للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَدْ مَرَّ حُكْمُهَا (أَوْ غَيْرُهَا) مِنْ وِرْدٍ تَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ وَغِبٍّ تَأْتِي يَوْمًا وَتُقْلِعُ يَوْمًا وَثِلْثٍ تَأْتِي يَوْمَيْنِ وَتُقْلِعُ يَوْمًا وَحُمَّى الْأَخَوَيْنِ تَأْتِي يَوْمَيْنِ وَتُقْلِعُ يَوْمَيْنِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ بَيْنَ طُولِ زَمَنِهَا وَقِلَّتِهِ (إلَّا الرِّبِعَ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ كَالْبَقِيَّةِ وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا وَتُقْلِعُ يَوْمَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَتَقَوَّى فِي يَوْمَيْ الْإِقْلَاعِ، وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِهَا الْمَوْتُ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ فِيهَا تَفْصِيلٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ التَّصَرُّفُ قَبْلَ الْعَرَقِ وَبَعْدِهِ.

وَوَجْهُ تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ أَنَّ مَجِيئَهَا ثَانِيًا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ فِي الرَّابِعِ أَوْ مِنْ رِبْعِ الْإِبِلِ، وَهُوَ وُرُودُ الْمَاءِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَتُسَمِّيهَا الْعَامَّةُ بِالْمُثَلَّثَةِ، وَبَقِيَ مِنْ الْمَخُوفِ أَشْيَاءُ.

مِنْهَا جُرْحٌ نَفَذَ بِجَوْفِهِ أَوْ عَلَى مَقْتَلٍ أَوْ مَحَلٍّ كَثِيرِ اللَّحْمِ أَوْ صَحِبَهُ ضَرَبَانٌ شَدِيدٌ أَوْ تَآكُلٌ أَوْ تَوَرُّمٌ وَقَيْءٌ دَائِمٌ أَوْ صَحِبَهُ خَلْطٌ، وَيَظْهَرُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي دَوَامِهِ بِمَا مَرَّ فِي الْإِسْهَالِ لَا الرُّعَافِ، وَيُلْحَقُ بِالْمَخُوفِ أَشْيَاءُ كَالْوَبَاءِ وَالطَّاعُونِ أَيْ زَمَنَهُمَا فَتَصَرُّفُ النَّاسِ كُلِّهِمْ فِيهِ مَحْسُوبٌ مِنْ الثُّلُثِ، لَكِنْ قَيَّدَهُ فِي الْكَافِي بِمَا إذَا وَقَعَ فِي أَمْثَالِهِ وَهُوَ حَسَنٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَهَلْ يُقَيَّدُ بِهِ إطْلَاقُهُمْ حُرْمَةَ دُخُولِ بَلَدِ الطَّاعُونِ أَوْ الْوَبَاءِ أَوْ الْخُرُوجِ مِنْهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَوْ يُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَعَدَمُ الْفَرْقِ أَقْرَبُ، وَعُمُومُ النَّهْيِ يَشْمَلُ التَّحْرِيمَ مُطْلَقًا (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُلْحَقُ بِالْمَخُوفِ أَسْرُ كُفَّارٍ) أَوْ مُسْلِمِينَ (اعْتَادُوا قَتَلَ الْأُسَرَاءِ وَالْتِحَامُ قِتَالٍ بَيْنَ) اثْنَيْنِ أَوْ حِزْبَيْنِ (مُتَكَافِئَيْنِ) أَوْ قَرِيبَيْ التَّكَافُؤِ اتَّحِدَا إسْلَامًا وَكُفْرًا أَمْ لَا (وَتَقْدِيمٌ لِ) قَتْلٍ بِنَحْوِ (قِصَاصٍ أَوْ رَجْمٍ) وَلَوْ بِإِقْرَارِهِ.

(وَاضْطِرَابُ رِيحٍ وَهَيَجَانُ مَوْجٍ) الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا تَأْكِيدٌ لِتَلَازُمِهِمَا عَادَةً (فِي) حَقِّ (رَاكِبِ سَفِينَةٍ) بِبَحْرٍ أَوْ نَهْرٍ عَظْمٍ كَالنِّيلِ وَالْفُرَاتِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ وَإِنْ أَحْسَنَ السِّبَاحَةَ وَقَرُبَ مِنْ الْبَرِّ حَيْثُ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ النَّجَاةُ مِنْهُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَأَلْحَقَ الْمَاوَرْدِيُّ بِذَلِكَ مَنْ أَدْرَكَهُ سَيْلٌ أَوْ نَارٌ أَوْ أَفْعَى قَتَّالَةٌ أَوْ أَسَدٌ وَلَمْ يَتَّصِلْ ذَلِكَ بِهِ لَكِنَّهُ يُدْرِكُهُ لَا مَحَالَةَ، أَوْ كَانَ بِمَفَازَةٍ وَلَيْسَ ثَمَّ مَا يَأْكُلُهُ وَاشْتَدَّ جُوعُهُ وَعَطَشُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ كَثِيرًا، بَلْ هُوَ لِكَوْنِهِ لَا يَنْفَعُ فِيهِ دَوَاءٌ أَوْلَى مِنْ الْمَرَضِ، وَخَرَجَ بِاعْتَادُوا غَيْرُهُمْ كَالرُّومِ وَبِالِالْتِحَامِ الَّذِي هُوَ اتِّصَالُ الْأَسْلِحَةِ مَا قَبْلَهُ وَإِنَّ تَرَامَوْا بِالنُّشَّابِ وَالْحِرَابِ، وَبِمُتَكَافِئِينَ الْغَالِبَةُ بِخِلَافِ الْمَغْلُوبَةِ وَبِتَقْدِيمٍ لِذَلِكَ الْحَبْسُ لَهُ، وَإِنَّمَا جُعِلَ مِثْلُهُ فِي وُجُوبِ الْإِيصَاءِ الْوَدِيعَةِ وَنَحْوِهَا احْتِيَاطًا لِحِفْظِ مَالِ الْآدَمِيِّ عَنْ الضَّيَاعِ، وَظَاهِرُ تَعْبِيرِهِمْ بِالتَّقْدِيمِ لِلْقَتْلِ أَنَّ مَا قَبْلَهُ وَلَوْ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الْحَبْسِ إلَيْهِ لَا يُعْتَبَرُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِبُعْدِ السَّبَبِ حِينَئِذٍ، وَأَنَّهُ بَعْدَ التَّقْدِيمِ لَوْ مَاتَ بِهَدْمٍ مَثَلًا كَانَ تَبَرُّعُهُ بَعْدَ التَّقْدِيمِ مَحْسُوبًا مِنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

خُرُوجٍ، وَقَوْلُهُ وَكُلُّ ذَلِكَ إلَخْ مِنْ م ر (قَوْلُهُ: فَقَدْ مَرَّ حُكْمُهَا) وَهُوَ أَنَّهَا غَيْرُ مَخُوفَةٍ (قَوْلُهُ: تَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ الزَّمَنُ (قَوْلُهُ: تَأْتِي يَوْمًا) أَيْ وَلَوْ فِي بَعْضِهِ، وَقَوْلُهُ وَتُقْلِعُ يَوْمًا أَيْ لَا تَأْتِي فِيهِ أَصْلًا (قَوْلُهُ: كَالْبَقِيَّةِ) أَيْ فِي كَسْرِ أَوَّلِهَا (قَوْلُهُ فَقَدْ مَرَّ فِيهَا تَفْصِيلٌ إلَخْ) الَّذِي تَقَدَّمَ فِيهِ التَّفْصِيلُ هُوَ مَا لَوْ كَانَتْ الْحُمَّى يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ وَاتَّصَلَ بِهَا الْمَوْتُ وَكَانَ قَبْلَ الْعَرَقِ.

وَأَمَّا التَّفْصِيلُ بَيْنَ كَوْنِ التَّصَرُّفِ قَبْلَ الْعَرَقِ أَوْ بَعْدَهُ مَعَ عَدَمِ اتِّصَالِهَا بِالْمَوْتِ فَلَمْ يَتَقَدَّمْ إلَّا أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ السَّابِقُ وَاتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ: أَيْ بِأَنْ مَاتَ قَبْلَ الْعَرَقِ مِنْ تِلْكَ الْحُمَّى.

أَمَّا إذَا مَاتَ بَعْدَ الْعَرَقِ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَعَلَيْهِ فَلَا تَخَالُفَ (قَوْلُهُ: أَوْ تَأَكُّلُ) أَيْ اللَّحْمِ (قَوْلُهُ بِمَا مَرَّ فِي الْإِسْهَالِ) هُوَ قَوْلُهُ أَيَّامًا (قَوْلُهُ مَحْسُوبٌ مِنْ الثُّلُثِ) أَيْ وَإِنْ مَاتَ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ الْفَرْقِ) أَيْ بَيْنَ تَقْيِيدِ حُرْمَةِ الْخُرُوجِ بِمَنْ وَقَعَ فِي أَمْثَالِهِ وَبَيْنَ تَقْيِيدِ إلْحَاقِ الْمَخُوفِ بِمَنْ وَقَعَ فِي أَمْثَالِهِ، وَقَوْلُهُ أَقْرَبُ: أَيْ فَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا وَقَعَ فِي أَمْثَالِهِ (قَوْلُهُ: يَشْمَلُ التَّحْرِيمَ مُطْلَقًا) أَيْ فَيَشْمَلُ أَمْثَالَهُ وَغَيْرَهُمْ لَكِنَّ التَّقْيِيدَ أَقْرَبُ كَمَا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: وَنَحْوَهُمَا) أَيْ كَتَرْكِ صَلَاةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِإِقْرَارِهِ) إنَّمَا أَخْذُهُ غَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ جَوَازِ رُجُوعِهِ عَنْهُ عَدَمُ إلْحَاقِهِ بِالْمَخُوفِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ) أَيْ عَادَةً، فَلَا يُقَالُ إذَا هَلَكَ بِهِ كَيْفَ يُعْرَفُ أَنَّهُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: أَوْ أَفْعَى قَتَّالَةٌ) أَيْ حَالَتُهَا أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ الْمَوْتُ عَلَى لَدْغِ مِثْلِهَا كَثِيرًا وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا بِخُصُوصِهَا قَتْلٌ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا جُعِلَ) أَيْ الْحَبْسُ، وَقَوْلُهُ مِثْلُهُ: أَيْ التَّقْدِيمِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>