يَظْهَرُ أَوْ نُسَخٍ مِنْ كِتَابٍ بَقِيَ لَهُ الْأَصَحُّ لَا الْأَحْسَنُ، وَآلَةُ الْمُحْتَرِفِ كَخَيْلِ جُنْدِيٍّ مُرْتَزِقٍ وَسِلَاحِهِ إنْ لَمْ يُعْطِهِ الْإِمَامُ بَدَلَهُمَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَمُتَطَوِّعٌ احْتَاجَهُمَا وَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْجِهَادُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْفَلَسِ كَمَا سَيَأْتِي بِقَيْدِهِ، وَثَمَنُ مَا ذُكِرَ مَا دَامَ مَعَهُ يَمْنَعُ إعْطَاءَهُ بِالْفَقْرِ حَتَّى يَصْرِفَهُ (وَمَالُهُ الْغَائِبُ فِي مَرْحَلَتَيْنِ) أَوْ الْحَاضِرُ وَقَدْ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ (وَ) مَالُهُ (الْمُؤَجَّلُ) لِأَنَّهُ مُعْسِرٌ الْآنَ فِيهِمَا فَيَأْخُذُ إلَى أَنْ يَصِلَ أَوْ يَحِلَّ، أَمَّا مَا دُونَهُمَا وَلَا حَائِلٌ فَحُكْمُهُ كَالْحَاضِرِ.
وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَحِلَّ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَمْ لَا، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَمَّا كَانَ مَعْدُومًا لَمْ يُعْتَبَرْ لَهُ زَمَنٌ بَلْ أُعْطِيَ إلَى حُلُولِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى خَلَاصِهِ، بِخِلَافِ الْمَالِ الْغَائِبِ فَفَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ وَبُعْدِهَا (وَكَسْبٌ لَا يَلِيقُ) بِهِ شَرْعًا أَوْ عُرْفًا لِحُرْمَتِهِ أَوْ إخْلَالِهِ بِمُرُوءَتِهِ لِكَوْنِهِ كَالْعَدَمِ كَمَا لَوْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ إلَّا مَنْ مَالُهُ حَرَامٌ: أَيْ أَوْ فِيهِ شُبْهَةٌ قَوِيَّةٌ فِيمَا يَظْهَرُ، وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِأَنَّ أَرْبَابَ الْبُيُوتِ الَّذِينَ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُمْ بِالْكَسْبِ: أَيْ وَهُوَ يَخِلُّ بِمُرُوءَتِهِمْ لَهُمْ الْأَخْذُ وَكَلَامُهُمْ يَشْمَلُهُ، وَقَوْلُهُ فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّ تَرْكَ الشَّرِيفِ نَحْوَ النَّسْخِ وَالْخَيَّاطَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ حَمَاقَةٌ وَرُعُونَةُ نَفْسٍ وَأَخْذُهُ الْأَوْسَاخَ عِنْدَ قُدْرَتِهِ أَذْهَبُ لِلْمُرُوءَةِ مَحْمُولٌ عَلَى إرْشَادِهِ لِلْأَكْمَلِ مِنْ الْكَسْبِ، فَإِنْ أَرَادَ مَنْعَهُ مِنْ الْأَخْذِ اتَّجَهَ الْأَوَّلُ حَيْثُ أَخَلَّ الْكَسْبُ بِمُرُوءَتِهِ عُرْفًا وَإِنْ كَانَ نَسْخًا لَكُتُبِ الْعِلْمِ (وَلَوْ اشْتَغَلَ) بِحِفْظِ قُرْآنٍ أَوْ (بِعِلْمٍ) شَرْعِيٍّ وَمِنْهُ بَلْ أَهَمُّهُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ قَلْبًا سَلِيمًا عِلْمُ الْبَاطِنِ الْمُطَهِّرُ لِلنَّفْسِ أَوْ آلَةٌ لَهُ، وَأَمْكَنَ عَادَةً تَأَتَّى تَحْصِيلُهُ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ وَأَقَرَّاهُ (وَالْكَسْبُ) الَّذِي يُحْسِنُهُ (يَمْنَعُهُ) مِنْ أَصْلِهِ أَوْ كَمَالِهِ (فَقِيرٌ) فَيُعْطَى وَيَتْرُكُ الْكَسْبَ لِتَعَدِّي نَفْعِهِ وَعُمُومِهِ، أَمَّا مَنْ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ التَّحْصِيلُ فَلَا يُعْطَى إذَا كَانَ يَلِيقُ بِهِ مِثْلُهُ (وَلَوْ اشْتَغَلَ بِالنَّوَافِلِ) مِنْ صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ الْمُطَلَّقَةُ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ لَوْ تَعَارَضَ كَسْبٌ وَرَاتِبَةٌ كُلِّفَ الْكَسْبُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْعِلَّةِ الْآتِيَةِ (فَلَا) يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ شَيْئًا وَإِنْ اسْتَغْرَقَ بِذَلِكَ جَمِيعَ وَقْتِهِ، خِلَافًا لِلْقَفَّالِ لِأَنَّ نَفْعَهُ قَاصِرٌ عَلَيْهِ سَوَاءٌ الصُّوفِيُّ وَغَيْرُهُ.
نَعَمْ أَفْتَى ابْنُ الْبَزْرِيِّ بِأَنَّهُ لَوْ نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ وَانْعَقَدَ نَذْرُهُ وَمَنَعَهُ صَوْمُهُ عَنْ كَسْبِهِ أُعْطِيَ لِلضَّرُورَةِ حِينَئِذٍ كَمَا لَوْ احْتَاجَ لِلنِّكَاحِ وَلَا شَيْءَ مَعَهُ فَيُعْطَى مَا يَصْرِفُ فِيهِ (وَلَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مُعْسِرٌ الْآنَ فِيهِمَا) أَيْ مَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقْرِضُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ فَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ تَلَفِهِمَا فَتَبْقَى ذِمَّتُهُ مُعَلَّقَةٌ اهـ حَجّ.
وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَا يُصَرِّحُ بِهِ فِي قَوْلِهِ وَشَرْطُهُ: أَيْ ابْنُ السَّبِيلِ الْحَاجَةُ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُ يَشْمَلُهُ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ: أَيْ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ بِعِلْمٍ شَرْعِيٍّ) .
[فَرْعٌ] قَالَ ع: لَوْ كَانَ فَقِيهًا فَهَلْ يُعْطَى مَا يَحْتَاجُهُ مِنْ الْكُتُبِ؟ هُوَ مُحْتَمَلٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي كِتَابِ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ.
وَالْأَقْرَبُ إعْطَاؤُهُ ذَلِكَ لِاحْتِيَاجِهِ لَهُ (قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَ عَادَةً تَأَتَّى تَحْصِيلُهُ) وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ تَصِيرَ فِيهِ قُوَّةٌ بِحَيْثُ إذَا رَاجَعَ الْكَلَامَ فَهِمَ كُلَّ مَسَائِلِهِ أَوْ بَعْضِهَا (قَوْلُهُ: مِثْلُهُ) أَيْ الْكَسْبِ (قَوْلُهُ: وَانْعَقَدَ نَذْرُهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الصَّوْمُ لَا يَضُرُّهُ (قَوْلُهُ: أُعْطِيَ لِلضَّرُورَةِ) قَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى الصَّوْمِ وَقْتَ النَّذْرِ ثُمَّ طَرَأَ مَا يَمْنَعُهُ مِنْهُ سَقَطَ وُجُوبُهُ،
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: مِنْ الْكَسْبِ) بَيَانٌ لِلْأَكْمَلِ (قَوْلُهُ: اتَّجَهَ الْأَوَّلُ) يَعْنِي مَا فِي الْفَتَاوَى، وَحَاصِلُ الْمُرَادِ أَنَّ كَلَامَ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ الْمُخَالِفَ لِمَا فِي فَتَاوِيهِ إنْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى الْإِرْشَادِ وَإِلَّا فَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْأَوْجَهُ مَا فِي الْفَتَاوَى (قَوْلُهُ: حَيْثُ أَخَلَّ الْكَسْبُ بِمُرُوءَتِهِ) أَيْ كَمَا قُيِّدَ بِهِ فِيمَا مَرَّ وَكَانَ يَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: تَأَتِّي تَحْصِيلِهِ فِيهِ) أَيْ تَحْصِيلِ الْمُشْتَغِلِ فِي ذَلِكَ الْعِلْمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute