للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كَالْفُقَرَاءِ لَزِمَتْ بِالْمَوْتِ بِلَا) اشْتِرَاطِ (قَبُولٍ) لِتَعَذُّرِهِ مِنْهُمْ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ لِفُقَرَاءِ مَحَلِّ كَذَا وَانْحَصَرُوا بِأَنْ سَهُلَ عَادَةً عَدُّهُمْ تَعَيَّنَ قَبُولُهُمْ وَوَجَبَتْ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ، وَلَوْ رَدَّ غَيْرَ الْمَحْصُورِينَ لَمْ يَرْتَدَّ بِرَدِّهِمْ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ لَزِمَتْ بِالْمَوْتِ، وَدَعْوَى أَنَّ عَدَمَ حَصْرِهِمْ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ تَصَوُّرِ رَدِّهِمْ مَرْدُودَةٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الْحَصْرِ كَثْرَتُهُمْ بِحَيْثُ يَشُقُّ عَادَةً اسْتِيعَابُهُمْ فَاسْتِيعَابُهُمْ مُمْكِنٌ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ تَصَوُّرُ رَدِّهِمْ، وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِتَعَذُّرِ قَبُولِهِمْ تَعَذُّرُهُ غَالِبًا أَوْ بِاعْتِبَارِ مَا مِنْ شَأْنِهِ، وَيَجُوزُ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْ غَيْرِ الْمَحْصُورِينَ وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ

(أَوْ) أَوْصَى (لِمُعَيِّنٍ) لَا كَالْعَلَوِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ كَالْفُقَرَاءِ (اُشْتُرِطَ الْقَبُولُ) مِنْهُ إنْ تَأَهَّلَ وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ لِغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْقِنِّ وَإِلَّا فَمِنْ وَلِيِّهِ أَوْ سَيِّدِهِ أَوْ نَاظِرِ الْمَسْجِدِ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْخَيْلِ الْمُسَبَّلَةِ فِي الثُّغُورِ لَا تَحْتَاجُ لِقَبُولٍ؛ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْجِهَةَ الْعَامَّةَ، وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْمُعَيَّنِ بِالْعِتْقِ كَأَعْتِقُوا هَذَا بَعْدَ مَوْتِي لَمْ يُشْتَرَطْ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ حَقًّا مُؤَكَّدًا لِلَّهِ فَكَانَ كَالْجِهَةِ الْعَامَّةِ، وَكَذَا الْمُدَبَّرُ بِخِلَافِ أَوْصَيْت لَهُ بِرَقَبَتِهِ لِاقْتِضَاءِ هَذِهِ الصِّيغَةِ الْقَبُولَ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ قَبُولَ اللَّفْظِيِّ، وَيُشْبِهُ الِاكْتِفَاءَ بِالْفِعْلِ وَهُوَ الْأَخْذُ كَالْهَدِيَّةِ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ

(وَلَا يَصِحُّ قَبُولٌ وَلَا رَدٌّ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي) وَلَا مَعَ مَوْتِهِ، إذْ لَا حَقَّ لَهُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ فَلِمَنْ رَدَّ حِينَئِذٍ الْقَبُولَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَعَكْسَهُ بِخِلَافِهِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ نَعَمْ الْقَبُولُ بَعْدَ الرَّدِّ لَا اعْتِبَارَ بِهِ كَالرَّدِّ بَعْدَ قَبُولٍ، سَوَاءً أَقَبَضَ أَمْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَمِنْ صَرِيحِ الرَّدِّ رَدَدْتهَا أَوْ لَا أَقْبَلُهَا أَوْ أَبْطَلْتهَا أَوْ أَلْغَيْتهَا، وَمِنْ كِنَايَاتِهِ نَحْوُ لَا حَاجَةَ لِي بِهَا وَأَنَا غَنِيٌّ عَنْهَا، وَهَذِهِ لَا تَلِيقُ بِي فِيمَا يَظْهَرُ (وَلَا يُشْتَرَطُ بَعْدَ مَوْتِهِ الْفَوْرُ) فِي الْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي عَقْدٍ نَاجِزٍ يَتَّصِلُ قَبُولُهُ بِإِيجَابِهِ نَعَمْ يَلْزَمُ الْوَلِيَّ الْقَبُولُ أَوَ الرَّدُّ فَوْرًا بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِمَّا اقْتَضَتْهُ الْمَصْلَحَةُ عِنَادًا انْعَزَلَ أَوْ مُتَأَوِّلًا قَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ.

وَالْأَوْجَهُ صِحَّةُ اقْتِصَارِهِ عَلَى قَبُولِ الْبَعْضِ فِيهَا وَفِي الْهِبَةِ، إذْ اشْتِرَاطُ الْمُطَابَقَةِ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ إنَّمَا هِيَ فِي الْبَيْعِ، وَالْوَصِيَّةُ وَالْهِبَةُ لَيْسَتَا كَذَلِكَ.

(فَإِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي، وَكَذَا لَوْ مَاتَ مَعَهُ (بَطَلَتْ) الْوَصِيَّةُ لِعَدَمِ لُزُومِهَا وَأَيْلُولَتِهَا لِلُّزُومِ حِينَئِذٍ (أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبْلَ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ لَمْ تَبْطُلْ (فَيَقْبَلُ وَارِثُهُ) وَلَوْ الْإِمَامَ فِيمَنْ يَرِثُهُ بَيْتُ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ خَلِيفَتُهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَبِلَ قُضِيَ دَيْنُ مُوَرِّثِهِ مِنْهُ، نَعَمْ قَبُولُ الْوَارِثِ يُخَالِفُ قَبُولَ الْمُوصَى لَهُ فِيمَا إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِوَلَدِهِ فَقِبَلَ عَتَقَ عَلَيْهِ الْوَلَدُ وَوَرِثَ، فَإِذَا قَبِلَ وَارِثُهُ عِتْقَ الْوَلَدِ وَلَمْ يَرِثْ؛ لِأَنَّا لَوْ وَرَّثْنَاهُ لَاعْتُبِرَ قَبُولُهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتَبَرَ لِبَقَاءِ رِقِّهِ، وَلَا يَصِحُّ قَبُولُهُ فَلَا يُعْتَبَرُ كَذَا حَكَاهُ فِي الشَّامِلِ عَنْ الْأَصْحَابِ (وَهَلْ) جَرَى عَلَى الْعُرْفِ فِي اسْتِعْمَالِ هَلْ فِي مَقَامِ طَلَبِ التَّصَوُّرِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْهَمْزَةِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ وَلِذَا أَتَى فِي حَيِّزِهَا بِأَمْ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي، وَجَرَى عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ الْمَحْصُورِينَ) أَمَّا الْمَحْصُورُونَ فَيَجِبُ اسْتِيعَابُهُمْ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ، وَمِنْهُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ فِي الْوَصِيَّةِ لِمُجَاوِرِي الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ فَتَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ لِانْحِصَارِهِمْ لِسُهُولَةِ عَدِّهِمْ؛ لِأَنَّ أَسْمَاءَهُمْ مَكْتُوبَةٌ مَضْبُوطَةٌ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ بِحَيْثُ يَشُقُّ عَادَةً اسْتِيعَابُهُمْ وَهُوَ الْأَقْرَبُ عَمَلًا بِمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ

(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يُشْتَرَطْ قَبُولُهُ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَعْتِقُ إلَّا بِالْإِعْتَاقِ مِنْ الْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ فَلَوْ امْتَنَعَ الْوَارِثُ مِنْ إعْتَاقِهِ أُجْبِرَ عَلَيْهِ لِلُزُومِهِ (قَوْلُهُ: وَيُشْبِهُ الِاكْتِفَاءَ بِالْفِعْلِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَبُولِ اللَّفْظِيِّ إلَخْ أَيْ خِلَافًا لحج.

(قَوْلُهُ وَهَذِهِ لَا تَلِيقُ بِي فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ لَائِقَةً بِهِ فِي الْوَاقِعِ؛ لِأَنَّ هَذَا قَدْ يُذْكَرُ لِإِظْهَارِ التَّعَفُّفِ (قَوْلُهُ انْعَزَلَ) وَقَضِيَّةُ الِانْعِزَالِ بِذَلِكَ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ صِحَّةُ اقْتِصَارِهِ إلَخْ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ وَكَذَا وَلِيُّهُ إنْ اقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ عِنَادًا انْعَزَلَ فَلَا يَصِحُّ قَبُولُهُ أَوْ مُتَأَوِّلًا صَحَّ فِيمَا قَبْلَهُ وَقَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ فِي الْبَاقِي.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَبِلَ) أَيْ الْوَارِثُ وَلَوْ إمَامًا (قَوْلُهُ: قَضَى دَيْنَ مُوَرِّثِهِ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ، وَقَوْلُهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>