للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَجِيءُ بَعْضِهِ هُنَا إذْ حَاضِرُ الشَّيْءِ وَجَارُهُ مُتَقَارِبَانِ وَكَمَا حَكَمَ الْعُرْفُ ثُمَّ يُحْكَمُ هُنَا، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اعْتِبَارَ الَّتِي هُوَ بِهَا حَالَتَيْ الْوَصِيَّةِ وَالْمَوْتِ وَالزَّرْكَشِيُّ اعْتِبَارُ الَّتِي مَاتَ بِهَا وَالْوَجْهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَنَّ الْمَسْجِدَ كَغَيْرِهِ فِيمَا تَقَرَّرَ، وَلَوْ رَدَّ بَعْضَ الْجِيرَانِ رَدَّ عَلَى بَقِيَّتِهِمْ فِي أَوْجَهِ احْتِمَالَيْنِ.

(وَالْعُلَمَاءُ) فِي الْوَصِيَّةِ لَهُمْ هُمْ الْمَوْصُوفُونَ يَوْمَ الْمَوْتِ لَا الْوَصِيَّةُ كَمَا هُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ بِأَنَّهُمْ (أَصْحَابُ عُلُومِ الشَّرْعِ مِنْ تَفْسِيرٍ) وَهُوَ مَعْرِفَةُ مَعَانِي كُلِّ آيَةٍ وَمَا أُرِيدَ بِهَا نَقْلًا فِي التَّوْقِيفِيِّ وَاسْتِنْبَاطًا فِي غَيْرِهِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْفَارِقِيُّ: لَا يُصْرَفُ لِمَنْ عَلِمَ تَفْسِيرَ الْقُرْآنِ دُونَ أَحْكَامِهِ؛ لِأَنَّهُ كَنَاقِلِ الْحَدِيثِ (وَحَدِيثُ) وَهُوَ عِلْمٌ يُعْرَفُ بِهِ حَالُ الرَّاوِي قُوَّةً وَضِدَّهَا وَالْمَرْوِيَّ صِحَّةً وَضِدَّهَا وَعِلَلَ ذَلِكَ، وَلَا عِبْرَةَ بِمُجَرَّدِ الْحِفْظِ وَالسَّمَاعِ (وَفِقْهٌ) بِأَنْ يَعْرِفَ مِنْ كُلِّ بَابٍ طَرَفًا صَالِحًا يَهْتَدِي بِهِ إلَى مَعْرِفَةِ بَاقِيهِ مُدْرِكًا وَاسْتِنْبَاطًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا عَمَلًا بِالْعُرْفِ الْمُطَّرِدِ الْمَحْمُولِ عَلَيْهِ غَالِبُ الْوَصَايَا فَإِنَّهُ حَيْثُ أُطْلِقَ الْعَالِمُ لَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ إلَّا أَحَدُ هَؤُلَاءِ، وَيَكْفِي ثَلَاثَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْعُلُومِ الثَّلَاثَةِ أَوْ بَعْضِهَا، وَلَوْ عَيَّنَ عُلَمَاءَ بَلَدٍ أَوْ فُقَرَاءَهُ مَثَلًا وَلَا عَالِمَ أَوْ لَا فَقِيرَ فِيهِمْ وَقْتَ الْمَوْتِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَلَوْ اجْتَمَعَتْ الثَّلَاثَةُ فِي وَاحِدٍ أَخَذَ بِأَحَدِهَا فَقَطْ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ.

وَلَوْ أَوْصَى لِأَعْلَمِ النَّاسِ اخْتَصَّ بِالْفُقَهَاءِ لِتَعَلُّقِ الْفِقْهِ بِأَكْثَرِ الْعُلُومِ وَالْمُتَفَقِّهُ مَنْ اشْتَغَلَ بِتَحْصِيلِ الْفِقْهِ وَحَصَّلَ شَيْئًا مِنْهُ لَهُ وَقْعٌ (لَا مُقْرِئٌ) وَإِنْ أَحْسَنَ طُرُقَ الْقِرَاءَاتِ وَأَدَّاهَا وَضَبَطَ مَعَانِيهَا وَأَحْكَامَهَا (وَأَدِيبٌ) وَهُوَ مَنْ يَعْرِفُ الْعُلُومَ الْعَرَبِيَّةَ نَحْوًا وَبَيَانًا وَصَرْفًا وَلُغَةً وَشِعْرًا وَمُتَعَلِّقَاتِهَا (وَمُعَبِّرٌ) لِلرُّؤْيَا الْحُلْمِيَّةِ، وَالْأَفْصَحُ عَابِرٌ مِنْ عَبَرَ بِالتَّخْفِيفِ، وَفِي الْخَبَرِ " الرُّؤْيَا لِأَوَّلِ عَابِرٍ " (وَطَبِيبٌ) وَهُوَ مَنْ يَعْرِفُ عَوَارِضَ بَدَنِ الْإِنْسَانِ صِحَّةً وَضِدَّهَا، وَمَا يَحْصُلُ أَوْ مَا يُزِيلُ كُلًّا مِنْهُمَا (وَكَذَا مُتَكَلِّمٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ) وَإِنْ كَانَ عِلْمُهُ بِالنَّظَرِ لِمُتَعَلِّقِهِ أَفْضَلُ الْعُلُومِ وَأُصُولِيٌّ مَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ الْفِقْهُ مَبْنِيًّا عَلَى عِلْمِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَقِيهٍ خِلَافًا لِلصَّيْمَرِيِّ، وَصَاحِبُ الْبَيَانِ وَمَنْطِقِيٌّ وَإِنْ تَوَقَّفَ كَمَالَاتُ الْعُلُومِ عَلَى عِلْمِهِ، وَصُوفِيٌّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَيَنْبَغِي أَنَّهُ كَمَا لَوْ عُلِمَ الِاسْتِوَاءُ، أَمَّا لَوْ عُلِمَ التَّفَاوُتُ وَرُجِيَ الْبَيَانُ فَيَنْبَغِي التَّوَقُّفُ فِيمَا يُصْرَفُ لَهُ إلَى ظُهُورِ الْحَالِ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ إلَخْ وَقَوْلُهُ اعْتِبَارُ الَّتِي هُوَ بِهَا ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: فِيمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي أَنَّهُ يُعْطَى كَأَحَدِ الدُّورِ، وَفِي أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لِجِيرَانِ الْمَسْجِدِ يُصْرَفُ لِأَرْبَعِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ.

