الْقَفَّالِ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَوْ جَهَّزَ ابْنَتَهُ بِأَمْتِعَةٍ مِنْ غَيْرِ تَمْلِيكٍ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ تَمْلِيكِهَا ذَلِكَ إنْ ادَّعَتْهُ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي رَدِّ مَا سَبَقَ عَنْهُ، وَأَفْتَى الْقَاضِي فِيمَنْ بَعَثَ بِنْتَه وَجِهَازَهَا إلَى دَارِ الزَّوْجِ بِأَنَّهُ إنْ قَالَ هَذَا جِهَازُ بِنْتِي فَهُوَ مِلْكٌ لَهَا وَإِلَّا فَهُوَ عَارِيَّةٌ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ، وَكَخُلْعِ الْمُلُوكِ لِاعْتِيَادِ عَدَمِ اللَّفْظِ فِيهَا كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَلَا قَبُولٍ كَهِبَةِ النَّوْبَةِ لِضَرَّتِهَا.
(وَلَا يُشْتَرَطَانِ) أَيْ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فِي الصَّدَقَةِ بَلْ يَكْفِي الْإِعْطَاءُ وَالْأَخْذُ وَلَا (فِي الْهَدِيَّةِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْكُولًا (عَلَى الصَّحِيحِ بَلْ يَكْفِي الْبَعْثُ مِنْ هَذَا) وَيَكُونُ كَالْإِيجَابِ (وَالْقَبْضُ مِنْ ذَاكَ) وَيَكُونُ كَالْقَبُولِ لِجَرَيَانِ عَادَةِ السَّلَفِ بَلْ الصَّحَابَةُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ، وَمَعَ ذَلِكَ كَانُوا يَتَصَرَّفُونَ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ فَسَقَطَ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْهُ أَنَّهُ كَانَ إبَاحَةً.
وَالثَّانِي يُشْتَرَطَانِ كَالْهِبَةِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَاهِبِ كَوْنُهُ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ وَفِي الْمُتَّهِبِ أَهْلِيَّةُ الْمِلْكِ فَلَا تَصِحُّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
يَكُونَ كِنَايَةً كَمَا فِي الْبَيْعِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ صَرِيحٌ إلَخْ) قَدْ تُمْنَحُ الصَّرَاحَةُ بِحَمْلِ كَلَامِهِ فِي الْبِنْتِ عَلَى الرَّشِيدَةِ وَهُوَ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى تَمْلِيكِهَا، بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ عَلَى مَا مَرَّ لَهُ، وَقَدْ يُفْهَمُ التَّقْيِيدُ بِالرَّشِيدَةِ مِنْ قَوْلِهِ إنْ ادَّعَتْهُ.
(قَوْلُهُ: فِيمَنْ بَعَثَ بِنْتَه) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْبَاعِثُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً (قَوْلُهُ: وَجَهَازَهَا) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا لُغَةٌ قَلِيلَةٌ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مِلْكٌ لَهَا) أَيْ يَكُونُ مَا ذَكَرَهُ إقْرَارًا.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُوَ عَارِيَّةٌ) كَذَلِكَ يَكُونُ عَارِيَّةً فِيمَا يَظْهَرُ إذَا قَالَ جَهَّزْت ابْنَتِي بِهَذَا إذْ لَيْسَ هَذَا صِيغَةَ إقْرَارٍ بِمِلْكٍ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَسْأَلَةِ الْقَاضِي أَنَّ الْإِضَافَةَ إلَى مَنْ يَمْلِكُ تَقْتَضِي الْمِلْكَ فَكَانَ مَا ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْقَاضِي إقْرَارًا بِالْمِلْكِ بِخِلَافِ مَا هُنَا.
(قَوْلُهُ: وَيَصْدُقُ بِيَمِينِهِ) أَيْ إذَا نُوزِعَ فِي أَنَّهُ مَلَكَهَا بِهِبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَكَخُلْعٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ كَمَا لَوْ كَانَتْ ضِمْنِيَّةً.
(قَوْلُهُ: وَلَا قَبُولٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَقَدْ لَا يُشْتَرَطُ صِيغَةٌ.
(قَوْلُهُ: وَالْقَبْضُ مِنْ ذَاكَ) هَلْ يَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي تَجْرِيدِ الْمُزَجَّدِ مَا نَصُّهُ: فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ يَحْصُلُ مِلْكُ الْهِبَةِ بِوَضْعِ الْمُهْدِي بَيْنَ يَدَيْهِ إذَا أَعْلَمَهُ بِهِ وَلَوْ أَهْدَى إلَى صَبِيٍّ وَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَخَذَهُ الصَّبِيُّ لَا يَمْلِكُهُ انْتَهَى وَهُوَ يُفِيدُ مِلْكَ الْبَائِعِ بِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَدْ جَعَلُوا ذَلِكَ قَبْضًا فِي الْبَيْعِ.
وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَتُمْلَكُ الْهَدِيَّةُ بِوَضْعِهَا بَيْنَ يَدَيْ الْمُهْدَى إلَيْهِ الْبَالِغِ لَا الصَّبِيِّ وَإِنْ أَخَذَهَا اهـ.
بَقِيَ مَا لَوْ أَتْلَفَهَا الصَّبِيُّ، وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ فَهَلْ يَضْمَنُهَا، وَيَنْبَغِي عَدَمُ الضَّمَانِ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَيْهَا بِإِهْدَائِهَا لَهُ وَوَضْعِهَا بَيْنَ يَدَيْهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْوَدِيعَةِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الصَّبِيُّ شَيْئًا وَسَلَّمَ لَهُ فَأَتْلَفَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ، وَالْهِبَةُ كَالْبَيْعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَالْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ إقْبَاضٌ كَمَا تَقَرَّرَ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْبَالِغِ أَنَّهُ يَكْفِي الْقَبُولُ مِنْ السَّفِيهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِ وَلِيِّهِ وَلَا قَبْضِهِ، وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ كَانَ إبَاحَةً) أَيْ دَفْعُ بَعْضِ الصَّحَابَةِ لِبَعْضٍ شَيْئًا.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْمُتَّهِبِ أَهْلِيَّةُ الْمِلْكِ) أَيْ التَّمَلُّكِ، فَلَا يُقَالُ هَذَا قَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُتَّهِبِ الرُّشْدُ بَلْ يَقْتَضِي صِحَّةَ قَبُولِ الْهِبَةِ مِنْ الطِّفْلِ، وَفِي حَاشِيَةِ سم عَلَى حَجّ: فَرْعٌ: سُئِلَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَنْ شَخْصٍ بَالِغٍ تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدٍ مُمَيَّزٍ بِصَدَقَةٍ وَوَقَعَتْ الصَّدَقَةُ فِي يَدِهِ مِنْ الْمُتَصَدِّقِ فَهَلْ يَمْلِكُهَا الْمُتَصَدِّقُ عَلَيْهِ بِوُقُوعِهَا فِي يَدِهِ كَمَا لَوْ احْتَطَبَ أَوْ احْتَشَّ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ أَمْ لَا يَمْلِكُهَا لِأَنَّ الْقَبْضَ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَقَدْ قَالُوا فِي نِثَارِ الْوَلِيمَةِ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ آخِذٌ مَلَكَهُ، وَهَلْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
مَجْرُورٌ بَدَلٌ مِنْهُ وَقَبُولُهَا مَنْصُوبٌ مَفْعُولٌ وَمِنْ الْحَاكِمِ مُتَعَلِّقٌ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ صَرِيحٌ فِي رَدِّ مَا سَبَقَ عَنْهُ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ ذَاكَ فِي الطِّفْلِ كَمَا مَرَّ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ فِي الْبَالِغَةِ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ: إنْ ادَّعَتْهُ، نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْبِنْتُ صَغِيرَةً أَتَى فِيهَا مَا مَرَّ فِي الطِّفْلِ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: وَكَخَلْعِ الْمُلُوكِ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ كَمَا لَوْ كَانَتْ ضِمْنِيَّةً