للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَصَرُّفُ السَّابِقِ أَوْ غَيْرُ الْمُسْتَقِلَّيْنِ فِيهِ أُلْزِمَا الْعَمَلَ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ الَّتِي رَآهَا الْحَاكِمُ، فَإِنْ امْتَنَعَ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ خَرَجَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ أَنَابَ عَنْهُمَا أَمِينَيْنِ أَوْ أَمِينًا أَوْ فِي التَّصَرُّفِ أَوْ فِي الْحِفْظِ وَالْمَالُ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ اسْتَقَلَّا أَوْ لَا تَوَلَّاهُ الْحَاكِمُ، فَإِنْ انْقَسَمَ قَسَمَهُ بَيْنَهُمَا وَلِكُلٍّ التَّصَرُّفُ بِحَسَبِ الْإِذْنِ، فَإِنْ تَنَازَعَا فِي عَيْنِ النِّصْفِ الْمَحْفُوظِ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ نَصَّ عَلَى اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْحِفْظِ لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا بِحَالٍ (إلَّا إنْ صَرَّحَ بِهِ) أَيْ الِانْفِرَادِ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ كَالْوَكَالَةِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ إلَى كُلٍّ مِنْكُمَا أَوْ كُلٌّ مِنْكُمَا وَصِيٌّ فِي كَذَا أَوْ أَنْتُمَا وَصِيَّايَ فِي كَذَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَأَوْصَيْت إلَيْكُمَا بِأَنَّهُ هُنَا أَثْبَتُ لِكُلِّ وَصْفِ الْوَصَايَا فَدَلَّ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ، بِخِلَافِهِ ثُمَّ لَوْ جَعَلَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهِمَا مُشْرِفًا أَوْ نَاظِرًا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ تَصَرُّفٌ، وَإِنَّمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مُرَاجَعَتِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إلَّا فِي نَحْوِ شِرَاءِ بَقْلٍ مِمَّا لَا يَحْتَاجُ لِنَظَرٍ.

(وَلِلْمُوصِي وَالْوَصِيُّ الْعَزْلُ) أَيْ لِلْمُوصِي عَزْلُ الْوَصِيِّ وَلِلْوَصِيِّ عَزْلُ نَفْسِهِ (مَتَى شَاءَ) لِجَوَازِهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَالْوَكَالَةِ، نَعَمْ لَوْ تَعَيَّنَ عَلَى الْوَصِيِّ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ كَافٍ غَيْرَهُ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ تَلَفُ الْمَالِ بِاسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ أَوْ قَاضِي سُوءٍ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ لَمْ يَجُزْ لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ يَنْفُذْ حِينَئِذٍ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ مَجَّانًا بَلْ بِالْأُجْرَةِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْقَبُولُ، وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَزْلُ الْمُوصَى لَهُ حِينَئِذٍ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَيَاعِ نَحْوِ وَدِيعَةٍ أَوْ مَالِ أَوْلَادِهِ، وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ عَزْلُ نَفْسِهِ أَيْضًا إذَا كَانَتْ إجَارَةً بِعِوَضٍ، فَإِنْ كَانَتْ بِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ فَهِيَ جَعَالَةٌ

قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ إمْكَانُ الشُّرُوعِ فِي الْمُسْتَأْجَرِ لَهُ عَقِبَ الْعَقْدِ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّ شَرْطَهَا الْعِلْمُ بِأَعْمَالِهَا وَأَعْمَالِ الْوِصَايَةِ مَجْهُولَةٌ.

أَجَابَ السُّبْكِيُّ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ الْمُوصِي عَلَى أَعْمَالٍ لِنَفْسِهِ فِي حَيَاتِهِ وَلِطِفْلِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، أَوْ يَسْتَأْجِرَ الْحَاكِمُ عَلَى الِاسْتِمْرَارِ عَلَى الْوَصِيَّةِ لِمَصْلَحَةٍ رَآهَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي.

وَأَمَّا الثَّانِي فَجَوَابُهُ كَوْنُ الْغَالِبِ عِلْمَهَا وَبِأَنَّ مَسِيسَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا اقْتَضَى الْمُسَامَحَةَ بِالْجَهْلِ بِهَا، وَقَوْلُ الْكَافِي لَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لِذَلِكَ ضَعِيفٌ، وَإِذَا لَزِمَتْ الْوِصَايَةُ بِالْإِجَارَةِ وَعَجَزَ عَنْهَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ مَنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

هَلْ يَضْمَنُ لَوْ تَلْفِت فِي يَدِهِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ تَقْتَضِي الْإِبَاحَةُ عَدَمَ الضَّمَانِ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ أَيْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: أَنَابَ عَنْهُمَا) يُشْعِرُ بِبَقَائِهِمَا وَمَرَّ فِي قَوْلِهِ وَيَنْعَزِلُ الْوَصِيُّ إلَخْ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ.

وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: أَنَابَ عَنْهُمَا: أَيْ وَلَا يَنْعَزِلَانِ فِي صُورَةِ الِامْتِنَاعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضِ اهـ.

أَقُولُ: وَقَضِيَّتُهُ الِانْعِزَالُ فِي غَيْرِهِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ مِنْ عَدَمِ الِانْعِزَالِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمَا خَرَجَا عَنْ كَمَالِ الْأَهْلِيَّةِ بِاخْتِلَالِهَا مَعَ بَقَاءِ أَصْلِهَا كَمَرَضٍ يَمْنَعُهُمَا كَمَالَ النَّظَرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مُجَرَّدَ الِاخْتِلَالِ لَا يَقْتَضِي الْعَزْلَ (قَوْلُهُ: مُشْرِفًا أَوْ نَاظِرًا) قَضِيَّةُ الْعَطْفِ مُغَايَرَتُهُمَا فَلْيُنْظَرْ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ هُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يَكُونُ بِأَوْ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ مَجَازًا عَنْ الْوَاوِ.

(قَوْلُهُ بِاسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ أَوْ قَاضِي سُوءٍ) قَضِيَّةُ الْعَطْفِ مُغَايَرَتُهُمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ بِحَمْلِ الظَّالِمِ عَلَى مُتَغَلِّبٍ لَا وَلَايَةَ لَهُ، وَحَمْلِ الْقَاضِي عَلَى مُتَوَلٍّ يَفْصِلُ الْأَحْكَامَ وَالْخُصُومَاتِ لَكِنَّهُ يَجُوزُ فِي حُكْمِهِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَزْلُ الْمُوصَى لَهُ) أَيْ لِلْوَصِيِّ (قَوْلُهُ: فَهُوَ جَعَالَةٌ) أَيْ وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ (قَوْلُهُ: أَجَابَ السُّبْكِيُّ عَنْ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ إمْكَانُ الشُّرُوعِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ وَإِنَّ شَرْطَهَا الْعِلْمُ (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ مَسِيسَ الْحَاجَةِ) أَيْ قُوَّةَ الْحَاجَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَوْ فِي التَّصَرُّفِ أَوْ الْحِفْظِ وَالْمَالُ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ إلَخْ) الصَّوَابُ حَذْفُ أَوْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ فِي التَّصَرُّفِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ فَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقَانِ بِأَنَابَ، وَقَوْلُهُ أَوْ الْحِفْظُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ فِيهِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ اخْتَلَفَ وَصِيَّا التَّصَرُّفِ الْمُسْتَقِلَّانِ فِيهِ: أَيْ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْحِفْظِ فَقَطْ دُونَ التَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ: اسْتَقَلَّا أَوْ لَا) أَيْ سَوَاءٌ اسْتَقَلَّا أَمْ لَمْ يَسْتَقِلَّا، فَجَوَابُ الشَّرْطِ قَوْلُهُ تَوَلَّاهُ الْحَاكِمُ

(قَوْلُهُ: فَجَوَابُهُ كَوْنُ الْغَالِبِ عِلْمَهَا) يُتَأَمَّلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>