وَخَرَجَ بِكُلِّهِ مَوْتُهُ قَبْلَ تَمَامِ انْفِصَالِهِ فَإِنَّهُ كَالْمَيِّتِ هُنَا وَفِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ إلَّا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ إذَا اسْتَهَلَّ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ انْفِصَالِهِ، وَفِيمَا إذَا حَزَّ إنْسَانٌ رَقَبَتَهُ قَبْلُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ، وَبِحَيَاةٍ مُسْتَقِرَّةٍ مَا لَوْ انْفَصَلَ وَحَيَاتُهُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَيِّتِ (وَإِلَّا) بِأَنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِنَفْسِهِ أَوْ بِجِنَايَةِ جَانٍ أَوْ مَشْكُوكًا فِي حَيَاتِهِ أَوْ اسْتِقْرَارِهَا أَوْ حَيًّا وَلَمْ يُعْلَمْ عِنْدَ الْمَوْتِ وُجُودُهُ (فَلَا) يَرِثُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ كَالْعَدَمِ وَالثَّالِثَ مُنْتَفٍ نَسَبُهُ عَنْ الْأَوَّلِ، وَلَا يُنَافِي هَذَا الْمُقْتَضِي لِتَوَقُّفِ إرْثِهِ عَلَى وِلَادَتِهِ بِشَرْطِهَا مَا مَرَّ أَنَّهُ وَرِثَ وَهُوَ جَمَادٌ؛ لِأَنَّ هَذَا بِاعْتِبَارِ الظُّهُورِ وَذَاكَ بِاعْتِبَارِ الْيَقِينِ، وَأَنَّ الْمَشْرُوطَ بِالشَّرْطَيْنِ إنَّمَا هُوَ الْحُكْمُ بِالْإِرْثِ لَا الْإِرْثُ نَفْسُهُ، وَلَا مُعَوِّلَ عَلَى مَنْ أَجَابَ بِمَا يُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ يَرِثُ مَعَ الْحَمْلِ لَا يُعْطَى إلَّا الْيَقِينَ
(بَيَانُهُ) أَنْ تَقُولَ (إنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ سِوَى الْحَمْلِ أَوْ كَانَ مَنْ قَدْ يَحْجُبُهُ) الْحَمْلُ (وُقِفَ الْمَالُ) إلَى انْفِصَالِهِ (وَإِنْ كَانَ مَنْ لَا يَحْجُبُهُ) الْحَمْلُ (وَلَهُ) سَهْمٌ (مُقَدَّرٌ أُعْطِيَهُ عَائِلًا إنْ أَمْكَنَ) فِي الْمَسْأَلَةِ (عَوْلٌ كَزَوْجَةٍ حَامِلٍ وَأَبَوَيْنِ لَهَا ثُمُنٌ وَلَهُمَا سُدُسَانِ عَائِلَاتٌ) بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ آخِرُهُ: أَيْ الثُّمُنُ وَالسُّدُسَانِ؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْحَمْلَ بِنْتَانِ فَتَكُونُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَتَعُولُ لِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأَبَوَيْنِ ثَمَانِيَةٌ وَيُوقَفُ الْبَاقِي، فَإِنْ كَانَ بِنْتَيْنِ فَلَهُمَا، وَإِلَّا كُمِّلَ الثُّمُنُ وَالسُّدُسَانِ، وَهَذِهِ هِيَ الْمِنْبَرِيَّةُ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سُئِلَ عَنْهَا وَهُوَ يَخْطُبُ بِمِنْبَرِ الْكُوفَةِ وَكَانَ صَدْرُ خُطْبَتِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَحْكُمُ بِالْحَقِّ قَطْعًا وَيَجْزِي كُلَّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى، وَإِلَيْهِ الْمَآبُ وَالرُّجْعَى صَارَ ثُمُنُ الْمَرْأَةِ تُسْعًا وَمَضَى فِي خُطْبَتِهِ.
(وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُقَدَّرٌ كَأَوْلَادٍ لَمْ يُعْطَوْا) حَالًا شَيْئًا؛ لِعَدَمِ ضَبْطِ الْحَمْلِ، فَقَدْ وُجِدَ فِي بَطْنٍ خَمْسَةٌ وَسَبْعَةٌ وَاثْنَا عَشَرَ وَأَرْبَعُونَ عَلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ كَانَ كَالْأُصْبُعِ وَأَنَّهُمْ عَاشُوا وَرَكِبُوا الْخَيْلَ مَعَ أَبِيهِمْ فِي بَغْدَادَ وَكَانَ مَلِكًا بِهَا (وَقِيلَ أَكْثَرُ الْحَمْلِ أَرْبَعَةٌ) بِحَسَبِ الِاسْتِقْرَاءِ عِنْدَ قَائِلِهِ (فَيُعْطَوْنَ الْيَقِينَ) فَيُوقَفُ مِيرَاثُ أَرْبَعَةٍ وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي فَفِي ابْنٍ وَزَوْجَةٍ حَامِلٍ لَهَا الثُّمُنُ وَلَهُ خُمُسُ الْبَاقِي وَيَتَمَكَّنُ مَنْ دُفِعَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ تَصَرُّفِهِ فِيهِ، وَلَا يُطَالَبُ بِضَامِنٍ، وَإِنْ اُحْتُمِلَ تَلَفُ الْمَوْقُوفِ وَرَدُّ مَا أَخَذَهُ؛ لِيُقَسَّمَ بَيْنَ الْكُلِّ كَمَا مَرَّ.
(وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ) وَهُوَ مَنْ لَهُ آلَتَا الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَمَا دَامَ مُشْكِلًا يَسْتَحِيلُ كَوْنُهُ أَبًا أَوْ جَدًّا أَوْ أُمًّا أَوْ زَوْجًا أَوْ زَوْجَةً، وَهُوَ مِنْ تَخَنَّثْ الطَّعَامُ اشْتَبَهَ طَعْمُهُ الْمَقْصُودُ بِطَعْمٍ آخَرَ (إنْ لَمْ يَخْتَلِفْ إرْثُهُ) بِالذُّكُورَةِ وَضِدِّهَا (كَوَلَدِ أُمٍّ وَمُعْتَقٍ فَذَاكَ) ظَاهِرٌ: أَيْ قُدِّرَ إرْثُهُ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ اخْتَلَفَ إرْثُهُ بِهِمَا (فَيُعْمَلُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ أَوْ انْفَصَلَ لِفَوْقِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَدُونَ فَوْقِ أَرْبَعِ سِنِينَ وَكَانَتْ فِرَاشًا (قَوْلُهُ: قَبْلَ تَمَامِ انْفِصَالِهِ) فَإِنَّهُ كَالْمَيِّتِ هُنَا وَفِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ إلَّا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ إذَا اسْتَهَلَّ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ انْفِصَالِهِ. اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَوَّلَ) هُوَ قَوْلُهُ: بِأَنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا، وَقَوْلُهُ: وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ: أَوْ مَشْكُوكًا فِي حَيَاتِهِ، وَقَوْلُهُ: وَالثَّالِثُ مُنْتَفٍ هُوَ قَوْلُهُ: أَوْ حَيًّا وَلَمْ يُعْلَمْ إلَخْ (قَوْله وَلَا يُنَافِي هَذَا) أَيْ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ انْفَصَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْمَشْرُوطَ) أَيْ: وَلِأَنَّ، وَقَوْلُهُ: بِالشَّرْطَيْنِ هُمَا كَوْنُهُ حَيًّا حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً يَقِينًا. (قَوْلُهُ: وَإِلَيْهِ الْمَآبُ وَالرُّجْعَى) أَيْ فَقَالَ ارْتِجَالًا انْتَهَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَيَتَمَكَّنُ مَنْ دُفِعَ لَهُ) مُسْتَأْنَفٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اُحْتُمِلَ تَلَفُ الْمَوْقُوفِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ ظَاهِرًا وَالْأَصْلُ السَّلَامَةُ فَلَا وَجْهَ لِمُطَالَبَتِهِ بِضَامِنٍ فِيمَا هُوَ مِلْكُهُ (قَوْلُهُ: لِيُقَسَّمَ بَيْنَ الْكُلِّ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى تَبَيُّنِ بُطْلَانِ الْقِسْمَةِ. وَمِنْ فَوَائِدِ بُطْلَانِهَا أَنَّهُ لَا يَفُوزُ بِالزَّوَائِدِ بَلْ تُقَسَّمُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: مُنْتَفٍ نَسَبُهُ عَنْ الْأَوَّلِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَنْ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ أَنَّهُ وَرِثَ) قَالَ الشِّهَابُ سم: قَدْ يُقَالُ مَا مَرَّ مَشْرُوطٌ بِهَذَا فَلَا إشْكَالَ، فَإِنَّهُ إذْ كَانَ جَمَادًا عِنْدَ الْمَوْتِ فَإِنْ انْفَصَلَ حَيًّا بَعْدَ ذَلِكَ مَلَكَ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ يُقَالُ هَذَا يَرْجِعُ لِمَا ذَكَرَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِالشَّرْطَيْنِ) أَيْ انْفِصَالُهُ حَيًّا وَأَنْ يُعْلَمَ وُجُودُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute