لَا نَحْوَ نَسَبٍ وَعِلْمٍ لِيَتَفَرَّغَ لِلْجِهَادِ وَيَزِيدَ مَنْ زَادَ لَهُ عِيَالٌ وَلَوْ زَوْجَةً رَابِعَةً، وَيُعْطِي لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَإِنْ كَثَرْنَ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ هُنَا؛ لِأَنَّ حَمْلَهُنَّ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِيهِ، وَلِلْأَذْرَعِيِّ فِي الزَّوْجَاتِ لِانْحِصَارِهِنَّ وَلِعَبِيدِ خِدْمَتِهِ الَّذِينَ يَحْتَاجُهُمْ لَا لِمَا زَادَ عَلَى حَاجَتِهِ إلَّا إنْ كَانَ لِحَاجَةِ الْجِهَادِ، وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُ مَوْطُوءَتِهِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ بِعَبِيدِ الْخِدْمَةِ فَلَا يُعْطَى إلَّا لِمَنْ يَحْتَاجُهُ لِعِفَّةٍ أَوْ دَفْعِ ضَرَرٍ (وَيُقَدِّمُ) نَدْبًا (فِي إثْبَاتِ الِاسْمِ) فِي الدِّيوَانِ (وَالْإِعْطَاءِ قُرَيْشًا) لِخَبَرِ «قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلَا تَقَدَّمُوهَا» (وَهُمْ وَلَدُ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ) بْنِ خُزَيْمَةَ، وَقِيلَ وَلَدُ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ، وَنُقِلَ عَنْ أَكْثَرَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، سُمُّوا بِذَلِكَ لِتَقَرُّشِهِمْ: أَيْ تَجَمُّعِهِمْ أَوْ شِدَّتِهِمْ (وَيُقَدَّمُ مِنْهُمْ بَنِي هَاشِمٍ) لِشَرَفِهِمْ بِكَوْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُمْ (وَ) بَنِي (الْمُطَّلِب) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَنَهُمْ بِهِمْ كَمَا مَرَّ، وَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ أَشَارَ بِالْوَاوِ إلَى عَدَمِ التَّرْتِيبِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ مَحَلُّ نَظَرٍ، إذْ الْأَوْجَهُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ تَقْدِيمَ بَنِي هَاشِمٍ أَوْلَى، وَسَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنْ يُقَدِّمَ مِنْهُمْ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (ثُمَّ) بَنِي (عَبْدِ شَمْسٍ) ؛ لِأَنَّهُ شَقِيقُ هَاشِمٍ (ثُمَّ) بَنِي (نَوْفَلٍ) ؛ لِأَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبِيهِ (ثُمَّ) بَنِي (عَبْدِ الْعُزَّى) ؛ لِأَنَّ خَدِيجَةَ مِنْهُمْ (ثُمَّ سَائِرَ الْبُطُونِ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فَبَعْدَ بَنِي عَبْدِ الْعُزَّى بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، ثُمَّ بَنِي زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ أَخْوَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ بَنِي تَيْمٍ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعَائِشَةَ مِنْهُمْ وَهَكَذَا (ثُمَّ) بَعْدَ قُرَيْشٍ يُقَدِّمُ (الْأَنْصَارَ) لِآثَارِهِمْ الْحَمِيدَةِ فِي الْإِسْلَامِ، وَيَنْبَغِي كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ تَقْدِيمُ الْأَوْسِ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ مِنْهُمْ أَخْوَالَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَنْصَارُ كُلُّهُمْ مِنْ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ (ثُمَّ سَائِرَ الْعَرَبِ) لِشَرَفِهِمْ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَظَاهِرُهُ تَقْدِيمُ الْأَنْصَارِ عَلَى مَنْ عَدَا قُرَيْشًا وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاسْتِوَاءُ جَمِيعِ الْعَرَبِ، لَكِنْ خَالَفَ السَّرَخْسِيُّ فِي الْأَوَّلِ وَالْمَاوَرْدِيُّ فِي الثَّانِي (ثُمَّ الْعَجَمَ) مُعْتَبَرًا فِيهِمْ النَّسَبُ كَالْعَرَبِ، فَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى نَسَبٍ اعْتَبَرُوا مَا يَرَوْنَهُ أَشْرَفَ، فَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ هُنَاكَ فَكَمَا يَأْتِي، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ أَقْرَبُ مِنْهُمْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَشْرَفُ.
وَمَتَى اسْتَوَى اثْنَانِ قُرِّبَا قُدِّمَ أَسَنُّهُمَا، فَإِنْ اسْتَوَيَا سِنًّا فَأَسْبَقُهُمَا إسْلَامًا ثُمَّ هِجْرَةً كَذَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يُقَدَّمُ بِالسَّبْقِ لِلْإِسْلَامِ ثُمَّ بِالدِّينِ ثُمَّ بِالسِّنِّ ثُمَّ بِالْهِجْرَةِ ثُمَّ بِالشَّجَاعَةِ ثُمَّ يَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ، وَلَا يُشْكِلُ تَقْدِيمُهُمْ النَّسَبَ عَلَى السِّنِّ هُنَا عَكْسَ الرَّاجِحِ فِي إمَامَةِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى مَا بِهِ الِافْتِخَارُ بَيْنَ الْقَبَائِلِ وَثُمَّ عَلَى مَا يَزِيدُ بِهِ الْخُشُوعُ وَنَحْوُهُ، وَالسِّنُّ أَدْخَلُ فِي ذَلِكَ مِنْ النَّسَبِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ السِّنَّ كُلَّمَا زَادَ كَثُرَ الْخَيْرُ وَنَقَصَ الشَّرُّ (وَلَا يَثْبُتُ) نَدْبًا وَقِيلَ وُجُوبًا (فِي الدِّيوَانِ أَعْمَى وَلَا زَمِنًا وَلَا مَنْ يَصْلُحُ لِلْغَزْوِ) لِنَحْوِ جَهْلٍ بِالْقِتَالِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ جُبْنٍ عَنْهُ لِعَجْزِهِمْ وَمَحَلُّهُ فِي الْمُرْتَزِقِ، أَمَّا عِيَالُهُ فَيَثْبُتُونَ تَبَعًا لَهُ وَإِنْ قَامَ بِهِمْ نَقْصٌ كَمَا بَحَثَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ (وَلَوْ مَرِضَ بَعْضُهُمْ أَوْ جُنَّ وَرُجِيَ زَوَالُهُ) وَلَوْ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِمِصْرِنَا فَيُعْطَوْنَ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ لَهُمْ وَلِعِيَالِهِمْ وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ بِالزِّرَاعَةِ وَنَحْوِهَا لِقِيَامِهِمْ بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُمْ بِتَهَيُّئِهِمْ لِلْجِهَادِ وَنَصْبِ أَنْفُسِهِمْ لَهُ (قَوْلُهُ: بِعَبِيدِ الْخِدْمَةِ) وَمِثْلُ عَبِيدِ الْخِدْمَةِ إمَاؤُهَا بَلْ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْأَحْرَارِ الَّذِينَ يَحْتَاجُ إلَيْهِمْ فِي خِدْمَتِهِ أَوْ خِدْمَةِ أَهْلِ بَيْتِهِ حَيْثُ كَانَ مِمَّنْ يُخْدَمُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ شَقِيقُ هَاشِمٍ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمُطَّلِبِ وَإِلَّا فَعَبْدُ شَمْسٍ شَقِيقُهُمَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: السَّرَخْسِيُّ) نِسْبَةً إلَى سَرْخَسَ بِفَتْحِ السِّينِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ ثُمَّ خَاءٍ مُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَهَا سِينٌ، وَقِيلَ بِإِسْكَانِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْخَاءِ انْتَهَى.
طَبَقَاتُ الْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ: لَكِنْ خَالَفَ السَّرَخْسِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ هُنَاكَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ كَالْعَرَبِ وَقَوْلُهُ وَذَلِكَ: أَيْ قَوْلُهُ اُعْتُبِرَ مَا يَرَوْنَهُ أَشْرَفَ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ بِالدِّينِ) أَيْ فَيُقَدَّمُ الْأَوْرَعُ فِي الدِّينِ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ) قَالَ الشِّهَابُ سم: إنْ كَانَ الْمَعْنَى أَنَّ عِيَالَ الْمُرْتَزِقِ إذَا كَانَ بِهِمْ عَمًى أَوْ زَمَانَةٌ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute