أَوْ شُكَّ فِي أَنَّهُ مِنْهَا أَوْ لَا فَإِنَّهُ طَاهِرٌ، نَعَمْ لَوْ اُبْتُلِيَ بِهِ شَخْصٌ فَالظَّاهِرُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ الْعَفْوُ.
وَالزَّبَادُ طَاهِرٌ.
وَهُوَ لَبَنُ سِنَّوْرٍ بَحْرِيٍّ أَوْ عِرْقُ سِنَّوْرٍ بَرِّيٍّ، وَيَتَّجِهُ الْعَفْوُ عَنْ يَسِيرِ شَعْرِهِ عُرْفًا وَلَمْ يُبَيِّنُوا أَنَّ الْمُرَادَ الْقَلِيلُ فِي الْمَأْخُوذِ لِلِاسْتِعْمَالِ أَوْ فِي الْإِنَاءِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ إنْ كَانَ جَامِدًا لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِيهِ بِمَحَلِّ النَّجَاسَةِ فَقَطْ، فَإِنْ كَثُرَتْ فِي مَحِلٍّ وَاحِدٍ لَمْ يُعْفَ عَنْهُ وَإِلَّا عُفِيَ، بِخِلَافِ الْمَائِعِ فَإِنَّ جَمِيعَهُ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ، فَإِنْ قَلَّ الشَّعْرُ فِيهِ عُفِيَ عَنْهُ وَإِلَّا فَلَا، وَلَا نَظَرَ لِلْمَأْخُوذِ.
وَالْعَنْبَرُ طَاهِرٌ وَهُوَ نَبْتٌ يَلْفِظُهُ الْبَحْرُ، وَالْمِسْكُ طَاهِرٌ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «الْمِسْكُ أَطْيَبُ الطِّيبِ» وَكَذَا فَأْرَتُهُ بِشَعْرِهَا إنْ انْفَصَلَتْ فِي حَالِ حَيَاةِ الظَّبْيَةِ وَلَوْ احْتِمَالًا فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ بَعْدَ ذَكَاتِهَا وَإِلَّا فَنَجِسَانِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ فِي الْمِسْكِ قِيَاسًا عَلَى الْإِنْفَحَةِ.
(وَرَوْثٌ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَلَوْ مِنْ طَيْرٍ مَأْكُولٍ أَوْ مِمَّا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً أَوْ سَمَكٍ أَوْ جَرَادٍ لِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا جِيءَ لَهُ بِحَجَرَيْنِ وَرَوْثَةٍ لِيَسْتَنْجِيَ بِهَا أَخَذَ الْحَجَرَيْنِ وَرَدَّ الرَّوْثَةَ وَقَالَ: هَذَا رِكْسٌ وَالرِّكْسُ النَّجَسُ» وَالْعَذِرَةُ وَالرَّوْثُ قِيلَ بِتَرَادُفِهِمَا، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّ الْعَذِرَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالْآدَمِيِّ وَالرَّوْثُ أَعَمُّ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَدْ يُمْنَعُ بَلْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِغَيْرِ الْآدَمِيِّ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ صَاحِبِ الْمُحْكَمِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ فِي أَنَّهُ مِنْهَا) مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ أَكَلَ شَيْئًا نَجِسًا أَوْ مُتَنَجِّسًا وَغَسَلَ مَا يَظْهَرُ مِنْ الْفَمِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ بَلْغَمٌ مِنْ الصَّدْرِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ، لِأَنَّ مَا فِي الْبَاطِنِ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالنَّجَاسَةِ فَلَا يَنْجُسُ مَا مَرَّ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ مُرُورَهُ عَلَى مَحِلٍّ نَجِسٍ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ الْعَفْوُ) أَيْ وَإِنْ كَثُرَ، وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَسِيلَ عَلَى مَلْبُوسِهِ أَوْ غَيْرِهِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ.
وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْفَى عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ مَنْ اُبْتُلِيَ بِهِ إذَا مَسَّهُ بِلَا حَاجَةٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ سم عَلَى حَجّ: إنَّهُ لَوْ مَسَّ نَجَاسَةً مَعْفُوًّا عَنْهَا عَلَى غَيْرِهِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهَا فِي حَقِّهِ حَيْثُ كَانَ مَسُّهُ بِلَا حَاجَةٍ اهـ بِالْمَعْنَى.
وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ شَرِبَ مِنْ إنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ أَوْ أَكَلَ مِنْ طَعَامٍ وَمَسَّ الْمِلْعَقَةَ مَثَلًا بِفَمِهِ وَوَضَعَهَا فِي الطَّعَامِ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَنْجَسُ مَا فِي الْإِنَاءِ مِنْ الْمَاءِ وَلَا مِنْ الطَّعَامِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ النَّجَاسَةِ التَّنْجِيسُ وَلَوْ انْصَبَّ مِنْ ذَلِكَ الطَّعَامِ عَلَى غَيْرِهِ شَيْءٌ لَا يُنَجِّسُهُ لِأَنَّا لَمْ نَحْكُمُ بِنَجَاسَةِ الطَّعَامِ بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى طَهَارَتِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَبَنُ سِنَّوْرٍ بَحْرِيٍّ) عِبَارَةُ حَجّ: وَهُوَ لَبَنٌ مَأْكُولٌ بَحْرِيٌّ كَمَا فِي الْحَاوِي رِيحُهُ كَالْمِسْكِ وَبَيَاضُهُ بَيَاضُ اللَّبَنِ فَهُوَ طَاهِرٌ (قَوْلُهُ: نَبْتٌ) يُؤَيِّدُهُ مَا نَقَلَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ فِي شَرْحِ الصَّحِيحِ.
قَالَ إمَامُنَا الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: كَالرَّافِعِيِّ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ رَكِبَ الْبَحْرَ فَوَقَعَ إلَى جَزِيرَةٍ، فَنَظَرَ إلَى شَجَرَةٍ مِثْلِ عُنُقِ الشَّاةِ وَإِذَا ثَمَرُهَا عَنْبَرٌ، قَالَ: فَتَرَكْنَاهُ حَتَّى يَكْبُرَ ثُمَّ نَأْخُذَ فَهَبَّتْ رِيحٌ فَأَلْقَتْهُ فِي الْبَحْرِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالسَّمَكُ وَدَوَابُّ الْبَحْرِ تَبْتَلِعُهُ أَوَّلَ مَا يَقَعُ لِأَنَّهُ لَيِّنٌ، فَإِذَا ابْتَلَعَتْهُ قَلَّمَا تَسْلَمُ إلَّا قَتَلَتْهَا لِفَرْطِ الْحَرَارَةِ الَّتِي فِيهِ فَإِذَا أَخَذَ الصَّيَّادُ السَّمَكَةَ وَجَدَهُ فِي بَطْنِهَا فَيُقَدِّرُ أَيْ يَظُنُّ أَنَّهُ مِنْهَا وَإِنَّمَا هُوَ ثَمَرٌ نَبَتَ (قَوْلُهُ: يَلْفِظُهُ الْبَحْرُ) وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلَيْسَ الْعَنْبَرُ رَوْثًا خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ بَلْ هُوَ نَبَاتٌ فِي الْبَحْرِ، فَمَا تَحَقَّقَ مِنْهُ أَنَّهُ مَبْلُوعٌ مُتَنَجَّسٌ لِأَنَّهُ مُتَجَسِّدٌ غَلِيظٌ لَا يَسْتَحِيلُ (قَوْلُهُ: فَأْرَتُهُ) بِالْهَمْزِ وَتَرَكَهُ، بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ الْمَعْرُوفِ فَإِنَّهُ بِالْهَمْزِ فَقَطْ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ احْتِمَالًا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ رَأَى ظَبْيَةً مَيِّتَةً وَفَأْرَةً مُنْفَصِلَةً عِنْدَهَا وَاحْتَمَلَ أَنَّ انْفِصَالَهَا قَبْلَ مَوْتِهَا حُكِمَ بِطَهَارَتِهَا وَهُوَ مُتَّجَهٌ لِأَنَّهَا كَانَتْ طَاهِرَةً قَبْلَ الْمَوْتِ فَتُسْتَصْحَبُ طَهَارَتُهَا وَلَمْ يُعْلَمْ مَا يُزِيلُ الطَّهَارَةَ سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَرَوْثٌ) أَيْ وَلَوْ مِنْ الْجِنِّ حَيْثُ تَحَقَّقْنَاهُ رَوْثًا، وَلَوْ أَصَابَتْ النَّجَاسَةُ جِنِّيًّا ثَبَتَ لَهُ مَا يَثْبُتُ لَنَا مِنْ الْأَحْكَامِ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا قَالَهُ حَجّ مِنْ أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ بِمَا كُلِّفْنَا بِهِ إلَّا مَا عُلِمَ النَّصُّ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: لِمَا رَوَاهُ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْهُ الْمَحَلِّيُّ بَلْ قَالَ: وَرَوْثٌ بِالْمُثَلَّثَةِ كَالْبَوْلِ اهـ.
وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ دَلِيلَهُ حَتَّى يُقَاسَ عَلَيْهِ.
أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ لَعَلَّ الْمَحَلِّيَّ عَدَلَ عَمَّا قَالَهُ الشَّيْخُ إدْخَالًا لَهُ فِي الرَّوْثِ الْمَقِيسِ عَلَى الْبَوْلِ، وَقَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هَذَا رِكْسٌ إلَى وَاحِدٍ مِنْ مُطْلَقِ الرَّوْثِ.
وَيُحْتَمَلُ أَنَّ التَّنْجِيسَ لَهَا مِنْ حَيْثُ الْحَيَوَانُ الَّتِي هِيَ مِنْهُ، فَيَدُلُّ عَلَى نَجَاسَةِ ذَلِكَ النَّوْعِ كَالْحِمَارِ مَثَلًا فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى نَجَاسَةِ مُطْلَقِ الرَّوْثِ (قَوْلُهُ: وَالْعَذِرَةُ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَالْعَذِرَةُ وِزَانُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .