للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَابْنِ الْأَثِيرِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِذِي الْحَافِرِ قَالَ: وَعَلَيْهِ فَاسْتِعْمَالُ الْفُقَهَاءِ لَهُ فِي سَائِرِ الْبَهَائِمِ تَوَسُّعٌ انْتَهَى.

وَعَلَى قَوْلِ التَّرَادُفِ فَأَحَدُهُمَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ، وَعَلَى قَوْلِ النَّوَوِيِّ الرَّوْثُ يُغْنِي عَنْ الْعَذِرَةِ، وَهَلْ الْعَسَلُ خَارِجٌ مِنْ دُبُرِ النَّحْلَةِ أَوْ مِنْ فِيهَا؟ فِيهِ خِلَافٌ، وَالْأَشْبَهُ الثَّانِي، فَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْ الضَّابِطِ فِي الْخَارِجِ.

(وَبَوْلٌ) لِلْأَمْرِ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ فِي بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ فِي الْمَسْجِدِ، وَقِيسَ بِهِ سَائِرُ الْأَبْوَالِ، وَأَمَّا «أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعُرَنِيِّينَ بِشُرْبِ أَبْوَالِ الْإِبِلِ» فَكَانَ لِلتَّدَاوِي، وَهُوَ جَائِزٌ بِصَرْفِ النَّجَاسَةِ غَيْرُ الْخَمْرَةِ، وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَجْعَلْ الشِّفَاءَ فِي الْمُحَرَّمَاتِ مَحْمُولٌ عَلَى صَرْفِ الْخَمْرِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ نَجَاسَةَ الْفَضَلَاتِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مَا صَحَّحَاهُ وَحَمَلَ الْقَائِلُ بِذَلِكَ الْأَخْبَارَ الَّتِي يَدُلُّ ظَاهِرُهَا لِلطَّهَارَةِ كَعَدَمِ إنْكَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شُرْبَ أُمِّ أَيْمَنَ بَوْلَهُ عَلَى التَّدَاوِي، لَكِنْ جَزَمَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ بِطَهَارَتِهَا، وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَنَقَلَهُ الْعِمْرَانِيُّ عَنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ، وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَالْبَارِزِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ.

وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ الَّذِي أَعْتَقِدُهُ وَأَلْقَى اللَّهَ بِهِ.

وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّ بِهِ الْفَتْوَى، وَصَحَّحَهُ الْقَايَاتِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ الْحَقُّ، وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: تَكَاثَرَتْ الْأَدِلَّةُ عَلَى ذَلِكَ، وَعَدَّهُ الْأَئِمَّةُ فِي خَصَائِصِهِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى خِلَافِهِ، وَإِنْ وَقَعَ فِي كُتُبِ كَثِيرٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ فَقَدْ اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ مِنْ أَئِمَّتِهِمْ عَلَى الْقَوْلِ بِالطَّهَارَةِ انْتَهَى.

وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَحُمِلَ تَنَزُّهُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَمَزِيدِ النَّظَافَةِ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي طَرْدُ الطَّهَارَةِ فِي فَضَلَاتِ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ، وَنَازَعَهُ الْجَوْجَرِيُّ فِي ذَلِكَ.

وَأَمَّا الْحَصَاةُ الَّتِي تَخْرُجُ مَعَ الْبَوْلِ أَوْ بَعْدَهُ أَحْيَانَا وَتُسَمِّيهَا الْعَامَّةُ الْحَصِيَّةَ، فَأَفْتَى فِيهَا الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ إنْ أَخْبَرَ طَبِيبٌ عَدْلٌ بِأَنَّهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَلِمَةٍ الْخُرْءُ وَلَا يُعْرَفُ تَخْفِيفُهَا، وَتُطْلَقُ الْعَذِرَةُ عَلَى فِنَاءِ الدَّارِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُلْقُونَ الْخُرْءَ فِيهِ، فَهُوَ مَجَازٌ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الظَّرْفِ بِاسْمِ الْمَظْرُوفِ وَالْجَمْعُ عَذِرَاتٌ (قَوْلُهُ: فَأَحَدُهُمَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ) وَعَلَيْهِ فَالْمُتَبَادَرُ أَنَّهُ اسْمٌ لِمَا يَخْرُجُ مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانَاتِ، لَكِنْ فِي حَجّ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ عَلَى التَّرَادُفِ خَاصٌّ بِمَا يَخْرُجُ مِنْ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ وَعَلَى الثَّانِي يُسْتَثْنَى مِنْ الْقَيْءِ اهـ حَجّ.

وَفِيهِ: وَقِيلَ مِنْ ثُقْبَتَيْنِ تَحْتَ جَنَاحِهَا فَلَا اسْتِثْنَاءَ إلَّا بِالنَّظَرِ إلَى أَنَّهُ حِينَئِذٍ كَاللَّبَنِ وَهُوَ مِنْ غَيْرِ الْمَأْكُولِ نَجِسٌ.

(قَوْلُهُ: عَلَى صِرْفِ الْخَمْرِ) أَيْ فَلَا يَجُوز التَّدَاوِي بِهِ، بِخِلَافِ صِرْفٍ غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ النَّجَاسَاتِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّدَاوِي بِهِ حَيْثُ لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ مَقَامَهُ عَلَى مَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ وَصَلَ عَظْمَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِطَهَارَتِهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ مَا كَانَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَمَا كَانَ بَعْدَهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ تَكْرِيمًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي بَقِيَّةِ الْأَنْبِيَاءِ بِنَاءً عَلَى إلْحَاقِهِمْ بِنَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا يَأْتِي، وَصُورَةُ مَا قَبْلَ النُّبُوَّةِ أَنْ يَبْقَى شَيْءٌ مِنْ فَضَلَاتِهِ الْحَاصِلَةِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ إلَى مَا بَعْدَهَا، أَوْ ثَوْبًا مَثَلًا أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْهَا وَبَقِيَ بِلَا غَسْلٍ لِمَا بَعْدَ النُّبُوَّةِ (قَوْلُهُ: الْعِمْرَانِيُّ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ نِسْبَةٌ إلَى الْعِمْرَانِيَّةِ قَرْيَةٌ بِنَاحِيَةِ الْمُوصِلِ أَنْسَابٌ لِلسُّيُوطِيِّ (قَوْلُهُ: طَرْدُ الطَّهَارَةِ) هَذَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ طَهَارَتِهَا حِلُّ تَنَاوُلِهَا فَيَنْبَغِي تَحْرِيمُهُ إلَّا لِغَرَضٍ كَالْمُدَاوَاةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الطَّهَارَةِ أَيْضًا احْتِرَامُهَا بِحَيْثُ يَحْرُمُ وَطْؤُهَا لَوْ وُجِدَتْ بِأَرْضٍ، وَعَلَيْهِ فَيَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهَا إذَا جَمَدَتْ (قَوْلُهُ: سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: طَبِيبٌ) وَلَعَلَّ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْخَرَزَةِ عَلَى مَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُهُ فِيمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِلْحُكْمِ بِنَجَاسَتِهَا إخْبَارُ طَبِيبٍ بِانْعِقَادِهَا مِنْ النَّجَسِ أَنَّ وُجُودَهَا فِي الْمَرَارَةِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ أَجْزَاءِ الْحَيَوَانِ قَرِينَةٌ عَلَى انْعِقَادِهَا مِنْ النَّجَسِ دُونَ الْخُصْيَةِ لِجَوَازِ دُخُولِهَا إلَى الْجَوْفِ مِنْ خَارِجٍ كَدُخُولِهَا فِي الْمَاءِ الْمَشْرُوبِ، أَوْ أَنَّهَا كَمَا نَقَلَهُ سم عَنْ وَالِدِ الشَّارِحِ: حَجَرٌ خَلَقَهُ اللَّهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَثْنَى ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ وَعَلَى الثَّانِي يُسْتَثْنَى مِنْ الْقَيْءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: مِنْ الضَّابِطِ) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِهِمْ فِي الْخَارِجِ مِنْ الدُّبُرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>