للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَشَارِحُو كَلَامِهِ أَنَّ الْهَمْزَةَ فِي نَحْو أَزِيدُ فِي الدَّارِ أَمْ عَمْرٌو وَأَزَيْدٌ فِي الدَّارِ أَمْ فِي الْمَسْجِدِ لِطَلَبِ التَّصَوُّرِ، أَمَّا عَلَى مَا حَقَّقَهُ السَّيِّدُ أَنَّ الْهَمْزَةَ فِي نَحْوِ هَذَيْنِ لِطَلَبِ التَّصْدِيقِ؛ لِأَنَّ السَّائِلَ مُتَصَوِّرٌ لِكُلٍّ مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَلِلدَّارِ وَلِلْمَسْجِدِ قَبْلَ جَوَابِ سُؤَالِهِ وَبَعْدَ الْجَوَابِ لَمْ يَزِدْ لَهُ شَيْءٌ فِي تَصَوُّرِهَا أَصْلًا بَلْ بَقِيَ تَصَوُّرُهَا عَلَى مَا كَانَ وَالْحَاصِلُ بِالْجَوَابِ هُوَ التَّصْدِيقُ أَيْ الْحُكْمُ الَّذِي هُوَ إدْرَاكُ النِّسْبَةِ إلَى أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ وَاقِعَةٌ أَوْ لَا؟

فَهَلْ فِي كَلَامِهِ بَاقِيَةٌ عَلَى وَضْعِهَا مِنْ طَلَبِ إيجَابِيٍّ أَوْ سَلْبِيٍّ، وَأَمْ فِي كَلَامِهِ مُنْقَطِعَةٌ لَا مُتَّصِلَةٌ، لَا مَانِعَ مِنْ وُقُوعِهَا فِي حَيِّزِ هَلْ تَشْبِيهًا لَهُ بِوُقُوعِهَا فِي حَيِّزِ الْهَمْزَةِ الَّتِي بِمَعْنَاهَا (يَمْلِكُ الْمُوصَى لَهُ) الْمُعَيَّنُ الْمُوصَى بِهِ الَّذِي لَيْسَ إعْتَاقًا (بِمَوْتِ الْمُوصِي أَمْ بِقَبُولِهِ أَمْ) الْمِلْكُ (مَوْقُوفٌ) وَمَعْنَى الْوَقْفِ هُنَا عَدَمُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ عَقِبَ الْمَوْتَ بِشَيْءٍ (فَإِنْ قَبِلَ بَانَ أَنَّهُ مِلْكٌ بِالْمَوْتِ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْبَلْ بِأَنْ رَدَّ (بَانَ) أَنَّهُ مِلْكٌ (لِلْوَارِثِ) مِنْ حِينِ الْمَوْتِ (أَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا الثَّالِثُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ لِلْمَيِّتِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ، وَلَا لِلْوَارِثِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ إلَّا بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَالدَّيْنِ، وَلَا لِلْمُوصَى لَهُ وَإِلَّا لَمَا صَحَّ رَدُّهُ كَالْإِرْثِ فَتَعَيَّنَ وَقْفُهُ (وَعَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ (تُبْنَى الثَّمَرَةُ وَكَسْبُ عَبْدٍ حَصَلَا) لَا قَلَاقَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ تَعْرِيفَ ثَمَرَةَ جِنْسِيٌّ فَسَاوَى التَّنْكِيرَ فِي كَسْبٍ وَوَقَعَ حِينَئِذٍ حَصَلَا صِفَةً لَهُمَا مِنْ غَيْرِ إشْكَالٍ فِيهِ كَمَا أَفَادَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ (بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْقَبُولِ) وَكَذَا بَقِيَّةُ الْفَوَائِدِ الْحَاصِلَةِ حِينَئِذٍ (وَنَفَقَتُهُ وَفِطْرَتُهُ) وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْمُؤَنِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَهُ الْأَوَّلَانِ وَعَلَيْهِ الْآخَرَانِ وَعَلَى الثَّانِي لَا، وَلَا قَبْلَ الْقَبُولِ بَلْ لِلْوَارِثِ، وَعَلَيْهِ وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ هِيَ مَوْقُوفَةٌ.

فَإِنْ قَبِلَ فَلَهُ الْأَوَّلَانِ وَعَلَيْهِ الْآخَرَانِ وَإِلَّا فَلَا، وَإِذَا رَدَّ فَالزَّائِدُ بَعْدَ الْمَوْتِ لِلْوَارِثِ وَلَيْسَتْ مِنْ التَّرِكَةِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا دَيْنٌ (وَيُطَالَبُ) يَصِحُّ بِنَاؤُهُ لِلْفَاعِلِ فَالضَّمِيرُ لِلْعَبْدِ وَلِلْمَفْعُولِ فَهُوَ لِكُلِّ مَنْ صَلُحَتْ مِنْهُ الْمُطَالَبَةُ كَالْوَارِثِ أَوْ وَلِيِّهِ وَالْمُوصِي (وَالْمُوصَى لَهُ بِالنَّفَقَةِ إنْ تَوَقَّفَ فِي قَبُولِهِ وَرَدِّهِ) فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ وَلَمْ يَرُدَّ خَيَّرَهُ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ أَبَى حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْإِبْطَالِ كَمُتَحَجِّرٍ امْتَنَعَ مِنْ الْإِحْيَاءِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ جَرَيَانُ ذَلِكَ عَلَى الْأَقْوَالِ كُلِّهَا، وَاسْتَشْكَلَ جَرَيَانُهُ عَلَى الثَّانِي بِأَنَّ الْمِلْكَ لِغَيْرِهِ فَكَيْفَ يُطَالَبُ بِالنَّفَقَةِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ مُطَالَبَتَهُ بِهَا وَسِيلَةٌ لِفَصْلِ الْأَمْرِ بِالْقَبُولِ أَوْ الرَّدِّ فَجَازَ لِذَلِكَ، وَبِهَذَا يُجَابُ أَيْضًا عَنْ تَرْجِيحِ ابْنِ الرِّفْعَةِ عَلَى قَوْلِ الْوَقْفُ وُجُوبُ التَّفَقُّهِ عَلَيْهِمَا كَاثْنَيْنِ عَقَدَا عَلَى امْرَأَةٍ وَجُهِلَ السَّابِقُ، وَفَرَّقَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُعْتَرِفٌ بِوُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ مُتَمَكِّنًا مِنْ دَفْعِ الْآخَرَ، بِخِلَافِهِمَا هُنَا مَرْدُودٌ بِمَا مَرَّ فِي خِيَارِ الْبَيْعِ مِنْ أَنَّهُمَا يُطَالَبَانِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوَقْفِ مَعَ فَقْدِ نَظِيرِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الِاعْتِرَافِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ السَّبَبُ فِي مُطَالَبَتِهِمَا وَالْكَلَامُ فِي الْمُطَالَبَةِ حَالًا.

أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِقْرَارِ فَهِيَ عَلَى الْمُوصَى لَهُ إنْ قَبِلَ وَإِلَّا فَعَلَى الْوَارِثِ وَفِي وَصِيَّةِ التَّمَلُّكِ.

أَمَّا لَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ قِنٍّ مُعَيَّنٍ بَعْدَ مَوْتِهِ فَالْمِلْكُ فِيهِ لِلْوَارِثِ إلَى عِتْقِهِ قَطْعًا كَمَا قَالَاهُ فَبَدَلُهُ لَوْ قُتِلَ لَهُ وَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا.

نَعَمْ كَسْبُهُ لَهُ لَا لِلْوَارِثِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْبَحْرِ لِتَقَرُّرِ اسْتِحْقَاقِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مِنْهُ: أَيْ الْمُوصَى بِهِ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَرِثْ: أَيْ الْوَلَدُ، وَقَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ قَبُولُهُ: أَيْ إيَّاهُ (قَوْلُهُ: لَا قَلَاقَةَ فِيهِ) وَلَعَلَّ وَجْهَهَا عِنْدَ مَنْ ادَّعَاهَا أَنَّ الثَّمَرَةَ مَعْرِفَةٌ وَكَسْبَ الْعَبْدِ نَكِرَةٌ لِإِضَافَتِهِ إلَى نَكِرَةٍ، فَجُمْلَةُ حَصَلَا لَا يَحْسُنُ إعْرَابُهَا حَالًا مِنْهُمَا لِتَنْكِيرِ الْكَسْبِ، وَلَا صِفَةً لَهُمَا لِتَعْرِيفِ الثَّمَرَةِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجُمَلَ الْوَاقِعَةَ بَعْدَ الْمَعَارِفِ أَحْوَالٌ وَبَعْدَ النَّكِرَاتِ صِفَاتٌ وَهِيَ هُنَا بَعْدَ مَعْرِفَةٍ وَنَكِرَةٍ، فَمُرَاعَاةُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ تَحَكَّمْ.

هَذَا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ عَطْفَ النَّكِرَةِ عَلَى الْمَعْرِفَةِ كَعَكْسِهِ مُسَوِّغٌ لِمَجِيءِ الْحَالِ مِنْهُمَا فَالتَّعْبِيرُ صَحِيحٌ وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ التَّنْكِيرُ فِي الثَّمَرَةِ (قَوْلُهُ: وَاسْتُشْكِلَ جَرَيَانُهُ عَلَى الثَّانِي) هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَمْ بِقَبُولِهِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ هُوَ) أَيْ الِاعْتِرَافُ (قَوْلُهُ وَفِي وَصِيَّةِ التَّمَلُّكِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْمُطَالَبَةِ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ قِنٍّ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ الَّذِي لَيْسَ بِإِعْتَاقٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ كَسْبُهُ) أَيْ الْحَاصِلُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلِلْمَفْعُولِ فَهُوَ) يَعْنِي الطَّلَبَ الْمَفْهُومَ مِنْ يُطَالِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>