للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُطْلَقًا، بِخِلَافِ الْأَرْضِ الْحَجَرِيَّةِ وَالرَّمْلِيَّةِ الَّتِي لَا غُبَارَ فِيهِمَا فَلَا بُدَّ مِنْ تَتْرِيبِهِمَا، وَالْمُرَادُ بِالْأَرْضِ التُّرَابِيَّةِ مَا فِيهَا تُرَابٌ، وَلَوْ أَصَابَ شَيْءٌ مِنْهَا ثَوْبًا قَبْلَ تَمَامِ السَّبْعِ اُشْتُرِطَ فِي تَطْهِيرِهِ تَتْرِيبُهُ، وَلَا يَكُونُ تَبَعًا لَهَا لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ فِيهَا وَهِيَ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِ التُّرَابِ، وَأَيْضًا فَالِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ، وَلَمْ يَسْتَثْنُوا مِنْ تَتْرِيبِ النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ إلَّا الْأَرْضَ التُّرَابِيَّةَ، كَذَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَإِنْ نُسِبَ إلَيْهِ أَنَّهُ أَفْتَى قَبْلَهُ بِخِلَافِهِ.

نَعَمْ لَوْ جَمَعَ التُّرَابَ الْمُتَطَايِرَ وَأَرَادَ تَطْهِيرَهُ لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَتْرِيبِهِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ السَّابِقَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

ثُمَّ ذَكَرَ النَّجَاسَةَ الْمُخَفَّفَةَ فَقَالَ (وَمَا نُجِّسَ بِبَوْلِ صَبِيٍّ لَمْ يَطْعَمْ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ: أَيْ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ قَبْلَ مُضِيِّ حَوْلَيْنِ (غَيْرَ لَبَنٍ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَرْضِ الْحَجَرِيَّةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا بَال كَلْبٌ عَلَى حَجَرٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ وَوَصَلَ بَوْلُهُ إلَى الْحَجَرِ لَا يُحْتَاجُ فِي تَطْهِيرِ الْحَجَرِ إلَى تَتْرِيبٍ، وَقِيَاسُ مَا قَالَهُ قم فِيمَا لَوْ تَطَايَرَ مِنْ الْأَرْضِ التُّرَابِيَّةِ شَيْءٌ عَلَى ثَوْبٍ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي تَطْهِيرِ الثَّوْبِ إنْ أَصَابَتْهُ رُطُوبَةٌ مِنْ التُّرَابِ مِنْ غَسْلِ الرُّطُوبَةِ الَّتِي أَصَابَتْهُ وَتَتْرِيبِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْحَجَرِ الْمَذْكُورِ مِنْ غَسْلِهِ سَبْعًا إحْدَاهَا بِالتُّرَابِ.

وَهُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِسُقُوطِ التَّتْرِيبِ فِي الْأَرْضِ التُّرَابِيَّةِ بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِ التُّرَابِ.

وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ سم عَلَى بَهْجَةٌ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: مِنْهَا) أَيْ الْأَرْضِ التُّرَابِيَّةِ (قَوْلُهُ: تَتْرِيبُهُ) أَيْ تَتْرِيبُ مَا أَصَابَ الْمُتَطَايِرَ مِنْ الْأَرْضِ فَلَيْسَ لِلْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ فِي هَذِهِ حُكْمُ الْمُنْتَقَلِ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلتُّرَابِ.

بِخِلَافِ الْمُتَطَايِرِ مِنْ غَسَلَاتِ الثَّوْبِ مَثَلًا فَإِنَّ لِلْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ حُكْمَ الْمُنْتَقَلِ عَنْهُ.

بَقِيَ مَا لَوْ تَرَّبَ الْأَرْضَ التُّرَابِيَّةَ عَلَى خِلَافِ مَا أُمِرَ بِهِ ثُمَّ تَطَايَرَ مِنْ غُسَالَتِهَا شَيْءٌ فَهَلْ يَجِبُ تَتْرِيبُهُ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِالتُّرَابِ الْمُسْتَعْمَلِ فِيهَا قَبْلُ حَيْثُ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ أَوَّلًا اكْتِفَاءً بِوُجُودِ التَّتْرِيبِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَطْلُوبًا فِيهِ نَظَرٌ.

وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِوُجُودِ التُّرَابِ فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْلِهِمْ لِلْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ حُكْمُ الْمُنْتَقَلِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: مِنْ الْعِلَّةِ السَّابِقَةِ) هِيَ قَوْلُهُ: إذْ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِ التُّرَابِ.

(قَوْلُهُ: وَمَا نَجِسَ بِبَوْلِ صَبِيٍّ. إلَخْ) دَخَلَ فِي مَا غَيْرِ الْآدَمِيِّ كَإِنَاءٍ وَأَرْضٍ فَيَطْهُرُ بِالنَّضْحِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ، وَلَا يُنَافِيه قَوْلُهُ: م الْآتِي: وَفَارَقَتْ الذِّكْرَ إلَخْ، لِأَنَّ الِابْتِلَاءَ الْمَذْكُورَ حِكْمَتُهُ فِي الْأَصْلِ فَلَا يُنَافِي تَخَلُّفَهُ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ، وَعُمُومُ الْحُكْمِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

قَالَ شَيْخُنَا الْحَلَبِيُّ: لَوْ وَقَعَتْ قَطْرَةٌ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ وَأَصَابَ شَيْئًا وَجَبَ غَسْلُهُ وَلَا يَكْفِي نَضْحُهُ، وَلَوْ أَصَابَ ذَلِكَ الْبَوْلُ الصَّرْفُ شَيْئًا كَفَى النَّضْحُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَوَّلِ خُرُوجِهِ بِأَنْ كَانَ فِي إنَاءٍ كَالْقَصْرِيَّةِ مَثَلًا أَخْذًا بِعُمُومِ قَوْلِهِمْ مَا نُجِّسَ بِبَوْلِ صَبِيٍّ لِصِدْقِهِ بِغَيْرِ أَوَّلِ خُرُوجِهِ وَلَا تَتَوَقَّفُ الرُّخْصَةُ عَلَى مُلَاقَاتِهِ مِنْ مَحِلِّهِ وَمَعْدِنِهِ.

أَقُولُ وَإِنَّمَا لَمْ يُكْتَفَ بِالنَّضْحِ فِي الْوَاصِلِ مِنْ الْمَاءِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّهُ لَمَّا تَنَجَّسَ بِالْبَوْلِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَنَجَّسَ بِغَيْرِ الْبَوْلِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُطْعَمْ أَيْ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: وَالطُّعْمُ بِالضَّمِّ الطَّعَامُ، وَقَدْ طَعِمَ بِالْكَسْرِ طُعْمًا بِضَمِّ الطَّاءِ إذَا أَكَلَ أَوْ ذَاقَ فَهُوَ طَاعِمٌ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} [الأحزاب: ٥٣] وَقَالَ {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [البقرة: ٢٤٩] أَيْ مَنْ لَمْ يَذُقْهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ الطُّعْمُ عَلَى الْمَشْرُوبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ أَوْ ذَاقَ يَدْخُلُ الْمَشْرُوبَ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى مَنْ شَرِبَهُ أَنَّهُ ذَاقَهُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ مُضِيِّ حَوْلَيْنِ) أَيْ تَحْدِيدًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الزِّيَادِيِّ الْآتِي لَوْ شَرِبَ اللَّبَنَ (قَوْلُهُ: غَيْرَ لَبَنٍ) أَيْ وَلَوْ سَمْنًا أَوْ جُبْنًا اهـ حَجّ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ أُمِّهِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَيُغْسَلُ مِنْهُ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ: لَمْ يُطْعَمْ إلَخْ هَلْ قِشْدَةُ اللَّبَنِ وَسَمْنُهُ كَاللَّبَنِ أَوْ لَا م ر، وَلِهَذَا لَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَبَنًا فِيهِ نَظَرٌ، وَقَوْلُهُ: أَوْ لَا اعْتَمَدَهُ م ر، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الْحَلَبِيِّ أَنَّ مِثْلَ اللَّبَنِ الْقِشْدَةُ.

أَقُولُ: وَهُوَ قَرِيبٌ لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ.

وَأَمَّا السَّمْنُ فَقَدْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ فِيهَا) لَفْظُ فِيهَا وَصْفٌ لِلْعِلَّةِ وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِانْتِفَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>