لِقَبُولِ قَوْلِهِ فِي الرَّدِّ: نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمُودِعُ حَاكِمًا ثُمَّ طَالَبَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِالْبَرَاءَةِ لِعَدَمِ قَبُولِ قَوْلِهِ بَعْدَ عَزْلِهِ.
قَالَهُ الْإِصْطَخْرِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَجِيءُ مِثْلُهُ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمُودِعُ نَائِبًا عَنْ غَيْرِهِ بِوَلَايَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالرَّدِّ حَقِيقَتُهُ بَلْ التَّمْكِينُ مِنْ الْأَخْذِ (بِأَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا) وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ، أَمَّا مَالِكٌ حُجِرَ عَلَيْهِ لِنَحْوِ سَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ فَلَا يَرُدُّ إلَّا لِوَلِيِّهِ وَإِلَّا ضَمِنَ كَالرَّدِّ لِأَحَدِ شَرِيكَيْنِ أَوْ دَعَاهُ، فَإِنْ أَبَى إلَّا أَخْذَ حِصَّتِهِ رَفَعَهُ لِقَاضٍ يَقْسِمُهَا لَهُ إنْ انْقَسَمَ، وَلَوْ أَوْدَعَهُ مَعْرُوفًا بِاللُّصُوصِيَّةِ وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا لِغَيْرِهِ ثُمَّ طَالَبَهُ لَزِمَهُ الرَّدُّ فِيمَا يَظْهَرُ لِظَاهِرِ الْيَدِ، وَلَوْ أَعْطَى غَيْرَهُ نَحْوَ خَاتَمٍ أَمَارَةً لِقَضَاءِ حَاجَةٍ وَأَمَرَهُ بِرَدِّهِ بَعْدَ قَضَائِهَا فَتَرَكَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي حِرْزِ مِثْلِهِ فَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْهُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ سِوَى التَّخْلِيَةِ (فَإِنْ أَخَّرَ) التَّخْلِيَةَ بَعْدَ الطَّلَبِ (بِلَا عُذْرٍ ضَمِنَ) لِتَعَدِّيهِ بِخِلَافِهِ لِنَحْوِ طُهْرٍ وَصَلَاةٍ وَأَكْلٍ دَخَلَ وَقْتُهَا وَهِيَ بِغَيْرِ مَجْلِسِهِ وَمُلَازَمَةِ غَرِيمٍ وَلَوْ طَالَ زَمَنُ الْعُذْرِ كَنَذْرِ اعْتِكَافِ شَهْرٍ مُتَتَابِعٍ وَإِحْرَامٍ يَطُولُ زَمَنُهُ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَوْكِيلُ أَمِينٍ يَرُدُّهَا إنْ وَجَدَهُ وَإِلَّا بَعَثَ لِلْحَاكِمِ لِيَرُدَّهَا، فَإِنْ تَرَكَ أَحَدَ هَذَيْنِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ ضَمِنَ، وَقَوْلُهُ أَعْطِهَا لِأَحَدِ وُكَلَائِي وَطَلَبَهَا أَحَدُهُمْ فَأَخَّرَهَا لِيَدْفَعَهَا لِلْآخَرِ اقْتَضَى الضَّمَانَ، فَإِنْ قَالَ أَعْطِ مَنْ شِئْت مِنْهُمْ لَمْ يَعْصِ بِالتَّأْخِيرِ، وَلَمْ يَضْمَنْ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ.
(وَإِنْ) (ادَّعَى) الْوَدِيعُ (تَلَفَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ سَبَبًا) لَهُ (أَوْ ذَكَرَ) سَبَبًا (خَفِيًّا) (كَسَرِقَةٍ) وَغَصْبٍ، نَعَمْ يَظْهَرُ حَمْلُهُ كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى مَا إذَا ادَّعَى وُقُوعَهُ فِي خَلْوَةٍ وَإِلَّا طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ عَلَيْهِ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) إجْمَاعًا وَلَا يَلْزَمُهُ بَيَانُ السَّبَبِ، نَعَمْ يَلْزَمُهُ الْحَلِفُ لَهُ أَنَّهَا تَلِفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ، وَلَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ عَلَى السَّبَبِ الْخَفِيِّ حَلَفَ الْمَالِكُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ وَغَرَّمَهُ الْبَدَلَ، وَشَمَلَ إطْلَاقُهُ دَعْوَى السَّرِقَةِ مَا لَوْ طَلَبَهَا الْمَالِكُ فَقَالَ لَهُ أَرُدُّهَا وَلَمْ يُخْبِرْهُ بِالسَّرِقَةِ ثُمَّ طَالَبَهُ فَأَخْبَرَهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَفَصَّلَ الْعَبَّادِيُّ فَقَالَ: إنْ كَانَ يَرْجُو وُجُودَهَا فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ أَيِسَ مِنْهَا ضَمِنَ، وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْهُ وَأَقَرَّهُ (وَإِنْ ذَكَرَ) سَبَبًا (ظَاهِرًا كَحَرِيقٍ) وَمَوْتٍ ادَّعَى وُقُوعَهُ بِحَضْرَةِ جَمْعٍ كَمَا حَمَلَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بَحْثًا وَإِلَّا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ عَلَيْهِ (فَإِنْ عُرِفَ الْحَرِيقُ وَعُمُومُهُ) وَلَمْ يُحْتَمَلْ سَلَامَةُ الْوَدِيعَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي (صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ) لَإِغْنَاءِ ظَاهِرِ الْحَالِ عَنْهَا، نَعَمْ إنْ اُتُّهِمَ بِأَنْ اُحْتُمِلَ سَلَامَتُهَا حَلَفَ وُجُوبًا (وَإِنْ عُرِفَ دُونَ عُمُومِهِ) وَاحْتُمِلَ سَلَامَتُهَا (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِاحْتِمَالِ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
إيدَاعٌ.
(قَوْلُهُ لِقَبُولِ قَوْلِهِ) أَيْ الْوَدِيعِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمُودِعُ) أَيْ لِمَا هُوَ أَمِينٌ فِيهِ كَمَالِ يَتِيمٍ مَثَلًا وَفَائِدَةُ وُجُوبِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَعَ قَبُولِ قَوْلِ الْوَدِيعِ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ تَخْلِيصُ الْحَاكِمِ مِنْ وَرْطَةِ لُزُومِ غُرْمِهِ لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَزْلِ، وَقَوْلُهُ فَعَلَيْهِ: أَيْ مَنْ تَحْتَ يَدِهِ الْوَدِيعَةُ، وَقَوْلُهُ أَنْ يُشْهِدَ لَهُ: أَيْ عَلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَرُدُّ إلَّا لِوَلِيِّهِ) أَيْ الْوَدِيعِ، وَفِي التَّعْبِيرِ بِالْوَلِيِّ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُفْلِسِ مُسَامَحَةٌ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْقَاضِي، وَلَيْسَ وَلِيًّا لِلْمُفْلِسِ وَإِنْ كَانَ لَهُ التَّصَرُّفُ (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي الضَّمَانَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَعْدَلَ بَلْ أَوْ كَانَ الْأَوَّلُ فَاسِقًا.
(قَوْلُهُ نَعَمْ يَظْهَرُ حَمْلُهُ) أَيْ الْغَصْبِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا إذَا ادَّعَى وُقُوعَهُ فِي خَلْوَةٍ) أَيْ فِي مَحَلٍّ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ عَلَيْهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ) أَيْ فَلَا يُكَلَّفُ الْحَلِفُ أَنَّهَا مَا تَلِفَتْ.
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ بَيَانُ السَّبَبِ) أَيْ فِي الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَمَوْتٌ ادَّعَى وُقُوعَهُ بِحَضْرَةِ جَمْعٍ إلَخْ) أَيْ فَهَذَا سَبَبٌ ظَاهِرٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُشَارِكُ الْحَرِيقَ فِي حُكْمِهِ الْآتِي، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَذْكُرْهُ مَعَهُ فِي تَفْصِيلِهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ وُجُوبُ الْبَيِّنَةِ. نَعَمْ إنْ اسْتَفَاضَ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُهُ بِلَا يَمِينٍ نَظِيرَ الْحَرِيقِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ الْآتِي وَإِلَّا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ حُمِلَ وَيَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِصُدِّقَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ ثُمَّ يَحْلِفُ عَلَى التَّلَفِ بِهِ) قَدْ يُقَالُ: هَلَّا فُصِلَ بَيْنَ مَا إذَا تَعَرَّضَتْ الْبَيِّنَةُ لِكَوْنِ الْحَرِيقِ مَثَلًا عُرِفَ وَعُمُومُهُ فَيُصَدَّقُ الْوَدِيعُ بِلَا يَمِينٍ وَبَيْنَ مَا إذَا لَمْ تَتَعَرَّضْ فَيُحْتَاجُ لِلْيَمِينِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute