للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِلْفُقَرَاءِ وَبَطَلَتْ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ، أَوْ لِزَيْدٍ وَلِلَّهِ تَعَالَى فَلِزَيْدٍ النِّصْفُ وَالْبَاقِي يُصْرَفُ فِي وُجُوهِ الْقُرَبِ؛ لِأَنَّهَا مَصْرِفُ الْحُقُوقِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ بِثُلُثِ مَالِهِ لِلَّهِ فَفِي وُجُوهِ الْبِرِّ عَلَى مَا ذُكِرَ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِلَّهِ فَلِلْمَسَاكِينِ أَوْ لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَهُنَّ ثَلَاثٌ وَلِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ جُعِلَ الْمُوصَى بِهِ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا

(أَوْ) أَوْصَى (لِجَمْعٍ مُعَيَّنٍ غَيْرِ مُنْحَصِرٍ) (كَالْعَلَوِيَّةِ) وَهُمْ الْمَنْسُوبُونَ لِعَلِيٍّ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ فَاطِمَةَ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهَا وَالْهَاشِمِيَّةِ وَبَنِي تَمِيمٍ (صَحَّتْ) هَذِهِ الْوَصِيَّةُ (فِي الْأَظْهَرِ وَلَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَلَاثَةٍ) كَالْوَصِيَّةِ لِلْفُقَرَاءِ وَالثَّانِي الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّ التَّعْمِيمَ يَقْتَضِي الِاسْتِيعَابَ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ بِخِلَافِ الْفُقَرَاءِ فَإِنَّ عُرْفَ الشَّرْعِ خَصَّصَهُ بِثَلَاثَةٍ فَاتُّبِعَ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْوَصَايَا يُتَّبَعُ فِيهَا عُرْفُ الشَّرْعِ غَالِبًا حَيْثُ عُلِمَ (أَوْ) أَوْصَى (لِأَقَارِبِ زَيْدٍ) مَثَلًا أَوْ رَحِمِهِ (دَخَلَ كُلُّ قَرَابَةٍ لَهُ وَإِنْ بَعُدَ) وَارِثًا وَكَافِرًا وَغَنِيًّا وَفَقِيرًا وَضِدَّهُمْ فَيَجِبُ اسْتِيعَابُهُمْ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ وَإِنْ كَثُرُوا، وَشَقَّ اسْتِيعَابُهُمْ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ، وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ لَوْ لَمْ يَنْحَصِرُوا فَكَالْعَلَوِيَّةِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ حَصْرِهِمْ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يُذْكَرُ عُرْفًا شَائِعًا لِإِرَادَةِ جِهَةِ الْقُرْبَةِ فَعَمَّ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا قَرِيبٌ صُرِفَ لَهُ الْكُلُّ، وَلَمْ يَنْظُرُوا لِكَوْنِ ذَلِكَ اللَّفْظِ جَمْعًا فَاسْتَوَى الْأَبْعَدُ مَعَ غَيْرِهِ مَعَ كَوْنِ الْأَقَارِبِ جَمْعُ أَقْرَبَ وَهُوَ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ الْمَارِّ إنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِمْ غَيْرُ الْوَارِثِ مَا لَوْ كَانَ قَرِيبَهُ رَقِيقًا فَتَصِحُّ وَيَكُونُ نَصِيبُهُ لِسَيِّدِهِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ النَّاشِرِيُّ، وَإِنْ تَعَقَّبَهُ فِي الْإِسْعَادِ فَقَالَ: يَنْبَغِي دُخُولُهُمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَقَارِبُ أَحْرَارٌ، فَإِنْ كَانُوا فَلَا دَخْلَ لَهُمْ مَعَهُمْ لِعَدَمِ قَصْدِهِمْ بِالْوَصِيَّةِ (إلَّا أَصْلًا) أَيْ أَبًا أَوْ أُمًّا (وَفَرْعًا) أَيْ وَلَدًا (فِي الْأَصَحِّ) إذْ لَا يُسَمَّوْنَ أَقَارِبَ عُرْفًا: أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَصِيَّةِ فَلَا يُنَافِي تَسْمِيَتَهُمَا أَقَارِبَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ.

