لِمَنْ يَدُلُّ عَلَى قَلْعَةٍ لِلْكُفَّارِ جُعْلًا كَجَارِيَةٍ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ مَعَ جَهَالَةِ الْعِوَضِ لِلْحَاجَةِ وَمَا لَوْ قَالَ حُجَّ عَنِّي وَأُعْطِيك نَفَقَتَك فَيَجُوزُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ فِي الْكَبِيرِ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ، وَرُدَّ بِأَنَّ هَذِهِ لَا تُسْتَثْنَى لِأَنَّ هَذَا إرْفَاقٌ لَا جِعَالَةٌ، وَإِنَّمَا يَكُونُ جِعَالَةً إذَا جَعَلَهُ عِوَضًا فَقَالَ: حُجَّ عَنِّي بِنَفَقَتِك، وَقَدْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي هَذِهِ بِأَنَّهَا جِعَالَةٌ فَاسِدَةٌ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَلَوْ) (قَالَ) مَنْ رَدَّهُ (مِنْ بَلَدِ كَذَا فَرَدَّهُ) مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ لَكِنْ (مِنْ) أَبْعَدَ مِنْهُ فَلَا زِيَادَةَ لَهُ لِتَبَرُّعِهِ بِهَا أَوْ مِنْ (أَقْرَبَ مِنْهُ فَلَهُ قِسْطُهُ مِنْ الْجُعْلِ) لِأَنَّهُ جَعَلَ كُلَّ الْجُعْلِ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ فَبَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ بَعْضِهِ، فَإِنْ رَدَّ مِنْ نِصْفِ الطَّرِيقِ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْجُعْلِ أَوْ مِنْ ثُلُثِهِ اسْتَحَقَّ ثُلُثَهُ.
وَمَحِلُّهُ إذَا تَسَاوَتْ الطَّرِيقُ سُهُولَةً وَصُعُوبَةً وَإِلَّا كَأَنْ كَانَتْ أُجْرَةُ النِّصْفِ ضِعْفَ أُجْرَةِ النِّصْفِ الْآخَرِ اسْتَحَقَّ ثُلُثَيْ الْجُعْلِ، أَوْ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ، أَوْ مِنْ مَسَافَةٍ مِثْلِ مَسَافَتِهِ وَلَوْ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى اسْتَحَقَّ الْمُسَمَّى، وَلَوْ رَدَّهُ مِنْ أَبْعَدَ مِنْ الْمُعَيَّنِ فَلَا شَيْءَ لِلزِّيَادَةِ لِعَدَمِ الْتِزَامٍ، وَلَوْ رَدَّهُ مِنْ الْمُعَيَّنِ وَرَأَى الْمَالِكُ فِي نِصْفِ الطَّرِيقِ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْجُعْلِ، وَلَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدَيَّ فَلَهُ كَذَا فَرَدَّ أَحَدَهُمَا اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْجُعْلِ اسْتَوَتْ قِيمَتُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَتْ، وَلَوْ قَالَ إنْ رَدَدْتُمَا عَبْدِي فَلَكُمَا كَذَا فَرَدَّهُ أَحَدُهُمَا اسْتَحَقَّ النِّصْفَ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ إنْ رَدَدْتُمَا عَبْدَيَّ فَلَكُمَا كَذَا فَرَدَّ أَحَدُهُمَا أَحَدَهُمَا اسْتَحَقَّ الرُّبُعَ أَوْ كِلَيْهِمَا اسْتَحَقَّ النِّصْفَ أَوْ رَدَّاهُمَا اسْتَحَقَّا الْمُسَمَّى، وَلَوْ قَالَ أَوَّلُ مَنْ يَرُدُّ عَبْدِي فَلَهُ دِينَارٌ فَرَدَّهُ اثْنَانِ اقْتَسَمَاهُ لِأَنَّهُمَا يُوصَفَانِ بِالْأَوَّلِيَّةِ فِي الرَّدِّ، وَلَوْ قَالَ لِكُلٍّ مِنْ ثَلَاثَةٍ رُدَّهُ وَلَك دِينَارٌ فَرَدُّوهُ فَلِكُلٍّ مِنْهُمْ ثُلُثُهُ تَوْزِيعًا عَلَى الرُّءُوسِ، هَذَا إذَا عَمِلَ كُلٌّ مِنْهُمْ لِنَفْسِهِ.
أَمَّا لَوْ قَالَ أَحَدُهُمْ أَعَنْت صَاحِبِي فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ مَا شُرِطَ لَهُ، أَوْ اثْنَانِ مِنْهُمْ أَعَنَّا صَاحِبَنَا فَلَا شَيْءَ لَهُمَا وَلَهُ جَمِيعُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَهُوَ مُبْطِلٌ.
(قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا) أَيْ قَوْلَهُ وَمَا لَوْ قَالَ حُجَّ عَنِّي إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا إرْفَاقٌ) قَالَ حَجّ: وَإِذَا قُلْنَا بِأَنَّهُ إرْفَاقٌ لَزِمَهُ كِفَايَتُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ هَلْ الْمُرَادُ بِهَا كِفَايَتُهُ أَمْثَالَهُ عُرْفًا أَوْ كِفَايَةُ ذَاتِهِ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي كِفَايَةِ الْقَرِيبِ وَالْقِنِّ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ اهـ.
أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي إنْ عَلِمَ بِحَالِهِ قَبْلَ سُؤَالِهِ فِي الْحَجِّ وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ ثُمَّ هَلْ الْمُرَادُ بِاللُّزُومِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ وَقْتِ خُرُوجِهِ حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ مِنْهُ أُجْبِرَ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ وَقْتِ الْإِحْرَامِ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ إلَّا إذَا فَرَغَ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ وَقَبْلَ الْفَرَاغِ لِلْمُجَاعِلِ الرُّجُوعُ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ كَالْجِعَالَةِ وَهِيَ جَائِزَةٌ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَخِيرُ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَنْفَقَ بَعْضَ الطَّرِيقِ ثُمَّ رَجَعَ وَقُلْنَا بِجَوَازِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَهُ لِوُقُوعِ الْحَجِّ لِمُبَاشِرِهِ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ الْمَعْضُوبُ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ ثُمَّ شُفِيَ الْمُسْتَأْجِرُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهَا جِعَالَةٌ فَاسِدَةٌ) مُعْتَمَدٌ: أَيْ فَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: وَصُعُوبَةً) وَفِي نُسْخَةٍ: وَحُزُونَةً.
(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الِالْتِزَامِ) هَذِهِ الصُّورَةُ مُكَرَّرَةٌ مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا أَبْعَدُ مِنْهُ فَلَا زِيَادَةَ إلَخْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ رَدَّهُ مِنْ أَبْعَدَ مِنْ الْمُعَيَّنِ لَكِنَّهُ فِي جِهَتِهِ وَمَا هُنَا فِيمَا لَوْ رَدَّهُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَالْمَرْدُودُ مِنْهُ أَبْعَدُ مَسَافَةً مِنْ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْجُعْلِ) وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَ ع: لَوْ رَدَّهُ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ ثُمَّ عَلِمَ النِّدَاءَ فِي الْبَلَدِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهُ اسْتَحَقَّ: أَيْ الْجُعْلَ بِتَمَامِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَحِلُّ مُعَيَّنًا فِي الْأُولَى كَانَ الْجُعْلُ مُوَزَّعًا عَلَى الْمَسَافَةِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ.
(قَوْلُهُ: بِالْأَوَّلِيَّةِ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَوَّلِيَّةَ لَا تَسْتَدْعِي ثَانِيًا وَإِنَّمَا تَسْتَدْعِي عَدَمَ السَّبْقِ بِغَيْرِهَا،
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلَوْ رَدَّهُ مِنْ أَبْعَدَ إلَخْ) هَذَا مُكَرَّرٌ. (قَوْلُهُ: وَرَأَى الْمَالِكَ فِي نِصْفِ الطَّرِيقِ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ ذَهَابَ الْعَامِلِ لِلرَّدِّ لَا يُقَابَلْ بِشَيْءٍ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ رَأَى الْمَالِكَ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي لَقَى فِيهِ الْآبِقَ مَثَلًا أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شَيْئًا وَهُوَ مُشْكِلٌ، وَرُبَّمَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: اسْتَوَتْ قِيمَتُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَتْ) اُنْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا، وَفِي الْعُبَابِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ مَا شُرِطَ لَهُ) يَعْنِي مَا شُرِطَ لِأَجْلِ الرَّدِّ