للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّعْوَى) بِأَنَّهُ ابْنُهُ وَلَا حُجَّةَ لَهُ (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَتْبَعُهُ فِي الْكُفْرِ) وَإِنْ لَحِقَهُ فِي النَّسَبِ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِإِسْلَامِهِ فَلَا نُغَيِّرُهُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى كَافِرٍ مَعَ إمْكَانِ تِلْكَ الشُّبْهَةِ النَّادِرَةِ.

وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِ قَوْلَانِ ثَانِيهِمَا يَتْبَعُهُ فِي الْكُفْرِ كَالنَّسَبِ، وَجَعَلَ الْمَاوَرْدِيُّ مَحِلَّ الْخِلَافِ مَا إذَا اسْتَلْحَقَهُ قَبْلَ أَنْ يَصْدُرَ مِنْهُ صَلَاةٌ أَوْ صَوْمٌ، فَإِنْ صَدَرَ مِنْهُ ذَلِكَ لَمْ يُغَيَّرْ عَنْ حُكْمِ الْإِسْلَامِ قَطْعًا، وَسَوَاءٌ أَقُلْنَا بِتَبَعِيَّتِهِ فِي الْكُفْرِ أَمْ لَا يُحَالُ، بَيْنَهُمَا كَمَا يُحَالُ بَيْنَ أَبَوَيْ مُمَيِّزٍ وَصْفَ الْإِسْلَامِ وَبَيْنَهُ، قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ وُجُوبَ الْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُمَا إنْ قُلْنَا بِعَدَمِ تَبَعِيَّتِهِ لَهُ فِي الْكُفْرِ، لَكِنْ فِي الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَسْلِيمُهُ لِمُسْلِمٍ فَإِذَا بَلَغَ وَوَصَفَ الْكُفْرَ فَإِنْ قُلْنَا بِالتَّبَعِيَّةِ قُرِّرَ لَكِنَّهُ يُهَدَّدُ لَعَلَّهُ يُسْلِمُ وَإِلَّا فَفِي تَقْرِيرِهِ مَا سَبَقَ مِنْ الْخِلَافِ (وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الصَّبِيِّ بِجِهَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ لَا يُفْرَضَانِ فِي لَقِيطٍ) وَإِنَّمَا ذُكِرَا فِي بَابِهِ اسْتِطْرَادًا (إحْدَاهُمَا الْوِلَادَةُ فَإِذَا كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمًا وَقْتَ الْعُلُوقِ) وَإِنْ عَلَا وَلَوْ أَثْنَى غَيْرَ وَارِثَةٍ أَوْ قِنًّا قَبْلَ الظَّفَرِ بِهِ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا سَيَأْتِي مَبْسُوطًا فِي السِّيَرِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ حُدُوثُ الْوَلَدِ بَعْدَ مَوْتِ أَصْلِهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ مِنْ تَرَدُّدٍ فِيهِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ حَيٍّ أَقْرَبَ مِنْهُ بِشَرْطِ نِسْبَتِهِ إلَيْهِ نِسْبَةً تَقْتَضِي التَّوَارُثَ وَلَوْ بِالرَّحِمِ فَلَا يُرَدُّ آدَم أَبُو الْبَشَرِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَهُوَ مُسْلِمٌ) بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ ارْتَدَّ بَعْدَ الْعُلُوقِ (فَإِنْ بَلَغَ وَوَصَفَ كُفْرًا) أَيْ أَعْرَبَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (فَمُرْتَدٌّ) لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (وَلَوْ عَلِقَ بَيْنَ كَافِرَيْنِ ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا) وَإِنْ عَلَا كَمَا ذَكَرَ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَلَوْ بَعْدَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

زَوْجَةِ الذِّمِّيِّ لَهُ (قَوْلُهُ: عَنْ حُكْمِ الْإِسْلَامِ) أَيْ الَّذِي حُكِمَ لَهُ بِهِ بِسَبَبِ الدَّارِ وَتَقْوَى بِالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْمُهَذَّبِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: مَا سَبَقَ مِنْ الْخِلَافِ) أَيْ وَالرَّاجِحُ مِنْهُ الْإِقْرَارُ.

(قَوْلُهُ: وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الصَّبِيِّ إلَخْ) [تَنْبِيهٌ] مُقْتَضَى حُكْمِهِمْ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ تَارَةً وَكُفْرِهِ أُخْرَى أَنَّ لِقَاضٍ رُفِعَ إلَيْهِ أَمْرُ لَقِيطٍ الْحُكْمُ بِكُفْرِهِ فِيمَا نَصُّوا عَلَى كُفْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا مَا قِيلَ لَا يَجُوزُ لِقَاضٍ أَنْ يَحْكُمَ بِكُفْرِ أَحَدٍ فَإِنْ فَعَلَ كَفَرَ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْكُفْرِ رِضًا بِهِ اهـ فَهُوَ غَلَطٌ قَبِيحٌ، إذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَحْكُمَ بِرَدِّهِ أَحَدٌ وَلَا بِكُفْرِ لَقِيطٍ وَهُوَ فَاسِدٌ، وَأَفْسَدُ مِنْهُ مَا عُلِّلَ بِهِ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْكُفْرِ لَيْسَ مَعْنَاهُ إلَّا الْحُكْمُ بِآثَارِهِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهِ فَلَا رِضَا بِهِ، وَيَلْزَمُهُ أَنْ لَا يَحْكُمَ بِنَحْوِ زِنًا لِأَنَّهُ رِضًا بِهِ.

نَعَمْ لَهُ إذَا أَسْلَمَ مُمَيِّزٌ أَنْ يَحْكُمَ بِعَدَمِ صِحَّةِ إسْلَامِهِ إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ لَا بِكُفْرِهِ إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي أَطْفَالِ الْكُفَّارِ لِأَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ فَلَا يُطْلَقُ الْحُكْمُ بِكُفْرِهِمْ اهـ حَجّ.

وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَمَا قِيلَ إلَخْ أَفْتَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِمَا يُوَافِقُهُ فَإِنَّهُ أَفْتَى فِي صَغِيرٍ مِنْ أَوْلَادِ الذِّمِّيِّينَ أَسْلَمَ أَوْ مَاتَ أَبُوهُ ثُمَّ أَسْلَمَ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي الْحُكْمُ بِكُفْرِهِ لِأَنَّ الرِّضَا بِالْكُفْرِ كُفْرٌ وَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ بِهِ فَلِلْمُخَالِفِ الْحُكْمُ بِإِسْلَامِهِ اهـ.

وَقَوْلُهُ لَيْسَ مَعْنَاهُ إلَخْ قَدْ يُقَالُ بَلْ كَانَ بِهِ نَفْسِهِ لَمْ يَقْتَضِ الرِّضَا، لِأَنَّ الْحُكْمَ إظْهَارُ حُصُولِ الْمَحْكُومِ بِهِ، وَمُجَرَّدُ ذَلِكَ لَيْسَ فِيهِ الرِّضَا بِهِ، وَقَوْلُهُ لَا بِكُفْرِهِ إلَّا بِالنِّسْبَةِ إلَخْ قَدْ يُقَالُ مَا الْمَانِعُ مِنْ إطْلَاقِ الْحُكْمِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَقْصِدُ بِهِ آثَارَهُ الدُّنْيَوِيَّةَ اهـ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ مَوْتِ أَصْلِهِ) ع أَنْظُر لَوْ مَاتَ الصَّغِيرُ ثُمَّ الْأَبُ هَلْ يَتْبَعُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ كَعَكْسِهِ حَتَّى يُدْفَنَ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ؟ أَقُولُ: الظَّاهِرُ عَدَمُ التَّبَعِيَّةِ لِقَطْعِ الْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ بِالْمَوْتِ، وَنَقْلٌ بِالدَّرْسِ عَنْ بَعْضِ الْهَوَامِشِ خِلَافَهُ وَفِيهِ وَقْفَةٌ، وَيُقَالُ عَلَى تَسْلِيمِ صِحَّةِ مَا بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ فَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ مُرَاعَاةَ جِهَتِهِ وَشَرَفَهُ اقْتَضَى ذَلِكَ كَمَا لَوْ وُلِدَ بَعْدَ مَوْتِ أَصْلِهِ الْمُسْلِمِ وَإِنْ بَعُدَ.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ مُسْلِمٌ) أَيْ تُجْرَى عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ.

وَمِنْهَا أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ وَلَمْ يُعْلَمْ بِإِسْلَامِ أَحَدِ أُصُولِهِ ثُمَّ مَاتَ غُسِّلَ وَكُفِّنَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَدُفِنَ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ عُوقِبَ عَلَى تَرْكِ الصَّلَوَاتِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِهَا بِتَقْدِيرِ كُفْرِهِ فَكَيْفَ وَهُوَ الْآنَ مُسْلِمٌ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ ارْتَدَّ) أَيْ الْأَحَدُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلِقَ بَيْنَ كَافِرَيْنِ) أَيْ حَصَلَ أَوْ وُجِدَ.

وَيَجُوزُ قِرَاءَتُهُ لِلْمَفْعُولِ: أَيْ عُلِّقَ بِهِ بَيْنَ كَافِرَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلَا)

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>