للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا ذُكِرَ وَنَحْوُهُ مَقَامَهُ (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّ الْخِنْزِيرَ كَكَلْبٍ) لِأَنَّ الْخِنْزِيرَ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْكَلْبِ، لِأَنَّ تَحْرِيمَهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْقُرْآنِ وَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَتَحْرِيمُ الْكَلْبِ مُجْتَهَدٌ فِيهِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ اقْتِنَاؤُهُ بِحَالٍ بِخِلَافِ الْكَلْبِ، وَلِأَنَّهُ يُنْدَبُ قَتْلُهُ لَا لِضَرُورَةٍ، وَالْفَرْعُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا يَتْبَعُ الْأَخَسَّ فِي النَّجَاسَةِ عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالثَّانِي يَكْفِي غَسْلُ ذَلِكَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ غَيْرِ تُرَابٍ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ لِأَنَّ الْوَارِدَ فِي الْكَلْبِ وَمَا ذُكِرَ لَا يُسَمَّى كَلْبًا، وَلَوْ غَمَسَ الْمُتَنَجِّسَ بِمَا ذُكِرَ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ رَاكِدٍ وَحَرَّكَهُ سَبْعًا وَتَرَّبَهُ طَهُرَ، وَإِنْ لَمْ يُحَرِّكْهُ فَوَاحِدَةٌ، وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ فِي انْغِمَاسِ الْمُحْدِثِ مِنْ تَقْدِيرِ التَّرْتِيبِ بِأَنَّ التَّرْتِيبَ صِفَةٌ تَابِعَةٌ وَالْعَدَدُ ذَوَاتٌ مَقْصُودَةٌ فَلَا يُقَاسَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، وَيَظْهَرُ فِي تَحْرِيكِهِ أَنَّ الذَّهَابَ مَرَّةٌ وَالْعَوْدَ أُخْرَى.

وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَأْتِي فِي تَحْرِيكِ الْيَدِ فِي الْحَكِّ فِي الصَّلَاةِ بِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى الْعُرْفِ، أَوْ فِي جَارٍ وَجَرَى عَلَيْهِ سَبْعَ جَرْيَاتٍ حُسِبَتْ سَبْعًا وَلَوْ وَلَغَ كَلْبٌ فِي إنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ كَثِيرٌ وَلَمْ يَنْقُصْ بِوُلُوغِهِ عَنْ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَنْجَسْ الْمَاءُ وَلَا الْإِنَاءُ وَإِنْ أَصَابَ جِرْمَهُ الْمَسْتُورَ بِالْمَاءِ، وَتَكُونُ كَثْرَةُ الْمَاءِ مَانِعَةً مِنْ تَنَجُّسِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ.

وَلَوْ وَلَغَ فِي إنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ ثُمَّ بَلَغَ قُلَّتَيْنِ طَهُرَ الْمَاءُ لَا الْإِنَاءُ (وَلَا يَكْفِي تُرَابٌ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا تَوَقَّفَتْ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَلَى الصَّابُونِ أَوْ نَحْوِهِ وَجَبَ، وَإِلَّا فَخُصُوصُ الصَّابُونِ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَرِدْ أَمْرٌ بِالتَّطْهِيرِ بِهِ.

(قَوْلُهُ: لَا لِضَرُورَةٍ) أَيْ فَقَتْلُهُ بِلَا ضَرَرٍ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْكَلْبِ (قَوْلُهُ: فَوَاحِدَةٌ) أَيْ وَإِنْ طَالَ مُكْثُهُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْعُرْفِ) أَيْ عَلَى الْعُرْفِ فِي التَّحْرِيكِ وَهُوَ بَعْدَ الذَّهَابِ وَالْعَوْدِ مَرَّةً وَهُنَا عَلَى جَرْيِ الْمَاءِ، وَالْحَاصِلُ فِي الْعَوْدِ غَيْرُ الْحَاصِلِ فِي الذَّهَابِ، وَكَمَا اُعْتُبِرَ الذَّهَابُ وَالْعَوْدُ مَرَّةً فِي الصَّلَاةِ اُعْتُبِرَ الْمَاءُ كُلُّهُ شَيْئًا وَاحِدًا فِيمَا لَوْ انْغَمَسَ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ مُحْدَثٍ وَحُرِّك الْمَاءُ مَرَّاتٍ كَثِيرَةً فَإِنَّهُ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالِاسْتِعْمَالِ لِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَعُدُّ الثَّانِيَ غَيْرَ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَصَابَ جِرْمَهُ الْمَسْتُورَ بِالْمَاءِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَمْ يَسْتُرْهُ الْمَاءُ مِنْ أَعْلَى الْإِنَاءِ فَإِنْ تَحَقَّقَ مَسُّ الْكَلْبِ لَهُ مَعَ رُطُوبَةٍ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ تَنَجَّسَ وَإِلَّا فَلَا سم عَلَى مَنْهَج بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: مَانِعَةٌ مِنْ تَنَجُّسِهِ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ لَاقَى بَدَنُهُ شَيْئًا مِنْ الْكَلْبِ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ فَإِنَّهُ لَا يَنْجَسُ لِأَنَّ مَا لَاقَاهُ مِنْ الْبَلَلِ الْمُتَّصِلِ بِالْكَلْبِ بَعْدَ الْمَاءِ الْكَثِيرِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمْسَكَهُ بِيَدِهِ وَتَحَامَلَ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَصِرْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رِجْلِهِ إلَّا مُجَرَّدَ الْبَلَلِ فَإِنَّهُ يَنْجَسُ لِأَنَّ الْمَاءَ الْمُلَاقِي لِيَدِهِ الْآنَ نَجِسٌ، وَكَتَحَامُلِهِ عَلَيْهِ بِيَدِهِ مَا لَوْ عَلِمْنَا تَحَامُلَ الْكَلْبِ عَلَى مَحِلِّ وُقُوفِهِ كَالْحَوْضِ بِحَيْثُ لَا يَصِيرُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ وَمَقَرُّهُ حَائِلٌ مِنْ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: لَا الْإِنَاءُ) فَإِنَّهُ لَا يَطْهُرُ بِمُجَرَّدِ بُلُوغِ الْمَاءِ قُلَّتَيْنِ، بَلْ إنْ تُرِّبَ بِأَنْ مُزِجَ بِالْمَاءِ تُرَابٌ يُكَدِّرُهُ وَحُرِّكَ فِيهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ طَهُرَ وَإِلَّا فَهُوَ بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ حَتَّى لَوْ نَقَصَ عَنْ الْقُلَّتَيْنِ عَادَ عَلَى الْمَاءِ بِالتَّنْجِيسِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي تُرَابٌ نَجِسٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي قَوْلِ الرَّوْضِ مَمْزُوجًا بِالْمَاءِ مَا نَصُّهُ: " قَبْلَ وَضْعِهِمَا عَلَى الْمَحِلِّ أَوْ بَعْدَهُ بِأَنْ يُوضَعَا وَلَوْ مُتَرَتِّبَيْنِ ثُمَّ يُمْزَجَا قَبْلَ الْغَسْلِ وَإِنْ كَانَ الْمَحِلُّ رَطْبًا إذْ الطَّهُورُ الْوَارِدُ عَلَى الْمَحِلِّ بَاقٍ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ، وَبِذَلِكَ جَزَمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيمَا لَوْ وُضِعَ التُّرَابُ أَوَّلًا، وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ بِلَا رَيْبٍ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ إلَخْ.

وَهَذَا الْكَلَامُ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَحِلُّ رَطْبًا بِالنَّجَاسَةِ كَفَى وَضْعُ التُّرَابِ أَوَّلًا، لَكِنْ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ وُضِعَ التُّرَابُ أَوَّلًا عَلَى عَيْنِ النَّجَاسَةِ لَمْ يَكْفِ لِتَنَجُّسِهِ، وَظَاهِرُهُ الْمُخَالَفَةُ لِمَا ذُكِرَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَوَقَعَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ مَعَ م ر.

وَحَاصِلُ مَا تَحَرَّرَ مَعَهُ بِالْفَهْمِ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَتْ النَّجَاسَةُ عَيْنِيَّةً بِأَنْ يَكُونَ جِرْمُهَا وَأَوْصَافُهَا مِنْ طَعْمٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ مَوْجُودًا فِي الْمَحِلِّ لَمْ يَكْفِ وَضْعُ التُّرَابِ أَوَّلًا عَلَيْهَا، وَهَذَا مَحْمَلُ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا، بِخِلَافِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ هُوَ تَحْرِيمُ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ لَا جُمْلَتُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمَهُ آنِفًا (قَوْلُهُ: يَتْبَعُ الْأَخَسَّ) لَا مَعْنَى لَهُ فِي الْمُتَوَلِّدِ مِنْهُمَا فَكَانَ يَنْبَغِي إسْقَاطُ لَفْظِ مِنْهُمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>