للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُوصِي وَمَحَارِمُهُ أَوْلَى فَمَحَارِمُهُ رَضَاعًا ثُمَّ جِيرَانُهُ ثُمَّ مَعَارِفُهُ، وَمَرَّ أَنَّهُمْ مَتَى انْحَصَرُوا وَجَبَ قَبُولُهُمْ وَاسْتِيعَابُهُمْ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ حَاجَتُهُمْ خِلَافًا لِلْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا يَأْتِي عَنْهُ آخِرَ الْبَابِ أَنَّهُ لَوْ فَوَّضَ لِلْوَصِيِّ التَّفْرِقَةَ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ لَزِمَهُ تَفْضِيلُ أَهْلِ الْحَاجَةِ إلَخْ.

نَعَمْ يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ رَبَطَ الْإِعْطَاءَ بِوَصْفِ الْفَقْرِ مَثَلًا فَقَطَعَ اجْتِهَادَ الْوَصِيِّ وَثَمَّ وَكَّلَ الْأَمْرَ لِاجْتِهَادِهِ فَلَزِمَهُ ذَلِكَ.

(أَوْ) أَوْصَى (لِزَيْدٍ وَالْفُقَرَاءَ) (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَأَحَدِهِمْ فِي جَوَازِ إعْطَائِهِ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ) ؛ لِأَنَّهُ أَلْحَقَهُ بِهِمْ (لَكِنْ لَا يُحْرَمُ) وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا لِنَصِّهِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ هُوَ كَأَحَدِهِمْ فِي سِهَامِ الْقِسْمَةِ فَإِنْ ضُمَّ إلَيْهِ أَرْبَعَةٌ مِنْ الْفُقَرَاءِ كَانَ لَهُ الْخُمُسُ أَوْ خَمْسَةٌ كَانَ لَهُ السُّدُسُ وَهَكَذَا وَقِيلَ لَهُ الرُّبُعُ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ مَنْ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْفُقَرَاءِ ثَلَاثَةٌ، وَقِيلَ لَهُ النِّصْفُ؛ لِأَنَّهُ مُقَابِلٌ لِلْفُقَرَاءِ وَالْأَوَّلَانِ فُسِّرَ بِهِمَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّهُ كَأَحَدِهِمْ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ، وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ، وَعَبَّرَ فِيهَا بِأَصَحِّ الْأَوْجُهِ وَلَوْ وَصَفَهُ بِصِفَتِهِمْ كَزَيْدٍ الْفَقِيرِ، فَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فَنَصِيبُهُ لَهُمْ أَوْ فَقِيرًا فَكَمَا مَرَّ أَوْ بِغَيْرِهَا كَزَيْدٍ الْكَاتِبِ أَخَذَ النِّصْفَ، وَأَخَذَ السُّبْكِيُّ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى مُدَرِّسٍ وَإِمَامٍ وَعَشَرَةِ فُقَهَاءَ صُرِفَ لِكُلٍّ ثُلُثٌ، وَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِدِينَارٍ وَلِلْفُقَرَاءِ بِثُلُثِ مَالِهِ لَمْ يُصْرَفْ لِزَيْدٍ غَيْرُ الدِّينَارِ وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِهِ قَطَعَ اجْتِهَادَ الْوَصِيِّ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى أَنْ يُحَطَّ مِنْ دَيْنِهِ عَلَى فُلَانٍ أَرْبَعَةٌ مَثَلًا وَأَنْ يُحَطَّ جَمِيعُ مَا عَلَى أَقَارِبِهِ وَفُلَانٌ مِنْهُمْ لَمْ يُحَطَّ عَنْهُ غَيْرُ الْأَرْبَعَةِ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ بِإِفْرَادِهِ؛ وَلِأَنَّ الْعَدَدَ لَهُ مَفْهُومٌ مُعْتَبَرٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ.

وَلَوْ أَوْصَى لِشَخْصٍ وَقَدْ أَسْنَدَ وَصِيَّتَهُ إلَيْهِ بِأَلْفٍ ثُمَّ أَسْنَدَ وَصِيَّتَهُ لِجَمْعٍ هُوَ مِنْهُمْ وَأَوْصَى لِكُلِّ مَنْ يَقْبَلُ وَصِيَّتَهُ مِنْهُمْ بِأَلْفَيْنِ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ إنْ صَرَّحَ أَوْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّ الْأَلْفَ الْمَذْكُورَةَ أَوَّلًا مُرْتَبِطَةٌ بِقَبُولِ الْإِيصَاءِ لَمْ يَسْتَحِقَّ سِوَى أَلْفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأُولَى حِينَئِذٍ مِنْ جُمْلَةِ أَفْرَادِ الثَّانِيَةِ وَإِلَّا اسْتَحَقَّ، أَلْفًا، ثُمَّ إنْ قَبِلَ اسْتَحَقَّ أَلْفَيْنِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ وَصِيَّتَانِ مُتَغَايِرَتَانِ: الْأُولَى مَحْضُ تَبَرُّعٍ لَا فِي مُقَابِلٍ، وَالثَّانِيَةُ نَوْعُ جَعَالَةٍ فِي مُقَابَلَةِ الْقَبُولِ وَالْعَمَلِ، فَلَيْسَ هَذَا كَالْإِقْرَارِ لَهُ بِأَلْفٍ ثُمَّ بِأَلْفَيْنِ أَوْ بِأَلْفٍ وَلَمْ يَذْكُرُ سَبَبًا ثُمَّ أَلْفٍ وَذَكَرَ لَهَا سَبَبًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُغَايِرْ بَيْنَهُمَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَأَمْكَنَ حَمْلُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا، وَمَا فِي فَتَاوَى الْعِرَاقِيِّ مِمَّا يُخَالِفُ بَعْضَ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ جَازِمٍ بِهِ وَإِنَّمَا هُوَ مُتَرَدِّدٌ فِيهِ، وَقَوْلُهُ لَعَلَّ حَمْلَ الْمُطْلَقِ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ عَلَى الْمُقَيَّدِ أَوْلَى وَإِنْ كَانَتْ مَادَّتُهُمَا مُخْتَلِفَةٌ اعْتِبَارًا بِاللَّفْظِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْمَعْنَى بَعِيدٌ، وَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ وَجِبْرِيلَ أَوْ لَهُ وَالْحَائِطِ أَوْ الرِّيحِ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَا يُوصَفُ بِالْمِلْكِ كَالشَّيْطَانِ أُعْطِيَ زَيْدٌ النِّصْفَ وَبَطَلَتْ فِي الْبَاقِي.

كَمَا لَوْ أَوْصَى لِابْنِ زَيْدٍ وَابْنِ عَمْرٍو وَلَيْسَ لِعَمْرٍو ابْنٌ، فَإِنْ أَضَافَ إلَى الْحَائِطِ كَأَنْ قَالَ وَعِمَارَةُ حَائِطِ الْمَسْجِدِ أَوْ حَائِطِ دَارِ زَيْدٍ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ وَصُرِفَ النِّصْفُ فِي عِمَارَتِهِ أَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ وَالْمَلَائِكَةِ أَوْ الرِّيَاحِ أَوْ الْحِيطَانِ أَوْ نَحْوِهِمَا أُعْطِيَ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ فَمَحَارِمُهُ رَضَاعًا) لَمْ يَذْكُرْ مَحَارِمَ الْمُصَاهَرَةِ وَيَنْبَغِي أَنَّهُمْ بَعْدَ مَحَارِمِ الرَّضَاعِ.

(قَوْلُهُ: فِي جَوَازِ إعْطَائِهِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الْأَقَلُّ فَلَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ (قَوْلُهُ فَكَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَأَحَدِهِمْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) غَايَةً (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِهِ) أَيْ بِتَقْدِيرِ الْمُوصِي الدِّينَارَ لَهُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ بِإِفْرَادِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَذَكِّرٍ لِكَوْنِهِ مِنْ أَقَارِبِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَسْنَدَ وَصِيَّتَهُ إلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ جَعَلَهُ وَصِيًّا عَلَى تَرِكَتِهِ (قَوْلُهُ: وَأَوْصَى لِكُلِّ مِنْ يَقْبَلُ وَصِيَّتَهُ مِنْهُمْ) أَيْ وَيَفْعَلُ كَذَا مَثَلًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَالْعَمَلِ، وَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا (قَوْلُهُ: فَأَمْكَنَ حَمْلُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ) أَيْ فَيَكُونُ مُقِرًّا لَهُ فِي الْأُولَى بِأَلْفَيْنِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِأَلْفٍ (قَوْلُهُ: وَصَرَفَ النِّصْفَ فِي عِمَارَتِهِ) أَيْ فَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ اُدُّخِرَ لِلْعِمَارَةِ إنْ تُوُقِّعَ احْتِيَاجُهُ وَإِلَّا رُدَّتْ عَلَى الْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ وَلِلْفُقَرَاءِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْمَدْفُوعِ إلَيْهِمَا

(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَضَافَ إلَى الْحَائِطِ) صَوَابُهُ: فَإِنْ أَضَافَ الْحَائِطَ، كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>