وَإِنْ اعْتَرَضَ بِأَنَّهُ يَقَعُ مَوْقِعًا.
وَقَضِيَّةُ الْحَدِّ أَنَّ الْكَسُوبَ غَيْرُ فَقِيرٍ وَإِنْ لَمْ يَكْتَسِبْ وَهُوَ كَذَلِكَ هُنَا، وَفِي الْحَجِّ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ كَمَا مَرَّ، وَفِيمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ فَرْعِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْأَصْلِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ لِحُرْمَتِهِ كَمَا يَأْتِي إنْ وَجَدَ مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ وَقَدَرَ عَلَيْهِ: أَيْ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً فِيمَا يَظْهَرُ وَحَلَّ لَهُ تَعَاطِيهِ وَلَاقَ بِهِ وَإِلَّا أُعْطِيَ، وَأَنَّ ذَا الْمَالِ الَّذِي عَلَيْهِ قَدْرُهُ وَلَوْ حَالًّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ غَيْرُ فَقِيرٍ أَيْضًا فَلَا يُعْطَى مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ حَتَّى يَصْرِفَ مَا مَعَهُ فِي الدَّيْنِ، وَنِزَاعُ الرَّافِعِيِّ فِيهِ النَّاشِئُ عَنْ تَنَاقُضٍ حَكَى عَنْهُ هُنَا وَفِي الْعِتْقِ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْتَبَرَ كَمَا مَنَعَ وُجُوبَ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ وَزَكَاةِ الْفِطْرِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ مَنْعِهِ لِلْفِطْرَةِ، وَعَلَى الْمَنْعِ ثُمَّ يُفَرَّقُ بِأَنَّ تِلْكَ مُوَاسَاةٌ فِي مُقَابَلَةِ طُهْرَةٌ الْبَدَنِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا لِتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِذِمَّتِهِ، وَمَا هُنَا مَلْحَظُهُ الِاحْتِيَاجُ، وَهُوَ قَبْلَ صَرْفِ مَا بِيَدِهِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ، وَبِأَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ تَجِبُ مَعَ الدَّيْنِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْفَلَسِ، فَوُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهِ وَنَفَقَةُ الْقَرِيبِ مَعَهُ يَقْتَضِيَانِ الْغِنَى، ثُمَّ هَذَا الْحَدُّ لِفَقِيرِ الزَّكَاةِ لَا فَقِيرَ الْعَرَايَا وَنَفَقَةُ الْمُمَوِّنِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ فِي مَحَالِّهِ، وَمَنْ لَهُ عَقَارٌ يَنْقُصُ دَخْلُهُ عَنْ كِفَايَتِهِ فَقِيرٌ أَوْ مِسْكِينٌ بِنَاءً عَلَى إعْطَائِهِ كِفَايَةَ الْعُمْرِ الْغَالِبِ كَمَا يَأْتِي.
نَعَمْ إنْ كَانَ نَفِيسًا وَلَوْ بَاعَهُ حَصَلَ بِهِ مَا يَكْفِيهِ دَخْلُهُ لَزِمَهُ بَيْعُهُ فِيمَا يَظْهَرُ (وَلَا يَمْنَعُ الْفَقْرَ) وَالْمَسْكَنَةَ (مَسْكَنُهُ) الَّذِي يَحْتَاجُهُ وَلَاقَ بِهِ فَإِنْ اعْتَادَ السَّكَنَ بِالْأُجْرَةِ أَوْ فِي الْمَدْرَسَةِ وَمَعَهُ ثَمَنُ مَسْكَنٍ أَوْ لَهُ مَسْكَنٌ خَرَجَ عَنْ اسْمِ الْفَقْرِ بِمَا مَعَهُ كَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ (وَثِيَابُهُ) وَلَوْ لِلتَّجَمُّلِ بِهَا فِي بَعْضِ أَيَّامِ السَّنَةِ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ إنْ لَاقَتْ بِهِ أَيْضًا فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ السُّبْكِيّ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ حُلِيَّ الْمَرْأَةِ اللَّائِقِ بِهَا الْمُحْتَاجَةُ لِلتَّزَيُّنِ بِهِ عَادَةً لَا يَمْنَعُ فَقْرَهَا، وَقِنَّهُ الْمُحْتَاجُ لِخِدْمَتِهِ وَلَوْ لِمُرُوءَتِهِ لَكِنْ إنْ اخْتَلَّتْ مُرُوءَتُهُ بِخِدْمَتِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ شَقَّتْ عَلَيْهِ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً، وَكُتُبُهُ الَّتِي يَحْتَاجُهَا وَلَوْ نَادِرًا كَمَرَّةٍ فِي السَّنَةِ مِنْ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ، أَوْ آلَةٍ لَهُ أَوْ لِطِبٍّ وَلَيْسَ ثَمَّ مِنْ يَعْتَنِي بِهِ، أَوْ وَعْظٍ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ وَاعِظٌ؛ لِأَنَّهُ يَتَّعِظُ مِنْ نَفْسِهِ مَا لَا يَتَّعِظُ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ تَكَرَّرَتْ عِنْدَهُ كُتُبٌ مِنْ فَنٍّ وَاحِدٍ بَقِيَتْ كُلُّهَا لِمُدَرِّسٍ وَالْمَبْسُوطُ لِغَيْرِهِ، فَيَبِيعُ الْمُوجَزَ إلَّا إنْ كَانَ فِيهِ مَا لَيْسَ فِي الْمَبْسُوطِ فِيمَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَإِنْ كَانَ فِي الْمَطَاعِمِ وَالْمُلَابِسِ النَّفِيسَةِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْحَجْرِ عَلَى السَّفِيهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكْتَسِبْ) يَعْنِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ لَا كَسْبَ لَهُ بِالْقُوَّةِ بِأَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَفِيمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ فَرْعِهِ) أَيْ فَلَا تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ فَرْعِهِ الْكَسُوبِ وَإِنْ لَمْ يَكْتَسِبْ، وَقَوْلُهُ بِخِلَافِهِ فِي الْأَصْلِ أَيْ فَيَلْزَمُ فَرْعَهُ إنْفَاقُهُ، وَإِنْ كَانَ هُوَ مُكْتَسِبًا وَلَمْ يَكْتَسِبْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: غَيْرُ فَقِيرٍ أَيْضًا) أَيْ هُنَا، وَكَذَا فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ وَزَكَاةِ الْفِطْرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيهِمَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْتَبَرَ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَزَكَاةِ الْفِطْرِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ وَإِلَّا فَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّارِحِ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ مُطْلَقًا كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَهُ وَغَيْرِهِمْ) مِنْهُ فُقَرَاءُ الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ بَيْعُهُ فِيمَا يَظْهَرُ) شَمَلَ مَا لَوْ كَانَ بِيَدِهِ عَقَارُ غَلَّتِهِ لَا تَفِي بِنَفَقَتِهِ، وَثَمَنُهُ يَفِي بِتَحْصِيلِ جَامَكِيَّةٍ أَوْ وَظِيفَةٍ يُحَصِّلُ مِنْهَا مَا يَكْفِيهِ فَيُكَلَّفُ بَيْعُ الْعَقَارِ لِذَلِكَ وَلَا يَدْفَعُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: خَرَجَ عَنْ اسْمِ الْفَقْرِ) خِلَافًا لحج فِيمَنْ اعْتَادَ السَّكَنَ بِالْأُجْرَةِ وَلَكِنْ جَرَى الزِّيَادِيُّ عَلَى مَا فِي حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ لِطِبٍّ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ كُتُبِ الطِّبِّ وَكُتُبِ الْوَعْظِ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَتَّعِظُ بِنَفْسِهِ غَالِبًا وَلَا يُطَبِّبُ نَفْسَهُ بَلْ يَحْتَاجُ لِلطَّبِيبِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجِ (قَوْلُهُ: فَيَبِيعُ الْمُوجَزَ) أَيْ الْمُخْتَصَرَ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَفِيمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَةٌ قَرِيبِهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: نَفَقَةُ فَرْعِهِ انْتَهَتْ.
وَهِيَ أَصْوَبُ لِمُقَابَلَتِهَا بَعْدُ بِالْأَصْلِ، ثُمَّ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا عُطِفَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَفِي الْحَجِّ: أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ فَرْعِهِ الْكَسُوبِ وَإِنْ لَمْ يَكْتَسِبْ، بِخِلَافِ الْأَصْلِ يَلْزَمُ فَرْعَهُ إنْفَاقُهُ وَإِنْ كَانَ هُوَ مُكْتَسِبًا وَلَمْ يَكْتَسِبْ (قَوْلُهُ: إنْ وُجِدَ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ إنَّ الْكَسُوبَ غَيْرُ فَقِيرٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لَهُ مَسْكَنٌ) فِيهِ مِنْ الْحَرَجِ مَا لَا يَخْفَى، عَلَى أَنَّ الَّذِي نَقَلَهُ غَيْرُهُ عَنْ السُّبْكِيّ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ مَعَهُ ثَمَنُ الْمَسْكَنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute