الْقَوْلِ بِهَا، وَاشْتَرَطَ هُنَا فِي الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ جَمِيعَ مَا مَرَّ فِيهَا، وَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ الْقَبُولُ مُطَابِقًا لِلْإِيجَابِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ عَدَمَ اشْتِرَاطِهَا هُنَا، وَمِنْهُ أَيْضًا اعْتِبَارُ الْفَوْرِ فِي الصِّيغَةِ وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ الْفَصْلُ إلَّا بِأَجْنَبِيٍّ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ اغْتِفَارُ قَوْلِهِ بَعْدَ وَهَبْتُك وَسَلَّطْتُك عَلَى قَبْضِهِ فَلَا يَكُونُ فَاصِلًا مُضِرًّا لِتَعَلُّقِهِ بِالْعَقْدِ.
نَعَمْ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْإِذْنِ قَبْلَ وُجُودِ الْقَبُولِ نَظَرٌ.
وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي مَزْجِ الرَّهْنِ الِاكْتِفَاءُ بِهِ، وَقَدْ لَا تُشْتَرَطُ صِيغَةٌ كَمَا لَوْ كَانَتْ ضِمْنِيَّةً كَأَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي فَأَعْتَقَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَجَّانًا، وَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ وَأَقَرَّهُ جَمْعٌ مِنْ أَنَّهُ لَوْ زَيَّنَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ بِحُلِيٍّ كَانَ تَمْلِيكًا لَهُ بِخِلَافِ زَوْجَتِهِ فَإِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى تَمْلِيكِهِ بِتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ كَلَامَهُمَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ اشْتَرَطَا فِي هِبَةِ الْأَصْلِ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ وَهِبَةِ وَلِيِّ غَيْرِهِ: أَيْ غَيْرُ الْأَصْلِ قَبُولُهَا مِنْ الْحَاكِمِ أَوْ نَائِبِهِ.
وَنَقَلَ جَمْعٌ أَيْضًا عَنْ الْعَبَّادِيِّ وَأَقَرُّوهُ أَنَّهُ لَوْ غَرَسَ أَشْجَارًا وَقَالَ عِنْدَ الْغَرْسِ أَغْرِسُهَا لِابْنِي مَثَلًا لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِعَيْنٍ فِي يَدِهِ اشْتَرَيْتهَا لِابْنِي أَوْ لِفُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا، وَلَوْ قَالَ جَعَلْت هَذَا لِابْنِي لَمْ يَمْلِكْهُ إلَّا أَنْ قَبِلَ وَقَبَضَ لَهُ اهـ.
وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الْحُلِيَّ صَارَ فِي يَدِ الصَّبِيِّ دُونَ الْغَرْسِ غَيْرُ كَافٍ لِأَنَّ صَيْرُورَتَهُ فِي يَدِهِ بِدُونِ لَفْظِ مُمَلَّكٍ لَا يُفِيدُ شَيْئًا، عَلَى أَنَّ كَوْنَ هَذِهِ الصَّيْرُورَةِ مُفِيدَةً لِلْمِلْكِ هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ، فَلَا فَرْقَ لَا سِيَّمَا وَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ لَا يَتَمَشَّى عَلَى الْمَذْهَبِ، وَضَعَّفَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ قَوْلَ الْخُوَارِزْمِيِّ وَغَيْرَهُ أَنَّ إلْبَاسَ الْأَبِ الصَّغِيرِ حُلِيًّا يَمْلِكُهُ إيَّاهُ، وَقَدْ نَقَلَ آخَرُونَ عَنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَلَوْ فِي غَيْرِ الثِّيَابِ وَيَكُونُ بِمَعْنَى نَحَلْتُك.
(قَوْلُهُ: وَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَيْ وَمِنْهُ الرُّؤْيَةُ فَالْأَعْمَى لَا تَصِحُّ هِبَتُهُ وَلَا الْهِبَةُ إلَيْهِ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ، وَأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ بَيْعِ الْأَعْيَانِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ صَدَقَتِهِ وَإِهْدَائِهِ فَيَصِحُّ لِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ الْوَجْهُ الَّذِي لَا يَنْبَغِي خِلَافُهُ انْتَهَى.
كَذَا بِهَامِشٍ وَهُوَ قَرِيبٌ، وَيُصَرِّحُ بِاشْتِرَاطِ الرُّؤْيَةِ فِي الْوَاهِبِ وَالْمُتَّهِبِ قَوْلُ الْمَحَلِّيِّ وَفِيهَا كَأَصْلِهَا أَمْرُ الْعَاقِدَيْنِ وَاضِحٌ: أَيْ مِنْ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ: أَيْ فَطَرِيقُ الْأَعْمَى إذَا أَرَادَ ذَلِكَ التَّوْكِيلُ.
(قَوْلُهُ: مُطَابِقًا لِلْإِيجَابِ) نَقَلَ سم عَلَى حَجّ عَنْ الشَّارِحِ اعْتِمَادُ عَدَمِ اشْتِرَاطِ مُطَابَقَةِ الْقَبُولِ لِلْإِيجَابِ وَعِبَارَتُهُ فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ نَصُّهَا: ثُمَّ قَالَ: أَيْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا حَاصِلُهُ: وَهُوَ يَصِحُّ قَبُولُ بَعْضِ الْمَوْهُوبِ أَوْ قَبُولُ أَحَدِ الشَّخْصَيْنِ أَوْ نِصْفُ مَا وُهِبَ لَهُمَا وَجْهَانِ انْتَهَى.
قَالَ م ر: الْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْإِذْنِ) أَيْ مِنْ الْوَاهِبِ كَأَنْ يَقُولَ وَهَبْتُك هَذَا وَأَذِنْت لَك فِي قَبْضِهِ فَيَقُولُ الْمُتَّهَبُ قَبِلْت، وَقَوْلُهُ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ إلَخْ مُعْتَمَدٌ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ لَا تُشْتَرَطُ صِيغَةٌ) أَيْ التَّصْرِيحُ بِهَا وَإِلَّا فَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ تَقْدِيرًا كَمَا قَالَهُ الْمَحَلِّيُّ فِي أَوَّلِ الْبَيْعِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى تَمْلِيكِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ غَيْرَ الْأَبِ وَالْجَدِّ إذَا دَفَعَ إلَى غَيْرِهِ شَيْئًا كَخَادِمِهِ وَبِنْتِ زَوْجَتِهِ لَا يَصِيرُ مِلْكًا لَهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إيجَابٍ وَقَبُولٍ مِنْ الْخَادِمِ إنْ تَأَهَّلَ لِلْقَبُولِ أَوْ وَلِيُّهُ إنْ لَمْ يَتَأَهَّلْ فَلِيُتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا بِمِصْرِنَا.
نَعَمْ إنْ دَفَعَ ذَلِكَ لِمَنْ ذُكِرَ لِاحْتِيَاجِهِ لَهُ أَوْ قَصَدَ ثَوَابَ الْآخِرَةِ كَانَ صَدَقَةً فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إيجَابٍ وَلَا قَبُولٍ وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا مِنْهُ، وَقَدْ تَدُلُّ الْقَرَائِنُ الظَّاهِرَةُ عَلَى شَيْءٍ فَيُعْمَلُ بِهِ.
(قَوْلُهُ: بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ وَغَيْرِهِمَا فِي أَنَّ التَّدْيِينَ لَا يَكُونُ تَمْلِيكًا.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا) أَيْ وَلَا يَكُونُ تَمْلِيكًا لِلِابْنِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَالْفَرْقُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا) أَيْ وَذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْأَجْنَبِيُّ وَكَّلَهُ مَثَلًا فِي شِرَائِهَا لَهُ وَمِثْلُهُ وَلَدُهُ الرَّشِيدُ، وَأَنْ يَكُونَ تَمَلَّكَهَا لِغَيْرِ الرَّشِيدِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ أَوْ مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَمْلِكْهُ) أَيْ الِابْنُ وَيَنْبَغِي أَنْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التُّحْفَةِ خِلَافُ مَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ
(قَوْلُهُ: وَاشْتَرَطَ هُنَا) أَيْ: وَلِهَذَا اشْتَرَطَ هُنَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهِبَةِ وَلِيٍّ غَيْرِهِ قَبُولَهَا) أَيْ وَحَيْثُ اشْتَرَطَ فِي هِبَةِ وَلِيِّ غَيْرِ الْأَصْلِ قَبُولَ الْهِبَةِ مِنْ الْحَاكِمِ أَوْ نَائِبِهِ فَهِبَةُ مَجْرُورٌ وَوَلِيٌّ مُنَوَّنٌ وَغَيْرُهُ