للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَمْيِيزِهِ (حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ) إجْمَاعًا كَمَا فِي إسْلَامِ الْأَبِ وَلِخَبَرِ «الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ» وَلَوْ أَمْكَنَ احْتِلَامُهُ فَادَّعَاهُ قَبْلَ إسْلَامِ أَصْلِهِ فَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ قَبُولُ قَوْلِهِ فِيهِ لِزَمَنِ إمْكَانِهِ قَبُولَهُ هُنَا فَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، وَمَا بَحَثَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ مِنْ عَدَمِ قَبُولِ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَنْبُتَ عَلَى عَانَتِهِ شَعْرٌ خَشِنٌ غَيْرُ ظَاهِرٍ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الِاحْتِيَاطُ لِلْإِسْلَامِ يُلْغِي قَوْلَهُ الْمَانِعَ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ فِيهِ وَلِأَصْلِ بَقَاءِ الصِّغَرِ وَكَالصَّبِيِّ فِيمَا ذَكَرَ الْمَجْنُونُ وَلَوْ بَعْدَ بُلُوغِهِ الْمَحْكُومُ بِكُفْرِهِ (فَإِنْ بَلَغَ وَوَصَفَ كُفْرًا فَمُرْتَدٌّ) لِسَبْقِ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (وَفِي قَوْلٍ) هُوَ (كَافِرٌ أَصْلِيٌّ) بِأَنَّ تَبَعِيَّتَهُ أَزَالَتْ الْحُكْمَ بِكُفْرِهِ وَقَدْ زَالَتْ بِاسْتِقْلَالِهِ فَعَادَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَوَّلًا، وَبُنِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ التَّلَفُّظُ بِالْإِسْلَامِ بَعْدَ الْبُلُوغِ بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّلَفُّظِ جُهِّزَ كَمُسْلِمٍ، بَلْ قَالَ الْإِمَامُ وَصَوَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ هُوَ كَذَلِكَ عَلَى الثَّانِي أَيْضًا لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الظَّوَاهِرِ وَظَاهِرُهُ الْإِسْلَامُ انْتَهَى.

وَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا لِوُجُوبِ التَّلَفُّظِ عَلَيْهِ عَلَى الثَّانِي إذْ تَرْكُهُ يُوجِبُ إثْمَهُ دُونَ كُفْرِهِ كَمَا لَا يُخْفِي، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْإِحْيَاءِ كَالْحَلِيمِيِّ مِنْ أَنَّ الْمُسْلِمَ بِإِسْلَامِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ لَا يُغْنِي عَنْهُ إسْلَامُهُ شَيْئًا مَا لَمْ يُسْلِمْ بِنَفْسِهِ غَرِيبٌ أَوْ سَبْقُ قَلَمٍ عَلَى مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ مُفَرَّعٌ عَلَى وُجُوبِ التَّلَفُّظِ، وَلَوْ تَلَفَّظَ ثُمَّ ارْتَدَّ فَمُرْتَدٌّ قَطْعًا، وَلَا يَنْقُضُ مَا جَرَى عَلَيْهِ مِنْ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ رِدَّتِهِ عَلَى الْأَصَحِّ.

الْجِهَةُ (الثَّانِيَةُ إذَا سَبَى مُسْلِمٌ) وَلَوْ صَبِيًّا مَجْنُونًا وَإِنْ كَانَ مَعَهُ كَافِرٌ كَامِلٌ (طِفْلًا) وَمَجْنُونًا وَمُرَادُهُ بِهِ الْجِنْسُ الشَّامِلُ لِذَكَرِ كُلٍّ وَأُنْثَاهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِيهِ مُسَامَحَةٌ بَعْدَ فَرْضِهِ الْكَلَامَ فِيمَنْ عُلِّقَ بَيْنَ كَافِرَيْنِ فَالْمُرَادُ وَإِنْ عَلَا أَحَدُ أُصُولِ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَمْكَنَ احْتِلَامُهُ فَادَّعَاهُ) أَيْ فَادَّعَى بَعْدَ إسْلَامِ أُصُولِهِ أَنَّهُ احْتَلَمَ قَبْلَ إسْلَامِ ذَلِكَ الْأَحَدِ حَتَّى لَا يَتْبَعَهُ فِي الْإِسْلَامِ.

(قَوْلُهُ: غَيْرُ ظَاهِرٍ) هَذَا السَّوْقُ يَقْتَضِي اعْتِمَادَ مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَمِثْلُهُ فِي حَجّ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ أَفْتَى فِي حَادِثَةٍ بِمَا يُوَافِقُ بَحْثَ أَبِي زُرْعَةَ فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى اعْتِمَادِ الثَّانِي وَهُوَ كَلَامُ أَبِي زُرْعَةَ وَعِبَارَتُهُ، وَقَدْ سُئِلْت عَنْ يَهُودِيٍّ أَسْلَمَ ثُمَّ وَجَدَ بِنْتَهُ مُزَوَّجَةً فَادَّعَى صِبَاهَا لِتَتْبَعَهُ وَادَّعَتْ الْبُلُوغَ هِيَ وَزَوْجُهَا فَأَفْتَيْت بِأَنَّهُ يُصَدَّقُ، أَمَّا فِي دَعْوَى الِاحْتِلَامِ فَلِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الِاحْتِيَاطَ لِلْإِسْلَامِ اقْتَضَى مُخَالَفَةَ الْقَاعِدَةِ مِنْ تَصْدِيقِ مُدَّعِي الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ، وَأَمَّا فِي دَعْوَى السِّنِّ أَوْ الْحَيْضِ فَبِالْأُولَى لِإِمْكَانِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِمَا فَكُلِّفَ مُدَّعِي أَحَدِهِمَا الْبَيِّنَةَ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ أَوْ كَاتَبَ أَوْ قَتَلَ ثُمَّ ادَّعَى صِبًا يُمْكِنُ صِدْقُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ زُوِّجَ لِأَنَّ النِّكَاحَ يُحْتَاطُ لَهُ وَيَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ، فَكَوْنُ الْوَلِيِّ صَبِيًّا بَعِيدٌ جِدًّا فَلَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ وَإِنْ أَمْكَنَ وَالْمَجْنُونُ الْمَحْكُومُ بِكُفْرِهِ يَلْحَقُ أَحَدَ أَبَوَيْهِ إذَا أَسْلَمَ كَالصَّبِيِّ.

(قَوْلُهُ: يُلْغِي قَوْلَهُ الْمَانِعَ لَهُ) أَيْ لِلْإِسْلَامِ.

(قَوْلُهُ: وَكَالصَّبِيِّ فِيمَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ) يَعْنِي أَنَّا إذَا قُلْنَا مَنْ وَصَفَ الْكُفْرَ بَعْدَ بُلُوغِهِ كَافِرًا صَلَّى إذَا بَلَغَ وَلَمْ يَنْطِقْ بِكُفْرٍ وَلَا إسْلَامٍ يُطَالَبُ بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ زَالَ الْحُكْمُ بِإِسْلَامِهِ بَعْدَ اسْتِقْلَالِهِ بِالْبُلُوغِ، وَإِنْ قُلْنَا إذَا نَطَقَ بِالْكُفْرِ صَارَ مُرْتَدًّا إذَا بَلَغَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ وَلَمْ يَنْطِقْ بِكُفْرٍ لَا يُطَالَبُ بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامَ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْرِضْ بَعْدَ بُلُوغِهِ مَا يُنَافِي إسْلَامَهُ الَّذِي حُكِمَ بِهِ.

(قَوْلُهُ: إذْ تَرْكُهُ) أَيْ التَّلَفُّظِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُسْلِمْ بِنَفْسِهِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ وَحُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا نَفَعَهُ ذَلِكَ فِي إسْقَاطِ مَا سَبَقَ عَلَى الْجُنُونِ بَعْدَ الْبُلُوغِ فِي الْكُفْرِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مُفَرَّعٌ عَلَى وُجُوبِ التَّلَفُّظِ) هَذَا لَا يَظْهَرُ مَعَ قَوْلِهِ وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِالثَّانِي لَمْ يَنْظُرُوا إلَخْ، وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ مَعَهُ كَافِرٌ: أَيْ مُشَارِكٌ فِي سَبَبِهِ.

(قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ بِهِ) أَيْ بِالطِّفْلِ وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إلَى هَذَا التَّأْوِيلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الطِّفْلَ خَاصٌّ بِالذَّكَرِ الْوَاحِدِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ لُغَةً، وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: الْمَحْكُومِ بِكُفْرِهِ) وَصْفُ الْمَجْنُونِ: أَيْ فَلَحِقَ أَحَدَ أَبَوَيْهِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ) اُنْظُرْهُ مَعَ كَوْنِنَا حَكَمْنَا بِرِدَّتِهِ؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ وَصْفُ الْكُفْرِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذَا الْبِنَاءَ مَبْنَى الْقَوْلَيْنِ لَا عَلَى نَفْسِ الْقَوْلَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>