سَائِلًا وَلِخَبَرِ «فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ وَصَلِّي» وَخَرَجَ بِالْمَسْفُوحِ فِي الْآيَةِ الْكَبِدُ وَالطِّحَالُ، وَأَمَّا الدَّمُ الْبَاقِي عَلَى اللَّحْمِ وَعِظَامِهِ مِنْ الْمُذَكَّاةِ فَنَجِسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ كَمَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعَفْوَ لَا يُنَافِي النَّجَاسَةَ، فَمُرَادُ مِنْ عَبَّرَ بِطَهَارَتِهِ أَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ.
(وَقَيْحٌ) لِكَوْنِهِ دَمًا يَسْتَحِيلُ إلَى نَتِنٍ وَفَسَادٍ وَمَاءِ قَرْحٍ وَنَفْطٍ وَجُدَرِيٍّ مُتَغَيِّرٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ.
(وَقَيْءٌ) اتِّفَاقًا وَهُوَ الرَّاجِعُ بَعْدَ الْوُصُولِ إلَى الْمَعِدَةِ وَلَوْ مَاءً وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ كَمَا قَالَاهُ، وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ وُصُولُهُ لِمَا جَاوَزَ مَخْرَجَ الْحَرْفِ الْبَاطِنِ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بَاطِنٌ فِيمَا يَظْهَرُ.
نَعَمْ لَوْ رَجَعَ مِنْهُ حَبٌّ صَحِيحٌ صَلَابَتُهُ بَاقِيَةٌ بِحَيْثُ لَوْ زُرِعَ نَبَتَ كَانَ مُتَنَجِّسًا لَا نَجِسًا، وَيُحْمَلُ كَلَامُ مَنْ أَطْلَقَ نَجَاسَتَهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَبْقَ فِيهِ تِلْكَ الْقُوَّةِ.
وَمَنْ أَطْلَقَ كَوْنَهُ مُتَنَجِّسًا عَلَى بَقَائِهَا فِيهِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الرَّوْثِ، وَقِيَاسُهُ فِي الْبَيْضِ لَوْ خَرَجَ مِنْهُ صَحِيحًا بَعْدَ ابْتِلَاعِهِ بِحَيْثُ تَكُونُ فِيهِ قُوَّةُ خُرُوجِ الْفَرْخِ أَنْ يَكُونَ مُتَنَجِّسًا لَا نَجِسًا.
وَلَوْ اُبْتُلِيَ شَخْصٌ بِالْقَيْءِ عُفِيَ عَنْهُ مِنْهُ فِي الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ كَدَمِ الْبَرَاغِيثِ وَإِنْ كَثُرَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَجِرَّةً وَمَرَّةً، وَمِثْلُهُمَا سُمُّ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَسَائِرِ الْهَوَامِّ فَيَكُونُ نَجِسًا.
قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِلَسْعَةِ الْحَيَّةِ لِأَنَّ سُمَّهَا يَظْهَرُ عَلَى مَحِلِّ اللَّسْعَةِ، لَا الْعَقْرَبِ لِأَنَّ إبْرَتَهَا تَغُوصُ فِي بَاطِنِ اللَّحْمِ وَتَمُجُّ السُّمَّ فِي بَاطِنِهِ وَهُوَ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ بُطْلَانِهَا بِالْحَيَّةِ دُونَ الْعَقْرَبِ هُوَ الْأَوْجَهُ، إلَّا إنْ عَلِمَ مُلَاقَاةَ السُّمِّ لِلظَّاهِرِ أَوْ لِمَا لَاقَى سُمَّهَا، وَمَحَلُّ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَرَارَةِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِيهَا.
