لِلْأَخِيرِ لَا يَعُودُ إلَيْهِ بِأَنَّ الْعِصْمَةَ هُنَا مُحَقَّقَةٌ فَلَا يُزِيلُهَا إلَّا مُزِيلٌ قَوِيٌّ وَمَعَ الِاحْتِمَالِ لَا قُوَّةَ، وَهُنَا الْأَصْلُ عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ فَيَكْفِي فِيهِ أَدْنَى دَالٍّ عَلَى أَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ كَلَامَهُمَا ثَمَّ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ بِهَا تَخْصِيصَ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَتَمْثِيلُهُ أَوَّلًا بِالْوَاوِ وَبِاشْتِرَاطِهَا فِيمَا بَعْدَهُ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ بِهَا، فَالْمَذْهَبُ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ أَنَّ الْفَاءَ وَثُمَّ كَالْوَاوِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا جَامِعٌ وَضْعًا فَيَرْجِعُ لِلْجَمِيعِ بِخِلَافِ بَلْ وَلَكِنْ، وَخَرَجَ بِعَدَمِ تَخَلُّلِ كَلَامٍ طَوِيلٍ مَا لَوْ تَخَلَّلَ كَوَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَأَعْقَبَ فَنَصِيبُهُ بَيْنَ أَوْلَادِهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَإِلَّا فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ، فَإِذَا انْقَرَضُوا صُرِفَ إلَى إخْوَتِي الْمُحْتَاجِينَ أَوْ إلَّا أَنْ يَفْسُقَ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَيَخْتَصُّ الْأَخِيرُ، وَكَلَامُهُمَا فِي الطَّلَاقِ دَالٌّ عَلَى عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْجُمَلِ الْمُتَعَاطِفَةِ وَغَيْرِهَا وَإِنْ بَحَثَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَعُلِمَ مِمَّا قَرَرْنَاهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الصِّفَةِ وَالِاسْتِثْنَاءِ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ أَوْ تَوَسَّطَ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِسْقِ هُنَا ارْتِكَابُ كَبِيرَةٍ أَوْ إصْرَارٌ عَلَى صَغِيرَةٍ أَوْ صَغَائِرَ وَلَمْ تَغْلِبْ طَاعَاتُهُ مَعَاصِيَهُ وَبِالْعَدَالَةِ انْتِفَاءُ ذَلِكَ وَإِنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِخَرْمِ مُرُوءَةٍ أَوْ تَغَفُّلٍ أَوْ نَحْوِهِمَا، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى إخْوَتِهِ لَمْ تَدْخُلْ أَخَوَاتُهُ أَوْ زَوْجَتُهُ أَوْ أُمُّ وَلَدِهِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ بَطَلَ حَقُّهَا بِتَزَوُّجِهَا وَلَا يَعُودُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ تَعَزَّبَتْ، بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي ابْنَتِهِ الْأَرْمَلَةِ لِأَنَّهُ أَنَاطَ اسْتِحْقَاقَهَا بِصِفَةٍ وَبِالتَّعَزُّبِ وُجِدَتْ وَتِلْكَ بِعَدَمِ التَّزَوُّجِ وَبِالتَّعَزُّبِ لَمْ يَنْتَفِ ذَلِكَ وَلِأَنَّ لَهُ غَرَضًا.
فِي أَنْ لَا تَحْتَاجَ ابْنَتُهُ وَأَنْ لَا يَخْلُفَهُ أَحَدٌ عَلَى حَلِيلَتِهِ.
وَأَخَذَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ مَا دَامَ فَقِيرًا فَاسْتَغْنَى ثُمَّ افْتَقَرَ لَا يَسْتَحِقُّ لِانْقِطَاعِ الدَّيْمُومَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمَا نَظَرَ بِهِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ النَّاظِرِ لِانْقِطَاعِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْعِصْمَةَ هُنَا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا إنَّمَا أَثْبَتَ نَقِيضَ الْمَطْلُوبِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ عَوْدَهُ لِلْأَخِيرِ لَا يَعُودُ إلَيْهِ يَقْتَضِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ لِعَدَمِ عَوْدِ الْمَشِيئَةِ إلَيْهِ، وَقَوْلُهُ بِأَنَّ الْعِصْمَةَ هُنَا مُحَقَّقَةٌ إلَخْ يَقْتَضِي عَدَمَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَلَوْ قَالَ بِأَنَّ صِيغَةَ الطَّلَاقِ صَرِيحَةٌ فِي وُقُوعِهِ فَلَا يَمْنَعُهَا إلَّا مُزِيلٌ قَوِيٌّ لَكَانَ أَوْلَى فِي مُرَادِهِ.
(قَوْلُهُ: فَيَخْتَصُّ بِالْأَخِيرِ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ وَكَلَامُهُمَا إلَخْ مُعْتَمَدٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْكُلِّ وَمَا بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: لَمْ تَدْخُلْ أَخَوَاتُهُ) وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ، لَكِنْ فِي كَلَامِ الْمُنَاوِيِّ نَقْلًا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْإِخْوَةِ يَشْمَلُ الْأَخَوَاتِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَخْلُفَهُ أَحَدٌ عَلَى حَلِيلَتِهِ) عِبَارَةُ حَجّ: وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ إفْتَاءُ الشَّرَفِ الْمُنَاوِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ بِعَوْدِ اسْتِحْقَاقِهَا نَظَرًا إلَى أَنَّ غَرَضَهُ بِهَذَا الشَّرْطِ احْتِيَاجُهَا وَقَدْ وُجِدَ بِتَعَزُّبِهَا وَيُوَافِقُ الْأَوَّلَ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إلَخْ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي لِانْقِطَاعِ الدَّيْمُومَةِ: لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى الْوَضْعِ إلَخْ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ خِلَافًا لحج.
أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ حَجّ لِمَا عَلَّلَ بِهِ فِي بِنْتِهِ الْأَرْمَلَةِ.
ثُمَّ مَا عَلَّلَ بِهِ عَدَمَ الِاسْتِحْقَاقِ فِي الْوَلَدِ إذْ قَالَ مَا دَامَ فَقِيرًا يُؤْخَذُ أَنَّهُ إذَا قَالَ عَلَى بِنْتِي مَا دَامَتْ أَرْمَلَةَ أَنَّهَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
التُّحْفَةِ وَأَمَّا تَقَدُّمُ الصِّفَةِ عَلَى الْجُمَلِ فَاسْتَبْعَدَ الْإِسْنَوِيُّ رُجُوعَهَا لِلْكُلِّ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْعِصْمَةَ هُنَا مُحَقَّقَةٌ) هَذَا يُوجِبُ رُجُوعَ الِاسْتِثْنَاءِ لِلْكُلِّ لَا عَدَمَهُ كَمَا لَا يَخْفَى، ثُمَّ إنَّ صَرِيحَ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ مَسْأَلَةَ الطَّلَاقِ الْمَذْكُورَةَ هِيَ الَّتِي اسْتَشْكَلَ بِهَا الْإِسْنَوِيُّ مَا هُنَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الَّذِي فِيهَا صِفَةٌ لَا اسْتِثْنَاءٌ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ قَوْلِهِ ظَاهِرُ نَصِّهَا: وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي الْمُتَوَسِّطَةِ إلَخْ، وَهَذَا كَلَامٌ مُقْتَضِبٌ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا قَبْلَهُ كَمَا لَا يَخْفَى فَتَوَهَّمَ الشَّارِحُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِمَا تَرَى (قَوْلُهُ: أَوْ أُمُّ وَلَدِهِ) أَيْ كَأَنْ وَقَفَ عَلَيْهَا تَبَعًا لِمَنْ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ أَوْ وَقَفَ عَلَيْهَا بَعْدَ مَوْتِهِ، وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ: أَيْ اسْتِقْلَالًا، وَبِهَذَا يَزُولُ التَّعَارُضُ الَّذِي تَوَهَّمَهُ الشِّهَابُ سم (قَوْلُهُ: لِانْقِطَاعِ الدَّيْمُومَةِ) اعْلَمْ أَنَّ النُّسَخَ مِنْ الشَّرْحِ فِيهَا فِي هَذَا الْمَحَلِّ سَقْطٌ، وَاَلَّذِي يُوَضِّحُهُ أَنَّ الشِّهَابَ حَجّ لَمَّا نَقَلَ أَخْذَ