للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَاوَرْدِيُّ هُنَا: لَوْ قَالَ مَنْ جَاءَ بِهِ اسْتَحَقَّ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ عَبْدٍ عَاقِلٍ أَوْ مَجْنُونٍ إذَا سَمِعَ النِّدَاءَ أَوْ عَلِمَ بِهِ لِدُخُولِهِمْ فِي عُمُومِ مَنْ جَاءَ وَخَالَفَ فِي السِّيَرِ فَقَالَ: لَا يَسْتَحِقُّ الصَّبِيُّ وَلَا الْعَبْدُ إذَا قَامَ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَالصِّيغَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ تَدُلُّ عَلَى الْإِذْنِ عُرْفًا لِأَنَّ التَّرْغِيبَ فِي الشَّيْءِ يَدُلُّ عَلَى طَلَبِهِ، وَقَضِيَّةُ الْحَدِّ صِحَّتُهَا فِي إنْ حَفِظْت مَالِي مِنْ مُتَعَدٍّ عَلَيْهِ فَلَكَ كَذَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ عَيَّنَ لَهُ قَدْرَ الْمَالِ وَزَمَنَ الْحِفْظِ، وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمَالِكَ يُرِيدُ الْحِفْظَ عَلَى الدَّوَامِ وَهَذَا لَا غَايَةَ لَهُ فَلَمْ يَبْعُدْ فَسَادُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسَمَّى فَيَجِبُ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لَمَّا حَفِظَهُ (وَ) عُلِمَ مِنْ مِثَالِهِ الَّذِي دَلَّ بِهِ عَلَيْهِ حَدُّهَا كَمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ (يُشْتَرَطُ) فِيهَا لِتَتَحَقَّقَ (صِيغَةٌ) مِنْ النَّاطِقِ الَّذِي لَمْ يُرِدْ إتْيَانَهُ بِكِتَابَةٍ (تَدُلُّ عَلَى الْعَمَلِ) أَيْ الْإِذْنِ فِيهِ كَمَا بِأَصْلِهِ (بِعِوَضٍ) مَعْلُومٍ مَقْصُودٍ (مُلْتَزَمٍ) لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ فَافْتَقَرَتْ إلَى صِيغَةٍ تَدُلُّ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَقَدْرِ الْمَبْذُولِ كَالْإِجَارَةِ وَالْكِتَابَةِ وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةِ تَقُومُ مَقَامَ الصِّيغَةِ وَالْكِتَابَةِ كِنَايَةً إنْ نَوَاهُ بِهَا صَحَّ وَإِلَّا فَلَا (فَلَوْ عَمِلَ) أَحَدٌ (بِلَا إذْنٍ) أَوْ بِإِذْنٍ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ عِوَضٍ أَوْ بَعْدَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْعَمَلِ مَعَ الْعَجْزِ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ، أَوْ يُقَالُ: لَا تُشْتَرَطُ قُدْرَتُهُ أَصْلًا وَيَكْفِي إذْنُهُ لِمَنْ يَعْمَلُ فَيَسْتَحِقُّ بِإِذْنِهِ الْجُعْلَ وَيُصَرِّحُ بِهَذَا قَوْلُ ع: لَوْ كَانَ الْعَامِلُ مُعَيَّنًا ثُمَّ وَكَّلَ غَيْرَهُ وَلَمْ يَفْعَلْ هُوَ شَيْئًا فَلَا جُعْلَ لِأَحَدٍ وَإِنْ كَانَ عَامًّا فَعَلِمَ بِهِ شَخْصٌ ثُمَّ وَكَّلَ اسْتَحَقَّ الْأَوَّلُ.

هَذَا مُحَصَّلُ بَحْثِ الشَّيْخَيْنِ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ فِي الْأُولَى، وَقَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ مُعْتَمَدٌ.

(قَوْلُهُ: فَمَنْ جَاءَ بِهِ اسْتَحَقَّ) أَيْ الْجُعْلَ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ الْمُسَمَّى فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي لَهُ عَنْ الْأَنْوَارِ مِنْ أَنَّ الصَّبِيَّ وَالسَّفِيهَ لَهُمَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُمَا الْمَجْنُونُ إذَا كَانَ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ، وَأَمَّا الْعَبْدُ فَالْقِيَاسُ اسْتِحْقَاقُهُ الْمُسَمَّى إنْ كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا لِأَنَّهُ يَصِحُّ قَبُولُهُ الْهِبَةَ وَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ فَالْجُعْلُ أَوْلَى لِبِنَائِهِمْ أَمْرَ الْجُعَلَةِ عَلَى الْمُسَامَحَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مَجْنُونٌ) أَيْ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ اهـ حَجّ.

(قَوْلُهُ: إنْ عَيَّنَ لَهُ قَدْرَ الْمَالِ) أَيْ الَّذِي يَحْفَظُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ عُلِمَ قَدْرُهُ بِمُجَرَّدِ الرُّؤْيَةِ أَوْ غَيْرِهَا.

(قَوْلُهُ: الَّذِي دَلَّ بِهِ) أَيْ بِالْمِثَالِ (قَوْلُهُ: صِيغَةٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَلَوْ عَمِلَ أَحَدٌ بِلَا صِيغَةٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِرَدِّ الضَّوَالِّ بِعَدَمِ الِالْتِزَامِ لَهُ فَوَقَعَ عَمَلُهُ تَبَرُّعًا، وَدَخَلَ الْعَبْدُ فِي ضَمَانِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ.

وَقَالَ الْإِمَامُ: فِيهِ الْوَجْهَانِ فِي الْأَخْذِ مِنْ الْغَاصِبِ بِقَصْدِ الرَّدِّ إلَى الْمَالِكِ، وَالْأَصَحُّ فِيهِ الضَّمَانُ انْتَهَى.

وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: كَانَ يَنْبَغِي عَدَمُ الضَّمَانِ كَمَا لَوْ أَخَذَهُ مِمَّنْ لَا يَضْمَنُ كَالْحَرْبِيِّ بِجَامِعِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي يَدِ ضَامِنِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَقَوْلُهُ مَعْرُوفًا بِرَدِّ الضَّوَالِّ، وَمِنْهُ رَدُّ الْوَالِي مَثَلًا لَهُ وَشُيُوخُ الْعَرَبِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُمْ فَيَدْخُلُ الْمَرْدُودُ فِي ضَمَانِهِمْ حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ مَالِكُهُ فِي الرَّدِّ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ الْتِزَامُهُمْ مِنْ الْحَاكِمِ غَفْرَ تِلْكَ الْمَحَلَّةِ وَحِفْظَ مَا فِيهَا مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى رِضَا الْمَالِكِ بِرَدِّ مَا أَخَذَ، وَقَوْلُهُ وَلِقَائِلٍ إلَخْ نَقَلَ فِي قَوْلَةِ أُخْرَى خِلَافَهُ، وَالْأَقْرَبُ مَا هُنَا مِنْ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِهِ، وَوَجْهُهُ بِأَنَّ بَقَاءَ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِ مَنْ لَا يَضْمَنُ يُتَوَقَّعُ التَّلَفُ مَعَهُ أَكْثَرُ مِنْ الضَّالِّ، فَإِنَّهُ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ رَدِّهِ يَجُوزُ اطِّلَاعُ الْمَالِكِ عَلَيْهِ فَيَأْخُذُهُ وَلَا يُفَوِّتُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ مَثَلًا فَإِنَّ الْعَوْدَ مِنْهُ بَعِيدٌ عَادَةً.

(قَوْلُهُ: الَّذِي لَمْ يُرِدْ إتْيَانَهُ) قَيْدٌ بِمَا ذَكَرَ لِأَنَّهُ حَمَلَ الصِّيغَةَ عَلَى اللَّفْظِ وَجَعَلَ الْإِشَارَةَ وَالْكِتَابَةَ قَائِمَيْنِ مَقَامَ الصِّيغَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا سَلَكَهُ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ لِإِمْكَانِ حَمْلِ الصِّيغَةِ عَلَى مَا يَشْمَلُ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: إنْ نَوَاهُ) أَيْ عَقْدَ الْجِعَالَةِ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ عَمِلَ أَحَدٌ بِلَا إذْنٍ إلَخْ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي قُرَى مِصْرِنَا مِنْ أَنَّ جَمَاعَةً اعْتَادُوا حِرَاسَةَ الْجَرِينِ نَهَارًا وَجَمَاعَةً اعْتَادُوا حِرَاسَتَهُ لَيْلًا، فَإِنْ اتَّفَقَتْ مُعَاقَدَتُهُمْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَهْلِ الْجَرِينِ أَوْ مِنْ بَعْضِهِمْ بِإِذْنِ الْبَاقِينَ لَهُمْ فِي الْعَقْدِ اسْتَحَقَّ الْحَارِسُونَ مَا شُرِطَ لَهُمْ إنْ كَانَتْ الْجِعَالَةُ صَحِيحَةً وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَأَمَّا إنْ بَاشَرُوا الْحِرَاسَةَ بِلَا إذْنٍ مِنْ أَحَدٍ اعْتِمَادًا

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْمُعَيَّنِ أَهْلِيَّةَ الْعَمَلِ، وَلَمْ يَتَقَدَّمْ مَرْجِعُ الضَّمِيرِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>