فَرَاغِ الْحُكْمِ، فَمَنْ مَاتَ قَبْلَهُ أَوْ مَعَهُ لَمْ يَرِثْهُ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ قَيَّدْته الْبَيِّنَةَ أَوْ قَيَّدَهُ هُوَ فِي حُكْمٍ بِزَمَنٍ سَابِقٍ اُعْتُبِرَ ذَلِكَ الزَّمَنُ، وَمَنْ كَانَ وَارِثُهُ حِينَئِذٍ، وَلَا تَتَضَمَّنُ قِسْمَةُ الْحَاكِمِ الْحُكْمَ بِمَوْتِهِ إلَّا إنْ وَقَعَتْ بَعْدَ تَنَازُعٍ وَرَفْعٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ تَصَرُّفَ الْحَاكِمِ لَيْسَ بِحُكْمٍ إلَّا فِي قَضِيَّةٍ رُفِعَتْ إلَيْهِ وَطُلِبَ مِنْهُ فَصْلُهَا وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَحْدَهَا بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ الْحُكْمِ. وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُمْ لَوْ انْقَطَعَ خَبَرُ الْعَبْدِ بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ لَا تَجِبُ فِطْرَتُهُ وَلَا يُجْزَى عَنْ الْكَفَّارَةِ اتِّفَاقًا وَلَمْ يَذْكُرُوا الْحُكْمَ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا أَمْرٌ كُلِّيٌّ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَصَالِحُ وَمَفَاسِدُ عَامَّةٌ فَاحْتِيطَ لَهُ أَكْثَرُ.
(وَلَوْ مَاتَ مَنْ يَرِثُهُ الْمَفْقُودُ) كُلًّا أَوْ بَعْضًا قَبْلَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ (وَقَفْنَا حِصَّتَهُ) أَيْ مَا خَصَّهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ إنْ انْفَرَدُوا وَبَعْضِهِ إنْ كَانَ ثَمَّ غَيْرُهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ الْمَوْتِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا وَلَوْ مَاتَ عَنْ أَخَوَيْنِ أَحَدُهُمَا مَفْقُودٌ وَجَبَ وَقْفُ نِصْفِهِ إلَى الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ، ثُمَّ إذَا لَمْ تَظْهَرْ حَيَاتُهُ فِي مُدَّةِ الْوَقْفِ يَعُودُ كُلُّ مَالِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ إلَى الْحَاضِرِ وَلَيْسَ لِوَرَثَةِ الْمَفْقُودِ مِنْهُ شَيْءٌ إذْ لَا إرْثَ بِالشَّكِّ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ قَبْلَ مُوَرِّثِهِ، ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَعَمَلُنَا فِي الْحَاضِرَيْنِ بِالْأَسْوَإِ) فَمَنْ يُسْقِطُهُ الْمَفْقُودُ لَا يُعْطَى شَيْئًا وَمَنْ تُنْقِصُهُ حَيَاتُهُ أَوْ مَوْتُهُ يُعْطَى بِالْيَقِينِ، فَفِي زَوْجٍ مَفْقُودٍ وَشَقِيقَتَيْنِ وَعَمٍّ يُعْطَيَانِ أَرْبَعَةً مِنْ سَبْعَةٍ وَيُوقَفُ الْبَاقِي، وَفِي أَخٍ لِأَبٍ مَفْقُودٍ وَشَقِيقٍ وَجَدٍّ حَاضِرَيْنِ يُقَدَّرُ حَيًّا فِي حَقِّ الْجَدِّ وَمَيِّتًا فِي حَقِّ الْأَخِ، وَيُوقَفُ السُّدُسُ، وَمَنْ لَا يَخْتَلِفُ حَقُّهُ بِحَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ كَزَوْجٍ وَابْنٍ مَفْقُودٍ وَبِنْتٍ يُعْطَى الزَّوْجُ الرُّبُعَ؛ لِأَنَّهُ لَهُ بِكُلِّ حَالٍ. وَلَوْ تَلِفَ الْمَوْقُوفُ لِلْغَائِبِ كَانَ عَلَى الْكُلِّ، فَإِذَا حَضَرَ اُسْتُرِدَّ مَا دُفِعَ لَهُمْ وَقُسِّمَ بِحَسَبِ إرْثِ الْكُلِّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِيمَا إذَا بَانَتْ حَيَاةُ الْحَمْلِ وَذُكُورَةِ الْخُنْثَى فِيمَا يَأْتِي.
(وَلَوْ خَلَّفَ حَمْلًا يَرِثُ) مُطْلَقًا لَوْ كَانَ مُنْفَصِلًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ كَأَنْ مَاتَ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ عَنْ زَوْجَةِ ابْنٍ حَامِلٍ (أَوْ قَدْ يَرِثُ) بِتَقْدِيرِ الذُّكُورَةِ كَحَمْلِ حَلِيلَةِ الْجَدِّ أَوْ الْأَخِ أَوْ الْأُنُوثَةِ كَمَنْ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَشَقِيقَةٍ وَحَمْلٍ لِأَبِيهَا فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ وَلَمْ يَفْضُلْ لَهُ شَيْءٌ أَوْ أُنْثَى وَرِثَ السُّدُسَ وَأُعِيلَتْ (عَمَلٌ بِالْأَحْوَطِ فِي حَقِّهِ) أَيْ الْحَمْلِ (وَحَقِّ غَيْرِهِ) كَمَا يَأْتِي (فَإِنْ انْفَصَلَ) كُلُّهُ (حَيًّا) حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً يَقِينًا وَتُعْرَفُ بِنَحْوِ قَبْضِ يَدٍ وَبَسْطِهَا لَا بِمُجَرَّدِ نَحْوِ اخْتِلَاجٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقَعُ مِثْلُهُ لِانْضِغَاطٍ، وَمِنْ ثَمَّ أَلْغَوْا كُلَّ مَا لَا يُعْلَمُ بِهِ الْحَيَاةُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لِعَارِضٍ آخَرَ (لِوَقْتٍ يُعْلَمُ وُجُودُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ) بِأَنْ يَنْفَصِلَ لِأَرْبَعِ سِنِينَ مَا عَدَا لَحْظَتَيْ الْوَضْعِ وَالْوَطْءِ فَأَقَلَّ وَلَمْ تَكُنْ فِرَاشًا لِأَحَدٍ وَدُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَإِنْ كَانَتْ فِرَاشًا أَوْ اعْتَرَفَ الْوَرَثَةُ بِوُجُودِهِ الْمُمْكِنِ عِنْدَ الْمَوْتِ (وَرِثَ) لِثُبُوتِ نَسَبِهِ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لِصِحَّةِ حُكْمِهِ رِضَا الْخَصْمَيْنِ وَالْمَفْقُودُ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ رِضًا (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ ذَلِكَ الزَّمَنُ) أَيْ وَتُضَافُ سَائِرُ الْأَحْكَامِ إلَى ذَلِكَ الزَّمَنِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَتْ زَوْجَاتُهُ مُنْقَضِيَةَ الْعِدَّةِ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ الْوَقْتِ تَزَوَّجْنَ حَالًا (قَوْلُهُ: بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ) أَيْ حَتَّى لَوْ تَعَذَّرَ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْحُكْمِ إلَّا بِدَرَاهِمَ وَلَمْ تَدْفَعْهَا الْمَرْأَةُ لَا غَيْرُهَا لَمْ يَجُزْ لَهَا التَّزَوُّجُ قَبْلَ الْحُكْمِ.
(قَوْلُهُ: اسْتَرَدَّ مَا دَفَعَ لَهُمْ) أَيْ جَمِيعَهُ وَمِنْ فَوَائِدِهِ الْمُشَارَكَةُ فِي زَوَائِدِ التَّرِكَةِ
(قَوْلُهُ: حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ) وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ فِيمَا يَظْهَرُ. وَقَوْلُهُ: يَقِينًا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ شَخْصٍ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ مَاتَ وَأَلْقَتْ جَنِينًا بَعْدَ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْعَقْدِ وَمَكَثَ حَيًّا نَحْوَ يَوْمٍ وَمَاتَ فَهَلْ يَرِثُ أَوْ لَا؟ . وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ الْإِرْثِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ وَلَدًا كَامِلًا فَهُوَ مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَامِلًا فَحَيَاتُهُ غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ وَهِيَ مُشْتَرَطَةٌ لِلْإِرْثِ فَاحْفَظْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَنْ ذَكَرَ خِلَافَهُ، وَقَوْلُهُ: وَتُعْرَفُ: أَيْ الْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ قَبْضِ يَدٍ وَبَسْطِهَا) قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي أَنَّ مُجَرَّدَ ذَلِكَ عَلَامَةٌ مُسْتَقِرَّةٌ مَعَ قَوْلِهِمْ فِي الْجِنَايَاتِ: إنَّ الْحَيَاةَ الْمُسْتَقِرَّةَ هِيَ الَّتِي يَكُونُ مَعَهَا إبْصَارٌ وَنُطْقٌ وَحَرَكَةُ اخْتِيَارٍ وَمُجَرَّدُ قَبْضِ الْيَدِ وَبَسْطِهَا لَا يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ عَنْ اخْتِيَارٍ (قَوْلُهُ: أَوْ اعْتَرَفَ الْوَرَثَةُ بِوُجُودِهِ)
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute