الْأَوْلَوِيَّةَ إنَّمَا يُخَاطَبُ بِهَا الْمُوصِي وَهُوَ لَا عِلْمَ لَهُ بِمَا يَكُونُ حَالَ الْمَوْتِ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهَا إنْ جَمَعَتْ الشُّرُوطَ فِيهَا حَالَ الْوَصِيَّةِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُوصَى إلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا، وَدَعْوَى أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَصْلُحُ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ لَا الْمَوْتِ مَرْدُودَةٌ بِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا هِيَ عَلَيْهِ (أَوْلَى) بِإِسْنَادِ الْوَصِيَّةِ إلَيْهَا (مِنْ غَيْرِهَا) ؛ لِأَنَّهَا أَشْفَقُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ كَوْنُهَا أَوْلَى كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ إنْ سَاوَتْ الرَّجُلَ فِي الِاسْتِرْبَاحِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمَصَالِحِ التَّامَّةِ، وَلِلْحَاكِمِ تَفْوِيضُ أَمْرِ الْأَطْفَالِ إلَى امْرَأَةٍ حَيْثُ لَا وَصِيَّ فَتَكُونُ قَيِّمَةً وَلَوْ كَانَتْ أُمُّ الْأَطْفَالِ فَهِيَ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ.
(وَيَنْعَزِلُ الْوَصِيُّ) وَقَيِّمُ الْحَاكِمِ بَلْ وَالْأَبُ وَالْجَدُّ (بِالْفِسْقِ) وَلَوْ لَمْ يَعْزِلْهُ الْحَاكِمُ لِزَوَالِ أَهْلِيَّتِهِ
نَعَمْ تَعُودُ وِلَايَةُ الْأَبِ وَالْجَدِّ بِعَوْدِ الْعَدَالَةِ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُمَا شَرْعِيَّةٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا لِتَوَقُّفِهَا عَلَى التَّفْوِيضِ، فَإِذَا زَالَتْ احْتَاجَتْ لِتَفْوِيضٍ جَدِيدٍ وَكَذَا يَنْعَزِلُونَ بِالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ لَا بِاخْتِلَالِ الْكِفَايَةِ بَلْ يَضُمُّ الْقَاضِي لَهُ مُعِينًا، بَلْ أَفْتَى السُّبْكِيُّ بَحْثًا بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ضَمُّ آخَرَ لِلْوَصِيِّ بِمُجَرَّدِ الرِّيبَةِ.
ثُمَّ قَالَ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ اهـ وَحَمَلَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَوَّلَ عَلَى قُوَّةِ الرِّيبَةِ وَالثَّانِي عَلَى ضَعْفِهَا وَأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي مُتَبَرِّعٍ، أَمَّا مَنْ يَتَوَقَّفُ ضَمُّهُ عَلَى جُعْلٍ فَلَا يُعْطَاهُ إلَّا عِنْدَ غَلَبَةِ الظَّنِّ لِئَلَّا يُضَيِّعَ مَالَ الْيَتِيمِ بِالتَّوَهُّمِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ ظَاهِرٍ، وَيَعْزِلُ الْقَاضِي قَيِّمَهُ بِمُجَرَّدِ اخْتِلَالِ كِفَايَتِهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي وَلَّاهُ، وَيَظْهَرُ جَرَيَانُ مَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ فِيمَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِي زَمَنِنَا مِنْ نَصْبِ نَاظِرِ حِسْبَةٍ مُنْضَمًّا إلَى النَّاظِرِ الْأَصْلِيِّ (وَكَذَا الْقَاضِي) يَنْعَزِلُ بِمَا ذَكَرَ (فِي الْأَصَحِّ) لِزَوَالِ أَهْلِيَّتِهِ أَيْضًا
وَالثَّانِي لَا كَالْإِمَامِ، وَالْأَوْجَهُ فِي فَاسِقٍ وَلَّاهُ ذُو شَوْكَةٍ عَالِمًا بِفِسْقِهِ عَدَمُ انْعِزَالِهِ بِزِيَادَتِهِ أَوْ بِطُرُوِّ فِسْقٍ آخَرَ إنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا بِهِ حَالَ تَوْلِيَتِهِ لَهُ لَوَلَّاهُ مَعَهُ وَإِلَّا انْعَزَلَ؛ لِأَنَّ مُوَلِّيَهُ حِينَئِذٍ لَا يَرْضَى بِهِ (لَا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ) لِتَعَلُّقِ الْمَصَالِحِ الْكُلِّيَّةِ بِوِلَايَتِهِ، وَخَالَفَ فِيهِ كَثِيرُونَ فَنَقَلَ الْقَاضِي الْإِجْمَاعَ فِيهِ مُرَادُهُ إجْمَاعُ الْأَكْثَرِ.
(وَيَصِحُّ) (الْإِيصَاءُ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ) وَرَدِّ الْحُقُوقِ (وَتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ مِنْ كُلِّ حُرٍّ) سَكْرَانَ أَوْ (مُكَلَّفٍ) مُخْتَارٍ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْمُوصِي بِالْمَالِ وَمِنْ ثَمَّ يَأْتِي هُنَا نَظِيرُ مَا مَرَّ هُنَاكَ، فَلَوْ أَوْصَى السَّفِيهُ بِمَالٍ وَعَيَّنَ مَنْ يُنَفِّذُهُ تَعَيَّنَ فِيمَا يَظْهَرُ وَتَنْفِيذٌ بِالْيَاءِ مَصْدَرًا هُوَ مَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ كَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَحُكِيَ عَنْ خَطِّهِ حَذْفُ الْيَاءِ مُضَارِعًا، وَادَّعَى كَثِيرٌ أَنَّ الْأُولَى أَوْلَى إذْ يَلْزَمُ الثَّانِيَةَ التَّكْرَارُ الْمَحْضُ؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَ الْوَصِيَّةَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَحَذَفَ بَيَانَ مَا يُنَفِّذُ فِيهِ وَمُخَالَفَةَ أَصْلِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ مُتَعَلِّقٌ بِيَصِحُّ أَيْضًا فَلَا تَكْرَارَ، وَحَذْفُ ذَلِكَ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ مَا يُوصَى فِيهِ.
(وَيُشْتَرَطُ) فِي الْمُوصِي (فِي أَمْرِ الْأَطْفَالِ) وَالْمَجَانِينِ وَالسُّفَهَاءِ (مَعَ هَذَا) الْمَذْكُورِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَالتَّكْلِيفِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا أَشَرْنَا إلَيْهِ (أَنْ يَكُونَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِمْ) مُبْتَدَأَةٌ مِنْ الشَّرْعِ وَهُوَ الْأَبُ وَالْجَدُّ الْمُسْتَجْمِعُ لِلشُّرُوطِ وَإِنْ عَلَا دُونَ سَائِرِ الْأَقَارِبِ وَالْوَصِيُّ وَالْحَاكِمُ وَقَيِّمُهُ وَمِنْهُ أَبٌ أَوْ جَدٌّ نَصَبَهُ الْحَاكِمُ عَلَى مَالِ مَنْ طَرَأَ سَفَهُهُ؛ لِأَنَّ وَلِيَّهُ الْآنَ الْحَاكِمُ دُونَهُمَا، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ عَدَمِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ نَعَمْ تَعُودُ وَلَايَةُ الْأَبِ وَالْجَدِّ) مِثْلُهُمَا فِي ذَلِكَ الْحَاضِنَةُ وَالنَّاظِرُ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ، وَبَعْضُهُمْ زَادَ الْأُمَّ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً (قَوْلُهُ: وَكَذَا يَنْعَزِلُونَ بِالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ زَمَنُهُ فِيهِمَا فَيَنْعَزِلَانِ وَلَا تَعُودُ إلَيْهِمَا الْوَلَايَةُ بَعْدَ إفَاقَتِهِمَا إلَّا بِتَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ (قَوْلُهُ وَحَمَلَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَوَّلَ) أَيْ جَوَازَ الضَّمِّ بِمُجَرَّدِ الرِّيبَةِ وَالثَّانِيَةُ هُوَ قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ إلَخْ (قَوْلُهُ: يَجُوزُ ضَمُّ آخَرَ لِلْوَصِيِّ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ تَوَقَّفَ ضَمُّهُ عَلَى جُعْلٍ دُفِعَ لَهُ مِنْ مَالِ الطِّفْلِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَمَّا مَنْ يَتَوَقَّفُ ضَمُّهُ عَلَى جُعْلٍ فَإِنَّهُ لَا يُعْطَاهُ إلَّا عِنْدَ غَلَبَةِ الظَّنِّ لِئَلَّا يَضِيعَ مَالُ الْيَتِيمِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ جَرَيَانُ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ بَلْ أَفْتَى إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَعَيَّنَ مَنْ يُنْفِذُهُ تَعَيَّنَ) أَيْ مَنْ عَيَّنَهُ السَّفِيهُ.
(قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ وَحَذْفُ ذَلِكَ يُغْنِي عَنْهُ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: الْإِغْنَاءُ لَيْسَ عَنْ الْحَذْفِ بَلْ عَنْ الذِّكْرِ. اهـ. فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