للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْإِذْنِ لَكِنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ سَوَاءٌ الْمُعَيَّنُ وَقَاصِدُ الْعِوَضِ وَغَيْرُهُمَا (أَوْ أُذِنَ لِشَخْصٍ فَعَمِلَ غَيْرُهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ) وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِرَدِّ الضَّوَالِّ بِعِوَضٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ عِوَضًا لَهُ فَوَقَعَ عَمَلُهُ: تَبَرُّعًا.

نَعَمْ لَوْ رَدَّهُ قِنُّ الْمَقُولِ لَهُ اسْتَحَقَّ سَيِّدُهُ الْجُعْلَ لِأَنَّ يَدَ قِنِّهِ كَيَدِهِ كَذَا قَالَاهُ.

قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا اسْتَعَانَ بِهِ سَيِّدُهُ، وَإِلَّا فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي اللَّفْظِ لَا سِيَّمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلِمَ النِّدَاءَ، وَقَدْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدِي مِنْ سَامِعِي نِدَائِي فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ مَنْ عَلِمَ نِدَاءَهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ، وَصَحَّ بِمِثْلِهِ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ انْتَهَى.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَوْلُ الْقَاضِي.

فَإِنْ رَدَّهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِعَبْدِهِ اسْتَحَقَّ يُفْهِمُ عَدَمَ الِاسْتِحْقَاقِ إذَا اسْتَقَلَّ الْعَبْدُ بِالرَّدِّ (وَلَوْ قَالَ أَجْنَبِيٌّ) مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ مُخْتَارٌ (مَنْ رَدَّ عَبْدَ زَيْدٍ فَلَهُ كَذَا اسْتَحَقَّهُ الرَّادُّ) الْعَالِمُ بِهِ (عَلَى الْأَجْنَبِيِّ) لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ فَصَارَ كَخُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ، وَكَمَا لَوْ الْتَمَسَ إلْقَاءَ مَتَاعِ الْغَيْرِ فِي الْبَحْرِ لِخَوْفِ الْهَلَاكِ وَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ، وَلَيْسَ، كَمَا لَوْ الْتَزَمَ الثَّمَنَ فِي شِرَاءِ غَيْرِهِ أَوْ الثَّوَابَ فِي هِبَةِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ عِوَضُ تَمْلِيكٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ وُجُوبُهُ عَلَى غَيْرِ مَنْ حَصَلَ لَهُ الْمِلْكُ وَالْجُعْلُ لَيْسَ عِوَضَ تَمْلِيكٍ، وَاسْتَشْكَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذِهِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ وَضْعُ يَدِهِ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ بِقَوْلِ الْأَجْنَبِيِّ بَلْ بِضِمْنِهِ فَكَيْفَ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَالِكَ رَاضٍ بِهِ قَطْعًا، أَوْ بِأَنَّ صُورَةَ ذَلِكَ أَنْ يَأْذَنَ الْمَالِكُ لِمَنْ شَاءَ فِي الرَّدِّ وَالْتَزَمَ الْأَجْنَبِيُّ بِالْجُعْلِ أَوْ يَكُونُ لِلْأَجْنَبِيِّ وِلَايَةٌ عَلَى الْمَالِكِ، وَقَدْ يُصَوَّرُ أَيْضًا بِمَا إذَا ظَنَّهُ الْعَامِلُ الْمَالِكُ أَوْ عَرَفَهُ وَظَنَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ دَفْعِ أَرْبَابِ الزَّرْعِ لِلْحَارِسِ سَهْمًا مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ لَمْ يَسْتَحِقُّوا شَيْئًا.

(قَوْلُهُ: عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لحج.

وَفِي سم عَلَى حَجّ: وَلَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدًا فَلَهُ كَذَا فَهَلْ هُوَ كَمَا لَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدَ زَيْدٍ حَتَّى إذَا رَدَّ عَبْدًا مَا لِأَحَدٍ أَوْ عَبْدًا مَوْقُوفًا مَثَلًا اسْتَحَقَّ يَنْبَغِي نَعَمْ م ر انْتَهَى.

وَقَدْ يَشْمَلُ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ فِي التَّعْرِيفِ لِمُعَيَّنٍ أَوْ مَجْهُولٍ.

(قَوْلُهُ: كَمَا الْتَزَمَ الثَّمَنَ) أَيْ قَبْلَ الشِّرَاءِ حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، لَكِنْ تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ فِي الضَّمَانِ أَنَّهُ لَوْ الْتَزَمَ الثَّمَنَ لِغَيْرِهِ كَأَنْ قَالَ بِعْهُ وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ صِحَّةُ ذَلِكَ وَوُجُوبُ مَا الْتَزَمَهُ عَلَيْهِ قَالَ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الضَّمَانِ الْمُحْوِجِ إلَى أَصِيلٍ بَلْ هُوَ مِثْلُ مَا لَوْ قَالَ أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ.

(قَوْلُهُ: وَاسْتَشْكَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذِهِ) أَيْ اسْتِحْقَاقُ الْعَامِلِ لِلْعِوَضِ بِقَوْلِ الْأَجْنَبِيِّ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَالِكَ رَاضٍ بِهِ قَطْعًا) أَيْ وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا ضَمَانَ لَهُ إذَا تَلِفَ لِأَنَّ رِضَاهُ بِرَدِّهِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ إذْنِهِ فِي الرَّدِّ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا لَوْ انْتَزَعَ الْمَغْصُوبَ مِنْ يَدِ غَيْرِ ضَامِنِهِ كَالْحَرْبِيِّ لِيَرُدَّهُ عَلَى مَالِكِهِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ فِيهِ إذَا تَلِفَ، لَكِنْ فِي كَلَامِ سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: وَمَعَ ذَلِكَ: أَيْ الرِّضَا بِالرَّدِّ يَضْمَنُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَمَانَاتِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ وَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُوَافِقُهُ، ثُمَّ قَالَ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ كَانَ يَنْبَغِي عَدَمُ الضَّمَانِ كَمَا لَوْ أَخَذَهُ مِمَّنْ لَا يَضْمَنُ كَالْحَرْبِيِّ وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ فَرَاجِعْهُ، وَمَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى رِضَا الْمَالِكِ بِالرَّدِّ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ) أَيْ ابْنَ يُونُسَ (قَوْلُهُ أَوْ يَكُونُ لِلْأَجْنَبِيِّ وِلَايَةٌ عَلَى الْمَالِكِ) هَذَا وَقَدْ يُقَالُ لَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ وَضْعُ يَدِهِ عَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ مَا حَصَلَ مِنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَكَمَا لَوْ الْتَمَسَ إلَخْ) لَيْسَ هَذَا نَظِيرُ مَا نَحْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ إذَا كَانَ خَائِفًا عَلَى نَفْسِهِ، وَلِهَذَا لَوْ كَانَ بِالشَّطِّ، أَوْ بِمَرْكَبٍ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونُ لِلْأَجْنَبِيِّ وِلَايَةٌ) قَدْ يُنَافِي هَذَا مَا يَأْتِي قَرِيبًا مِنْ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الْجُعْلُ مِنْ مَالِ الْمَوْلَى بِقَيْدِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الصُّورَةُ هُنَا أَنَّهُ الْتَزَمَ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِ الْعَمَلِ؛ إذْ الْحُكْمُ حِينَئِذٍ أَنَّ الْجُعْلَ جَمِيعًا فِي مَالِهِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُصَوَّرُ أَيْضًا إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا كَالْجَوَابِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْعَامِلَ يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ الْمُسَمَّى مُطْلَقًا فِي الْأَوَّلِ، وَبِشَرْطِ ظَنِّ رِضَا الْمَالِكِ فِي هَذَا فِيمَا إذَا اسْتَبَدَّ الْمُلْتَزِمُ بِالِالْتِزَامِ، وَقَضِيَّةُ مَا عَدَاهُمَا عَدَمُ اسْتِحْقَاقِهِ حِينَئِذٍ فَلْيُحَرَّرْ الْحُكْمُ. (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا ظَنَّهُ الْعَامِلُ الْمَالِكَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>