مُسْتَعْمَلٌ فِي حَدَثٍ أَوْ نَجَسٍ، وَلَا (نَجِسٍ) فِي الْأَصَحِّ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِهِ فَلَا يَكْفِي التُّرَابُ الْمُحَرَّقُ وَلَا الْمُتَنَجِّسُ بِعَيْنِيَّةٍ أَوْ حُكْمِيَّةٍ بِوَاسِطَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَكْفِي هُنَا الرَّمْلُ الَّذِي لَهُ غُبَارٌ وَإِنْ كَانَ نَدِيًّا، وَالتُّرَابُ وَلَوْ اخْتَلَطَ بِنَحْوِ دَقِيقٍ حَيْثُ كَانَ لَوْ مُزِجَ بِالْمَاءِ لَاسْتُهْلِكَتْ أَجْزَاءُ الدَّقِيقِ وَوَصَلَ التُّرَابُ الْمَمْزُوجُ بِالْمَاءِ إلَى جَمِيعِ الْمَحِلِّ وَإِنْ لَمْ يَكْفِ فِي التَّيَمُّمِ لِظُهُورِ الْفَارِقِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ يَكْفِي كَالدِّبَاغِ بِالشَّيْءِ النَّجِسِ (وَلَا) يَكْفِي (مَمْزُوجٌ بِمَائِعٍ) كَخَلٍّ (فِي الْأَصَحِّ) إلَّا إذَا مَزَجَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَلَمْ يُفْحَشْ تَغَيُّرُهُ بِنَحْوِ الْخَلِّ، وَيَكْفِي مَزْجُ التُّرَابِ خَارِجَ الْإِنَاءِ الْمُتَنَجِّسِ أَوْ فِيهِ سَوَاءٌ أَصُبَّ الْمَاءُ أَوَّلًا أَمْ التُّرَابُ.
وَالضَّابِطُ أَنْ يَعُمَّ مَحِلَّ النَّجَاسَةِ بِأَنْ يَكُونَ قَدْرًا يَقْدِرُ الْمَاءَ وَيَصِلُ بِوَاسِطَتِهِ إلَى جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْمَحِلِّ، وَيَقُومُ مَقَامَ التَّتْرِيبِ الْمَاءُ الْكَدِرُ كَمَاءِ النِّيلِ أَيَّامَ زِيَادَتِهِ وَكَمَاءِ السَّيْلِ الْمُتَتَرِّبِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَكْفِي التُّرَابُ الْمَمْزُوجُ بِالْمَائِعِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِذَلِكَ.
وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا فِي غَيْرِ أَرْضٍ تُرَابِيَّةٍ التُّرَابِيَّةُ إذْ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِ التُّرَابِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ التُّرَابِ الْمُسْتَعْمَلِ وَغَيْرِهِ فَلَا يَجِبُ تَتْرِيبُهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَضْعِ الْمَاءِ أَوَّلًا لِأَنَّهُ أَقْوَى بَلْ هُوَ الْمُزِيلُ وَإِنَّمَا التُّرَابُ شَرْطٌ، وَبِخِلَافِ مَا لَوْ زَالَتْ أَوْصَافُهَا فَيَكْفِي وَضْعُ التُّرَابِ أَوَّلًا وَإِنْ كَانَ الْمَحِلُّ نَجِسًا، وَهَذَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَأَنَّهَا إذَا كَانَتْ أَوْصَافُهَا فِي الْمَحِلِّ مِنْ غَيْرِ جِرْمٍ وَصُبَّ عَلَيْهَا مَاءٌ مَمْزُوجٌ بِالتُّرَابِ فَإِنْ زَالَتْ الْأَوْصَافُ بِتِلْكَ الْغَسْلَةِ حُسِبَتْ وَإِلَّا فَلَا، فَالْمُرَادُ بِالْعَيْنِ فِي قَوْلِهِمْ مُزِيلُ الْعَيْنِ وَاحِدَةٌ وَإِنْ تَعَدَّدَ مَا يَشْمَلُ أَوْصَافَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جِرْمٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: مُسْتَعْمَلٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فِي حَدَثٍ أَوْ خَبَثٍ اهـ.
أَقُولُ: صُورَةُ الْمُسْتَعْمَلِ فِي خَبَثٍ: التُّرَابُ الْمُصَاحِبُ لِلسَّابِعَةِ فِي الْمُغَلَّظَةِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ لَكِنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ.
لَا يُقَالُ: إنَّمَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ مُسْتَعْمَلًا، إنْ قُلْنَا إنَّهُ شَطْرٌ فِي طَهَارَةِ الْمُغَلَّظَةِ لَا شَرْطٌ.
لِأَنَّا نَقُولُ: بَلْ هُوَ مُسْتَعْمَلٌ، وَإِنْ قُلْنَا شَرْطٌ لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ زَوَالُ النَّجَاسَةِ وَإِنْ كَانَ شَرْطًا فَقَدْ أَدَّى بِهِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ بِذَلِكَ كَمَا أَنَّ الْمَاءَ لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ أَيْضًا، بَلْ وَيَتَصَوَّرُ أَيْضًا فِي الْمَصَاحِفِ لِغَيْرِ السَّابِعَةِ إذَا طَهُرَ لِأَنَّهُ نَجِسٌ مُسْتَعْمَلٌ، فَإِذَا طَهُرَ زَالَ التَّنْجِيسُ دُونَ الِاسْتِعْمَالِ.
أَمَّا إنَّهُ نَجِسٌ فَطَاهِرٌ، وَأَمَّا أَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فَلِأَنَّهُ أَدَّى بِهِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ، لِأَنَّ طَهَارَةَ الْمَحِلِّ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى هَذِهِ الْغَسْلَةِ وَإِنْ تَوَقَّفَتْ عَلَى غَيْرِهَا أَيْضًا، نَعَمْ لَوْ طَهُرَ لِغَمْسِهِ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ عَادَ طَهُورًا كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ إذَا صَارَ كَثِيرًا، كَذَا قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَفِيهِ نَظَرٌ، فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ فَإِنَّ الْوَجْهَ خِلَافُهُ اهـ قح.
أَقُولُ: وَإِنَّمَا كَانَ الْوَجْهُ خِلَافَهُ لِأَنَّ وَصْفَ التُّرَابِ بِالِاسْتِعْمَالِ بَاقٍ وَإِنْ زَالَتْ النَّجَاسَةُ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ التُّرَابَ لَوْ كَانَ فِي السَّابِعَةِ لَمْ يَتَنَجَّسْ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ بِالِاسْتِعْمَالِ.
وَفِي قب يَتَّجِهُ أَنْ يُعَدَّ مِنْ الْمُسْتَعْمَلِ فَلَا يَكْفِي مَا لَوْ اسْتَنْجَى بِطِينٍ مُسْتَحْجِرٍ ثُمَّ طَهَّرَهُ مِنْ النَّجَاسَةِ ثُمَّ جَفَّفَهُ ثُمَّ دَقَّهُ لِأَنَّهُ أَزَالَ الْمَانِعَ، كَمَا أَنَّ مَاءَ الِاسْتِنْجَاءِ كَأَنْ بَالَ وَجَفَّ الْبَوْلُ ثُمَّ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ غَيْرُ طَهُورٍ لِأَنَّهُ أَزَالَ الْمَانِعَ وِفَاقًا لَمْ ر اهـ.
أَقُولُ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَعُدُّوا حَجَرَ الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ الْمُطَهِّرَاتِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْمَحِلَّ بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نَزَلَ الْمُسْتَجْمِرُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ نَجَّسَهُ أَوْ حَمَلَهُ مُصَلٍّ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ.
وَقَدْ يُقَالُ هُوَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُطَهِّرًا لِلْمَحَلِّ لَكِنَّهُ مُزِيلٌ لِلْمَانِعِ فَأُلْحِقَ بِالتُّرَابِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي التَّيَمُّمِ بِذَلِكَ، وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ فِي حَدَثٍ أَوْ نَجَسٍ (قَوْلُهُ: لِظُهُورِ الْفَارِقِ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ نَدَاوَةَ الرَّمَلِ وَنَحْوَ الدَّقِيقِ يَمْنَعَانِ مِنْ وُصُولِ التُّرَابِ إلَى الْعُضْوِ وَلَا يَمْنَعَانِ مِنْ كُدُورَةِ الْمَاءِ بِالتُّرَابِ الَّتِي هِيَ الْمَقْصُودَةُ هُنَا (قَوْلُهُ: خَارِجُ الْإِنَاءِ) أَيْ وَهُوَ أَوْلَى خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَصُبَّ الْمَاءُ) أَيْ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمَحَلُّ رَطْبًا أَوْ جَافًّا، لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وُضِعَ التُّرَابُ أَوَّلًا عَلَى عَيْنِ النَّجَاسَةِ لَمْ يَكْفِ.
(قَوْلُهُ: إذْ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِ التُّرَابِ) أَيْ وَلَا يَصِيرُ التُّرَابُ مُسْتَعْمَلًا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَهِّرْ شَيْئًا، وَإِنَّمَا سَقَطَ اسْتِعْمَالُ التُّرَابِ فِيهِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ) أَيْ وَلَوْ نَجِسًا حَيْثُ قَصَدَ تَطْهِيرَهُ لِمَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِ التُّرَابِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .