للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونَ الرُّجُوعُ فِيهِ إلَى الْعَادَةِ اهـ. وَهُوَ الْأَوْجَهُ.

(وَمِنْهَا أَنْ يُضَيِّعَهَا بِأَنْ) تَقَعَ فِي كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ بِمَعْنَى كَأَنَّ كَثِيرًا كَمَا فِي هَذَا الْبَابِ إذْ أَنْوَاعُ الضَّيَاعِ كَثِيرَةٌ: مِنْهَا أَنْ تَقَعَ دَابَّةٌ فِي مَهْلَكَةٍ وَهِيَ مَعَ رَاعٍ أَوْ وَدِيعٍ فَيَتْرُكَ تَخْلِيصَهَا مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ بِلَا كَبِيرِ مَشَقَّةٍ، أَوْ ذَبْحَهَا بَعْدَ تَعَذُّرِ تَخْلِيصِهَا فَتَمُوتُ فَيَضْمَنُهَا عَلَى مَا مَرَّ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي ذَبْحِهَا لِذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا فِي دَعْوِهِ خَوْفًا أَلْجَأَهُ إلَى إيدَاعِ غَيْرِهِ.

وَمِنْهَا أَنْ يَنَامَ عَنْهَا إلَّا إنْ كَانَتْ بِرَحْلِهِ أَوْ رُفْقَتِهِ حَوْلَهُ: أَيْ مُسْتَيْقِظِينَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا تَقْصِيرَ بِالنَّوْمِ حِينَئِذٍ.

وَمِنْهَا ضَيَاعُهَا بِنِسْيَانٍ أَوْ نَحْوِهِ كَأَنْ قَعَدَ فِي طَرِيقٍ ثُمَّ قَامَ وَنَسِيَهَا أَوْ دَفَنَهَا بِحِرْزٍ ثُمَّ نَسِيَهُ (يَضَعُهَا فِي غَيْرِ حِرْزِ مِثْلِهَا) بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا وَإِنْ قَصَدَ إخْفَاءَهَا كَمَا لَوْ هَجَمَ عَلَيْهِ قُطَّاعٌ فَأَلْقَاهَا فِي مَضْيَعَةٍ أَوْ دُونَهَا إخْفَاءً لَهَا فَضَاعَتْ، وَالتَّنْظِيرُ فِيهِ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ، وَلَوْ جَاءَهُ مَنْ يَخَافُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ فَهَرَبَ وَتَرَكَهَا: أَيْ وَلَمْ يُمْكِنْهُ أَخْذُهَا وَهِيَ فِي حِرْزِ مِثْلِهَا فَلَا ضَمَانَ لِانْتِفَاءِ تَقْصِيرِهِ

وَضَابِطُ الْحِرْزِ هُنَا كَمَا فَصَّلُوهُ فِي السَّرِقَةِ بِالنِّسْبَةِ لِأَنْوَاعِ الْمَالِ وَالْمَحَالِّ ذَكَرَهُ فِي الْأَنْوَارِ قَالَ غَيْرُهُ: وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ أَنَّ الدَّارَ الْمُغْلَقَةَ لَيْلًا وَلَا نَائِمَ بِهَا غَيْرُ حِرْزٍ هُنَا أَيْضًا وَإِنْ كَانَتْ بِبَلَدِ أَمْنٍ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ احْفَظْ دَارِي فَأَجَابَ فَذَهَبَ الْمَالِكُ وَبَابُهَا مَفْتُوحٌ ثَمَّ الْآخَرُ ضَمِنَ، بِخِلَافِ الْمُغْلَقَةِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي ثَمَّ، فَلَوْ سَرَقَ الْوَدِيعَةَ مِنْ حِرْزِهَا مَنْ سَاكَنَهُ فِيهِ فَالْأَوْجَهُ الضَّمَانُ مُطْلَقًا كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُمْ ثُمَّ لَيْسَ مُحْرَزًا بِالنِّسْبَةِ لِلضَّيْفِ وَالسَّاكِنِ، وَلَوْ ذَهَبَ الْفَأْرُ بِهَا مِنْ حِرْزِهَا فِي جِدَارٍ لَمْ يَجُزْ لِمَالِكِهَا حَفْرُهُ مَجَّانًا؛ لِأَنَّ مَالِكَهُ لَمْ يَتَعَدَّ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَعَدَّى نَظِيرُ مَا قَالُوهُ فِي دِينَارٍ وَقَعَ بِمِحْبَرَةٍ أَوْ فَصِيلٍ بِبَيْتٍ وَلَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُهُ إلَّا بِكَسْرِهَا أَوْ هَدْمِهِ يُكْسَرُ وَيُهْدَمُ بِالْأَرْشِ إنْ لَمْ يَتَعَدَّ مَالِكُ الظَّرْفِ وَإِلَّا فَلَا أَرْشَ (أَوْ يَدُلُّ عَلَيْهَا) مَعَ تَعْيِينِهِ مَحَلَّهَا (سَارِقًا) أَوْ نَحْوَهُ (أَوْ) (مَنْ يُصَادِرُ الْمَالِكَ) لِإِتْيَانِهِ بِنَقِيضِ مَا الْتَزَمَهُ مِنْ حَفِظَهَا، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى الدَّلَالَةِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ ضَمَانِهِ، وَعَلَى.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُهَا عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الْخِلَافِ فِيهِ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْهُ هُوَ الضَّمَانُ وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ حَجّ أَنَّ الَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ يُشْهِدُهُ عَلَى سَبَبِ الذَّبْحِ فَتَرَكَهُ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُصَدَّقُ فِي ذَبْحِهَا لِذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) بَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ رَاعِيًا وَلَا مُودَعًا وَرَأَى نَحْوَ مَأْكُولٍ لِغَيْرِهِ وَقَعَ فِي مَهْلَكَةٍ وَأَشْرَفَ عَلَى الْهَلَاكِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَبْحُهُ بِنِيَّةِ حِفْظِهِ لِمَالِكِهِ وَإِذَا تَرَكَهُ مِنْ غَيْرِ ذَبْحٍ لَا يَضْمَنُ أَوْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَبْحُهُ وَلَهُ تَرْكُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِالتَّرْكِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْقَطْعِ بِرِضَا مَالِكِهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرِيدُ إتْلَافَ مَالِهِ لَكِنْ لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا قَالُوهُ فِي الرَّاعِي فَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ اُحْتُمِلَ تَصْدِيقُهُ كَمَا قَالَهُ حَجّ فِي الرَّاعِي، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ كُلَّهُ مَفْرُوضٌ فِي عَارِفٍ يُمَيِّزُ بَيْنَ الْأَسْبَابِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْهَلَاكِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَامَ وَنَسِيَهَا) وَمِنْهُ مَا لَوْ كَانَ مَعَهُ كِيسُ دَرَاهِمَ مَثَلًا فَوَضَعَهُ فِي حُجْرَةٍ ثُمَّ قَامَ وَنَسِيَهُ فَضَاعَ فَيَضْمَنُ (قَوْلُهُ: فَأَلْقَاهَا فِي مَضْيَعَةٍ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْمَضْيَعَةُ بِمَعْنَى الضَّيَاعِ، وَيَجُوزُ فِيهَا كَسْرُ الضَّادِ وَسُكُونِ الْيَاءِ مِثْلَ مَعِيشَةٍ، وَيَجُوزُ سُكُونُ الضَّادِ وَفَتْحُ الْيَاءِ وِزَانَ مُسْلِمَةٍ، وَالْمُرَادُ بِهَا الْمَفَازَةُ الْمُنْقَطِعَةُ (قَوْلُهُ: لَوْ قَالَ احْفَظْ دَارِي فَأَجَابَ) أَيْ صَرِيحًا (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ الضَّمَانُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُتَّهَمًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: لَيْسَ مُحْرَزًا بِالنِّسْبَةِ لِلضَّيْفِ) أَيْ فَالْوَدِيعُ مُقَصِّرٌ حَيْثُ وَضَعَهَا فِيمَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّهُ وَضَعَهَا فِي غَيْرِ حِرْزِ مِثْلِهَا (قَوْلُهُ أَوْ هَدْمِهِ يُكْسَرُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُفْتِي بِجَوَازِ ذَلِكَ وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ يُقَالُ لِصَاحِبِ الْفَصِيلِ وَالدِّينَارِ إنْ هَدَمْت الْبَيْتَ وَكَسَرْت الدَّوَاةَ غَرِمَتْ الْأَرْشَ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ إتْلَافُ مَالِهِ لِعَدَمِ تَعَدَّيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ يَدُلُّ عَلَيْهَا) أَيْ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْغَيْرَ لَمْ يَلْتَزِمْ حِفْظَهَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَيْ مُسْتَيْقِظِينَ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ فِيهِمْ مُسْتَيْقِظًا وَلَوْ وَاحِدًا حَيْثُ يَحْصُلُ بِهِ الْحِفْظُ (قَوْلُهُ: عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ الْمَالُ وَكَثُرَتْ الْوَدِيعَةُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ أَنَّ الدَّارَ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ يُفْصَلُ فِي أَنْوَاعِ الْمَالِ بِاعْتِبَارِ الْخِسَّةِ وَالنَّفَاسَةِ وَفِي الدَّارِ مِنْ كَوْنِهَا مُحْكَمَةَ الْبِنَاءِ مَثَلًا أَوْ بِخِلَافِ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>