ الْوَاقِفُ عَلَى الَّذِينَ يُنْسَبُونَ إلَيَّ بِأُمَّهَاتِهِمْ لَمْ يَكُنْ لِأَوْلَادِ الْبَنِينَ فِيهِ شَيْءٌ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَقَعُ فِي كُتُبِ الْأَوْقَافِ، وَمَنْ مَاتَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ الْمُسْتَحَقِّينَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُسْتَحَقِّينَ تَأْسِيسٌ لَا تَأْكِيدٌ، فَيُحْمَلُ عَلَى وَضْعِهِ الْمَعْرُوفِ فِي اسْمِ الْفَاعِلِ مِنْ الِاتِّصَافِ حَقِيقَةً بِالِاسْتِحْقَاقِ مِنْ الْوَقْفِ حَالَ مَوْتِ مَنْ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ نَصِيبُهُ، وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى الْمَجَازِ أَيْضًا بِأَنْ يُرَادَ الِاسْتِحْقَاقُ وَلَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا أَفَادَ ذَلِكَ السُّبْكِيُّ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، لِأَنَّ قَوْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ كَافٍ فِي إفَادَةِ هَذَا فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ إلْغَاءُ قَوْلِهِ الْمُسْتَحَقِّينَ لِأَنَّهُ لِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ وَالتَّأْسِيسِ خَيْرٌ مِنْهُ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ أَوْ بَنِيهِ وَبَنَاتِهِ دَخَلَ الْخُنْثَى لِعَدَمِ خُرُوجِهِ عَنْهُمْ.

نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنَّهُ إنَّمَا يُعْطِي الْمُتَيَقِّنَ إذَا فَاضَلَ بَيْنَ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ وَيُوقَفُ الْبَاقِي إلَى الْبَيَانِ، وَلَا يَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ عَلَى أَحَدِهِمَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ الصِّنْفِ الْآخَرِ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهَذَا يُوهِمُ أَنَّ الْمَالَ يُصْرَفُ إلَى مَنْ عَيَّنَهُ مِنْ الْبَنِينَ أَوْ الْبَنَاتِ، وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّا لَا نَتَيَقَّنُ اسْتِحْقَاقَهُمْ لِنَصِيبِ الْخُنْثَى بَلْ يُوقَفُ نَصِيبُهُ إلَى الْبَيَانِ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُسْلِمِ وَرَدَّهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ كَلَامَ الشَّيْخَيْنِ هُوَ الْمُسْتَقِيمُ لِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَفِيمَنْ عَدَاهُ مَوْجُودٌ وَشَكَّكْنَا فِي

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يُنْسَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى وَذَلِكَ لِانْحِصَارِ أَقْرَبِ الْمَنْسُوبِينَ إلَيْهَا فِي الْأَبِ فَإِنَّ الْأُمَّ وَأُمَّ الْأُمِّ لَا نَسَبَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمُتَوَفَّاةِ، لِأَنَّ النَّسَبَ إذَا أُطْلِقَ فِي عِبَارَةِ الْفُقَهَاءِ انْصَرَفَ إلَى النَّسَبِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ جِهَةِ الْآبَاءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ} [الأحزاب: ٥] .

(قَوْلُهُ: وَمَنْ مَاتَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَخْ) قَالَ حَجّ: وَيَقَعُ فِي كُتُبِ الْأَوْقَافِ أَيْضًا لَفْظُ النَّصِيبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى النَّصِيبِ الْمُقَدَّرِ مَجَازُ الْقَرِينَةِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ كَثِيرُونَ، وَكَادَ السُّبْكِيُّ أَنْ يَنْقُلَ إجْمَاعَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ عَلَيْهِ أَوْ يَخْتَصُّ بِالْحَقِيقِيِّ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالْقَرَائِنُ فِي ذَلِكَ ضَعِيفَةٌ وَهُوَ الْمَنْقُولُ وَعَلَيْهِ كَثِيرُونَ أَيْضًا، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ قَوْلُ السُّبْكِيّ إلَخْ، وَعَلَى هَذَا أَفْتَيْت فِي مَوْقُوفٍ عَلَى مُحَمَّدٍ ثُمَّ بِنْتَيْهِ وَعَتِيقِهِ فُلَانٍ عَلَى أَنَّ مَنْ تَوَفَّتْ مِنْهُمَا تَكُونُ حِصَّتُهَا لِلْأُخْرَى فَتَوَفَّتْ إحْدَاهُمَا فِي حَيَاةِ الْوَاقِفِ بَعْدَ الْوَقْفِ ثُمَّ مُحَمَّدٌ عَنْ الْأُخْرَى وَفُلَانٌ بِأَنَّ لَهَا الثُّلُثَيْنِ وَلِلْعَتِيقِ الثُّلُثَ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْوَاقِفَ إلَخْ، وَاَلَّذِي حَرَّرْته فِي كِتَابِ سَوَابِغِ الْمُدَدِ أَنَّ الرَّاجِحَ الثَّانِي، وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ شَيْخُنَا بَعْدَ إفْتَائِهِ بِالْأَوَّلِ، وَرَدَّ عَلَى السُّبْكِيّ وَآخَرِينَ وَمِنْهُمْ الْبُلْقِينِيُّ اعْتِمَادَهُمْ لَهُ: أَعْنِي الْأَوَّلَ اهـ مُلَخَّصًا.

وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي قَوْلِهِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَقَعُ إلَخْ، وَقَوْلُ حَجّ أَوْ يَخْتَصُّ بِالْحَقِيقِيِّ قَسِيمُ قَوْلِهِ فِي أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى النَّصِيبِ الْمُقَدَّرِ، وَقَوْلُهُ: إنَّ الرَّاجِحَ الثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ يَخْتَصُّ بِالْحَقِيقِيِّ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ شَيْخُنَا: أَيْ وَعَلَيْهِ فَتُقْسَمُ غَلَّةُ الْوَقْفِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ عَلَى الْبِنْتِ الْمَوْجُودَةِ وَالْعَتِيقِ نِصْفَيْنِ، لَكِنَّهُ قَدَّمَ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْبِنْتِ الثُّلُثَيْنِ لَيْسَ لِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ فَإِذَا مَاتَتْ إحْدَاهُمَا فَنَصِيبُهَا لِلْأُخْرَى، بَلْ لِأَنَّهُ وُجِدَ مِنْ الْوَاقِفِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ النَّصِيبُ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ كَمَا هُنَا، وَقَوْلُهُ بَعْدَ إفْتَائِهِ بِالْأَوَّلِ هُوَ قَوْلُهُ يُحْمَلُ عَلَى النَّصِيبِ الْمُقَدَّرِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَعَلَى هَذَا أَفْتَيْت إلَخْ.

(قَوْلُهُ: الْمُسْتَحَقِّينَ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْمُسْتَحَقِّينَ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ انْتَقَلَ نَصِيبُ الْمَيِّتِ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَإِنْ كَانَ مَحْجُوبًا بِمَنْ فَوْقَهُ (قَوْلُهُ: تَأْسِيسٌ) أَيْ بِأَنْ أَفَادَ زِيَادَةً عَلَى مَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ: إذَا فَاضَلَ) أَيْ الْوَاقِفُ، وَقَوْلُهُ مَنْ عَيَّنَهُ: أَيْ الْوَاقِفُ (قَوْلُهُ: بَلْ يُوقَفُ نَصِيبُهُ إلَى الْبَيَانِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: فَلَوْ لَمْ يَكُنْ حَالَ الْوَقْفِ إلَّا وَلَدَ خُنْثَى فَقِيَاسُ وَقْفِ نَصِيبِهِ أَنْ يُوقَفَ أَمْرُ الْوَقْفِ إلَى الْبَيَانِ وَقْفَ تَبَيُّنٍ، فَإِذَا بَانَ مِنْ نَوْعِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ تَبَيَّنَّا صِحَّةَ الْوَقْفِ وَإِلَّا فَلَا، وَأَمَّا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إنْ وَقَفَ الْوَقْفَ أَشْكَلَ بِعَدَمِ وَقْفِ نَصِيبِهِ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ، وَإِنْ أَبْطَلَهُ أُشْكِلَ بِأَنَّ إبْطَالَ الْوَقْفِ مَعَ احْتِمَالِ صِحَّتِهِ وَعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُبْطِلِ مِمَّا لَا وَجْهَ لَهُ فَلِيُتَأَمَّلْ (لَهُ بِأَنَّ كَلَامَ الشَّيْخَيْنِ) أَيْ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا مِنْ أَنَّ الْمَالَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>