للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ جَمَعَ الْكُلَّ ثَبَتَ لَهُ أَوْ خَصَّصَهُ بِأَحَدِهَا لَمْ يَتَجَاوَزْهُ، وَلَوْ أَطْلَقَ كَأَوْصَيْتُ إلَيْك فِي أَمْرِي أَوْ فِي أُمُورِي أَوْ فِي أَمْرِ أَطْفَالِي وَلَمْ يَذْكُرْ التَّصَرُّفَ صَحَّ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْأَوَّلَ عَامٌّ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَفَسَادِ نَظِيرِهِ السَّابِقِ فِي الْوَكَالَةِ بِأَنَّ ذَاكَ لَوْ صَحَّ لَحِقَ الْمُوَكِّلَ بِهِ ضَرَرٌ لَا يُسْتَدْرَكُ كَعِتْقٍ وَوَقْفٍ وَطَلَاقٍ، بِخِلَافِهِ هُنَا لِتَقْيِيدِ تَصَرُّفِهِ بِالْمَصْلَحَةِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى الْغَيْرِ الَّذِي لَمْ يَأْذَنْ فِي خِلَافِهِ، وَالْمُعْتَمَدُ فِي الثَّانِي أَنَّهُ لِلْحِفْظِ وَالتَّصَرُّفِ فِي مَالِهِمْ لِلْعُرْفِ، وَفِي الْأَنْوَارِ أَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي وَلَّيْتُك مَالَ فُلَانٍ لِلْحِفْظِ فَقَطْ وَمَرَّ آخِرَ الْحَجْرِ بَيَانُ أَنَّ قَاضِيَ بَلَدِ الْمَالِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْحِفْظِ وَنَحْوِهِ وَقَاضِي بَلَدِ الْمَحْجُورِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ فِي الْحَجْرِ أَنَّ نَظَرَ وَصَايَاهُ لِقَاضِي بَلَدِ الْمَالِكِ لَا الْمَالِ، وَسَيَأْتِي جَوَازُ النَّقْلِ فِي الْوَصِيَّةِ فَلَيْسَتْ كَالزَّكَاةِ حَتَّى يُعْتَبَرَ فِيهَا بَلَدُ الْمَالِ (فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَوْصَيْت إلَيْك لَغَا) كَوَكَّلْتُك وَلِعَدَمِ عُرْفٍ لَهُ يُحْمَلُ عَلَيْهِ، وَمُنَازَعَةُ السُّبْكِيّ فِيهِ بِأَنَّ الْعُرْفَ يَقْتَضِي أَنَّهُ تَثْبُتُ لَهُ جَمِيعُ التَّصَرُّفَاتِ مَرْدُودَةٌ، إذْ ذَلِكَ غَيْرُ مُطَّرِدٍ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْبَيَانِيِّينَ إنَّ حَذْفَ الْمَعْمُولِ يُؤْذِنُ بِالْعُمُومِ وَجَزَمَ الزَّبِيلِيُّ بِصِحَّةِ فُلَانٌ وَصِيِّي اهـ.

لِأَنَّ كَلَامَ الْبَيَانِيِّينَ لَيْسَ فِي مِثْلِ مَا نَحْنُ فِيهِ، وَكَلَامُ الزَّبِيلِيِّ إمَّا ضَعِيفٌ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُنَا بِأَنَّ مَا قَالَهُ مُحْتَمِلٌ لِلْإِقْرَارِ وَهُوَ يَقْبَلُ الْمَجْهُولَ وَصَحَّ فِيهِ مَا يَحْتَمِلُهُ وَحُمِلَ عَلَى الْعُمُومِ إذْ لَا مُرَجِّحَ، وَمَا هُنَا مَحْضُ إنْشَاءٍ وَهُوَ لَا يَقْبَلُ الْجَهْلَ بِوَجْهٍ.

(وَ) يُشْتَرَطُ (الْقَبُولُ) مِنْ الْوَصِيِّ؛ لِأَنَّهَا عَقْدُ تَصَرُّفٍ كَالْوَكَالَةِ وَمِنْ ثَمَّ اُكْتُفِيَ هُنَا بِالْعَمَلِ كَهُوَ ثُمَّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا وَجَزَمَ بِهِ الْقَفَّالُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ اعْتَمَدَ السُّبْكِيُّ اشْتِرَاطَ اللَّفْظِ.

نَعَمْ تَبْطُلُ بِالرَّدِّ وَيُسَنُّ قَبُولُهَا لِمَنْ عَلِمَ الْأَمَانَةَ مِنْ نَفْسِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَالْأَوْلَى لَهُ عَدَمُهُ، فَإِنْ عَلِمَ مِنْ حَالِهِ الضَّعْفَ فَالظَّاهِرُ حُرْمَةُ الْقَبُولِ حِينَئِذٍ (وَلَا يَصِحُّ) قَبُولٌ وَلَا رَدٌّ (فِي حَيَاتِهِ فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ دُخُولِ وَقْتِ تَصَرُّفِهِ كَالْمُوصَى لَهُ بِالْمَالِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ.

وَالثَّانِي يَصِحُّ الْقَبُولُ وَالرَّدُّ فِي حَيَاتِهِ كَالْوَكَالَةِ وَالْقَبُولِ عَلَى التَّرَاخِي مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ تَنْفِيذُ الْوَصَايَا

قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، أَوْ يَكُونُ هُنَاكَ مَا تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ إلَيْهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، أَوْ يَعْرِضُهَا الْحَاكِمُ عَلَيْهِ بَعْدَ ثُبُوتِهَا عِنْدَهُ.

(وَلَوْ) (وَصَّى اثْنَيْنِ) وَشَرَطَ عَلَيْهِمَا الِاجْتِمَاعَ، أَوْ أَطْلَقَ بِأَنْ قَالَ أَوْصَيْت إلَيْكُمَا أَوْ إلَى فُلَانٍ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ أَوْصَيْت إلَى فُلَانٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ عِلْمِهِ بِالْأَوَّلِ وَعَدَمِهِ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَنَظِيرِهِ السَّابِقِ قَبْلَ الْفَصْلِ بِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ هُنَا مُمْكِنٌ مَقْصُودٌ لِلْمُوصِي؛ لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لَهُ، وَثَمَّ اجْتِمَاعُ الْمِلْكَيْنِ عَلَى الْمُوصَى بِهِ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ، وَالتَّشْرِيكُ خِلَافُ مَدْلُولِ اللَّفْظِ فَتَعَيَّنَ النَّظَرُ لِلْقَرِينَةِ وَهِيَ وُجُودُ عِلْمِهِ وَعَدَمِهِ، وَلَوْ قَالَ أَوْصَيْت إلَيْهِ فِيمَا أَوْصَيْت فِيهِ لِزَيْدٍ كَانَ رُجُوعًا (لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا) فِيمَا إذَا قَبِلَا بِالتَّصَرُّفِ عَمَلًا بِالشَّرْطِ فِي الْأَوَّلِ وَاحْتِيَاطًا فِي الثَّانِي فَلَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا فِيهِ بِأَنْ يَصْدُرَ عَنْ رَأْيِهِمَا أَوْ يَأْذَنَا لِثَالِثٍ فِيهِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالطِّفْلِ وَمَالِهِ وَتَفْرِقَةِ وَصِيَّةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ وَقَضَاءِ دَيْنٍ لَيْسَ فِي التَّرِكَةِ جِنْسُهُ، بِخِلَافِ رَدِّ وَدِيعَةٍ وَعَارِيَّةٍ وَمَغْصُوبٍ وَقَضَاءِ دَيْنٍ فِي التَّرِكَةِ جِنْسُهُ فَلِكُلٍّ الِانْفِرَادُ بِهِ؛ لِأَنَّ لِصَاحِبِهِ الِاسْتِقْلَالَ بِأَخْذِهِ، وَقَضِيَّةُ الِاعْتِدَادِ بِهِ وَوُقُوعِهِ مَوْقِعَهُ إبَاحَةُ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ بَحَثَا خِلَافَهُ، وَلَوْ اخْتَلَفَ وَصِيَّا التَّصَرُّفِ الْمُسْتَقِلَّانِ فِيهِ نَفَذَ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْأَوَّلَ) أَيْ قَوْلُهُ وَلَوْ أَطْلَقَ كَأَوْصَيْتُ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ فِي الثَّانِي) أَيْ قَوْلُهُ أَوْ فِي أَمْرِ أَطْفَالِي (قَوْلُهُ لِقَاضِي بَلَدِ الْمَالِكِ) أَيْ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْحِفْظِ وَغَيْرِهِ فَيُخَالِفُ مَالُهُ مَالَ الْمَحْجُورِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ مَا قَالَهُ مُحْتَمَلٌ) بِأَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَوْصَيْت لَهُ بِشَيْءٍ لَهُ عِنْدِي كَوَدِيعَةٍ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ عُلِمَ مِنْ حَالِهِ الضَّعْفُ) أَيْ أَوْ الْخِيَانَةُ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَبْطُلَ بِالتَّأْخِيرِ وَإِنْ أَثِمَ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى مَا يَفْسُقُ بِسَبَبِهِ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ لِصَاحِبِهِ) وَهُوَ رَبُّ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ الِاعْتِدَادِ بِهِ) أَيْ بِرَدِّ مَا ذَكَرَ لِلْمُسْتَحِقِّ (قَوْلُهُ: إبَاحَةُ الْإِقْدَامِ) وَمَعَ ذَلِكَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

فَوَّضْت إلَيْك الصَّرِيحِ إلَخْ

<<  <  ج: ص:  >  >>