وَالثَّانِي يَدْخُلَانِ لِدُخُولِهِمَا فِي الْوَصِيَّةِ لِأَقْرَبَ أَقَارِبِهِ، وَعُدِلَ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ لِإِفَادَةِ دُخُولِ الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ وَالْأَحْفَادِ فِي الْأَقَارِبِ (وَلَا تَدْخُلُ قَرَابَةُ أُمٍّ فِي وَصِيَّةِ الْعَرَبِ فِي الْأَصَحِّ) إذَا كَانَ الْمُوصِي عَرَبِيًّا؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَفْتَخِرُونَ بِهَا وَلَا يَعُدُّونَهَا قَرَابَةً وَالثَّانِي تَدْخُلُ فِي وَصِيَّةِ الْعَرَبِ كَالْعَجَمِ، وَقَوَّاهُ فِي الشَّرْحَيْنِ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَاعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «سَعْدٌ خَالِي

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ بِزَيْدٍ وَالْفُقَرَاءِ عَدَمُ انْحِصَارِ الْمَدْفُوعِ فِي أَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ وَأَنَّ النَّظَرَ فِيهِ لِلْوَصِيِّ فَيُعْطِيهِ مَا رَآهُ وَلَا يَحْرِمُهُ.

وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَبَطَلَتْ فِيمَا زَادَ أَنَّهُ لَا يُعْطَى زِيَادَةً عَلَى أَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ، وَعَلَيْهِ فَالتَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ إلَخْ فِي أَصْلِ الْمُعْطَى لَا فِي مِقْدَارِهِ.

وَالْفَرْقُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ فِيمَا لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ وَالْفُقَرَاءِ الْمُوصَى بِهِ مُعَيَّنٌ وَقَطَعَ الْمُوصِي تَعَلُّقَ الْوَارِثِ بِشَيْءٍ مِنْهُ وَفَوَّضَ مَحَلَّ صَرْفِ مَا أَخْرَجَهُ لِلْوَصِيِّ أَوْ الْحَاكِمِ، وَفِيمَا لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ وَالْمَلَائِكَةِ جَعَلَ مِنْهُ جُزْءًا لِزَيْدٍ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ فَصَارَ مِقْدَارُ مَا لِزَيْدٍ مَشْكُوكًا فِيهِ فَحُمِلَ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ وَبَطَلَ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي التَّرِكَةِ أَنَّهَا لِلْوَارِثِ إلَّا مَا تَحَقَّقَ خُرُوجُهُ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مُمْتَنِعٌ) أَيْ مُتَعَذِّرٌ (قَوْلُهُ: وَارِثًا وَكَافِرًا وَغَنِيًّا) قَدْ يُخَالِفُ هَذَا مَا مَرَّ عَنْ حَجّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِجِيرَانِهِ أَوْ الْعُلَمَاءِ أَوْ نَحْوِهِمْ لَا تَدْخُلُ الْوَرَثَةُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُوصَى لَهُمْ عَادَةً، وَيُجَابُ بِأَنَّ الَّذِينَ لَا يُوصَى لَهُمْ عَادَةً وَرَثَةُ الْمُوصِي، فَلَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِهِ نَفْسِهِ لَمْ تَدْخُلْ وَرَثَتُهُ كَمَا يَأْتِي، وَالْمُوصَى لَهُمْ هُنَا هُمْ أَقَارِبُ زَيْدٍ وَهُمْ مِنْ غَيْرِ وَرَثَةِ الْمُوصِي، وَعَلَيْهِ فَلَوْ اتَّفَقَ أَنَّ بَعْضَ أَقَارِبِ زَيْدٍ كَانَ مِنْ وَرَثَةِ الْمُوصِي لَمْ يُدْفَعْ لَهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: فَاسْتَوَى الْأَبْعَدُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ: أَيْ وَمِنْ أَجْلِ كَوْنِ الْمَقْصُودِ بِهِ عُرْفًا الْجِهَةَ لَمْ يُنْظَرْ إلَى الْعَدَدِ وَلَا لِكَوْنِهِ اسْمَ تَفْضِيلٍ (قَوْلُهُ: جَمْعُ أَقْرَبَ) فِي الْمُخْتَارِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ جَمْعُ قَرِيبٍ حَيْثُ قَالَ وَالْقَرَابَةُ الرَّحِمُ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِلَّهِ فَلِلْمَسَاكِينِ) كَذَا فِي الرَّوْضِ قَالَ شَارِحُهُ فِي نُسْخَةٍ مَا نَصُّهُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَدْ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي الْوَقْفِ. اهـ. وَفِي نُسْخَةٍ أُخْرَى مِنْ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْمُوصَى لَهُ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْوَصِيَّةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: فَقَدْ صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ سَعْدٌ خَالِي» إلَخْ) أَيْ فَيُمْنَعُ كَوْنُ الْعَرَبِ لَا تَفْتَخِرُ بِهَا الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>