مِنْ الثُّلُثِ عَلَى قَدْرِ نَصِيبِهِمْ نُفِّذَ مِنْ غَيْرِ إجَازَةٍ فَلَيْسَ لَهُمْ نَقْضُهُ كَمَا مَرَّ فِي الْوَقْفِ، وَلَا بُدَّ لِصِحَّةِ الْإِجَازَةِ مِنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِ الْمُجَازِ أَوْ عَيْنِهِ، فَإِنْ ظَنَّ كَثْرَةَ التَّرِكَةِ فَبَانَ قِلَّتُهَا فَسَيَأْتِي، فَلَوْ أَجَازَ عَالِمًا بِمِقْدَارِ التَّرِكَةِ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ مُشَارِكٌ فِي الْإِرْثِ وَقَالَ إنَّمَا أَجَزْت ظَانًّا حِيَازَتِي لَهُ بَطَلَتْ الْإِجَازَةُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَيُشْبِهُ بُطْلَانُهَا فِي نِصْفِ نَصِيبِ نَفْسِهِ وَلِلْمُوصَى لَهُ تَحْلِيفُهُ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ بِشَرِيكِهِ فِيهِ (وَلَا عِبْرَةَ بِرَدِّهِمْ، وَإِجَازَتِهِمْ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي) إذْ لَا حَقَّ لَهُمْ حِينَئِذٍ لِاحْتِمَالِ بُرْئِهِ وَمَوْتِهِمْ بَلْ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي الْوَاقِعِ، وَإِنْ ظَنَّهُ قَبْلَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِيمَنْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِبُطْلَانِ الْقَبُولِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِمَوْتِ الْمُوصِي، وَإِنْ بَانَ بَعْدَهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ.
(وَالْعِبْرَةُ فِي كَوْنِهِ وَارِثًا بِيَوْمِ الْمَوْتِ) أَيْ وَقْتَهُ فَلَوْ أَوْصَى لِأَخِيهِ فَحَدَثَ لَهُ ابْنٌ قَبْلَ مَوْتِهِ فَوَصِيَّةٌ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ لَهُ ابْنٌ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ قَبْلَهُ أَوْ مَعَهُ فَوَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ (وَالْوَصِيَّةُ لِكُلِّ وَارِثٍ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ) مُشَاعًا مِنْ نِصْفٍ وَرُبُعٍ وَنَحْوِهِمَا بِحَسَبِ فَرْضِهِ (لَغْوٌ) ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ بِدُونِهَا (وَبِعَيْنٍ هِيَ قَدْرُ حِصَّتِهِ) كَأَنْ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَدَارًا وَقِنًّا قِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ فَخَصَّ كُلًّا بِوَاحِدٍ (صَحِيحَةٌ وَتَفْتَقِرُ إلَى الْإِجَازَةِ فِي الْأَصَحِّ) لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِالْأَعْيَانِ وَلِذَا صَحَّتْ بِبَيْعِ عَيْنٍ مِنْ مَالِهِ لِزَيْدٍ، وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ الْأَعْيَانُ مِثْلِيَّةً أَمْ لَا، وَالثَّانِي لَا تَفْتَقِرُ لِذَلِكَ، وَلَوْ أَوْصَى لِلْفُقَرَاءِ بِشَيْءٍ امْتَنَعَ عَلَى الْوَصِيِّ إعْطَاءُ شَيْءٍ مِنْهُ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ وَلَوْ فُقَرَاءَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ.
وَلِلْمُوصَى بِهِ شُرُوطٌ مِنْهَا كَوْنُهُ قَابِلًا لِلنَّقْلِ بِالِاخْتِيَارِ، فَلَا تَصِحُّ بِنَحْوِ قَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَتَصِحُّ بِهِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَالْعَفْوُ عَنْهُ فِي الْمَرَضِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَحَكَاهُ عَنْ تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، وَلَا بِحَقٍّ تَابِعٍ لِلْمِلْكِ كَخِيَارٍ وَشُفْعَةٍ لِغَيْرِ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ لَا يُبْطِلُهَا التَّأْخِيرُ لِنَحْوِ تَأْجِيلِ الثَّمَنِ وَكَوْنِهِ مَقْصُودًا بِأَنْ يَحِلَّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
إجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَالْكَلَامُ فِي التَّبَرُّعَاتِ الْمُنْجَزَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ أَوْ الْمُعَلَّقَةِ بِهِ.
أَمَّا مَا وَقَعَ مِنْهُ فِي الصِّحَّةِ فَيَنْفُذُ مُطْلَقًا وَلَا حُرْمَةَ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ حِرْمَانَ الْوَرَثَةِ كَمَا يَأْتِي فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَيُشْبِهُ بُطْلَانُهَا فِي نِصْفِ نَصِيبِ نَفْسِهِ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُهُ، وَلَعَلَّهُ أَنَّهُ لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ مُشَارِكٌ بَطَلَ فِي حِصَّةِ الْمُشَارِكِ لِعَدَمِ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِ غَيْرِهِ وَفِي نِصْفِ حِصَّتِهِ لِتَبَيُّنِ أَنَّ ظَنَّ اسْتِحْقَاقِهِ لِلْكُلِّ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْوَاقِعِ وَأَنَّهُ يَمْلِكُ النِّصْفَ فَقَطْ فَقُلْنَا بِالْبُطْلَانِ فِيمَا زَادَ عَلَى مَا ظَنَّهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَنَّهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الرَّدِّ وَالْإِجَازَةِ قَبْلَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَحَدَثَ لَهُ) أَيْ لِلْمُوصِي (قَوْلُهُ: فَوَصِيَّةٌ لِأَجْنَبِيٍّ) أَيْ فَتَصِحُّ إنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ بِلَا إجَازَةٍ وَتَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ إنْ لَمْ تُخْرَجْ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ بِدُونِهَا) وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُؤَكِّدٌ لِلْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ لَا مُخَالِفَ لَهُ بِخِلَافِ تَعَاطِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ. اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلِذَا صَحَّتْ بِبَيْعِ عَيْنٍ مِنْ مَالِهِ) أَيْ وَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْوَارِثِ ذَلِكَ حَيْثُ قَبِلَ زَيْدٌ الشِّرَاءَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْوَصِيَّةِ لَهُ غَرَضُ الْمُوصِي كَالرِّفْقِ بِهِ أَوْ بُعْدِ مَالِهِ عَنْ الشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ الْأَعْيَانُ مِثْلِيَّةً أَمْ لَا) عِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: وَإِنَّمَا يَظْهَرُ الِافْتِقَارُ إلَى الْإِجَازَةِ إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيمَةِ.
أَمَّا الْمِثْلِيَّاتُ كَثَلَاثَةِ آصُعٍ حِنْطَةً أَوْصَى بِصَاعٍ مِنْهَا لِابْنَتِهِ وَبِصَاعَيْنِ لِابْنِهِ وَلَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُمَا فَتَصِحُّ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى الْإِجَازَةِ إذَا كَانَتْ الْآصُعُ مُخْتَلِطَةً مُتَّحِدَةَ النَّوْعِ وَقَسَّمَهَا ثُمَّ أَوْصَى أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُخْتَلِطَةٍ وَلَكِنَّهَا مُتَّحِدَةُ الْجِهَةِ. اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الشَّارِحِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ: مِثْلِيَّةً عَلَى مَا لَوْ اخْتَلَفَتْ صِفَتُهَا بِحَيْثُ تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ فِيهَا.
(قَوْلُهُ: وَالْعَفْوُ عَنْهُ) أَيْ وَيَصِحُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يُبْطِلُهَا) أَيْ أَمَّا الَّتِي يُبْطِلُهَا التَّأْخِيرُ فَلَا يُتَصَوَّرُ الْوَصِيَّةُ بِهَا؛ لِأَنَّ اشْتِغَالَهُ بِالْوَصِيَّةِ يُفَوِّتُ الشُّفْعَةَ فَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ يُوصَى بِهِ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ مَقْصُودًا)
ــ
[حاشية الرشيدي]
عَلَى الْوَرَثَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فِي نِصْفِ نَصِيبِ نَفْسِهِ) لَعَلَّهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُوصَى بِهِ النِّصْفَ وَالْمُشَارِكُ مُشَارِكٌ بِالنِّصْفِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَانَ) أَيْ الْقَبُولُ بَعْدَهُ أَيْ الْمَوْتِ
(قَوْلُهُ وَالْعَفْوُ عَنْهُ) أَيْ يَصِحُّ