للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا يَقْتَضِي مُخَالَفَتَهُ (وَ) مِنْ ثَمَّ (أَفْتَى الْمُتَأَخِّرُونَ) مِنْ الْأَصْحَابِ: أَيْ أَكْثَرُهُمْ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فِي الرَّوْضَةِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَيْهِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ الْأَصَحُّ أَوْ الصَّحِيحُ عِنْدَ مُحَقِّقِي الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ ابْنُ سُرَاقَةَ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِنَا وَمُتَقَدِّمِيهِمْ، ثُمَّ صَاحِبُ الْحَاوِي وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْمُتَوَلِّي وَآخَرُونَ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَنَحْوِهِمَا كُلُّ مَنْ كَانَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ، وَأَمَّا الْآنَ وَقَبْلَهُ فَهُمْ مِنْ بَعْدِ الشَّيْخَيْنِ (إذَا لَمْ يَنْتَظِمْ أَمْرُ بَيْتِ الْمَالِ) بِأَنْ فُقِدَ الْإِمَامُ أَوْ انْتَفَتْ أَهْلِيَّتُهُ كَأَنْ جَارَ (بِالرَّدِّ عَلَى أَهْلِ الْفَرْضِ) ؛ لِأَنَّ الْمَالَ مَصْرُوفٌ إلَيْهِمْ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ بِالِاتِّفَاقِ، فَإِنْ تَعَذَّرَتْ إحْدَى الْجِهَتَيْنِ تَعَيَّنَتْ الْأُخْرَى، وَإِنَّمَا جَازَ دَفْعُ الزَّكَاةِ لِلْجَائِرِ؛ لِأَنَّ لِلْمُزَكِّي غَرَضًا فِي الدَّفْعِ إلَيْهِ لِتَيَقُّنِهِ بِهِ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ وَتَوَفُّرَ مُؤْنَةِ التَّفْرِقَةِ عَلَيْهِ وَدَفْعَ خَطَرِ ضَمَانِهِ بِالتَّلَفِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ لَوْ لَمْ يُبَادِرْ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَلَا غَرَضَ هُنَا، وَأَيْضًا مُسْتَحِقُّو الزَّكَاةِ قَدْ يَنْحَصِرُونَ بِالْأَشْخَاصِ فَيُطَالِبُونَ وَلَا كَذَلِكَ جِهَةُ الْمَصَالِحِ فَكَانَتْ أَقْرَبَ لِلضَّيَاعِ.

وَأَيْضًا فَالشَّارِعُ نَصَّ عَلَى وِلَايَةِ الْإِمَامِ فِي الزَّكَاةِ دُونَ الْإِرْثِ وَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ عِبَارَتِهِ مِنْ عَدَمِ الصَّرْفِ عَلَى رَأْيِ الْمُتَأَخِّرِينَ لِغَيْرِ الْمُنْتَظِمِ حَيْثُ فُقِدَ ذَوُو الْأَرْحَامِ وَغَيْرُهُمْ لَيْسَ بِمُرَادٍ، بَلْ عَلَى مَنْ هُوَ بِيَدِهِ صَرْفُهُ لِحَاكِمِ الْبَلَدِ الْأَهْلِ لِيَصْرِفَهُ فِي الْمَصَالِحِ إنْ شَمِلَتْهَا وِلَايَتُهُ، فَإِنْ لَمْ تَشْمَلْهَا تَخَيَّرَ بَيْنَ صَرْفِهِ لَهُ وَتَوْلِيَةِ صَرْفِهِ لَهَا بِنَفْسِهِ إنْ كَانَ أَمِينًا عَارِفًا كَمَا لَوْ فُقِدَ الْأَهْلُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِينًا فَوَّضَهُ لِأَمِينٍ عَارِفٍ.

وَعِبَارَةُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: إذَا جَارَ الْمُلُوكُ فِي مَالِ الْمَصَالِحِ وَظَفِرَ بِهِ أَحَدٌ مِمَّنْ يَعْرِفُهَا صَرَفَهُ فِيهَا وَهُوَ مَأْجُورٌ عَلَى ذَلِكَ، بَلْ الظَّاهِرُ وُجُوبُهُ (غَيْرَ) بِجَرِّهَا صِفَةً لِأَهْلٍ لِتَعَرُّفِهَا بِالْإِضَافَةِ؛ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ بَيْنَ ضِدَّيْنِ عَلَى مَا فِيهِ وَنَصْبُهَا عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ أَوْلَى أَوْ مُتَعَيِّنٌ (الزَّوْجَيْنِ) بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الرَّدِّ الْقَرَابَةُ وَهِيَ مَفْقُودَةٌ فِيهِمَا، وَمِنْ ثَمَّ تَرِثُ زَوْجَةٌ تُدْلِي بِعُمُومَةٍ أَوْ خُؤُولَةٍ بِالرَّحِمِ لَا بِالزَّوْجِيَّةِ (مَا فَضَلَ عَنْ فُرُوضِهِمْ بِالنِّسْبَةِ) أَيْ نِسْبَةِ سِهَامِ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ: أَيْ نِسْبَةِ سِهَامِ كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ إلَى مَجْمُوعِ سِهَامِهِ وَسِهَامِ رُفْقَتِهِ، فَفِي بِنْتٍ وَأُمٍّ وَزَوْجٍ يَبْقَى بَعْدَ إخْرَاجِ فُرُوضِهِمْ سَهْمٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا لِلْبِنْتِ وَرُبُعُهَا لِلْأُمِّ؛ لِأَنَّ سِهَامَهُمَا ثَمَانِيَةٌ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا لِلْبِنْتِ وَرُبُعُهُ لِلْأُمِّ، فَتَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ، وَتَرْجِعُ بِالِاخْتِصَارِ إلَى سِتَّةَ عَشَرَ لِلزَّوْجِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْبِنْتِ تِسْعَةٌ وَلِلْأُمِّ ثَلَاثَةٌ، وَفِي بِنْتٍ وَأُمٍّ وَزَوْجَةٍ يَبْقَى بَعْدَ إخْرَاجِ فُرُوضِهِنَّ خَمْسَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلْأُمِّ رُبُعُهَا سَهْمٌ وَرُبُعٌ فَتَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ وَتِسْعِينَ، وَتَرْجِعُ بِالِاخْتِصَارِ إلَى اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ لِلزَّوْجَةِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْبِنْتِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَلِلْأُمِّ سَبْعَةٌ وَفِي بِنْتٍ وَأُمٍّ يَبْقَى بَعْدَ إخْرَاجِ فَرْضَيْهِمَا سَهْمَانِ مِنْ سِتَّةٍ لِلْأُمِّ رُبُعُهَا نِصْفُ سَهْمٍ فَتَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَتَرْجِعُ بِالِاخْتِصَارِ إلَى أَرْبَعَةٍ لِلْبِنْتِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ وَاحِدٌ، وَكَذَا يُقَالُ عَلَى وَفْقِ الِاخْتِصَارِ ابْتِدَاءً فِي هَذِهِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ تُجْعَلُ سِهَامُهُمَا مِنْ السِّتَّةِ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: صَرَفَهُ فِيهَا) وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُبَاشِرِ لِذَلِكَ صَرْفُهُ عَلَى أَهْلِ مَحَلَّتِهِ فَقَطْ بَلْ لَوْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي صَرْفِهِ فِي مَحَلَّةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ مَحَلَّتِهِ وَجَبَ نَقْلُهُ إلَيْهَا وَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي فِي فَصْلٍ يُسَنُّ الْإِيصَاءُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَنْفِيذُ الْوَصَايَا مِنْ قَوْلِهِ قَالَ أَبُو الطَّيِّبِ وَلَوْ قَالَ ضَعْ ثُلُثِي حَيْثُ شِئْت لَمْ يَجُزْ لَهُ الْأَخْذُ لِنَفْسِهِ: أَيْ وَإِنْ نَصَّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ لِنَفْسِهِ مِمَّا دَخَلَ فِي يَدِهِ شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُسْتَحَقِّينَ بِبَيْتِ الْمَالِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ.

وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ هُنَا: وَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ مَا يَحْتَاجُهُ وَانْظُرْ مِقْدَارَ حَاجَتِهِ هَلْ سَنَةٌ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ. اهـ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: يَأْخُذُ مَا يَكْفِيهِ بَقِيَّةَ الْعُمُرِ الْغَالِبِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ هُوَ أَحْوَجُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ يَدْفَعُهُ لَهُ الْإِمَامُ الْعَادِلُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ تَرِثُ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى حِصَّتِهَا بِالزَّوْجِيَّةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: عَلَى مَا فِيهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ لَيْسَا ضِدَّيْنِ لِأَهْلِ الْفُرُوضِ بَلْ مِنْهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>