سَنَةً ثُمَّ أَجَّرَهُ سَنَةً وَمَاتَ فَوْرًا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ مَنْفَعَةَ السَّنَةِ الْأُولَى وَقَدْ فَوَّتَهَا، وَعَلَى تَعَيُّنِ الْأُولَى لَوْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ غَائِبًا عِنْدَ الْمَوْتِ وَجَبَ لَهُ إذَا قَبِلَ تِلْكَ الْوَصِيَّةَ بَدَلُ مَنْفَعَةِ تِلْكَ السَّنَةِ الَّتِي تَلِي الْمَوْتَ وَإِنْ تَرَاخَى فِي الْقَبُولِ عَنْهَا؛ لِأَنَّ بِهِ يَتَبَيَّنُ اسْتِحْقَاقُهُ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ عَلَى مَنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا مِنْ وَارِثٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ قِيلَ بِفَوَاتِ حَقِّهِ بِغِيبَتِهِ وَإِنَّ لَهُ سَنَةً مِنْ حِينِ الْمُطَالَبَةِ (وَكَذَا أَبَدًا فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ بِإِعْتَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَالثَّانِي أَنَّهَا عَلَى الْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَوْفًى الْمَنْفَعَةَ فَهُوَ كَالزَّوْجِ وَعَلَفُ الدَّابَّةِ كَنَفَقَةِ الرَّقِيقِ، وَأَمَّا سَقْيُ الْبُسْتَانِ الْمُوصَى بِثَمَرِهِ فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ أَوْ تَبَرَّعَ بِهِ أَحَدُهُمَا فَظَاهِرٌ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ مَنْعُهُ، وَإِنْ تَنَازَعَا لَمْ يُجْبَرْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، بِخِلَافِ النَّفَقَةِ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ، وَأَفْتَى صَاحِبُ الْبَيَانِ بِأَنَّهُ وَإِنْ عَتَقَ يَنْسَحِبُ عَلَيْهِ حُكْمُ الْأَرِقَّاءِ لِاسْتِغْرَاقِ مَنَافِعِهِ عَلَى الْأَبَدِ، بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجَرِ لِانْتِهَاءِ مِلْكِ مَنَافِعِهِ، وَاعْتَمَدَهُ الْأَصْبَحِيُّ وَخَالَفَهُمَا أَبُو شُكَيْلٍ وَالْبُسْتِيُّ فَقَالَا لَهُ حُكْمُ الْأَحْرَارِ، وَرَجَّحَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الثَّانِي بِأَنَّهُ أَوْفَقُ لِإِطْلَاقِ الْأَئِمَّةِ إذْ لَمْ يَعُدَّ أَحَدٌ مِنْ مَوَانِعِ نَحْوِ الْإِرْثِ وَالشَّهَادَةِ اسْتِغْرَاقُ الْمَنَافِعِ اهـ.
فَقَوْلُ الْهَرَوِيِّ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ يَحْتَمِلُ كُلًّا مِنْ الرَّأْيَيْنِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَوَاضِحٌ وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ لِاسْتِغْرَاقِ مَنَافِعِهِ إنْ كَانَ حُرًّا، وَمَحَلُّهُ إنْ زَادَ اشْتِغَالُهُ بِهَا عَلَى قَدْرِ الظُّهْرِ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ وَلَمْ يَكُنْ لِمَالِكِ مَنَافِعِهِ مَنْعُهُ مِنْهَا كَالسَّيِّدِ مَعَ قِنِّهِ (وَبَيْعُهُ) أَيْ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ فَهُوَ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ وَحُذِفَ فَاعِلُهُ وَهُوَ الْوَارِثُ لِلْعِلْمِ بِهِ، وَيَصِحُّ عُودُ الضَّمِيرِ لِلْوَارِثِ السَّابِقِ فَهُوَ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ (إنْ لَمْ يُؤَبِّدْ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَحُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ: أَيْ الْمُوصِي الْمَنْفَعَةَ، وَلِلْمَفْعُولِ: أَيْ إنْ لَمْ تُؤَبَّدْ الْوَصِيَّةُ بِمَنْفَعَتِهِ (كَ) بَيْعِ الشَّيْءِ (الْمُسْتَأْجَرِ) فَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَلَوْ لِغَيْرِ الْمُوصَى لَهُ، وَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ مَجْهُولَةً وَطَرِيقُ الصِّحَّةِ حِينَئِذٍ مَا ذَكَرَهُ فِي اخْتِلَاطِ حَمَامِ الْبُرْجَيْنِ مَعَ الْجَهْلِ (وَإِنْ أَبَّدَ) الْمَنْفَعَةَ وَلَوْ بِإِطْلَاقِهَا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِلْمُوصَى لَهُ دُونَ غَيْرِهِ) إذْ لَا فَائِدَةَ لِغَيْرِهِ فِيهِ أَيْ فَائِدَةً ظَاهِرَةً، وَمَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا لَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِهِمَا، فَإِنْ اجْتَمَعَا فَالْقِيَاسُ الصِّحَّةُ لِوُجُودِ الْفَائِدَةِ حِينَئِذٍ، وَلَمْ يَنْظُرُوا هُنَا لِفَائِدَةِ الْإِعْتَاقِ كَالزَّمِنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحُلْ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَ مَنَافِعِهِ، وَهُنَا الْمُوصَى لَهُ لِمَا اسْتَحَقَّ جَمِيعَ مَنَافِعِهِ عَلَى التَّأْبِيدِ صَارَ حَائِلًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُرِيدِ شِرَائِهِ فَلَمْ يَصِحَّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي ثَالِثِ شُرُوطِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِهِ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْخِدْمَةِ وَكَذَلِكَ مَالِكُ الدَّارِ يَنْتَفِعُ بِهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يُؤَدِّي إلَى مَنْعِ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ السُّكْنَى كَوَضْعِ أَمْتِعَةٍ فِي الدَّارِ لَا تَمْنَعُ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ السُّكْنَى وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا خَلْوَةٌ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ) أَيْ بِالْوَصِيَّةِ وَقَوْلُهُ وَقَدْ فَوَّتَهَا: أَيْ بِالْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَسْتَوْلِ عَلَيْهَا أَحَدٌ فَاتَتْ عَلَى الْمُوصَى لَهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ بَدَلَهَا (قَوْلُهُ: لَهُ حُكْمُ الْأَحْرَارِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ يَنْسَحِبُ عَلَيْهِ حُكْمُ الْأَرِقَّاءِ، وَقَوْلُهُ وَأَمَّا الثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ لَهُ حُكْمُ الْأَحْرَارِ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ مَجْهُولَةً) أَيْ مُدَّةُ الْوَصِيَّةِ كَأَنْ قَالَ إلَى مَجِيءِ ابْنِي مَثَلًا مِنْ السَّفَرِ (قَوْلُهُ: وَطَرِيقُ الصِّحَّةِ) أَيْ مِنْ الْبَيْعِ لِثَالِثٍ، وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ مَسْلُوبِ الْمَنْفَعَةِ وَقِيمَتُهُ مُنْتَفَعًا بِهِ، وَيَدْفَعُ مَا يَخُصُّ الْمَنْفَعَةَ لِلْمُوصَى لَهُ وَمَا بَقِيَ لِلْوَارِثِ، وَقَوْلُهُ أَنَّهُ: أَيْ الْإِطْلَاقُ (قَوْلُهُ: إذْ لَا فَائِدَةَ لِغَيْرِهِ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ خَصَّصَ الْمَنْفَعَةَ الْمُوصَى بِهَا كَأَنْ أَوْصَى بِكَسْبِهِ دُونَ غَيْرِهِ صَحَّ بَيْعُهُ لِغَيْرِ الْمُوصَى لَهُ لِبَقَاءِ بَعْضِ الْمَنْفَعَةِ لِلْوَارِثِ فَتَتْبَعُ الرَّقَبَةَ فِي الْبَيْعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: أَيُّ فَائِدَةٍ ظَاهِرَةٍ) أَيْ وَإِلَّا فَالْأَكْسَابُ النَّادِرَةُ لَهُ وَهِيَ فَائِدَةٌ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ الصِّحَّةُ) أَيْ وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ بِالنِّسْبَةِ عَلَى قِيمَتَيْ الرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ بِمَنَافِعِهِ مِائَةً وَبِدُونِهَا عِشْرِينَ فَلِلْمَالِكِ الرَّقَبَةِ خُمُسُ الثَّمَنِ وَلِمَالِكِ الْمَنْفَعَةِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ.
[حاشية الرشيدي]
الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ أَوَّلَ الْفَصْلِ أَوْ تَأْخِيرَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ بَدَلُ (قَوْلُهُ: وَعَلَفُ الدَّابَّةِ إلَخْ) أَيْ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ قِنًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَطَرِيقُ الصِّحَّةِ حِينَئِذٍ مَا ذَكَرُوهُ فِي اخْتِلَاطِ حَمَامِ الْبُرْجَيْنِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute