يَقُومُ مَقَامَهُ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ وَجَازَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهَا إجَارَةُ عَيْنٍ وَهِيَ لَا يُسْتَوْفَى فِيهَا مِنْ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ لِمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّ ضَعْفَهُ بِمَنْزِلَةِ عَيْبٍ حَادِثٍ فَيَعْمَلُ الْحَاكِمُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةَ مِنْ الِاسْتِبْدَالِ بِهِ وَالضَّمِّ إلَيْهِ، وَتَسْمِيَةُ رُجُوعِ الْمُوصِي عَنْ الْإِيصَاءِ إلَيْهِ عَزْلًا مَعَ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالْقَبُولِ فِي الْحَيَاةِ كَمَا مَرَّ مَجَازٌ، وَكَذَا تَسْمِيَةُ رُجُوعِ الْوَصِيِّ عَنْ الْقَبُولِ إذْ قَطْعُ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ الْإِيصَاءُ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ أَوْ بِعَدَمِ قَبُولِهِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ قَطْعِ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ التَّصَرُّفُ لَوْ ثَبَتَ لَهُ، وَبِمَا تَقَرَّرَ انْدَفَعَ بِنَاءُ السُّبْكِيّ لِذَلِكَ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْقَبُولِ فِي الْحَيَاةِ.
(وَإِذَا) (بَلَغَ الطِّفْلُ) أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ أَوْ رَشَدَ السَّفِيهُ (وَنَازَعَهُ) أَيْ الْوَصِيُّ (فِي) أَصْلٍ أَوْ قَدْرٍ نَحْوُ (الْإِنْفَاقِ) اللَّائِقِ بِحَالِهِ (عَلَيْهِ) أَوْ عَلَى مَمُونِهِ (صُدِّقَ الْوَصِيُّ) بِيَمِينِهِ، وَكَذَا قَيِّمُ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَمِينٌ، وَيَتَعَذَّرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ غَالِبًا بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِلْمَصْلَحَةِ، أَمَّا غَيْرُ اللَّائِقِ فَيُصَدَّقُ الْوَلَدُ فِيهِ قَطْعًا بِيَمِينِهِ لِتَعَدِّي الْوَصِيِّ بِفَرْضِ الْجُمُعَةِ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ حَلِفِ الْوَلَدِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بَلْ إنْ كَانَ مِنْ مَالِ الْوَلِيِّ فَلَغْوٌ أَوْ الْوَلَدِ ضَمِنَهُ، وَلَوْ تَنَازَعَا فِي الْإِسْرَافِ وَعَيَّنَ الْقَدْرَ نُظِرَ فِيهِ وَصُدِّقَ مَنْ يَقْتَضِي الْحَالُ تَصْدِيقَهُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ صُدِّقَ الْوَصِيُّ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ أَهُوَ لَائِقٌ أَوْ لَا وَلَا بَيِّنَةَ صُدِّقَ الْوَصِيُّ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ خِيَانَتِهِ، أَوْ فِي تَارِيخِ مَوْتِ الْأَبِ أَوْ أَوَّلِ مِلْكِهِ لِلْمَالِ الْمُنْفَقِ مِنْهُ عَلَيْهِ صُدِّقَ الْوَلَدُ بِيَمِينِهِ وَكَالْوَصِيِّ فِي ذَلِكَ وَارِثُهُ (أَوْ) تَنَازَعَا (فِي دَفْعٍ) لِلْمَالِ (إلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ) أَوْ الْإِفَاقَةِ أَوْ الرُّشْدِ أَوْ فِي إخْرَاجِهِ الزَّكَاةَ مِنْ مَالِهِ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ، لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ (صُدِّقَ الْوَلَدُ) بِيَمِينِهِ وَلَوْ عَلَى الْأَبِ لِعَدَمِ عُسْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَهَذِهِ لَمْ تَتَقَدَّمْ فِي الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ فِي الْقَيِّمِ، وَهَذِهِ فِي الْوَصِيِّ وَلَيْسَ مُسَاوِيًا لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ
نَعَمْ حِكَايَتُهُ الْخِلَافَ فِي الْقَيِّمِ وَجَزْمُهُ فِي الْوَصِيِّ مُعْتَرَضٌ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِيهِمَا وَيُصَدَّقُ فِي عَدَمِ الْخِيَانَةِ وَتَلَفٍ بِنَحْوِ غَصْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ كَالْمُودَعِ لَا فِي نَحْوِ بَيْعٍ لِحَاجَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ أَوْ تَرْكِ أَخْذٍ بِشُفْعَةٍ لِمَصْلَحَةٍ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، بِخِلَافِ الْأَبِ وَالْجَدِّ فَإِنَّهُمَا يُصَدَّقَانِ بِيَمِينِهِمَا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْحَاكِمَ الثِّقَةَ كَالْوَصِيِّ لَا كَالْأَبِ وَالْجَدِّ وَلَا يُطَالَبُ أَمِينٌ كَوَصِيٍّ وَمُقَارِضٍ وَشَرِيكٍ وَوَكِيلٍ بِحِسَابٍ بَلْ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ خِيَانَةً حَلَفَ ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي الْوَصِيِّ وَالْهَرَوِيُّ فِي أُمَنَاءِ الْقَاضِي وَمِثْلُهُمْ بَقِيَّةُ الْأُمَنَاءِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْقَاضِي أَنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ رَاجِعٌ إلَى رَأْيِ الْحَاكِمِ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَوْ لَمْ يَنْدَفِعْ نَحْوُ ظَالِمٍ إلَّا بِدَفْعِ مَالٍ لَزِمَ الْوَلِيُّ دَفْعُهُ وَيَجْتَهِدُ فِي قَدْرِهِ وَيُصَدَّقُ فِيهِ بِيَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ إلَّا بِتَعْيِيبِهِ جَازَ لَهُ بَلْ لَزِمَهُ أَيْضًا لَكِنْ لَا يُصَدَّقُ فِيهِ لِسُهُولَةِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَرَادَ وَصِيٌّ شِرَاءَ شَيْءٍ مِنْ مَالِ الطِّفْلِ رَفَعَ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ لِيَبِيعَهُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مِمَّنْ لَا يَبِيعُ لَهُ الْوَكِيلُ وَيَنْعَزِلُ بِمَا يَنْعَزِلُ بِهِ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِمُوَلِّيهِ فِيمَا هُوَ وَصِيٌّ فِيهِ إنْ قَبِلَ الْوِصَايَةَ، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا قُبِلَتْ وَإِنْ صَرَّحَ بِكَوْنِهِ وَصِيًّا فِي ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ، وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ وَصِيٍّ وَسَلَّمَهُ الثَّمَنَ فَكَمَّلَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَأَنْكَرَ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ الْحَالَةِ) هِيَ قَوْلُهُ أَمَّا غَيْرُ اللَّائِقِ.
(قَوْلُهُ وَصُدِّقَ) أَيْ بِلَا يَمِينٍ (قَوْلُهُ وَوَكِيلٌ بِحِسَابٍ) أَيْ فِي الْكُلِّ (قَوْلُهُ: بَلْ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ) وَمِثْلُهُ وَارِثُهُ (قَوْلُهُ: حَلَفَ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَوْ بِجُعْلٍ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْوَصِيِّ وَمِثْلُهُ الْقَاضِي بِخِلَافِ الْوَكِيلِ وَالْمُقَارَضِ وَالشَّرِيكِ فَالْأَمْرُ فِيهِ لِلْمَالِكِ فَإِنْ طَلَبَ حِسَابَهُ أُجِيبَ وَإِلَّا فَلَا وَمَا وَقَعَ فِيهِ النِّزَاعُ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْأَمِينِ (قَوْلُهُ: بِمَا يَنْعَزِلُ بِهِ) أَيْ الْوَكِيلُ (قَوْلُهُ: وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) أَيْ الْوَصِيُّ (قَوْلُهُ وَصِيٌّ فِيهِ)
[حاشية الرشيدي]
الْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْجَوَابِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا تَسْمِيَةُ رُجُوعِ الْوَصِيِّ عَنْ الْقَبُولِ) بِمَعْنَى عَدَمِ قَبُولِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي، وَإِلَّا فَهُوَ بَعْدَ الْقَبُولِ رُجُوعٌ حَقِيقَةً
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ صُدِّقَ الْوَصِيُّ) لَيْسَتْ هَذِهِ هِيَ الْمُتَقَدِّمَةَ فِي مَزْجِ الْمَتْنِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ (قَوْلُهُ: أَوْ تَرْكِ أَخْذٍ بِشُفْعَةٍ) لَعَلَّ فَائِدَةَ هَذَا أَنَّا إذَا صَدَّقْنَا الْوَلَدَ بَقِيَتْ شُفْعَتُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَى) أَيْ شَخْصٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute