الدَّيْمُومَةِ وَهُنَا لَا تَأْثِيرَ لَهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ فِي مَقَاصِدِ الْوَاقِفِينَ كَمَا مَرَّ، وَمَقْصُودُ الْوَاقِفِ هُنَا رَبْطُ الِاسْتِحْقَاقِ بِالْفَقْرِ وَإِنْ تَخَلَّلَهُ شَيْءٌ بِنَفْيِهِ غَيْرَ مُسَلَّمٍ لِأَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ مَدْلُولُ الْأَلْفَاظِ لَا عَلَى الْمَقَاصِدِ لِعَدَمِ اطِّلَاعِنَا عَلَيْهَا مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَالْعَمَلُ عَلَيْهَا، وَلَوْ وَقَفَ أَوْ أَوْصَى لِلضَّيْفِ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
إذَا تَزَوَّجَتْ ثُمَّ تَعَزَّبَتْ لَا يَعُودُ اسْتِحْقَاقُهَا.
(قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ) أَيْ قَوِيَّةٌ.
[فَائِدَةٌ] قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِتَيْسِيرِ الْوُقُوفِ عَلَى غَوَامِضِ أَحْكَامِ الْوُقُوفِ فِي آخِرِ الْكِتَابِ السَّادِسِ فِي تَرْجَمَةِ مَا جَمَعَ مِنْ فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ الشَّيْخِ زَكَرِيَّا مَا نَصُّهُ: وَأَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ الْعِزِّ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالنَّوَوِيِّ حَيْثُ قَالَ الْأَوَّلُ فِي كِتَابِهِ فَوَائِدُ الْقُرْآنِ: الْوَقْفُ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي مَسْجِدٍ إذَا أَخَلَّ الْإِمَامُ بِصَلَاةٍ مِنْهَا مَا يَحْصُلُ لَهُ وَيَنْقُصُ بِمِقْدَارِ مَا أَخَلَّ، كَمَا لَوْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى خَمْسَةِ أَثْوَابٍ فَخَاطَ بَعْضَهَا فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تُوَزَّعُ عَلَى الْمَخِيطِ وَغَيْرِهِ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ لَا.
وَالْقَاعِدَةُ أَنَّا نَتَّبِعُ فِي الْأَعْوَاضِ وَالْعُقُودِ الْمَعَانِي، وَفِي الشُّرُوطِ وَالْوَصَايَا الْأَلْفَاظَ، وَالْوَقْفُ مِنْ بَابِ الْأَرْزَاقِ وَالْإِرْصَادِ لَا مِنْ بَابِ الْمُعَاوَضَاتِ، وَالصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي التُّرَبِ شُرُوطٌ لَا أَعْوَاضٌ، فَمَنْ أَتَى بِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الشَّرْطِ إلَّا جُزْءًا فَلَا شَيْءَ لَهُ أَلْبَتَّةَ لِأَنَّهُ يَتَحَقَّقُ مِنْهُ مَفْهُومُ الشَّرْطِ مِنْهُ وَكَذَا وَقْفُ الْمَدَارِسِ إذَا قَالَ الْوَاقِفُ أَوْ شَهِدَ الْعُرْفُ أَنَّ مَنْ يَشْتَغِلُ شَهْرًا فَلَهُ دِينَارٌ فَاشْتَغَلَ أَقَلَّ مِنْهُ وَلَوْ بِيَوْمٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَمْ تُوَزَّعْ الْجَامَكِيَّةُ عَلَى قَدْرِ مَا يَشْتَغِلُ بِهِ انْتَهَى.
وَقَالَ الثَّانِي فِي التِّبْيَانِ: يَنْبَغِي أَنْ يُحَافِظَ عَلَى قِرَاءَةِ الْبَسْمَلَةِ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ، إلَّا " بَرَاءَةٌ " فَإِنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ قَالَ: إنَّهَا آيَةٌ، فَإِذَا قَرَأَهَا كَانَ مُتَيَقِّنًا قِرَاءَةَ الْخِتْمَةِ أَوْ السُّورَةِ، وَإِذَا أَخَلَّ بِهَا كَانَ تَارِكًا لِبَعْضِ الْقُرْآنِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، فَإِنْ كَانَتْ الْقِرَاءَةُ فِي وَظِيفَةٍ عَلَيْهَا جُعِلَ كَالْأَسْبَاعِ وَكَالْأَجْزَاءِ الَّتِي عَلَيْهَا أَوْقَافٌ وَأَرْزَاقٌ كَانَ الِاعْتِنَاءُ بِهَا أَشَدَّ لِيَسْتَحِقَّ مَا يَأْخُذُهُ يَقِينًا، فَإِنَّهُ إذَا أَخَلَّ بِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا مِنْ الْوَقْفِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ: إنَّهَا مِنْ أَوَائِلِ السُّوَرِ، وَهَذِهِ دَقِيقَةٌ يَتَأَكَّدُ الِاعْتِنَاءُ بِهَا وَإِشَاعَتُهَا انْتَهَى.
فَهَلْ كَلَامُهُمَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ أَرْبَابَ الْوَظَائِفِ إذَا أَخَلَّ أَحَدُهُمْ بِيَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ أَوْ السَّنَةِ يَسْقُطُ مَعْلُومُ جَمِيعِ الشَّهْرِ أَوْ السَّنَةِ؟ فَأَجَابَ: كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ التَّوْزِيعِ فِيمَا ذُكِرَ وَأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا وَهُوَ اخْتِيَارٌ لَهُ يَلِيقُ بِالْمُتَوَرَّعِينَ وَكَلَامُ النَّوَوِيِّ خَاصٌّ بِمَا إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ قِرَاءَةَ قَدْرٍ مُعَيَّنٍ، فَإِذَا أَخَلَّ مِنْهُ بِشَيْءٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا لِمَا أَخَلَّ بِهِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا مِنْ الْوَقْفِ وَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ فِي غَايَةِ الضِّيقِ وَيُؤَدِّي إلَى مَحْذُورٍ، فَإِنَّ أَحَدًا لَا يُمْكِنُهُ أَنْ لَا يُخِلَّ بِيَوْمٍ وَلَا بِصَلَاةٍ إلَّا نَادِرًا، وَلَا يَقْصِدُ الْوَاقِفُونَ ذَلِكَ.
وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ: وَأَمَّا مَنْ أَخَلَّ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ فَيَنْظُرُ فِي كَيْفِيَّةِ اشْتِرَاطِ الشَّرْطِ الَّذِي أَخَلَّ بِهِ، فَإِنْ كَانَ مُقْتَضَاهُ تَقْيِيدَ الِاسْتِحْقَاقِ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ بِالْقِيَامِ بِهِ فِيهَا سَقَطَ اسْتِحْقَاقُهُ فِيهَا، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَشْرُوطًا عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ تَرْكُهُ فِيهَا إخْلَالًا بِالْمَشْرُوطِ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْحُضُورَ كُلَّ يَوْمٍ فَلَا يَسْقُطُ اسْتِحْقَاقُهُ فِيهَا وَحَيْثُ سَقَطَ لَا يُتَوَهَّمُ سُقُوطُهُ فِي آخِرِ الْأَيَّامِ.
قَالَ: وَأَمَّا الْبَطَالَةُ فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَرَمَضَانَ فَمَا وَقَعَ مِنْهَا فِي رَمَضَانَ وَنِصْفِ شَعْبَانَ لَا يَمْنَعُ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ حَيْثُ لَمْ يَنُصَّ الْوَاقِفُ عَلَى اشْتِرَاطِ الْحُضُورِ فِيهَا، وَمَا وَقَعَ قَبْلَهَا يَمْنَعُ، إذْ لَيْسَ فِيهَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْإِسْنَوِيِّ الْمَذْكُورَ قَالَ عَقِبَهُ مَا نَصُّهُ: لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ الْقَاضِي بِانْقِطَاعِ الدَّيْمُومَةِ، وَهُنَا لَا تَأْثِيرَ لَهُ إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّارِحِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّارِحَ ذَكَرَ عَقِبَ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ نَحْوَ قَوْلِهِ وَالتَّنْظِيرُ فِيهِ بِأَنْ يُفَرَّقَ إلَى آخِرِ تَنْظِيرِ الشِّهَابِ حَجّ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ: غَيْرَ مُسَلَّمٍ خَبَرَ الْمُبْتَدَأِ الَّذِي حُذِفَ مِنْ النُّسَخِ مَعَ تَنْظِيرِ الشِّهَابِ حَجّ فَلْتُرَاجَعْ نُسْخَةٌ صَحِيحَةٌ.