للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ وَكِيلُهُ مِنْهَا شَيْئًا قَبْلَ التَّبَرُّعِ وَعَرَفَ حِصَّتَهُ مِنْهَا وَرَآهُ هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ وَأَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ وَقَبَضَهُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا، وَلَا يَصِحُّ إذْنُهُ لِجَابِي الْوَقْفِ أَنَّهُ إذَا قَبَضَهُ يُعْطِيهِ لِلْمُتَبَرِّعِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ قَبْلَ الْمِلْكِ فِي مَجْهُولٍ، وَإِنَّمَا صَحَّ تَبَرُّعُ أَحَدِ الْوَرَثَةِ بِحِصَّتِهِ لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِي أَعْيَانٍ رَآهَا وَعَرَفَ حِصَّتَهُ مِنْهَا.

(وَلَا يَمْلِكُ) فِي غَيْرِ الْهِبَةِ الضِّمْنِيَّةِ (مَوْهُوبٌ) بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ الشَّامِلِ لِجَمِيعِ مَا مَرَّ وَلَوْ مِنْ أَبٍ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ، وَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ إجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْإِشْهَادِ هُنَا مُرَادُهُ بِهِ فُقَهَاءُ مَذْهَبِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (إلَّا بِقَبْضٍ) كَقَبْضِ الْمَبِيعِ فِيمَا مَرَّ بِتَفْصِيلِهِ.

نَعَمْ لَا يَكْفِي هُنَا الْإِتْلَافُ وَلَا الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ لِأَنَّ قَبْضَهُ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ كَالْوَدِيعَةِ فَاشْتَرَطَ تَحَقُّقَهُ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ، وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ ذَلِكَ فِي الْهَدِيَّةِ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ فِيهَا وَإِنْ سُومِحَ فِيهَا بِعَدَمِ الصِّيغَةِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْدَى إلَى النَّجَاشِيِّ ثَلَاثِينَ أُوقِيَّةً مِسْكًا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إلَيْهِ، فَقَسَمَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ نِسَائِهِ» وَيُقَاسُ بِالْهَدِيَّةِ الْبَاقِي، وَقَالَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ مُخَالِفٌ، وَالْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ الْمَقْبُوضَةُ كَالصَّحِيحَةِ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ لَا الْمِلْكِ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْقَبْضُ مُعْتَدًّا بِهِ إذَا كَانَ بِإِقْبَاضٍ مِنْ الْوَاهِبِ أَوْ (بِإِذْنِ الْوَاهِبِ) أَوْ وَكِيلِهِ فِيهِ أَوْ فِيمَا يَتَضَمَّنُهُ كَالْإِعْتَاقِ وَلَوْ كَانَ بِيَدِ الْمُتَّهِبِ، فَلَوْ قَبَضَهُ بِغَيْرِ إذْنٍ ضَمِنَهُ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ وَرَجَعَ عَنْ الْإِذْنِ أَوْ جُنَّ أَوْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لِغَيْرِهِ بِمَا يَتَحَصَّلُ مِنْ أُجْرَتِهَا.

وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ لِأَنَّهَا قَبْلَ قَبْضِهَا إلَخْ أَنَّهَا لَوْ عُلِمَتْ قَبْلَ قَبْضِهَا جَازَ التَّبَرُّعُ بِهَا، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: أَقُولُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنَ يَمْلِكُ الْأُجْرَةَ وَالْمَنَافِعَ وَقَدْ تَكُونُ مَعْلُومَةً لَهُ، حِينَئِذٍ فَالْوَجْهُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ فِي يَدِ النَّاظِرِ وَعَلِمَ هُوَ قَدْرَ حِصَّتِهِ مِنْهَا صَحَّ التَّبَرُّعُ بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَأْجِرِ لَمْ يَقْبِضْهَا النَّاظِرُ فَهِيَ مَمْلُوكَةٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الدَّيْنِ، فَإِنْ تَبَرَّعَ بِحِصَّتِهِ الْمَعْلُومَةِ لَهُ مِنْهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ صَحَّ وَكَانَ ذَلِكَ إبْرَاءً، أَوْ عَلَى غَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي، فَيُحْمَلُ قَوْلُ الشَّارِحِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ بَحَثْت مَعَ م ر الْمُوَافِقَ لِلشَّارِحِ فِيمَا قَالَهُ فَوَافَقَ عَلَيْهِ فَلِيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ) أَيْ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ وَقَوْلُهُ قَبْلَ الْمِلْكِ عَلَى أَنَّهُ فِي مَجْهُولٍ اهـ حَجّ.

وَقَوْلُهُ فِي مَجْهُولٍ فَلَوْ قَدَّرَ لَهُ مَا يُعْطِيهِ كَأَنْ قَالَ لِلْجَابِي ادْفَعْ مِمَّا يَتَحَصَّلُ مِنْ الْأُجْرَةِ لِفُلَانٍ كَذَا فَقَضِيَّةُ كَوْنِهِ تَوْكِيلًا فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَجْهُولًا، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْجَابِيَ لَوْ دَفَعَ مَا أَذِنَ فِي دَفْعِهِ الْمُسْتَحَقِّ صَحَّ وَمَلَكَهُ الْآخِذُ اكْتِفَاءً بِعُمُومِ الْإِذْنِ وَإِنْ بَطَلَ خُصُوصُ الْوَكَالَةِ.

اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ بِفَسَادِ الْإِذْنِ قَبْلَ الْمِلْكِ.

(قَوْلُهُ: ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ) هُوَ مَالِكِيٌّ.

(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يَكْفِي هُنَا الْإِتْلَافُ) أَيْ إلَّا إنْ كَانَ الْإِتْلَافُ بِالْأَكْلِ أَوْ الْعِتْقِ وَأَذِنَ فِيهِ الْوَاهِبُ فَيَكُونُ قَبْضًا وَيُقَدِّرُ انْتِقَالَهُ إلَيْهِ قُبَيْلَ الِازْدِرَادِ وَالْعِتْقِ. اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ.

أَقُولُ: قِيَاسُ مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الضِّيَافَةِ مِنْ الْمِلْكِ بِالْوَضْعِ فِي الْفَمِ أَنْ يُقَدِّرَ انْتِقَالَهُ هُنَا قُبَيْلَ الْوَضْعِ فِي الْفَمِ وَالتَّلَفُّظِ بِالصِّيغَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ) تَقَدَّمَ بِهَامِشِ قَوْلِهِ فِي الْهَدِيَّةِ وَالْقَبْضِ مِنْ ذَاكَ عَنْ التَّجْرِيدِ وَغَيْرِهِ مَعَ نَقْلِهِ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ إذَا أَعْلَمَهُ فَلَمْ يَشْتَرِطْ الْإِذْنَ بَلْ الْإِعْلَامُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَقَدْ يُقَالُ: الْإِعْلَامُ يَقُومُ مَقَامَ الْإِذْنِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ) أَيْ الْقَبْضِ، وَقَوْلُهُ فَمَاتَ: أَيْ النَّجَاشِيُّ.

(قَوْلُهُ: قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إلَيْهِ) أَيْ ثُمَّ رُدَّتْ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَسَمَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

(قَوْلُهُ: أَوْ جُنَّ) أَيْ الْوَاهِبُ وَقَوْلُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ: أَيْ قَبْلَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ ذَلِكَ فِي الْهَدِيَّةِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَبَحْثُ بَعْضِهِمْ الِاكْتِفَاءَ بِهِ: أَيْ بِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي الْهَدِيَّةِ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ إلَخْ) أَيْ: فَهُوَ إجْمَاعٌ سُكُوتِيٌّ وَإِنَّمَا احْتَاجَ لِهَذَا بَعْدَ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ لِأَنَّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إنَّ الْهَدِيَّةَ إنَّمَا تُمْلَكُ بِأَحَدِ شَيْئَيْنِ: الْقَبْضِ أَوْ الْوَضْعِ بَيْنَ الْيَدَيْنِ مَثَلًا وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِيهِ فَتَصَرُّفُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْهَدِيَّةِ لِانْتِفَائِهِمَا. (قَوْلُهُ: بَيْنَ نِسَائِهِ) أَيْ نِسَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: كَالْإِعْتَاقِ) أَيْ مِنْ الْمُتَّهَبِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ بِيَدِ الْمُتَّهَبِ) غَايَةٌ فِي الْمَتْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>