للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَعَمَلٌ، وَعِوَضٌ، كَمَا عَلِمْت مِنْ شُرُوطِهَا مِنْ كَلَامِهِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي (هِيَ كَقَوْلِهِ) أَيْ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ الْمُخْتَارِ (مِنْ رَدِّ آبِقٍ) أَوْ آبِقِ زَيْدٍ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ (فَلَهُ كَذَا) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خِطَابٌ لِمُعَيَّنٍ لِلْآيَةِ، وَاحْتَمَلَ إبْهَامَ الْعَامِلِ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَهْتَدِي إلَى الرَّاغِبِ فِي الْعَمَلِ، وَإِذَا صَحَّ مَعَ إبْهَامِ الْعَامِلِ فَمَعَ تَعْيِينِهِ أَوْلَى كَقَوْلِهِ إنْ رَدَدْت عَبْدِي فَلَكَ كَذَا، وَهِيَ تُفَارِقُ الْإِجَارَةَ مِنْ أَوْجُهٍ جَوَازُهَا عَلَى عَمَلِ مَجْهُولٍ، وَصِحَّتُهَا مَعَ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ قَبُولِ الْعَامِلِ وَكَوْنُهَا جَائِزَةً لَا لَازِمَةً، وَعَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ الْجُعْلَ إلَّا بِالْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ، فَلَوْ شَرَطَ تَعْجِيلَ الْجُعْلِ فَسَدَ الْعَقْدُ وَاسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ، فَإِنْ سَلَّمَهُ بِلَا شَرْطٍ امْتَنَعَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِجَارَةِ بِأَنَّهُ ثَمَّ مَلَكَهُ بِالْعَقْدِ وَهُنَا لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالْعَمَلِ، وَلَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ دِرْهَمٌ قَبْلَهُ بَطَلَ، قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِ الدُّورِ، وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ قَبْضِهِ فِي الْمَجْلِسِ مُطْلَقًا، وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُلْتَزِمِ لِلْجُعْلِ مَالِكًا أَوْ غَيْرَهُ كَوْنُهُ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ، فَلَا يَصِحُّ بِالْتِزَامِ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، وَفِي الْعَامِلِ الْمُعَيَّنِ أَهْلِيَّةُ الْعَمَلِ بِأَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَيْهِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْعَبْدُ، وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ بِإِذْنٍ وَغَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ، وَيَخْرُجُ عَنْهُ الْعَاجِزُ عَنْ الْعَمَلِ كَصَغِيرٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَضَعِيفٍ يَغْلِبُهُ الْعَمَلُ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ مَعْدُومَةٌ فَأَشْبَهَ اسْتِئْجَارَ الْأَعْمَى لِلْحِفْظِ، كَذَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ كَالزَّرْكَشِيِّ وَابْنِ الْعِمَادِ.

وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: كَانَ الْمُرَادُ أَهْلِيَّةَ الْتِزَامِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ مَكَانَهُ.

وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: كَأَنَّهُ يُشِيرُ بِذَلِكَ إلَى اشْتِرَاطِ بُلُوغِهِ وَتَمْيِيزِهِ، أَمَّا إذَا كَانَ مُبْهَمًا فَيَكْفِي عِلْمُهُ بِالنِّدَاءِ.

قَالَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَجْمُوعُ الْعِلَلِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يَضُرُّ تَخَلُّفُ بَعْضِهَا عَنْ الْحُكْمِ.

(قَوْلُهُ: وَعُمِلَ) فِي عَدِّهِ مِنْ الْأَرْكَانِ مُسَامَحَةٌ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِعَدِّهِ مِنْهَا ذِكْرُهُ فَقَطْ فِي الْعَقْدِ وَالْمُتَأَخِّرُ إنَّمَا هُوَ ذَاتُ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الْجِعَالَةُ تُفَارِقُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ سَلَّمَهُ) أَيْ الْجُعْلَ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ تَصَرُّفُهُ) قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ جُعْلًا، أَمَّا مِنْ حَيْثُ رِضَا الْمَالِكِ الدَّافِعِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ التَّسْلِيمُ فَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ أَقُولُ: هُوَ مُسَلَّمٌ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ بِنَحْوِ أَكْلِهِ أَوْ لُبْسِهِ.

أَمَّا التَّصَرُّفُ فِيهِ بِنَقْلِ الْمِلْكِ فِيهِ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَا، وَلَوْ أَتْلَفَهُ بِنَحْوِ أَكْلِهِ فَهَلْ يَضْمَنُهُ الْوَجْهُ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْهُ لَهُ مَجَّانًا بَلْ عَلَى أَنَّهُ عِوَضٌ، وَهَلْ لَهُ رَهْنُهُ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الْمَالِكِ إيَّاهُ عَنْ الْجُعْلِ يَتَضَمَّنُ الرِّضَا.

بِذَلِكَ وَيَكُونُ مَضْمُونًا كَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلًا لِأَنَّ قَبْضَهُ عَنْ الْجِعَالَةِ فَاسِدٌ لِعَدَمِ مِلْكِهِ وَاسْتِحْقَاقِ قَبْضِهِ؟ فِيهِ اُنْظُرْ اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: قِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ مَنْعِ بَيْعِهِ مَنْعُ رَهْنِهِ.

(قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) عِبَارَةُ حَجّ بَدَلَ فِيمَا يَظْهَرُ عَلَى الْأَوْجَهِ.

(قَوْلُهُ: وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ امْتِنَاعِ التَّصَرُّفِ عَلَى الْعَامِلِ.

(قَوْلُهُ: فَلَهُ دِرْهَمٌ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الرَّدِّ، وَقَوْلُهُ بَطَلَ أَيْ الْعَقْدُ لِشَرْطِ تَعْجِيلِ الْجُعْلِ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ مُعَيَّنًا أَوْ فِي الذِّمَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ مِنْ الْآدَمِيِّينَ وَكَانَ قَادِرًا عَلَى الْعَمَلِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي كَصَغِيرٍ لَا يَقْدِرُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ) أَيْ حَيْثُ قَالَ لَا يَصِحُّ مَعَ الرَّقِيقِ بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهِ.

(قَوْلُهُ: يَغْلِبُهُ الْعَمَلُ عَلَى نَفْسِهِ) أَيْ فَلَا يُطِيقُهُ فَكَأَنَّ الْعَمَلَ قَهَرَهُ وَغَلَبَهُ حَتَّى عَجَزَ عَنْهُ، وَقَوْلُهُ لِلْحِفْظِ: أَيْ بِالْبَصَرِ (قَوْلُهُ: كَانَ الْمُرَادُ) أَيْ بِقَوْلِهِ قُدْرَتَهُ.

(قَوْلُهُ: وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ) أَيْ بِأَهْلِيَّةِ الْعَمَلِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَوْلُهُ إمْكَانُهُ: أَيْ إمْكَانُ الْعَمَلِ.

(قَوْلُهُ: وَتَمْيِيزُهُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ.

(قَوْلُهُ: فَيَكْفِي عِلْمُهُ بِالنِّدَاءِ) أَيْ دُونَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْعَمَلِ لَكِنْ فِيهِ أَنَّهُ حَيْثُ أَتَى بِهِ بَانَتْ قُدْرَتُهُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْقُدْرَةِ كَوْنُهُ قَادِرًا بِحَسَبِ الْعَادَةِ غَالِبًا، وَهَذَا لَا يُنَافِي وُجُودَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُلْتَزِمِ إلَخْ) تَقَدَّمَ هَذَا (قَوْلُهُ: وَغَيْرِ الْمُكَلَّفِ) أَيْ: فَيَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى كَمَا هُوَ ظَاهِرُ السِّيَاقِ، وَهُوَ الَّذِي سَيَأْتِي عَنْ السُّبْكِيّ وَالْبُلْقِينِيِّ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ) يَعْنِي الْمُصَنِّفَ فِي الرَّوْضَةِ بِقَوْلِهِ الْمَارِّ فِي الْعَامِلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>