أَمَّا هِيَ فَمُتَنَجِّسَةٌ كَالْكَرِشِ فَتَطْهُرُ بِغَسْلِهَا، وَأَمَّا الْخَرَزَةُ الَّتِي تُوجَدُ فِي الْمَرَارَةِ وَتَسْتَعْمِلُ فِي الْأَدْوِيَةِ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ فِي الْخَادِمِ نَجَاسَتُهَا لِأَنَّهَا تَجَسَّدَتْ مِنْ النَّجَاسَةِ فَأَشْبَهَتْ الْمَاءَ النَّجِسَ إذَا انْعَقَدَ مِلْحًا، وَالْبَلْغَمُ الصَّاعِدُ مِنْ الْمَعِدَةِ نَجِسٌ، بِخِلَافِ النَّازِلِ مِنْ الرَّأْسِ أَوْ مِنْ أَقْصَى الْحَلْقِ أَوْ الصَّدْرِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ، وَالْمَاءُ السَّائِلُ مِنْ فَمِ النَّائِمِ نَجِسٌ إنْ كَانَ مِنْ الْمَعِدَةِ كَأَنْ خَرَجَ مُنْتِنًا بِصُفْرَةٍ لَا إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
كَالدَّمِ فِيمَا يَظْهَرُ
(قَوْلُهُ: فَنَجِسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ) صَوَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِالدَّمِ الْبَاقِي عَلَى اللَّحْمِ الَّذِي لَمْ يَخْتَلِطْ بِشَيْءٍ كَمَا لَوْ ذُبِحَتْ شَاةٌ وَقُطِعَ لَحْمُهَا فَبَقِيَ عَلَيْهِ أَثَرٌ مِنْ الدَّمِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ كَمَا يُفْعَلُ فِي الْبَقَرِ الَّتِي تُذْبَحُ فِي الْمَحِلِّ الْمُعَدِّ لِذَبْحِهَا الْآنَ مِنْ صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهَا لِإِزَالَةِ الدَّمِ عَنْهَا، فَإِنَّ الْبَاقِيَ مِنْ الدَّمِ عَلَى اللَّحْمِ بَعْدَ صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَإِنْ قَلَّ لِاخْتِلَاطِهِ بِأَجْنَبِيٍّ وَهُوَ تَصْوِيرٌ حَسَنٌ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ، وَلَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الْعَفْوِ عَمَّا ذُكِرَ بَيْنَ الْمُبْتَلَى بِهِ كَالْجَزَّارِينَ وَغَيْرِهِمْ، لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ اُبْتُلِيَ بِالْقَيْءِ عُفِيَ عَنْهُ فِي ثَوْبِهِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ كَثُرَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ، فَقِيَاسُهُ هُنَا أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ، وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْقَيْءَ لَمَّا كَانَ ضَرُورِيًّا لَهُ لَيْسَ بِاخْتِيَارِهِ عُفِيَ عَنْهُ مُطْلَقًا، بِخِلَافِ الدَّمِ لَمَّا كَانَ بِفِعْلِهِ لَمْ يُعْفَ عَنْهُ وَلَوْ شَكَّ فِي الِاخْتِلَاطِ وَعَدَمِهِ لَمْ يَضُرَّ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ.
(قَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ ذَلِكَ يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَإِلَّا فَالْمُصَنِّفُ إنَّمَا ذَكَرَ التَّغَيُّرَ بِالرِّيحِ فَقَطْ، أَوْ أَنَّهُ أَشَارَ إلَى أَنَّ الرِّيحَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِثَالٌ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا فِي التَّغْيِيرِ الدَّالِّ عَلَى النَّجَاسَةِ بَيْنَ الرِّيحِ وَغَيْرِهِ
(قَوْلُهُ: الْحَرْفِ الْبَاطِنِ) أَيْ وَهُوَ الْحَاءُ الْمُهْمَلَةُ (قَوْلُهُ: بِالْقَيْءِ عُفِيَ عَنْهُ) وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى لَوْ اُبْتُلِيَ بِدَمِ اللِّثَةِ، وَالْمُرَادُ بِالِابْتِلَاءِ بِهِ أَنْ يَكْثُرَ وُجُودُهُ بِحَيْثُ يَقِلُّ خُلُوُّهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَجِرَّةً) هِيَ مَا يُخْرِجُهُ الْبَعِيرُ مَثَلًا عِنْدَ الِاجْتِرَارِ (قَوْلُهُ: بِلَسْعَةِ الْحَيَّةِ) وَمِثْلُهَا الثُّعْبَانُ (قَوْلُهُ: فِي الْمَرَارَةِ) لَمْ يُعَبَّرْ فِيمَا مَرَّ بِالْمِرَارِ.
بَلْ بِالْمُرَّةِ، وَهِيَ اسْمٌ لِلْمَاءِ الَّذِي فِي الْجِلْدَةِ، وَالْجِلْدَةُ تُسَمَّى مَرَارَةٌ.
وَعَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ لِلتَّقْيِيدِ، وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: الْمَرَارَةُ الَّتِي فِيهَا الْمُرَّةُ (قَوْلُهُ: وَالْبَلْغَمُ الصَّاعِدُ) وَيُعْرَفُ كَوْنُهُ مِنْهَا بِمَا يَأْتِي فِي الْمَاءِ السَّائِلِ مِنْ فَمِ النَّائِمِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ خَرَجَ مُنْتِنًا) قَضِيَّةُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ مَعَ النَّتَنِ وَالصُّفْرَةِ يُقْطَعُ بِأَنَّهُ مِنْ الْمَعِدَةِ وَلَا يَكُونُ مِنْ مَحِلِّ الشَّكِّ
ــ
[حاشية الرشيدي]
لِلْإِجْمَاعِ وَسَقَطَتْ الْوَاوُ مِنْ الْكَتَبَةِ
(قَوْلُهُ: مُلَاقَاةُ السُّمِّ لِلظَّاهِرِ) لَعَلَّ صَوَابَ الْعِبَارَةِ مُلَاقَاةُ الظَّاهِرِ لِلسُّمِّ حَتَّى يَنْسَجِمَ مَعَهُ مَا بَعْدَهُ. .