وَكَذَا لِمَنْ يَرْتَدُّ أَوْ يُحَارِبُ، وَالثَّانِي لَا إذْ يُقْتَلَانِ.
(وَقَاتِلٌ فِي الْأَظْهَرِ) بِأَنْ يُوصِيَ لِشَخْصٍ فَيَقْتُلُهُ هُوَ أَوْ سَيِّدُهُ وَلَوْ عَمْدًا فَهُوَ قَاتِلٌ بِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ بِعَقْدٍ، فَأَشْبَهَتْ الْهِبَةَ لَا الْإِرْثَ، وَخَبَرُ «لَيْسَ لِلْقَاتِلِ وَصِيَّةٌ» ضَعِيفٌ سَاقِطٌ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ بِحَقٍّ أَمْ بِغَيْرِهِ: وَالثَّانِي لَا كَالْإِرْثِ، فَإِنْ أَوْصَى لِمَنْ يَقْتُلُهُ تَعَدِّيًا لَمْ تَصِحَّ؛ لِأَنَّهَا مَعْصِيَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْهَا صِحَّةُ وَصِيَّةِ الْحَرْبِيِّ لِمَنْ يَقْتُلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمِثْلُهُ مَنْ أَوْصَى لِمَنْ يَقْتُلُهُ بِحَقٍّ، وَلَا تَصِحُّ لِمَنْ يَقْتُلُهُ إلَّا إنْ جَازَ قَتْلُهُ، وَتَصِحُّ لِقَاتِلِ فُلَانٍ بَعْدَ الْقَتْلِ لَا قَبْلَهُ إلَّا إنْ جَازَ قَتْلُهُ.
(وَلِوَارِثٍ فِي الْأَظْهَرِ إنْ أَجَازَ بَاقِي الْوَرَثَةِ) الْمُطْلَقِينَ التَّصَرُّفَ، وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّ إجَازَتَهُمْ تَنْفِيذُ لَا ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ، وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِبَعْضِ الثُّلُثِ لِلْخَبَرِ بِذَلِكَ، وَإِسْنَادُهُ صَالِحٌ، وَبِهِ يُخَصُّ الْخَبَرُ الْآخَرُ «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» وَالْحِيلَةُ فِي أَخْذِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى إجَازَةِ أَنْ يُوصِيَ لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ: أَيْ وَهُوَ ثُلُثٌ فَأَقَلُّ إنْ تَبَرَّعَ لِوَلَدِهِ بِخَمْسِمِائَةٍ أَوْ بِأَلْفَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَإِذَا قَبِلَ وَأَدَّى لِلِابْنِ مَا شَرَطَ عَلَيْهِ أَخَذَ الْوَصِيَّةَ وَلَمْ يُشَارِكْ بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ الِابْنُ فِيمَا حَصَلَ لَهُ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ لَا تَصِحُّ لَهُ، وَقَيَّدَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ الْوَارِثَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالْخَاصِّ احْتِرَازًا عَنْ الْعَامِّ كَوَصِيَّةِ مَنْ لَا يَرِثُهُ، إلَّا بَيْتَ الْمَالِ بِالثُّلُثِ فَأَقَلُّ فَتَصِحُّ قَطْعًا وَلَا يُحْتَاجُ إلَى إجَازَةِ الْإِمَامِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْوَارِثَ جِهَةُ الْإِسْلَامِ لَا خُصُوصُ الْمُوصَى لَهُ فَلَا يُحْتَاجُ لِلِاحْتِرَازِ عَنْهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي إرْثِ بَيْتِ الْمَالِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْإِمَامَ يَتَعَذَّرُ إجَازَتُهُ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ، وَإِجَازَةُ وَلِيِّ الْمَحْجُورِ بَاطِلَةٌ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا يَضْمَنُ بِهَا إلَّا إنْ أُقْبِضَ.
نَعَمْ تَوَقَّفَ إلَى تَأَهُّلِهِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَدْ أَفْتَيْت بِالْبُطْلَانِ فِيمَا لَا أُحْصِي وَانْتَصَرَ لَهُ غَيْرُهُ لِعِظَمِ ضَرَرِ الْوَقْفِ، لَا سِيَّمَا فِيمَنْ أَوْصَى بِكُلِّ مَالِهِ وَلَهُ طِفْلٌ مُحْتَاجٌ فَقَدْ رُدَّ بِأَنَّ التَّصَرُّفَ وَقَعَ صَحِيحًا فَلَا مُسَوِّغَ لِإِبْطَالِهِ، وَلَيْسَ فِي هَذَا إضْرَارٌ لِإِمْكَانِ الِاقْتِرَاضِ عَلَيْهِ وَلَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إلَى كَمَالِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْقَاضِي فِي حَالَةِ الْوَقْفِ يَعْمَلُ فِي بَقَائِهِ وَبَيْعِهِ، وَإِيجَارِهِ بِالْأَصْلَحِ، وَمِنْ الْوَصِيَّةِ إبْرَاؤُهُ وَهِبَتُهُ وَالْوَقْفُ عَلَيْهِ. نَعَمْ لَوْ وَقَفَ عَلَيْهِمْ مَا يَخْرُجُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَفْهَمَهُ سَاقِطٌ، وَقَوْلُهُ: إلَّا إنْ جَازَ قَتْلُهُ: أَيْ الْمُوصِي.
(وَقَوْلُهُ: بَعْدَ الْقَتْلِ) : أَيْ بَعْدَ حُصُولِ سَبَبِ الْقَتْلِ كَأَنْ جَرَحَهُ إنْسَانٌ وَلَوْ عَمْدًا ثُمَّ أَوْصَى لِلْجَارِحِ وَمَاتَ الْمُوصِي وَقَبِلَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ، أَوْ لِمَنْ حَصَل مِنْهُ الْقَتْلُ بِالْفِعْلِ ثُمَّ قَالَ آخَرُ: أَوْصَيْت لِلَّذِي قَتَلَ فُلَانًا بِكَذَا، فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ قَوْلِهِ لِلَّذِي قَتَلَ فُلَانًا تَعْيِينُ الْمُوصَى لَهُ لَا حَمْلُهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ.
(قَوْلُهُ: وَالْحِيلَةُ فِي أَخْذِهِ) أَيْ الْوَارِثِ، وَقَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى إجَازَةٍ: أَيْ مِنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ: إنْ تَبَرَّعَ لِوَلَدِهِ) أَيْ لِوَلَدِ الْمُوصِي (قَوْلُهُ: كَوَصِيَّةِ مَنْ لَا يَرِثُهُ) أَيْ لِأَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْتَاجُ لِلِاحْتِرَازِ عَنْهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَارِثٍ، فَالْوَصِيَّةُ وَصِيَّةٌ لِغَيْرِ وَارِثٍ، وَهِيَ إذَا خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضْمَنُ بِهَا) أَيْ الْإِجَازَةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْوَصِيَّةِ إبْرَاؤُهُ) أَيْ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: وَالْوَقْفُ عَلَيْهِ) أَيْ فَتَتَوَقَّفُ صِحَّتُهَا عَلَى
[حاشية الرشيدي]
كَمَا قَدَّمْنَاهُ
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مَنْ أَوْصَى لِمَنْ يَقْتُلُهُ بِحَقٍّ) لَعَلَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ قَالَ: أَوْصَيْت لِمَنْ يَقْتُلُنِي بِحَقٍّ حَتَّى لَا يَتَكَرَّرَ مَعَ مَا بَعْدَهُ فَلْيُحَرَّرْ
(قَوْلُهُ: كَوَصِيَّةِ مَنْ لَا يَرِثُهُ إلَّا بَيْتِ الْمَالِ بِالثُّلُثِ) أَيْ لِمُسْتَحِقٍّ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا بَعْدَهُ وَيُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الشِّهَابِ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي حَوَاشِيهِ عَلَى شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ أَوْصَى لِبَيْتِ الْمَالِ إذْ يَتَّحِدُ حِينَئِذٍ الْمُوصَى لَهُ وَالْمُجِيزُ (قَوْلُهُ: لَا خُصُوصَ الْمُوصَى لَهُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: إنْ أَرَادَ لَا خُصُوصَهُ فَقَطْ مَعَ تَسْلِيمِ أَنَّهُ وَارِثٌ لَمْ يُفِدْ أَوَّلًا خُصُوصَهُ مُطْلَقًا فَهُوَ مَمْنُوعٌ، قَالَ: نَعَمْ يُمْكِنُ الِاعْتِذَارُ بِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ لَمَّا لَمْ يَجِبْ الصَّرْفُ إلَيْهِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ تُوقَفُ) يَعْنِي الْوَصِيَّةَ (قَوْلُهُ: يَعْمَلُ فِي بَقَائِهِ وَبَيْعِهِ وَإِجَارَتِهِ بِالْأَصْلَحِ) أَيْ وَإِذَا بَاع أَوْ أَجَّرَ أَبْقَى الثَّمَنَ أَوْ الْأُجْرَةَ إلَى كَمَالِ الْمَحْجُورِ، فَإِنْ أَجَازَ دُفِعَ ذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُ وَإِلَّا قُسِمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute