الثُّلُثِ كَالْمَوْتِ أَيَّامَ الطَّاعُونِ بِغَيْرِ الطَّاعُونِ (وَطَلْقُ حَامِلٍ) وَإِنْ تَكَرَّرَتْ وِلَادَتُهَا لِعَظْمِ خَطَرِهَا، وَلِهَذَا كَانَ مَوْتُهَا مِنْهُ شَهَادَةً وَخَرَجَ بِهِ نَفْسُ الْحَمْلِ فَلَيْسَ بِمَخُوفٍ، وَلَا أَثَرَ لِتَوَلُّدِ الطَّلْقِ الْمَخُوفِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَرَضٍ، وَبِهِ فَارَقَ قَوْلَهُمْ لَوْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ إنَّ هَذَا الْمَرَضَ غَيْرُ مَخُوفٍ لَكِنَّهُ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ مَخُوفٌ كَانَ كَالْمَخُوفِ.
(وَبَعْدَ الْوَضْعِ) لِوَلَدٍ مُخَلَّقٍ (مَا لَمْ تَنْفَصِلْ الْمَشِيمَةُ) وَهِيَ الَّتِي تُسَمِّيهَا النِّسَاءُ الْخَلَاصَ؛ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْجُرْحَ الْوَاصِلَ إلَى الْجَوْفِ وَلَا خَوْفَ فِي إلْقَاءِ عَلَقَةٍ وَمُضْغَةٍ، بِخِلَافِ مَوْتِ الْوَلَدِ فِي الْجَوْفِ. أَمَّا إذَا انْفَصَلَتْ الْمَشِيمَةُ فَلَا خَوْفَ، وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْوِلَادَةِ جُرْحٌ أَوْ ضَرَبَانٌ شَدِيدٌ أَوْ وَرَمٌ وَإِلَّا فَحَتَّى يَزُولَ.
الرُّكْنُ الرَّابِعُ: الصِّيغَةُ، وَفَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّالِثِ بِمَا فِي هَذَا الْفَصْلِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ لَهُمَا مُنَاسَبَةٌ بِمَا ذَكَرَهُ قَبْلَهُمَا مِنْ الْإِجَازَةِ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ، وَمِنْ كَوْنِ الْمُوصَى بِهِ قَدْ يَبْلُغُ الثُّلُثَ وَقَدْ لَا وَقَدْ يَكُونُ فِي الْمَرَضِ لَفْظٌ وَقَدْ لَا، وَذَيَّلَ بِهِمَا لِيَتَفَرَّغَ الذِّهْنُ لِلرَّابِعِ لِصُعُوبَتِهِ وَطُولِ الْكَلَامِ فَقَالَ (وَصِيغَتُهَا) أَيْ الْوَصِيَّةُ مَا أَشْعَرَ بِهَا مِنْ لَفْظٍ أَوْ نَحْوِهِ كَكِتَابَةٍ مَعَ نِيَّةٍ كَمَا سَيَأْتِي، وَإِشَارَةِ أَخْرَسَ، فَمِنْ الصَّرِيحِ (أَوْصَيْت) فَمَا أَفْهَمَهُ تَعْرِيفُ الْجُزْأَيْنِ مِنْ الْحَصْرِ غَيْرُ مُرَادٍ (لَهُ بِكَذَا) وَلَوْ لَمْ يَقُلْ بَعْدَ مَوْتِي لَوَضَعَهَا شَرْعًا لِذَلِكَ (أَوْ ادْفَعُوا إلَيْهِ) كَذَا (أَوْ أَعْطُوهُ) كَذَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْ مَالِي أَوْ وَهَبْته أَوْ حَبَوْته أَوْ مَلَّكْته كَذَا أَوْ تَصَدَّقْت عَلَيْهِ بِكَذَا (بَعْدَ مَوْتِي) أَوْ نَحْوِهِ الْآتِي رَاجِعٌ لَمَّا بَعْدَ أَوْصَيْت، وَلَمْ يُبَالِ بِإِيهَامِ رُجُوعِهِ لَهُ نَظَرًا لِمَا عُرِفَ مِنْ سِيَاقِهِ أَنَّ أَوْصَيْت وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُ مَوْضُوعَةٌ لِذَلِكَ (أَوْ جَعَلْته لَهُ) بَعْدَ مَوْتِي (أَوْ هُوَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِي) أَوْ بَعْدَ عَيْنِي أَوْ إنْ قَضَى اللَّهُ عَلَيَّ وَأَرَادَ الْمَوْتَ وَإِلَّا فَهُمَا لَغْوٌ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ إضَافَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْمَوْتِ صَيَّرَتْهَا بِمَعْنَى الْوَصِيَّةِ، وَكَأَنَّ حِكْمَةَ تَكْرِيرِهِ بَعْدَ مَوْتِي اخْتِلَافُ مَا فِي السِّيَاقَيْنِ، إذْ الْأَوَّلُ مَحْضُ أَمْرٍ.
وَالثَّانِي لَفْظُهُ لَفْظُ الْخَبَرِ، وَمَعْنَاهُ الْإِنْشَاءُ، وَزَعَمَ أَنَّهَا لَوْ تَأَخَّرَتْ لَمْ تَعُدْ لِلْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ ضَعِيفٌ كَمَا مَرَّ فِي الْوَقْتِ (فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى) نَحْوِ وَهَبْتُهُ لَهُ فَهُوَ هِبَةٌ نَاجِزَةٌ، أَوْ عَلَى نَحْوِ ادْفَعُوا إلَيْهِ كَذَا مِنْ مَالِي فَتَوْكِيلٌ يَرْتَفِعُ بِنَحْوِ مَوْتِهِ وَفِي هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا لَا يَكُونُ كِنَايَةَ وَصِيَّةٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَلِهَذَا كَانَ مَوْتُهَا مِنْهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ زِنًا (قَوْلُهُ: الْمَخُوفُ مِنْهُ) أَيْ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ وَبِهِ فَارَقَ) أَيْ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَرَضٍ (قَوْلُهُ: لِوَلَدٍ مُخَلَّقٍ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ كَمَالُ الْوَلَدِ وَيَخْرُجُ بِهِ نَحْوُ الْعَلَقَةِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَوْتِ الْوَلَدِ) أَيْ فَإِنَّهُ مَخُوفٌ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ مَاتَ فِي مَظِنَّةِ الْوِلَادَةِ بِحَيْثُ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ الْمَوْتُ كَثِيرًا.
أَمَّا لَوْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَظْهَرْ بَعْدَ مَوْتِهِ تَأَلُّمٌ لِلْمَرْأَةِ بِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مَخُوفًا كَدَوَامِ الْفَالِجِ
(قَوْلُهُ: وَفَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّالِثِ) هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَبْلُ بِقَوْلِهِ وَتَصِحُّ بِالْحَمْلِ وَيُشْتَرَطُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَكُونُ فِي الْمَرَضِ لَفْظٌ) أَيْ ثَمَّ إنْ كَانَ الْإِشْعَارُ بِهَا قَوِيًّا فَصَرِيحَةٌ وَإِلَّا فَكِنَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِشَارَةُ أَخْرَسَ) خَرَجَ بِهِ إشَارَةُ النَّاطِقِ فَلَغْوٌ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ جَوَابًا لِمَنْ قَالَ لَهُ أَوْصَيْت بِكَذَا فَأَشَارَ: أَيْ نَعَمْ (قَوْلُهُ: فَمَا أَفْهَمَهُ تَعْرِيفُ الْجُزْأَيْنِ) هُمَا صِيغَتُهَا وَأَوْصَيْت، وَتَعْرِيفُ الْأَوَّلِ بِالْإِضَافَةِ وَالثَّانِي بِالْعَلَمِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْكَلِمَةَ إذَا أُرِيدَ بِهَا لَفْظُهَا صَارَتْ عَلَمًا عَلَى مَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِ الْآتِي) مِنْ قَوْلِهِ أَوْ بَعْدَ عَيْنِي إلَخْ، وَقَوْلُهُ رَاجِعٌ: أَيْ قَوْلُهُ بَعْدَ مَوْتِي (قَوْلُهُ: بِإِيهَامِ رُجُوعِهِ لَهُ) أَيْ بِقَوْلِهِ أَوْصَيْت، وَقَوْلُهُ مَوْضُوعَةٌ لِذَلِكَ: أَيْ لِلتَّمْلِيكِ بَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُضَمَّ إلَى قَوْلِهِ جَعَلْتُهُ لَهُ أَوْ هُوَ لَهُ، وَقَوْلُهُ فَهُمَا لَغْوٌ: أَيْ قَوْلُهُ جَعَلْتُهُ لَهُ وَهُوَ لَهُ، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ إضَافَةَ كُلٍّ مِنْهَا: أَيْ مِنْ قَوْلِهِ أَعْطُوهُ كَذَا وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: إذْ الْأَوَّلُ مَحْضُ أَمْرٍ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَخَّرَ قَوْلَهُ وَهَبْته وَحَبَوْته وَمَلَّكْته وَتَصَدَّقْتُ عَلَيْهِ عَلَى قَوْلِهِ وَجَعَلْته لَهُ كَانَ أَقْيَسَ (قَوْلُهُ: وَفِي هَذِهِ) أَيْ قَوْلُهُ ادْفَعُوا إلَيْهِ، وَقَوْلُهُ وَمَا قَبْلَهَا هِيَ قَوْلُهُ نَحْوُ وَهَبْته لَهُ، وَقَوْلُهُ لَا تَكُونُ كِنَايَةَ وَصِيَّةٍ: أَيْ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لِمَا عُرِفَ مِنْ سِيَاقِهِ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ مَعْرِفَتِهِ مِنْ سِيَاقِهِ (قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ كَمَا مَرَّ فِي الْوَقْفِ) وَأَيْضًا لَوْ الْتَزَمْنَاهُ لَزِمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute