فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ تَوَلَّى بَيْعَهُ وَأَشْهَدَ (فَإِنْ نَهَاهُ) الْمَالِكُ (عَنْهُ فَلَا) ضَمَانَ عَلَيْهِ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَإِنْ أَثِمَ كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِتْلَافِ.
وَالثَّانِي يَضْمَنُ إذْ لَا حُكْمَ لِنَهْيِهِ عَمَّا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ وَلَا أَثَرَ لِنَهْيِ نَحْوِ وَلِيٍّ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
نَعَمْ تَقْيِيدُهُ ذَلِكَ بِعِلْمِ الْوَدِيعِ بِالْحَالِ مَحْمُولٌ عَلَى اسْتِقْرَارِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ فِي أَصْلِ الضَّمَانِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ الْحَاكِمَ لِيُجْبِرَ مَالِكَهَا إنْ حَضَرَ أَوْ لِيَأْذَنَ لَهُ فِي الْإِنْفَاقِ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ إنْ غَابَ، وَلَوْ نَهَاهُ عَنْ عَلْفِهَا لِنَحْوِ تُخَمَةٍ بِهَا لَزِمَهُ الِامْتِثَالُ فَإِنْ عَلَفَهَا مَعَ بَقَاءِ الْعِلَّةِ ضَمِنَ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِعِلَّتِهَا فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي إذْنِهِ إلَى تَقْدِيرِ عَلْفِهَا بَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ اللَّائِقِ بِهَا (فَإِنْ أَعْطَاهُ الْمَالِكُ عَلَفًا) بِفَتْحِ اللَّامِ اسْمٌ لِلْمَأْكُولِ وَلَمْ يَنْهَهُ (عَلَفَهُ مِنْهُ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُعْطِهِ ذَلِكَ (فَيُرَاجِعُهُ أَوْ وَكِيلُهُ) لِيَرُدَّهَا أَوْ يُنْفِقَهَا (فَإِنْ فُقِدَا فَالْحَاكِمُ) يُرَاجِعُهُ لِيُؤَجِّرَهَا وَيُنْفِقَ عَلَيْهَا مِنْ أُجْرَتِهَا، فَإِنْ عَجَزَ اقْتَرَضَ عَلَى الْمَالِكِ حَيْثُ لَا مَالَ لَهُ أَوْ بَاعَ بَعْضَهَا أَوْ كُلَّهَا بِالْمَصْلَحَةِ، وَاَلَّذِي يُنْفِقُهُ عَلَى الْمَالِكِ هُوَ الَّذِي يَحْفَظُهَا مِنْ التَّعْيِيبِ لَا الَّذِي يُسَمِّنُهَا، وَلَوْ كَانَتْ سَمِينَةً عِنْدَ الْإِيدَاعِ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ عَلْفُهَا بِمَا يَحْفَظُ نَقْصَهَا عَنْ عَيْبٍ يُنْقِصُ قِيمَتَهَا، وَلَوْ فُقِدَ الْحَاكِمُ أَنْفَقَ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ إنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا رُجُوعَ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ كَنَظِيرِهِ فِي هَرَبِ الْجِمَالِ.
نَعَمْ لَوْ كَانَتْ رَاعِيَةً فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ تَسْرِيحِهَا مَعَ ثِقَةٍ، فَلَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا لَمْ يَرْجِعْ: أَيْ إنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ عَلَيْهِ مَنْ يُسَرِّحُهَا مَعَهُ وَإِلَّا فَيَرْجِعُ وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ نَحْوُ الْبَيْعِ أَوْ الْإِيجَارِ أَوْ الِاقْتِرَاضِ كَالْحَاكِمِ، وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا مُطْلَقًا إلَّا بِذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا تَقَرَّرَ عَنْ الْأَنْوَارِ وَهَلْ يَضْمَنُ نَخِيلًا اسْتَوْدَعَهَا لَمْ يَأْمُرْهُ بِسَقْيِهَا فَتَرَكَهُ كَالْحَيَوَانِ أَوْ لَا وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا نَعَمْ كَالصُّوفِ وَنَحْوِهِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ.
نَعَمْ مَحَلُّ الْوَجْهَيْنِ كَمَا قَالَهُ فِيمَا لَا تَشْرَبُ بِعُرُوقِهَا وَفِيمَا.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الضَّمَانُ مِنْ قَوْلِهِ لَزِمَهُ الدَّفْعُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ مَنْ تَرَكَ فِعْلَ مَا لَزِمَهُ فِي مَالِ غَيْرِهِ ضَمِنَهُ لِنِسْبَتِهِ إلَى تَقْصِيرٍ مَعَ إثْمِهِ بِالتَّرْكِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ تَوَلَّى بَيْعَهُ وَأَشْهَدَ) قَالَ حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ يُشْهِدُهُ عَلَى سَبَبِ الذَّبْحِ فَتَرَكَهُ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا لِعُذْرِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ قَوْلَهُ ذَبَحْتهَا لِذَلِكَ لَا يُقْبَلُ ثُمَّ رَأَيْته مُصَرِّحًا بِهِ فِيمَا يَأْتِي انْتَهَى.
وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ عَدَمُ الضَّمَانِ مُطْلَقًا وَجَدَ شُهُودًا يُشْهِدُهُمْ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ تَقْيِيدُهُ) أَيْ الْأَذْرَعِيِّ انْتَهَى.
حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعِلْمِ) أَيْ بِكَوْنِهِ وَلِيًّا (قَوْلُهُ: وَالْجَهْلُ فِي أَصْلِ الضَّمَانِ) أَيْ وَيَكُونُ قَرَارُ الضَّمَانِ فِي صُورَةِ الْجَهْلِ عَلَى الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِعِلَّتِهَا فِيمَا يَظْهَرُ) ؛ لِأَنَّ الْمُضَمَّنَاتِ لَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ فِيهَا بَيْنَ عِلْمِهَا وَجَهْلِهَا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) مُرَادُهُ حَجّ (قَوْلُهُ: بَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ اللَّائِقِ بِهَا) أَيْ فِيمَا يَدْفَعُ التَّعَيُّبَ لَا فِيمَا يُسَمِّنُهَا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ) أَيْ الْحَاكِمُ بِأَنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ اقْتِرَاضٌ وَلَا بَيْعٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا رُجُوعَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ فَقَدَ الشُّهُودَ وَنَوَى الرُّجُوعَ، وَالْأَوْفَقُ بِمَا سَنَذْكُرُهُ فِي الرَّاعِي عَنْ حَجّ مِنْ أَنَّهُ يَرْجِعُ حَيْثُ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى صِدْقِهِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ تَسْرِيحِهَا مَعَ ثِقَةٍ) أَيْ فَإِنْ عَلَفَهَا فِي الْبَيْتِ فَالظَّاهِرُ ضَمَانُ الْمَالِكِ مَا زَادَ عَلَى مُؤْنَةِ الرَّاعِي لَا جَمِيعِ مَا صَرَفَهُ (قَوْلُهُ: وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ) أَيْ الْوَدِيعِ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا تَقَرَّرَ إلَخْ) قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا فِي الْأَنْوَارِ لَا طَرِيقَ لِدَفْعِ التَّلَفِ عَنْهُ فَالْبَيْعُ مُضْطَرٌّ إلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ خُصُوصَ مَا فَعَلَهُ كَالْإِيجَارِ هُنَا مَثَلًا لَيْسَ مُتَعَيِّنًا؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ وَقَدْ تَعَذَّرَ الْإِنْفَاقُ مِنْ غَيْرِ بَيْعِهَا وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ كَالصُّوفِ) أَيْ خِلَافًا
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ بِعِلْمِ الْوَدِيعِ بِالْحَالِ) أَيْ بِكَوْنِهِ وَلِيًّا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي إذْنِهِ) يَعْنِي الْحَاكِمَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْهَهُ) الْوَاوُ لِلْحَالِ عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ فِيمَا لَمْ يَنْهَهُ انْتَهَتْ. وَغَرَضُهُ مِنْ ذَلِكَ دَفْعُ مَا يُوهِمُهُ الْمَتْنُ مِنْ تَعَلُّقِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمَسْأَلَةِ النَّهْيِ قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: كَالصُّوفِ وَنَحْوِهِ) أَيْ فِيمَا إذَا تَرَكَ نَحْوَ نَشْرِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute