للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هِبَةُ وَلِيٍّ وَلَا مُكَاتَبٍ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ فِي ذَلِكَ، وَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ بِأَنْوَاعِهَا مَعَ شَرْطٍ مُفْسِدٍ كَأَنْ لَا يُزِيلَ مِلْكَهُ عَنْهُ، وَلَا مُؤَقَّتَةً وَلَا مُعَلَّقَةً إلَّا فِي مَسَائِلِ الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى كَمَا قَالَ (وَلَوْ) (قَالَ أَعْمَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ) أَوْ هَذَا الْحَيَوَانَ مَثَلًا أَيْ جَعَلْتهَا لَك عُمْرَك (فَإِذَا دُمْت فَهِيَ لِوَرَثَتِك) أَوْ لِعَقِبِك (فَهِيَ) أَيْ الصِّيغَةُ الْمَذْكُورَةُ (هِبَةٌ) أَيْ صِيغَةُ هِبَةٍ طَوَّلَ فِيهَا الْعِبَارَةَ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا الْقَبُولُ وَتَلْزَمُ بِالْقَبْضِ وَتَكُونُ لِوَرَثَتِهِ وَلَا تَخْتَصُّ بِعَقِبِهِ إلْغَاءً لِظَاهِرِ لَفْظِهِ عَمَلًا بِالْخَبَرِ الْآتِي، وَلَا تَعُودُ لِلْوَاهِبِ بِحَالٍ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَيُّمَا رَجُلٍ أُعْمِرَ عُمْرَى فَإِنَّهَا لِلَّذِي أُعْطِيَهَا لَا تَرْجِعُ إلَى الَّذِي أَعْطَاهَا» وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ عَدَمُ الْفَرْقِ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ بَيْنَ الْعَالِمِ بِمَعْنَاهَا وَالْجَاهِلِ بِهِ، وَاسْتَشْكَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ: وَفِي الرَّوْضَةِ فِي الْكِتَابَةِ عَنْ الْمَرْوَزِيِّ أَنَّ قَرِيبَ الْإِسْلَامِ وَجَاهِلَ الْأَحْكَامِ لَا يَصِحُّ تَدْبِيرُهُ بِلَفْظِهِ حَتَّى يَنْضَمَّ إلَيْهِ نِيَّةٌ أَوْ زِيَادَةُ لَفْظٍ اهـ.

وَالْأَقْرَبُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ فِي الطَّلَاقِ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ اللَّفْظِ وَلَمْ يُوجَدْ حَتَّى يَقْصِدَهُ.

نَعَمْ مَنْ أَتَى بِلَفْظٍ صَرِيحٍ وَادَّعَى جَهْلَهُ بِمَعْنَاهُ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا إنْ دَلَّتْ قَرِينَةُ حَالِهِ عَلَى ذَلِكَ لِعَدَمِ مُخَالَطَتِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

نِثَارُ الْوَلِيمَةِ يَكُونُ نَاثِرُهُ مُعْرِضًا عَنْهُ إعْرَاضًا خَاصًّا حَتَّى يَكُونَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا أَعْطَاهُ لِلصَّبِيِّ، وَالْحَالُ أَنَّ الصَّدَقَةَ صَدَقَةُ تَطَوُّعٍ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الصَّبِيُّ مَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ إلَّا بِقَبْضِ وَلِيِّهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مِلْكِهِ لِلنِّثَارِ وَاضِحٌ.

[فَرْعٌ] سُئِلَ عَنْ رَقِيقٍ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ شَخْصٌ بِصَدَقَةٍ كَثَوْبٍ أَوْ دَرَاهِمَ وَشَرَطَ الْمُتَصَدِّقُ انْتِفَاعَهُ بِهَا دُونَ سَيِّدِهِ هَلْ يَصِحُّ التَّصَدُّقُ؟ فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ فَهَلْ تَجِبُ مُرَاعَاةُ هَذَا الشَّرْطِ حَتَّى يَمْتَنِعَ عَلَى سَيِّدِهِ أَخْذُهَا مِنْهُ وَيَجِبُ صَرْفُهَا عَلَى الرَّقِيقِ؟ وَإِنْ قُلْتُمْ لَا يَصِحُّ فَهَلْ لِذَلِكَ حُكْمُ الْإِبَاحَةِ حَتَّى يَجُوزَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَلْبَسَ الثَّوْبَ وَيَنْتَفِعَ بِالدَّرَاهِمِ وَيُمْتَنَعُ ذَلِكَ عَلَى السَّيِّدِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنْ قَصَدَ الْمُتَصَدِّقُ نَفْسَ الرَّقِيقِ بَطَلَتْ وَإِلَّا لَمْ تَكُنْ إبَاحَةً أَوْ السَّيِّدُ أَوْ أَطْلَقَ صَحَّتْ، وَيَجِبُ مُرَاعَاةُ ذَلِكَ الشَّرْطِ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِدَابَّةٍ بِشَيْءٍ وَقَصَدَ صَرْفَهُ فِي عَلَفِهَا وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا شَرْطُ انْتِفَاعِهِ بِهَا دُونَ سَيِّدِهِ لِأَنَّ كِفَايَتَهُ عَلَى سَيِّدِهِ فَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالصَّدَقَةِ اهـ.

أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ مَا ذُكِرَ مِنْ الصِّحَّةِ مَعَ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ مُشْكِلٌ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ عَنْ حَجّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ بِشَرْطِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا عِمَامَةً لَمْ يَصِحَّ، وَقَوْلُ م ر فِي جَوَابِهِ عَنْ السُّؤَالِ الْأَوَّلِ: لَا يَمْلِكُ الصَّبِيُّ مَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ.

أَقُولُ: وَعَلَى عَدَمِ الْمِلْكِ فَهَلْ يَحْرُمُ الدَّفْعُ لَهُ كَمَا يَحْرُمُ تَعَاطِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ مَعَهُ أَمْ لَا لِانْتِفَاءِ الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ، وَيُحْمَلُ ذَلِكَ مِنْ الْبَالِغِ عَلَى الْإِبَاحَةِ كَتَقْدِيمِ الطَّعَامِ لِلضَّيْفِ فَيُثَابُ عَلَيْهِ فَلِلْمُبِيحِ الرُّجُوعُ فِيهِ مَا دَامَ بَاقِيًا، هَذَا وَمَحَلُّ الْجَوَازِ حَيْثُ لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ رِضَا الْوَلِيِّ بِالدَّفْعِ لَهُمْ، سِيَّمَا إنْ كَانَ ذَلِكَ يُعَوِّدُهُمْ عَلَى دَنَاءَةِ النَّفْسِ وَالرَّذَالَةِ فَيَحْرُمُ الْإِعْطَاءُ لَهُمْ لَا لِعَدَمِ الْمِلْكِ بَلْ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَفْسَدَةِ الظَّاهِرَةِ.

(قَوْلُهُ: لَا يُزِيلُ مِلْكَهُ) وَكَشَرْطِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ كَذَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَهُ لِيَشْتَرِيَ بِهِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِالشَّرْطِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَجِبُ عَلَيْهِ شِرَاءُ مَا قَصَدَهُ الدَّافِعُ.

قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ خُذْهُ وَاشْتَرِ بِهِ كَذَا، فَإِنْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى قَصْدِ ذَلِكَ حَقِيقَةً أَوْ أَطْلَقَ وَجَبَ شِرَاؤُهُ بِهِ، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ صَرْفِهِ فِي ذَلِكَ انْتَقَلَ لِوَرَثَتِهِ مِلْكًا مُطْلَقًا، وَإِنْ قَصَدَ التَّبَسُّطَ الْمُعْتَادَ صَرَفَهُ كَيْفَ شَاءَ.

(قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسَائِلِ الْعُمْرِيِّ) أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ لَفْظِهَا لِمَا يَأْتِي عَنْ السُّبْكِيّ كَوَهَبْتُكَ هَذِهِ عُمْرَك.

(قَوْلُهُ: وَلَا تَخْتَصُّ بِعَقِبِهِ) أَيْ بَلْ تَشْمَلُ جَمِيعَ الْوَرَثَةِ كَالْأَعْمَامِ وَالْإِخْوَةِ.

(قَوْلُهُ: أَيُّمَا رَجُلٍ) بِالْجَرِّ وَالرَّفْعِ وَالْأَوَّلُ وَاضِحٌ وَالثَّانِي بَدَلٌ مِنْ أَيٍّ وَمَا زَائِدَةٌ لِتَوْكِيدِ الشَّرْطِ اهـ شَرْحُ الْإِعْلَامِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ زِيَادَةُ لَفْظٍ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ إعْتَاقَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ.

(قَوْلُهُ: لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ اللَّفْظِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ:: وَلَمْ يُوجَدْ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَوْ بِوَجْهٍ، وَلَعَلَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ مُحَرَّفَةٌ عَنْهَا مِنْ الْكَتَبَةِ وَإِنْ أَمْكَنَ تَصْحِيحُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>