وَأَقَرَّاهُ.
وَحِينَئِذٍ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ قَالَ لَهُ أَوْصِ عَنِّي أَوْ بِتَرِكَتِي أَوْ نَحْوِهِمَا وَصَّى عَنْهُ وَإِلَّا وَصَّى عَلَى نَفْسِهِ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ، وَقَوْلُ الشَّيْخِ إنَّهُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ إنَّمَا يُوصِي عَنْ الْمُوصِي وَأَنَّهُ أَوْجَهُ مِمَّا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبَغَوِيّ مِنْ تَصْحِيحِ أَنَّهُ لَا يُوصِي أَصْلًا إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ أَنْ يُوصِيَ عَنْهُ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ بَنَاهُ تَبَعًا لِابْنِ الْمُقْرِي بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ مِنْ كَلَامِهِمَا، وَلَوْ قَالَ لِوَصِيِّهِ أَوْصَيْت إلَى مَنْ أَوْصَيْت إلَيْهِ إنْ مِتَّ أَنْتَ أَوْ إذَا مِتَّ أَنْتَ فَوَصِيُّك وَصِيِّي لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ إلَيْهِ مَجْهُولٌ، وَإِذَا عَيَّنَ لَهُ الْوَصِيُّ وَمَاتَ مِنْ غَيْرِ إيصَاءٍ لَهُ كَانَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُنَصِّبَ غَيْرَهُ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ رَجَّحَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ.
(وَلَوْ) (قَالَ أَوْصَيْت) لِزَيْدٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لِعَمْرٍو أَوْ (إلَيْك إلَى بُلُوغِ ابْنِي أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ، فَإِذَا بَلَغَ أَوْ قَدِمَ فَهُوَ الْوَصِيُّ) (جَازَ) وَاغْتُفِرَ فِيهِ التَّأْقِيتُ وَالتَّعْلِيقُ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَحْتَمِلُ الْأَخْطَارَ وَالْجَهَالَاتِ، وَلَوْ بَلَغَ الِابْنُ أَوْ قَدِمَ زَيْدٌ غَيْرَ أَهْلٍ فَالْأَقْرَبُ انْتِقَالُ الْوِلَايَةِ لِلْحَاكِمِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهَا مُغَيَّاةً بِذَلِكَ، وَقَوْلُ الْمُنَكِّتِ إنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُ هَذَا عَقِبَ قَوْلِهِ الْآتِي وَيَجُوزُ فِيهِ التَّوْقِيتُ وَالتَّعْلِيقُ فَإِنَّهُ مِثَالٌ لَهُ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُمَا ضِمْنِيَّانِ، فَلَوْ أَخَّرَ هَذَا إلَى هُنَاكَ لَرُبَّمَا تُوُهِّمَ قَصْرُ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا فَفَصَلَ بَيْنَهُمَا لِيَكُونَ هَذَا مُفِيدًا لِلضِّمْنِيِّ وَذَاكَ مُفِيدًا لِلصَّرِيحِ، وَكَوْنُ هَذَا مُغْنِيًا عَنْ ذَلِكَ لَا يُعْتَرَضُ بِمِثْلِهِ الْمِنْهَاجُ.
(وَلَا يَجُوزُ) لِلْأَبِ (نَصْبُ وَصِيٍّ) عَلَى الْأَوْلَادِ (وَالْجَدُّ حَيٌّ) (بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ) عَلَيْهِمْ حَالَ الْمَوْتِ: أَيْ لَا يُعْتَدُّ بِمَنْصُوبِهِ إذَا وُجِدَتْ وِلَايَةُ الْجَدِّ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ ثَابِتَةٌ بِالشَّرْعِ كَوِلَايَةِ التَّزْوِيجِ، أَمَّا لَوْ وُجِدَتْ حَالَ الْإِيصَاءِ ثُمَّ زَالَتْ عِنْدَ الْمَوْتِ فَيُعْتَدُّ بِمَنْصُوبِهِ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ لِمَا مَرَّ مِنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَنْ الْمُوصِي، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ لِلْوَصِيِّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْإِيصَاءَ عَنْ نَفْسِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ بَعْدَ (قَوْلِهِ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ مِنْ كَلَامِهِمَا) أَيْ مِنْ قَوْلِهِمَا وَلَوْ قَالَ أَوْصِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِذَا عَيَّنَ) أَيْ الْمُوصِي.
(قَوْلُهُ: أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لَك سَنَةً إلَى قُدُومِ ابْنِي، ثُمَّ إنَّ الِابْنَ قَدِمَ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ هَلْ يَنْعَزِلُ الْوَصِيُّ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ.
وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَوْصَيْت لَك سَنَةً مَا لَمْ يَقْدَمْ ابْنِي قَبْلَهَا فَإِنْ قَدِمَ فَهُوَ الْوَصِيُّ، فَيَنْعَزِلُ بِحُضُورِ الِابْنِ وَيَصِيرُ الْحَقُّ لَهُ، وَإِنَّمَا مَضَتْ السَّنَةُ وَلَمْ يَحْضُرْ الِابْنُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّصَرُّفُ فِيمَا بَعْدَ السَّنَةِ إلَى قُدُومِ الِابْنِ لِلْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ السَّنَةَ الَّتِي قَدَّرَهَا لِوِصَايَتِهِ لَا تَشْمَلُ مَا زَادَ.
(قَوْلُهُ لَا يُعْتَدُّ بِمَنْصُوبِهِ) أَيْ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ فَسَادَ الْوَصِيَّةِ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَكُونَ بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ قَبْلَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: فَيُعْتَدُّ بِمَنْصُوبِهِ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَوْ مُطْلَقًا بِأَنْ قَالَ أَوْصِ بِتَرِكَتِي عَنِّي أَوْ عَنْ نَفْسِك أَوْ أَوْصِ بِتَرِكَتِي انْتَهَتْ.
وَقَوْلُهُ وَأَنَّهُ أَوْجَهُ مِمَّا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ إلَخْ صَرِيحٌ فِي أَنَّ هَذَا مِنْ قَوْلِ الشَّيْخِ، وَهُوَ عَجِيبٌ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ كَلَامِهِ، وَإِنَّمَا كَتَبَهُ عَلَيْهِ وَالِدُ الشَّارِحِ فِي حَوَاشِيهِ عَقِبَ مَا قَدَّمْته عَنْهُ. وَعِبَارَتُهُ أَعْنِي وَالِدَ الشَّارِحِ فِي قَوْلِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ إلَخْ: وَهُوَ أَوْجَهُ مِمَّا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبَغَوِيّ مِنْ تَصْحِيحِ أَنَّهُ لَا يُوصِي أَصْلًا إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ أَنْ يُوصِيَ عَنْهُ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ بَنَاهُ تَبَعًا لِابْنِ الْمُقْرِي إلَخْ فِيهِ أَنَّهُ كَابْنِ الْمُقْرِي فِي الرَّوْضِ لَمْ يَفْهَمَا مِنْ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ إلَّا الصَّوَابَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي هَذِهِ السَّوَادَةِ يَحْتَاجُ إلَى التَّحْرِيرِ وَالْإِصْلَاحِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ مَعَ مَتْنِ الْمِنْهَاجِ نَصُّهَا: فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ مِنْ الْمُوصِي وَعَيَّنَ لَهُ شَخْصًا أَوْ فَوَّضَهُ لِمَشِيئَتِهِ بِأَنْ قَالَ أَوْصِ بِتَرِكَتِي فُلَانًا أَوْ مَنْ شِئْت، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِتَرِكَتِي لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَظْهَرِ، ثُمَّ إنْ قَالَ لَهُ أَوْصِ عَنِّي أَوْ عَنْك فَوَاضِحٌ وَإِلَّا أَوْصَى عَنْ الْمُوصِي لَا عَنْ نَفْسِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ انْتَهَتْ. وَهِيَ مُسَاوِيَةٌ لِمَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلِمَا قَدَّمْته أَوَّلَ الْقَوْلَةِ فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُمَا ضِمْنِيَّانِ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: إنْ أَرَادَ بِالضِّمْنِيِّ مَا لَا تَصْرِيحَ فِي صِيغَتِهِ بِالتَّوْقِيتِ وَالتَّعْلِيقِ فَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ، أَوْ مَا لَا يُصَرِّحُ الْمُوصِي بِوَصْفِهِ بِهِمَا فِيمَا يَأْتِي لَمْ يَرِدْ مِنْهُ مَا صَرَّحَ فِيهِ الْمُوصِي بِذَلِكَ، أَوْ مَا لَمْ يُصَرِّحْ فِيهِ الْمُصَنِّفُ