للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَفْضَلِ الْقُرَبِ وَلِمَصَالِحِهِ لَا لِمَسْجِدٍ سَيُبْنَى إلَّا تَبَعًا عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ آنِفًا (وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَصَحِّ) بِأَنْ قَالَ أَوْصَيْت بِهِ لِلْمَسْجِدِ، وَإِنْ أَرَادَ تَمْلِيكَهُ لِمَا مَرَّ فِي الْوَقْفِ أَنَّهُ حُرٌّ يَمْلِكُ: أَيْ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَتَهُ (وَتُحْمَلُ) الْوَصِيَّةُ حِينَئِذٍ (عَلَى عِمَارَتِهِ وَمَصَالِحِهِ) عَمَلًا بِالْعُرْفِ وَيَصْرِفُهُ النَّاظِرُ لِلْأَهَمِّ وَالْأَصْلَحِ بِاجْتِهَادِهِ وَهِيَ لِلْكَعْبَةِ وَالضَّرِيحِ النَّبَوِيِّ عَلَى سَاكِنِهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ تُصْرَفُ لِمَصَالِحِهِمَا الْخَاصَّةِ بِهِمَا كَتَرْمِيمٍ مَا وَهِيَ مِنْ الْكَعْبَةِ دُونَ بَقِيَّةِ الْحَرَمِ، وَالْأَوْجَهُ أَخْذًا مِمَّا تَقَرَّرَ، وَمِمَّا قَالُوهُ فِي النَّذْرِ لِلْقَبْرِ الْمَعْرُوفِ بِجُرْجَانَ صِحَّتُهَا كَالْوَقْفِ عَلَى ضَرِيحِ الشَّيْخِ الْفُلَانِيِّ، وَتُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ قَبْرِهِ وَالْبِنَاءِ الْجَائِزِ عَلَيْهِ وَمَنْ يَخْدُمُهُ أَوْ يَقْرَأُ عَلَيْهِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا مَرَّ آنِفًا مِنْ صِحَّتِهَا بِبِنَاءِ قُبَّةٍ عَلَى قَبْرِ وَلِيٍّ أَوْ عَالِمٍ، أَمَّا إذَا قَالَ الشَّيْخُ الْفُلَانِيُّ وَلَمْ يَنْوِ ضَرِيحَهُ وَنَحْوَهُ فَهِيَ بَاطِلَةٌ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ تَبْطُلُ كَالْوَصِيَّةِ لِلدَّابَّةِ.

(وَ) تَصِحُّ (لِذِمِّيٍّ) وَمُعَاهَدٍ وَمُؤَمَّنٍ وَلِأَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْعَهْدِ لَا بِنَحْوِ مُصْحَفٍ كَمَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِمْ (وَكَذَا حَرْبِيٍّ) بِغَيْرِ نَحْوِ سِلَاحٍ (وَمُرْتَدٍّ) حَالَ الْوَصِيَّةِ لَمْ يَمُتْ عَلَى رِدَّتِهِ (فِي الْأَصَحِّ) كَالصَّدَقَةِ أَيْضًا، وَفَارَقَتْ الْوَقْفَ بِأَنَّهُ يُرَادُ لِلدَّوَامِ وَهُمَا مَقْتُولَانِ، وَلَا تَصِحُّ لِأَهْلِ الْحَرْبِ وَالرِّدَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ سُرَاقَةَ وَغَيْرُهُ وَهُوَ قِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي الْوَقْفِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عِمَارَةُ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ آنِفًا) أَيْ فِي قَوْلِهِ نَعَمْ قِيَاسُ مَا فِي الْوَقْفِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَصْرِفُهُ النَّاظِرُ لِلْأَهَمِّ وَالْأَصْلَحِ) أَيْ فَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ الصَّرْفُ بِنَفْسِهِ بَلْ يَدْفَعُهُ لِلنَّاظِرِ أَوْ لِمَنْ قَامَ مَقَامَ النَّاظِرِ، وَمِنْهُ مَا يَقَعُ الْآنَ مِنْ النَّذْرِ لِإِمَامِنَا الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَوْ غَيْرِهِ مِنْ ذَوِي الْأَضْرِحَةِ الْمَشْهُورَةِ فَيَجِبُ عَلَى النَّاذِرِ صَرْفُهُ لِمُتَوَلِّي الْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِ وَهُوَ يَفْعَلُ مَا يَرَاهُ فِيهِ، وَمِنْهُ أَنْ يَصْنَعَ بِذَلِكَ طَعَامًا أَوْ خُبْزًا لِمَنْ يَكُونُ بِالْمَحَلِّ الْمَنْذُورِ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ مِنْ خَدَمَتِهِ الَّذِينَ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ لِقِيَامِهِمْ بِمَصَالِحِهِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ لِلْكَعْبَةِ) لَوْ أَوْصَى بِدَرَاهِمَ لِكِسْوَةِ الْكَعْبَةِ أَوْ الضَّرِيحِ النَّبَوِيِّ وَكَانَا غَيْرَ مُحْتَاجَيْنِ لِذَلِكَ حَالًا وَفِيمَا شَرَطَ مِنْ وَقْفِهِ لِكِسْوَتِهِمَا مَا يَفِي بِذَلِكَ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ وَيُدَّخَرُ مَا أَوْصَى بِهِ أَوْ تُجَدَّدُ بِهِ كِسْوَةٌ أُخْرَى لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّعْظِيمِ (قَوْلُهُ: مَا وَهِيَ) أَيْ سَقَطَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: أَوْ يَقْرَأُ عَلَيْهِ) هَلْ الْمُرَادُ مَنْ اعْتَادَ الْقِرَاءَةَ عَلَيْهِ كَالْأَسْبَاعِ الَّتِي اُعْتِيدَ قِرَاءَتُهَا فِي أَوْقَاتٍ مَخْصُوصَةٍ أَوْ لِكُلِّ مَنْ اتَّفَقَتْ قِرَاءَتُهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَادَةٌ بِهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا قَالَ لِلشَّيْخِ الْفُلَانِيِّ) أَيْ أَوْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْوِ ضَرِيحَهُ) وَتُعْلَمُ بِإِخْبَارِهِ (قَوْلُهُ: فَهِيَ بَاطِلَةٌ) شَمِلَ قَوْلَهُ وَلَمْ يَنْوِ مَا لَوْ أَطْلَقَ، وَقِيَاسُ الصِّحَّةِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمَسْجِدِ الصِّحَّةُ هُنَا، وَيُحْمَلُ عَلَى عِمَارَتِهِ وَنَحْوِهَا.

(قَوْلُهُ: لَا بِنَحْوِ مُصْحَفٍ) أَيْ حَيْثُ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ كَافِرًا، أَمَّا لَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي تَبَيَّنَ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ لِأَهْلِ الْحَرْبِ وَالرِّدَّةِ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى لِشَخْصٍ هُوَ حَرْبِيٌّ فَتَصِحُّ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ. وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ أَوْصَيْت لِفُلَانٍ وَلَمْ يَزِدْ وَكَانَ فِي الْوَاقِعِ حَرْبِيًّا، أَمَّا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ الْحَرْبِيِّ أَوْ الْكَافِرِ أَوْ الْمُرْتَدِّ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالْمُشْتَقِّ يُؤْذِنُ بِعِلِّيَّةِ مَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ لِحِرَابَتِهِ أَوْ كُفْرِهِ أَوْ رِدَّتِهِ فَتَفْسُدُ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْكُفْرَ حَامِلًا عَلَى الْوَصِيَّةِ. وَقَوْلُهُ: ضَعِيفٌ سَاقِطٌ: أَيْ ضَعْفًا قَوِيًّا كَمَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لَا لِمَسْجِدٍ سَيُبْنَى) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَصَالِحِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: عَلَى ضَرِيحِ الشَّيْخِ الْفُلَانِيِّ) مُتَعَلِّقٌ بِصِحَّتِهَا، وَعَلَى بِمَعْنَى اللَّامِ كَمَا عَبَّرَ بِهَا فِي التُّحْفَةِ، وَقَوْلُهُ كَالْوَقْفِ اعْتِرَاضٌ (قَوْلُهُ: وَمَنْ يَخْدُمُهُ أَوْ يَقْرَأُ عَلَيْهِ) هَذَا لَا يُنَافِي مَا قَدَّمَهُ أَوَّلَ الْبَابِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا أَوْصَى عَلَى الْعِمَارَةِ وَهَذَا مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا أَوْصَى لِلضَّرِيحِ وَأَطْلَقَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا مَرَّ آنِفًا مِنْ صِحَّتِهَا بِبِنَاءِ قُبَّةٍ عَلَى قَبْرِ وَلِيٍّ أَوْ عَالِمٍ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِحَجِّ وَهُوَ الَّذِي مَرَّ هَذَا فِي كَلَامِهِ، بِخِلَافِ الشَّارِحِ، فَإِنَّ الَّذِي مَرَّ لَهُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا أَوْصَى عَلَى الْعِمَارَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>