للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الدَّالُّ أَوْ الرَّادُّ غَيْرَ مُكَلَّفٍ اسْتَحَقَّ.

وَيُجَابُ بِأَنَّ الْخِطَابَ مُتَعَلِّقٌ بِوَلِيِّهِ لِتَعَذُّرِ تَعَلُّقِهِ بِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، وَأَفْتَى الْمُصَنِّفُ فِيمَنْ حُبِسَ ظُلْمًا فَبَذَلَ مَالًا لِمَنْ يَتَكَلَّمُ فِي خَلَاصِهِ بِجَاهِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِأَنَّهَا جَعَالَةٌ مُبَاحَةٌ وَأَخْذُ عِوَضِهَا حَلَالٌ وَنَقَلَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ: أَيْ وَفِي ذَلِكَ كُلْفَةٌ تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ عُرْفًا (وَيُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ الْعَقْدِ (كَوْنُ الْجُعْلِ) مَالًا (مَعْلُومًا) لِأَنَّهُ عِوَضٌ كَالْأُجْرَةِ وَالْمَهْرِ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ وَلَا حَاجَةَ لِجَهَالَةِ الْعِوَضِ بِخِلَافِ الْعَمَلِ، وَلِأَنَّ جَهَالَةَ الْعِوَضِ تُفَوِّتُ مَقْصُودَ الْعَقْدِ إذْ لَا يَرْغَبُ أَحَدٌ فِي الْعَمَلِ مَعَ جَهَالَةِ الْعِوَضِ وَيَحْصُلُ الْعِلْمُ بِالْمُشَاهَدَةِ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَبِالْوَصْفِ إنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَلَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ سَلَبُهُ أَوْ ثِيَابُهُ فَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةً أَوْ وَصَفَهَا بِمَا يُفِيدُ الْعِلْمِ اسْتَحَقَّ الْمَشْرُوطَ وَإِلَّا فَأُجْرَةَ الْمِثْلِ كَمَا نَقَلَاهُ وَأَقَرَّاهُ، وَاسْتَشْكَلَ فِي الْمُهِمَّاتِ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ اعْتِبَارَ الْوَصْفِ فِي الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُمْ مَنَعُوهُ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَغَيْرِهِمَا.

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِدُخُولِ التَّخْفِيفِ هُنَا فَلَمْ يُشَدِّدْ فِيهَا، بِخِلَافِ نَحْوِ الْبَيْعِ وَقِيَاسُهُ صِحَّتُهُ فَلَهُ نِصْفُهُ إنْ عَلِمَ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَحِلَّهُ وَهُوَ أَوْجَهُ الْوَجْهَيْنِ، وَمَا قَاسَهُ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ مِنْ اسْتِئْجَارِ الْمُرْضِعَةِ بِنِصْفِ الرَّضِيعِ بَعْدَ الْفِطَامِ أَجَابَ عَنْهُ فِي الْكِفَايَةِ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ الْمُعَيَّنَةَ تُمْلَكُ بِالْعَقْدِ فَجَعْلُهَا جُزْءًا مِنْ الرَّضِيعِ بَعْدَ الْفِطَامِ يَقْتَضِي تَأْجِيلَ مِلْكِهِ، وَهُنَا إنَّمَا تُمْلَكُ بِتَمَامِ الْعَمَلِ فَلَا مُخَالَفَةَ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَلَا عَمَلَ يَقَعُ فِي مُشْتَرَكٍ (وَلَوْ) (قَالَ مَنْ رَدَّهُ فَلَهُ ثَوْبٌ) أَوْ دَابَّةٌ (أَوْ أُرْضِيهِ) أَوْ أُعْطِيهِ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ مَغْصُوبًا (فَسَدَ الْعَقْدُ) لِجَهَالَةِ الْعِوَضِ أَوْ نَجَاسَةِ عَيْنِهِ أَوْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ (وَلِلرَّادِّ أُجْرَةُ مِثْلِهِ) كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ.

وَيُسْتَثْنَى مِنْ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِالْجُعْلِ مَا لَوْ جَعَلَ الْإِمَامُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَالْغَاصِبِ وَالسَّارِقِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ رَدَّهُ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ أَمَانَةً كَأَنْ طَيَّرَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا إلَى دَارِهِ أَوْ دَخَلَتْ دَابَّةٌ دَارِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِالرَّدِّ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ التَّخْلِيَةُ لَا الرَّدُّ، فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ عَبْدًا آبِقًا اسْتَحَقَّ لِأَنَّ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الرَّدُّ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ غَيْرَ وَاجِبٍ.

(قَوْلُهُ: أَوْ الرَّادُّ) أَيْ لِلْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ.

(قَوْلُهُ: فِيمَنْ حُبِسَ ظُلْمًا) مَفْهُومُهُ إذَا حُبِسَ بِحَقٍّ مَا يَسْتَحِقُّ مَا جَعَلَ لَهُ ذَلِكَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّ الْمَحْبُوسَ إنْ جَاعَلَ الْعَامِلَ عَلَى أَنْ يَتَكَلَّمَ مَعَ مَنْ يُطْلِقُهُ عَلَى وَجْهٍ جَائِزٍ كَأَنْ تَكَلَّمَ مَعَهُ عَلَى أَنْ يُنْظِرَهُ الدَّائِنُ إلَى بَيْعِ غَلَّاتِهِ مَثَلًا جَازَ لَهُ ذَلِكَ وَاسْتَحَقَّ مَا جُعِلَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا.

وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا بِمِصْرِنَا مِنْ أَنَّ الزَّيَّاتِينَ وَالطَّحَّانِينَ وَنَحْوَهُمْ كَالْمَرَاكِبِيَّةِ يَجْعَلُونَ لِمَنْ يَمْنَعُ عَنْهُمْ الْمُحْتَسَبَ وَأَعْوَانِهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا هَلْ ذَلِكَ مِنْ الْجِعَالَةِ أَمْ لَا وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّهُ مِنْ الْجِعَالَةِ الْفَاسِدَةِ لِأَنَّ دَفْعَ مَا يَلْتَزِمُهُ مِنْ الْمَالِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ مَا يَلْتَزِمُهُ الْإِنْسَانُ فِي مُقَابَلَةِ تَخْلِيصِهِ مِنْ الْحَبْسِ، وَهَذَا مِثْلُهُ إنْ وَقَعَ مِنْهُ عَمَلٌ فِيهِ مَشَقَّةٌ فِي الدَّفْعِ عَنْهُ فَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِمَا عَمِلَهُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّهُ جِعَالَةٌ فَاسِدَةٌ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِيهَا غَيْرُ مَعْلُومٍ إنْ لَمْ تُقَدَّرْ بِمُدَّةٍ مَخْصُوصَةٍ، وَهَذَا نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ فِي إنْ حَفِظْت مَالِي مِنْ مُتَعَدٍّ عَلَيْهِ فَلَكَ كَذَا.

(قَوْلُهُ: لِمَنْ يَتَكَلَّمُ فِي خَلَاصِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا تَكَلَّمَ فِي خَلَاصِهِ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ إطْلَاقَ الْمَحْبُوسِ بِكَلَامِهِ، لَكِنْ فِي كَلَامِ سم عَلَى حَجّ فِيمَا لَوْ جَاعَلَهُ عَلَى الرُّقْيَا أَوْ مُدَاوَاتِهِ أَنَّهُ إنْ جَعَلَ الشِّفَاءَ غَايَةً لِلرُّقْيَا وَالْمُدَاوَاةِ لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا إذَا حَصَلَ الشِّفَاءُ وَإِلَّا اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ مُطْلَقًا اهـ.

فَقِيَاسُهُ هُنَا أَنَّهُ إنْ جَعَلَ خُرُوجَهُ مِنْ الْحَبْسِ غَايَةً لِتَكَلُّمِ الْوَاسِطَةِ لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا إذَا خَرَجَ مِنْهُ.

وَفِي كَلَامِ سم أَيْضًا بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ جَوَازُ الْجِعَالَةِ عَلَى رَدِّ الزَّوْجَةِ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهَا نَقْلًا عَنْ الرَّافِعِيِّ ثُمَّ تَوَقَّفَ فِيهِ وَأَقُولُ: الْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ قِيَاسُ مَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ فِيمَنْ حُبِسَ ظُلْمًا إلَخْ.

(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مُعَيَّنًا) عِبَارَةُ حَجّ بِمُشَاهَدَةِ الْعَيْنِ أَوْ وَصْفِهِ أَوْ وَصْفِ مَا فِي الذِّمَّةِ، وَتَفْرِيعُ قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ إلَخْ عَلَيْهَا ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ) قَضِيَّتُهُ الصِّحَّةُ أَيْضًا فِي فَلَهُ الثَّوْبُ الَّذِي فِي بَيْتِي إنْ عُلِمَ وَلَوْ بِالْوَصْفِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: لَكِنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي ثِيَابِ الْعَبْدِ وَإِنْ اقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ سم يُخَالِفُ قَوْلَهُ أَوَّلًا أَوْ بِالْوَصْفِ إنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ.

(قَوْلُهُ: فَلَهُ نِصْفُهُ إنْ عُلِمَ) أَيْ الْمَرْدُودُ.

(قَوْلُهُ: يَقْتَضِي تَأْجِيلَ مِلْكِهِ) أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>