للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ رَدَّهُ الصَّبِيُّ أَوْ السَّفِيهُ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لَا الْمُسَمَّى وَرَدُّ الْمَجْنُونِ كَرَدِّ الْجَاهِلِ بِالنِّدَاءِ.

وَقَالَ السُّبْكِيُّ: الَّذِي يَظْهَرُ وُجُوبُ الْمُسَمَّى فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا، وَجَزَمَ بِذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِشَيْءٍ.

(وَتَصِحُّ) الْجِعَالَةُ (عَلَى عَمَلِ مَجْهُولٍ) كَمَا عُلِمَ مِنْ تَمْثِيلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ وَذِكْرُهُ هُنَا لِضَرُورَةِ التَّقْسِيمِ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ اُحْتُمِلَتْ فِي الْقِرَاضِ لِحُصُولِ زِيَادَةٍ فَاحْتِمَالُهَا فِي رَدِّ الْحَاصِلِ أَوْلَى وَهُوَ مُقَيَّدٌ كَمَا أَفَادَهُ جَمْعٌ بِمَا إذَا عَسِرَ ضَبْطُهُ لَا كَبِنَاءِ حَائِطٍ فَيَذْكُرُ مَحِلَّهُ وَطُولَهُ وَسُمْكَهُ وَارْتِفَاعَهُ وَمَا يُبْنَى بِهِ وَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ فَيَصِفُهُ كَالْإِجَارَةِ (وَكَذَا مَعْلُومٌ) كَمَنْ رَدَّهُ مِنْ مَوْضِعِ كَذَا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا إذَا جَازَتْ مَعَ الْجَهْلِ فَمَعَ الْعِلْمِ أَوْلَى وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالْإِجَارَةِ، وَمَرَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْعَمَلِ فِيهِ كُلْفَةً أَوْ مُؤْنَةً كَرَدِّ آبِقٍ أَوْ ضَالٍّ أَوْ حَجٍّ أَوْ خِيَاطَةٍ أَوْ تَعْلِيمِ عِلْمٍ أَوْ حِرْفَةٍ أَوْ إخْبَارٍ فِيهِ غَرَضٌ وَصُدِّقَ فِيهِ، فَلَوْ رَدَّ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ وَلَا كُلْفَةَ فِيهِ كَدِينَارٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ إذْ مَا لَا كُلْفَةَ فِيهِ لَا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ أَوْ عَبْدًا آبِقًا اسْتَحَقَّ، وَلَوْ قَالَ مَنْ دَلَّنِي عَلَى مَالِي فَلَهُ كَذَا فَدَلَّهُ غَيْرُ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ اسْتَحَقَّ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ تَلْحَقُهُ مَشَقَّةٌ بِالْبَحْثِ عَنْهُ، كَذَا قَالَاهُ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَا إذَا بَحَثَ عَنْهُ بَعْدَ جَعْلِ الْمَالِكَ، أَمَّا الْبَحْثُ السَّابِقُ وَالْمَشَقَّةُ السَّابِقَةُ قَبْلَ الْجُعْلِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِمَا وَعَدَمُ تَأْقِيتِهِ، فَلَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدِي إلَى شَهْرٍ فَلَهُ كَذَا لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي الْقِرَاضِ لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْمُدَّةِ مُخِلٌّ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ فَقَدْ لَا يَظْفَرُ بِهِ فِيهَا فَيَضِيعُ سَعْيُهُ وَلَا يَحْصُلُ الْغَرَضُ سَوَاءٌ أَضَمَّ إلَيْهِ مِنْ مَحِلِّ كَذَا أَمْ لَا وَغَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى الْعَامِلِ، فَلَوْ قَالَ مَنْ دَلَّنِي عَلَى مَالِي فَلَهُ كَذَا فَدَلَّهُ مَنْ الْمَالُ فِي يَدِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا لِأَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ شَرْعًا فَلَا يَأْخُذُ عَلَيْهِ عِوَضًا، وَكَذَا لَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ مَالِي فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَلَى مَا لَوْ رَدَّ الْقَبُولَ مِنْ أَصْلِهِ كَمَا لَوْ قَالَ لَا أَرُدُّ الْعَبْدَ وَمَا هُنَا عَلَى مَا لَوْ قَبِلَ وَرَدَّ الْعِوَضَ وَحْدَهُ كَقَوْلِهِ أَرُدُّهُ بِلَا شَيْءٍ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ، وَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَقَدْ يُقَالُ الرَّدُّ عِنْدَ الْعَقْدِ وَالْفَسْخُ بَعْدَ ذَلِكَ وَيُنْظَرُ فِيهِ بِأَنَّ الَّذِي عِنْدَ الْعَقْدِ أَقْوَى فِي دَفْعِهِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِ، وَقَدْ يُقَالُ قَوْلُهُ لَا أَقْبَلُهَا أَوْ رَدَدْتهَا لَيْسَ صَرِيحًا فِي الْفَسْخِ فَلَا تَرْتَفِعُ بِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا فِي رَدَدْتهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ) مُعْتَمَدٌ.

(قَوْلُهُ: وَرَدُّ الْمَجْنُونِ كَرَدِّ الْجَاهِلِ) وَالْمُرَادُ بِالْمَجْنُونِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْمَجْنُونِ إذَا رَدَّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا تَقَدَّمَ مَنْ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: أَقُولُ: يَتَّجِهُ فِي الْمَجْنُونِ أَنَّهُ إنْ عَيَّنَ اشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ بِحَيْثُ يَعْقِلُ الْإِذْنَ وَإِلَّا كَانَ رَدُّهُ كَرَدِّ غَيْرِ الْعَالِمِ بِالْإِذْنِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ اشْتَرَطَ أَنْ يَرُدَّهُ بَعْدَ أَنْ عَقَلَ الْإِذْنَ لِتَمْيِيزِهِ وَعِلْمِهِ بِالْإِذْنِ إذْ رَدُّهُ بِدُونِ ذَلِكَ كَرَدِّ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ الْإِذْنَ فَلَا شَيْءَ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ نَعَمْ إنْ عَرَضَ الْجُنُونُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْإِذْنِ فَقَدْ يَتَّجِهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ التَّمْيِيزِ حَالَ رَدِّهِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: كَرَدِّ الْجَاهِلِ بِالنِّدَاءِ) أَيْ فَلَا يَسْتَحِقُّ.

(قَوْلُهُ: لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ) أَيْ عَنْ عَقْدِ الْجِعَالَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ إخْبَارٌ فِيهِ غَرَضٌ وَصَدَقَ فِيهِ) أَيْ كَأَنْ دَلَّ مَنْ قَالَ مَنْ دَلَّنِي عَلَى مَالِي فَلَهُ كَذَا كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَلَيْسَ مِنْهُ إخْبَارُ الطَّبِيبِ الْمَرِيضَ بِدَوَاءٍ يَنْفَعُهُ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْإِخْبَارِ لَا كُلْفَةَ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ عَبْدًا) أَيْ أَوْ كَانَ عَبْدًا إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَعَدَمُ تَأْقِيتِهِ) أَيْ وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إلَخْ.

وَقَوْلُهُ رَدَّهُ: أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

سَاقِطٌ هُنَا مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ، وَلَعَلَّهُ لَفْظُ مَرْدُودَةٌ أَوْ نَحْوُهُ، وَغَرَضُهُ مِنْ هَذَا الرَّدِّ عَلَى الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ فَإِنَّ هَذَا كَلَامُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَدَّهُ الصَّبِيُّ) يَعْنِي الضَّالَّ مَثَلًا وَإِنْ أَوْهَمَ ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّ الْمُرَادَ الْقَبُولُ عَلَى أَنَّ هَذَا قَدْ قُدِّمَ عَلَيْهِ فَلَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ تَلْحَقُهُ مَشَقَّةٌ) لَا خَفَاءَ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ صَحِيحٌ فِي أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ وَإِنْ لَمْ تَلْحَقْهُ مَشَقَّةٌ بِالْفِعْلِ نَظَرًا لِلْغَالِبِ وَمَا مِنْ شَأْنِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُلَاقِيهِ قَوْلُ الشَّارِحِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَعَدَمِ تَأْقِيتِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ، وَمَرَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْعَمَلِ فِيهِ كُلْفَةٌ لَكِنْ لَا يُقَيِّدُ كَوْنَهُ مَرَّ إذْ لَمْ يَمُرَّ هَذَا. (قَوْلُهُ: فَدَلَّهُ مِنْ الْمَالِ فِي يَدِهِ) أَيْ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ كَمَا لَا يَخْفَى

<<  <  ج: ص:  >  >>