(قَوْلُهُ: وَمَا أُرِيدَ بِهَا) أَيْ مِنْ الْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ مُدْرَكًا وَاسْتِنْبَاطًا) وَيُرْجَعُ فِي حَدِّهِ فِي كُلِّ زَمَنٍ إلَى عُرْفَ أَهْلِ مَحَلَّتِهِ فَفِي زَمَانِنَا الْعَارِفُ لِمَا اُشْتُهِرَ الْإِفْتَاءُ بِهِ مِنْ مَذْهَبِهِ يُعَدُّ فَقِيهًا وَإِنْ لَمْ يَسْتَحْضِرْ مِنْ كُلِّ بَابٍ مَا يَهْدِي بِهِ إلَى بَاقِيهِ (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ) قَدْ يَتَّجِهُ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يُوجَدْ بِتِلْكَ الْبَلَدِ عُلَمَاءُ بِغَيْرِ الْعُلُومِ الثَّلَاثَةِ وَإِلَّا حُمِلَ عَلَيْهِمْ، كَمَا لَوْ أَوْصَى بِشَاةٍ وَلَا شَاةَ لَهُ وَعِنْدَهُ ظِبَاءٌ تُحْمَلُ الْوَصِيَّةُ عَلَيْهَا فَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ فِي وَصِيَّتِهِ أَهْلَ مَحَلٍّ صُرِفَ إلَيْهِمْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ اُتُّفِقَ وُجُودُهُمْ فِيهِ وَإِنْ بَعُدَ وَلَهُ الصَّرْفُ إلَى غَيْرِ بَلَدِ الْمُوصِي وَإِنْ كَانَ فِيهِ فُقَرَاءُ أَوْ عُلَمَاءُ (قَوْلُهُ: وَفِي الْخَبَرِ الرُّؤْيَا لِأَوَّلِ عَابِرٍ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ رَأَى رُؤْيَا وَقَصَّهَا عَلَى جَمَاعَةٍ طَابَقَتْ مَا قَالَهُ أَوَّلُهُمْ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ التَّعْبِيرِ، وَلَكِنْ يَحْرُمُ عَلَى مَنْ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّأْوِيلِ؛ لِأَنَّهُ إفْتَاءٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ (قَوْلُهُ وَكَذَا مُتَكَلِّمٌ) أَيْ عَالِمٌ بِالْعَقَائِدِ (قَوْلُهُ: وَصَاحِبُ الْبَيَانِ) هُوَ الْعِمْرَانِيُّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) مُقَابِلُ مَا جَزَمَ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ اسْتَوَوْا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْوَجْهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَنَّ الْمَسْجِدَ كَغَيْرِهِ) أَيْ فَلَوْ أَوْصَى شَخْصٌ لِجِيرَانِ الْمَسْجِدِ جُعِلَ الْمَسْجِدُ كَدَارِ الْمُوصِي فِيمَا مَرَّ فِيهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ شَرْحِ الشَّيْخِ فِي الرَّوْضِ، وَهَذَا اسْتَوْجَهَهُ الشَّيْخُ بَعْدَ مَا نَقَلَ عَنْ غَيْرِهِ أَنَّ جَارَ الْمَسْجِدِ مَنْ يَسْمَعُ نِدَاءَهُ

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَعْرِفَةُ مَعَانِي كُلِّ آيَةٍ) قَالَ الشِّهَابُ سم: ظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ مَعْرِفَةِ الْجَمِيعِ بِالْفِعْلِ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ. اهـ. .

<<  <  ج: ص:  >  >>