للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَمَلَّكَهُ حَالًا ثُمَّ (أَكَلَهُ) إنْ شَاءَ إجْمَاعًا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُهُ قَبْلَ تَمَلُّكِهِ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِيمَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ (وَغَرِمَ قِيمَتَهُ) يَوْمَ تَمَلُّكِهِ لَا أَكْلِهِ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ آخِرَ الْبَابِ (إنْ ظَهَرَ مَالِكُهُ) وَلَا يَجِبُ فِي هَذِهِ الْخَصْلَةِ تَعْرِيفُهُ عَلَى الظَّاهِرِ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَسَيَأْتِي عَنْهُ نَظِيرُهُ بِمَا فِيهِ، وَعُلِّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ التَّعْرِيفَ إنَّمَا يُرَادُ لِلتَّمَلُّكِ وَقَدْ وَقَعَ قَبْلَ الْأَكْلِ وَاسْتَقَرَّ بِهِ بَدَلُهُ فِي الذِّمَّةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَلْزَمْهُ إفْرَازُهُ بَلْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ لِأَنَّ بَقَاءَهُ بِذِمَّتِهِ أَحْفَظُ، وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ بَعْضِهِ لِلْإِنْفَاقِ لِئَلَّا تَسْتَغْرِقَ النَّفَقَةُ بَاقِيَهُ وَلَا الِاسْتِقْرَاضُ عَلَى الْمَالِكِ لِذَلِكَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي هَرَبِ الْجِمَالِ أَنَّهُ ثَمَّ يَتَعَذَّرُ بَيْعُ الْعَيْنِ ابْتِدَاءً لِتَعَلُّقِ الْإِجَارَةِ بِهَا وَعَدَمِ الرَّغْبَةِ فِيهَا غَالِبًا حِينَئِذٍ وَلَا كَذَلِكَ اللُّقَطَةُ، وَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ إمْكَانِ مُرَاجَعَتِهِ، وَإِلَّا كَأَنْ خَافَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مَالِهِ فِيمَا يَظْهَرُ أَشْهَدَ عَلَى أَنَّهُ يُنْفِقُ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ وَالْأُولَى أَوْلَى لِحِفْظِ الْعَيْنِ بِهَا عَلَى مَالِكِهَا، ثُمَّ الثَّانِيَةُ لِتَوَقُّفِ اسْتِبَاحَةِ الثَّمَنِ عَلَى التَّعْرِيفِ، وَمَحِلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهَا أَحْظَ لِلْمَالِكِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ كَمَا قَالَهُ الْمَالِكُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي، وَزَادَ أَيْضًا رَابِعَةً وَهِيَ تَمَلُّكُهَا حَالًا لِيَسْتَبْقِيَهَا حَيَّةٌ لِدَرٍّ وَنَسْلٍ لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْأَكْلِ وَلَهُ إبْقَاؤُهُ لِمَالِكِهِ أَمَانَةً إنْ تَبَرَّعَ بِإِنْفَاقِهِ وَلَوْ أَعْيَا بَعِيرٌ مَثَلًا فَتَرَكَهُ فَقَامَ بِهِ غَيْرُهُ حَتَّى عَادَ كَحَالِهِ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِشَيْءٍ إلَّا إنْ اسْتَأْذَنَ الْحَاكِمَ فِي الْإِنْفَاقِ، أَوْ أَشْهَدَ عِنْدَ فَقْدِهِ أَنَّهُ يُنْفِقُ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمُغَلَّبَ فِي اللُّقَطَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ الْكَسْبُ وَلَكِنْ يَنْبَغِي اسْتِحْبَابُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ فِي هَذِهِ الْخَصْلَةِ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ تَمْلِكُهُ حَالًا.

(قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي عَنْهُ) أَيْ فِي الْمَفَازَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ بَعْضِهِ) لَوْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ مِمَّا تُؤَجَّرُ لِحِمْلٍ مَثَلًا هَلْ يَجُوزُ لَهُ إيجَارُهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لِلْمَالِكِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ عَبْدًا وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ اللَّاقِطُ عَلَى اعْتِقَادِ أَنَّهُ عَبْدٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ حُرٌّ هَلْ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ عَلَى السَّيِّدِ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ عَلَيْهِ، وَالْعَبْدُ نَفْسُهُ لَمْ يَقْصِدْ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ حَتَّى يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَهُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ مَا إذَا بِيعَ ثُمَّ ظَهَرَ الْمَالِكُ وَقَالَ كُنْت أَعْتَقْته لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ.

وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: لَوْ ظَهَرَ مَالِكُهُ وَقَالَ لَهُ كُنْتُ أَعْتَقْتُهُ مَثَلًا قَبْلَ تَصَرُّفِهِ صُدِّقَ وَبَانَ فَسَادُهُ ثُمَّ لَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ وَأَقَرَّ بِبَقَاءِ الرِّقِّ لِيَأْخُذَ الثَّمَنَ فَهَلْ يُقْبَلُ؟ وَجْهَانِ اهـ.

أَقُولُ: الْأَقْرَبُ عَدَمُ الْقَبُولِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَلِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ وَلِأَنَّ الرُّجُوعَ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ مِنْ الْحُقُوقِ اللَّازِمَةِ لَهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: لِئَلَّا تَسْتَغْرِقَ النَّفَقَةُ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَ: وَأَقُولُ: هَذَا التَّعْلِيلُ مَوْجُودٌ فِي إنْفَاقِهِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ ثُمَّ بِالْإِشْهَادِ مَعَ أَنَّهُ جَائِزٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ أَوْرَدْت ذَلِكَ عَلَى م ر فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَوْ جُوِّزَ الْقَرْضُ عَلَى الْمَالِكِ فَرُبَّمَا يَقْتَرِضُ وَيَتْلَفُ الْحَيَوَانُ أَوْ مَا اقْتَرَضَهُ بِلَا تَقْصِيرٍ فَيَبْقَى الْقَرْضُ دَيْنًا عَلَى الْمَالِكِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ، وَلَا كَذَلِكَ فِي إنْفَاقِهِ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ فِي الْحَالِ شَيْئًا فَشَيْئًا اهـ.

أَقُولُ: هَذَا الْفَرْقُ إنَّمَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ اقْتَرَضَ جُمْلَةً لِيَصْرِفَهَا عَلَى الْحَيَوَانِ.

أَمَّا لَوْ وَجَدَ مَنْ يُقْرِضُهُ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرَ مَا يُنْفِقُهُ عَلَى الْحَيَوَانِ كَانَ كَمَا لَوْ أَنْفَقَ بِنَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ: عِنْدَ إمْكَانِ مُرَاجَعَتِهِ) أَيْ مِنْ مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ، وَهِيَ مَا دُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يَجِبُ طَلَبُ الْمَاءِ مِنْهُ بِأَنْ كَانَ بِحَدِّ الْقُرْبِ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى مَالِهِ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ.

(قَوْلُهُ: أَشْهَدَ عَلَى أَنَّهُ يُنْفِقُ) أَيْ فَإِنْ فَقَدَ الشُّهُودَ فَلَا رُجُوعَ لِأَنَّهُ نَادِرٌ، وَمَحِلُّ ذَلِكَ فِي الْعُمْرَانِ دُونَ الْمَفَازَةِ.

(قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ) عِبَارَةُ حَجّ: أَوْ نَوَاهُ عِنْدَ فَقْدِ الشُّهُودِ لِأَنَّ فَقْدَهُمْ هُنَا غَيْرُ نَادِرٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ آخِرَ الْإِجَارَةِ اهـ.

وَقَوْلُهُ وَالْأَوْلَى: أَيْ مِنْ الْخِصَالِ.

(قَوْلُهُ: وَنَسْلٌ) فَإِنْ ظَهَرَ مَالِكُهَا فَازَ بِهَا الْمُلْتَقِطُ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَوْلَى) قَضِيَّتُهُ امْتِنَاعُ هَذِهِ الْخَصْلَةِ فِي غَيْرِ الْمَأْكُولِ، وَيَكَادُ يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ بَعْدُ، وَلَوْ كَانَ الْحَيَوَانُ غَيْرَ مَأْكُولٍ فَفِيهِ الْخَصْلَتَانِ الْأُولَيَانِ، وَلَكِنْ نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ جَوَازُ تَمَلُّكِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِلِاسْتِبْقَاءِ أَيْضًا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي

جَوَازِ أَكْلِ الْمَأْكُولِ فِي الصَّحْرَاءِ عَدَمُ تَيَسُّرِ مَنْ يَشْتَرِيهِ ثُمَّ غَالِبًا، وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي غَيْرِ الْمَأْكُولِ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَمْلِكْهُ) أَيْ ثُمَّ إنْ اسْتَعْمَلَهُ لَزِمَتْهُ أُجْرَتُهُ، ثُمَّ إنْ ظَهَرَ مَالِكُهُ فَظَاهِرٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>