الْمَسْأَلَةُ وَفِي اللَّتَيْنِ قَبْلَهَا الْبَاقِي مِنْ مَخْرَجَيْ الرُّبُعِ وَالثُّمُنِ لِلزَّوْجَيْنِ بَعْدَ نَصِيبِهِمَا لَا يَنْقَسِمُ عَلَى أَرْبَعَةِ سِهَامِ الْبِنْتِ وَالْأُمِّ مِنْ مَسْأَلَتِهِمَا فَتُضْرَبُ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَخْرَجَيْنِ، وَلَوْ كَانَ ذُو الْفَرْضِ وَاحِدًا كَبِنْتٍ رُدَّ إلَيْهَا الْبَاقِي أَوْ اثْنَيْنِ كَبِنْتَيْنِ فَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَالرَّدُّ ضِدُّ الْعَوْلُ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي قَدْرِ السِّهَامِ وَنَقْصٌ فِي عَدَدِهَا وَالْعَوْلُ نَقْصٌ فِي قَدْرِهَا وَزِيَادَةٌ فِي عَدَدِهَا (فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا) أَيْ ذَوُو الْفُرُوضِ (صُرِفَ) الْمَالُ (إلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ) إرْثًا عُصُوبَةً فَيَأْخُذُ جَمِيعَهُ مَنْ انْفَرَدَ مِنْهُمْ وَلَوْ أُنْثَى وَغَنِيًّا لِخَبَرِ «الْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ» ، وَإِنَّمَا قُدِّمَ الرَّدُّ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ الْمُفِيدَةَ لِاسْتِحْقَاقِ الْفَرْضِ أَقْوَى، وَإِذَا صُرِفَ إلَيْهِمْ فَالْأَصَحُّ تَعْمِيمُهُمْ، وَالْأَصَحُّ فِي إرْثِهِمْ مَذْهَبُ أَهْلِ التَّنْزِيلِ وَهُوَ أَنْ يُنَزَّلَ كُلُّ فَرْعٍ مَنْزِلَةَ أَصْلِهِ الَّذِي يُدْلِي بِهِ إلَى الْمَيِّتِ فَيُجْعَلَ وَلَدُ الْبِنْتِ وَالْأُخْتِ كَأُمِّهِمَا وَبِنْتَا الْأَخِ وَالْعَمِّ كَأَبِيهِمَا وَالْخَالُ وَالْخَالَةُ كَالْأُمِّ وَالْعَمُّ لِلْأُمِّ وَالْعَمَّةُ كَالْأَبِ فَفِي بِنْتِ بِنْتٍ وَبِنْتِ بِنْتِ ابْنٍ الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا، وَإِذَا نَزَلَتَا كُلًّا كَمَا ذُكِرَ قُدِّمَ الْأَسْبَقُ لِلْوَارِثِ لَا لِلْمَيِّتِ، فَإِنْ اسْتَوَوْا قُدِّرَ كَأَنَّ الْمَيِّتَ خَلَّفَ مَنْ يُدْلُونَ بِهِ، ثُمَّ يُجْعَلُ نَصِيبُ كُلٍّ لِمَنْ أَدْلَى بِهِ عَلَى حَسَبِ إرْثِهِ لَوْ كَانَ هُوَ الْمَيِّتَ إلَّا أَوْلَادَ الْأُمِّ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ مِنْهَا فَبِالسَّوِيَّةِ.
وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ إرْثَ ذَوِي الْأَرْحَامِ كَإِرْثِ مَنْ يُدْلُونَ بِهِ فِي أَنَّهُ إمَّا بِالْفَرْضِ أَوْ بِالتَّعْصِيبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيُرَاعَى الْحَجْبُ فِيهِمْ كَالْمُشَبَّهِينَ بِهِمْ، فَفِي ثَلَاثِ بَنَاتٍ إخْوَةٍ مُتَفَرِّقِينَ لِبِنْتِ الْأَخِ لِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِبِنْتِ الشَّقِيقِ الْبَاقِي وَتُحْجَبُ بِهَا الْأُخْرَى كَمَا يَحْجُبُ أَبُوهَا أَبَاهَا. نَعَمْ التَّنْزِيلُ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِرْثِ لَا لِلْحَجْبِ: أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِ الْفَرْضِ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَوْ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ وَبِنْتِ بِنْتٍ لَا تَحْجُبُهَا إلَى الثُّمُنِ وَكَذَا الْبَقِيَّةُ، أَوْ عَنْ ثَلَاثِ بَنِي أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ فَالْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ كَمَا هُوَ بَيْنَ أُمَّهَاتِهِمْ بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ (وَهُمْ) شَرْعًا كُلُّ قَرِيبٍ وَفِي اصْطِلَاحِ الْفَرْضِيِّينَ (مَنْ سِوَى الْمَذْكُورِينَ مِنْ الْأَقَارِبِ) مِنْ كُلِّ مَنْ لَا فَرْضَ لَهُ وَلَا عُصُوبَةَ (وَهُمْ عَشَرَةُ أَصْنَافٍ) وَبِالْمُدْلَى الْآتِي يَصِيرُونَ أَحَدَ عَشَرَ (أَبُو الْأُمِّ وَكُلُّ جَدٍّ وَجَدَّةٍ سَاقِطَيْنِ) كَأَبِي أَبِي الْأُمِّ وَأُمِّ أَبِي الْأُمِّ، وَإِنْ عَلَيَا وَهَؤُلَاءِ صِنْفٌ.
(وَأَوْلَادُ الْبَنَاتِ) ذُكُورًا، وَإِنَاثًا وَمِنْهُمْ أَوْلَادُ بَنَاتِ الِابْنِ (وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ) مُطْلَقًا دُونَ ذُكُورِ غَيْرِ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ (وَأَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: عُصُوبَةً) أَيْ بِالْعُصُوبَةِ فَهُوَ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ.
(قَوْلُهُ: الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا) أَيْ؛ لِأَنَّ بِنْتَ الْبِنْتِ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْبِنْتِ وَبِنْتَ بِنْتِ الِابْنِ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ بِنْتِ الِابْنِ، وَهُوَ لَوْ مَاتَ شَخْصٌ عَنْ هَذَيْنِ كَانَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا كَذَلِكَ فَرْضًا وَرَدًّا (قَوْلُهُ: إلَّا أَوْلَادَ الْأُمِّ) عِبَارَةُ حَجّ وَلَدُ الْأُمِّ. اهـ. وَهِيَ ظَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّ أَوْلَادَ الْأُمِّ مِنْ ذَوِي الْفُرُوضِ، وَالْكَلَامُ فِي ذَوِي الْأَرْحَامِ (قَوْلُهُ: فَبِالسَّوِيَّةِ) وَلَوْ نَزَلُوا مَنْزِلَةَ الْوَارِثِ مِمَّنْ أَدْلُوا بِهِ لَقُسِمَ الْمَالُ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (قَوْلُهُ: كَمَا يَحْجُبُ أَبُوهَا) أَيْ بِنْتِ الشَّقِيقِ وَقَوْلُهُ: أَبَاهَا: أَيْ بِنْتِ الْأَخِ مِنْ الْأَبِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْبَقِيَّةُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلَيَا) الْأَنْسَبُ عُلُوًّا؛ لِأَنَّ عَلَا وَاوِيٌّ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْهَمْزِيَّةِ لحج أَنَّ الْيَاءَ لُغَةٌ.
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: إرْثًا) أَيْ كَمَا هُوَ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ وَقِيلَ مَصْلَحَةً (قَوْلُهُ: عُصُوبَةً) سَيَأْتِي لَهُ مَا قَدْ يُنَاقِضُهُ (قَوْلُهُ: وَغَنِيًّا) وَقِيلَ يُشْتَرَطُ فِيهِمْ الْفَقْرُ (قَوْلُهُ: وَبِنْتَا الْأَخِ وَالْعَمِّ كَأَبِيهِمَا) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدَةٌ كَأَبِيهَا فَتَحُوزُ جَمِيعَ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ إرْثَ ذَوِي الْأَرْحَامِ كَإِرْثِ مَنْ يُدْلُونَ بِهِ فِي أَنَّهُ إمَّا بِالْفَرْضِ إلَخْ) هَذَا يُنَاقِضُ مَا جَزَمَ بِهِ أَوَّلًا مِنْ أَنَّ إرْثَهُمْ بِالْعُصُوبَةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ التَّنْزِيلُ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِرْثِ لَا لِلْحَجْبِ) يَعْنِي حَجْبَ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ الْأَصْلِيَّةِ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ، فَلَا يُنَافِيهِ مَا ذَكَرَهُ قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُرَاعَى الْحَجْبُ فِيهِمْ إلَخْ، وَعِبَارَةُ وَالِدِهِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَوْلُهُ: أَيْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ أَنْ يُنَزَّلَ كُلُّ فَرْعٍ مَنْزِلَةَ أَصْلِهِ إلَخْ لَا فِي حَجْبِ أَحَدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute