للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي أَرْضِ الْغَيْرِ فَنَبَتَ يَمْلِكُهُ مَالِكُهَا، قَالَهُ جَمْعٌ.

وَمِنْ اللُّقَطَةِ أَنْ يُبَدِّلَ نَعْلَهُ بِغَيْرِهِ فَيَأْخُذَهَا وَلَا يَحِلُّ لَهُ اسْتِعْمَالُهَا إلَّا بَعْدَ تَعْرِيفِهَا بِشَرْطِهِ أَوْ تَحَقَّقَ إعْرَاضَ الْمَالِكِ عَنْهَا، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَهَا تَعَمَّدَ أَخْذَ نَعْلِهِ جَازَ لَهُ بَيْعُ ذَلِكَ ظَفَرًا بِشَرْطِهِ وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ أَخْذِهَا فِي الْجُمْلَةِ لِأَحَادِيثَ فِيهَا يَأْتِي بَعْضُهَا مَعَ أَنَّ الْآيَاتِ الشَّامِلَةَ لِلْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ تَشْمَلُهَا، وَعَقَّبَهَا لِلْهِبَةِ لِأَنَّ كُلًّا تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ وَغَيْرُهُ لِإِحْيَاءِ الْمَوَاتِ لِأَنَّ كُلًّا تَمْلِيكٌ مِنْ الشَّارِعِ، وَيَصِحُّ تَعْقِيبُهَا لِلْقَرْضِ لِأَنَّ تَمَلُّكَهَا اقْتِرَاضٌ مِنْ الشَّارِعِ.

وَأَرْكَانُهَا: لَاقِطٌ، وَمَلْقُوطٌ، وَلَقْطٌ.

وَسَتَعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ وَفِي اللَّقْطِ مَعْنَى الْأَمَانَةِ، إذْ لَا يَضْمَنُهَا، وَالْوِلَايَةُ عَلَى حِفْظِهَا كَالْوَلِيِّ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ وَالِاكْتِسَابُ بِتَمَلُّكِهَا بِشَرْطِهِ، وَهُوَ الْمُغَلَّبُ فِيهَا.

(يُسْتَحَبُّ الِالْتِقَاطُ لِوَاثِقٍ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْبِرِّ، بَلْ قَالَ جَمْعٌ يُكْرَهُ تَرْكُهُ لِئَلَّا تَقَعَ فِي يَدِ خَائِنٍ (وَقِيلَ يَجِبُ) حِفْظُ الْمَالِ الْآدَمِيِّ كَنَفْسِهِ.

وَرُدَّ بِأَنَّهَا أَمَانَةٌ أَوْ كَسْبٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا غَيْرُ وَاجِبٍ ابْتِدَاءً، وَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ وُجُوبِهَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ، وَلَوْ تَرَكَهَا تَلِفَتْ صَحِيحٌ قِيَاسًا عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي الْوَدِيعَةِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ مَالِكَهَا مَوْجُودٌ يَنْظُرُ لَهَا بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِيهَا أَنَّ شَرْطَ وُجُوبِهَا أَنْ يَبْذُلَ لَهَا الْمَالِكُ أُجْرَةَ عَمَلِهِ وَحِرْزِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى هُنَا لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْمَالِكِ مِنْ بَذْلِ ذَلِكَ مَعَ حُضُورِهِ يُعَدُّ بِهِ مُضَيِّعًا لِمَالِهِ فَانْتَفَى الْحَرَجُ عَنْ غَيْرِهِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا، وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ مَا سَيَأْتِي فِي الْجَعَالَةِ فِيمَا لَوْ مَاتَ رَفِيقُهُ وَتَرَكَ مَالًا وَتَعَيَّنَ حَمْلُهُ طَرِيقًا لِحِفْظِهِ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ تَفْرِيعَهُ عَلَى قَوْلِ الْوُجُوبِ مُطْلَقًا وَهْمٌ، إذْ فَرْقٌ بَعِيدٌ بَيْنَ قَوْلِهِمْ لَا يَجِبُ أَخْذُهَا وَإِنْ خَافَ ضَيَاعَهَا وَقَوْلِنَا تَعَيَّنَ أَخْذُهَا طَرِيقًا لِحِفْظِهَا.

نَعَمْ خَصَّ الْغَزَالِيُّ الْوُجُوبَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ تَعَبٌ فِي حِفْظِهَا وَلَا يَضْمَنُ وَإِنْ أَثِمَ بِالتَّرْكِ (وَلَا يُسْتَحَبُّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَوْ وَقَوْلُهُ وَسَمَكَةٍ عَطْفٌ عَلَى الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: أَنْ يُبَدِّلَ نَعْلَهُ بِغَيْرِهِ) عَمْدًا أَوْ غَيْرَهُ، وَالْأَوْلَى بِغَيْرِهَا لِأَنَّ النَّعْلَ مُؤَنَّثَةٌ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَبِهِ عَبَّرَ حَجّ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَهَا تَعَمَّدَ) أَيْ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْ حَيْثُ تَعَذَّرَ أَخْذُهَا مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ بَيْعُ ذَلِكَ) أَيْ وَلَا يَحِلُّ لَهُ اسْتِعْمَالُهَا (قَوْلُهُ: ظَفَرًا بِشَرْطِهِ) وَهُوَ تَعَذُّرُ وُصُولِهِ إلَى حَقِّهِ، ثُمَّ إنْ وَفَّى بِقَدْرِ حَقِّهِ فَذَاكَ وَإِلَّا ضَاعَ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ كَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ بَقِيَّةِ الدُّيُونِ (قَوْلُهُ: وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ أَخْذِهَا) أَيْ اللُّقَطَةِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلًّا تَمْلِيكٌ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ، إذْ الْحَاصِلُ مِنْ الْمُلْتَقِطِ تَمَلُّكٌ وَلَيْسَ مِنْ الْمَالِكِ فِيهَا تَمْلِيكٌ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ عَبَّرَ بِالتَّمْلِيكِ نَظَرًا لِأَنَّ الشَّرْعَ أَقْرَضَهَا لِلْمُلْتَقِطِ فَكَأَنَّهُ مَلَّكَهُ إيَّاهَا اهـ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بِالْمَعْنَى.

(قَوْلُهُ لِئَلَّا تَقَعَ فِي يَدِ خَائِنٍ) أَيْ وَلِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ فِي وُجُوبِهَا.

(قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ وُجُوبِهَا) الْأَوْلَى تَذْكِيرُ الضَّمِيرِ لِأَنَّ اللُّقَطَةَ اسْمٌ لِلْعَيْنِ وَالْمُرَادُ هُنَا اللَّقْطُ.

(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ) أَيْ أَوْ كَانَ وَخَشِيَ ضَيَاعَهَا إذَا تَرَكَهَا.

(قَوْلُهُ: صَحِيحٌ) أَيْ خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ وَرُدَّ بِأَنَّ شَرْطَ الْوُجُوبِ ثَمَّ أَنْ يَبْذُلَ لَهُ الْمَالِكُ أُجْرَةَ عَمَلِهِ وَحِرْزِهِ وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى اهـ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَالِكَهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ.

(قَوْلُهُ: وَتَعَيَّنَ حَمْلُهُ طَرِيقًا لِحِفْظِهِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ حَمْلُهُ مَجَّانًا اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَظَاهِرُهُ وَإِنْ خَلَّفَ تَرِكَةً وَوَرَثَةً وَتَمَكَّنَ مِنْ مُرَاجَعَةِ الْحَاكِمِ وَمِنْ الْإِشْهَادِ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ وَيُقَالُ.

بِأَنَّ لَهُ مُرَاجَعَةَ الْحَاكِمِ أَوْ الْإِشْهَادَ وَالرُّجُوعَ بِمَا يَصْرِفُهُ عَلَى الْحَمْلِ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ فِي الْمُضْطَرِّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الدَّفْعُ لَهُ بِلَا مُقَابِلٍ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُنَا تَعَيَّنَ أَخْذُهَا) إذْ مَعْنَى الْأَوَّلِ عَدَمُ الْحَرَجِ فِي التَّرْكِ وَمَعْنَى الثَّانِي وُجُوبُ الْأَخْذِ وَتَرْكُ الْوَاجِبِ مَا تَمَّ.

(قَوْلُهُ: نَعَمْ خَصَّ الْغَزَالِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ تَعَبٌ: أَيْ عَادَةً، وَقَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ: أَيْ اللُّقَطَةَ:

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: إنْ تَبَدَّلَ نَعْلُهُ بِغَيْرِهِ) هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ بِنَعْلِ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَالنَّعْلُ مُؤَنَّثَةٌ. (قَوْلُهُ: وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ أَخْذِهَا) أَيْ اللُّقَطَةِ

(قَوْلُهُ: إذْ فَرْقٌ بَعِيدٌ بَيْنَ قَوْلِهِمْ إلَخْ) أَيْ فَقَوْلُنَا بِالْوُجُوبِ إذَا تَعَيَّنَ أَخْذُهَا طَرِيقًا لَا يُنَافِي قَوْلَ الْقَائِلِينَ بِالصَّحِيحِ لَا يَجِبُ أَخْذُهَا وَإِنْ خَافَ إلَخْ إذْ التَّعْيِينُ الْمَذْكُورُ أَخَصُّ مِنْ خَوْفِ الضَّيَاعِ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ خَصَّ الْغَزَالِيُّ الْوُجُوبَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>