للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَخَذَتْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ وَفَتَاوَى الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ الزَّوْجَ أَوْ الْبَعْضَ لَوْ أَعْسَرَ أَوْ غَابَ وَلَمْ يَتْرُكْ مُنْفِقًا وَلَا مَالًا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَيْهِ أُعْطِيت الزَّوْجَةُ أَوْ الْقَرِيبُ بِالْفَقْرِ أَوْ الْمَسْكَنَةِ، وَيُسَنُّ لَهَا أَنَّ تُعْطِي زَوْجَهَا مِنْ زَكَاتِهَا وَلَوْ بِالْفَقْرِ وَإِنْ أَنْفَقَهَا عَلَيْهَا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ خِلَافًا لِلْقَاضِي

(وَالْمِسْكِينُ مَنْ قَدَرَ عَلَى مَالٍ أَوْ كَسْبٍ) حَلَالٍ لَائِقٍ (يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِ) وَكِفَايَةُ مُمَوَّنِهِ مِنْ مَطْعَمٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا مَرَّ (وَلَا يَكْفِيهِ) كَمَنْ يَحْتَاجُ عَشَرَةً فَيَجِدُ سَبْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً وَإِنْ مَلَكَ نِصَابًا أَوْ أَنْصِبَاءَ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ: قَدْ يَمْلِكُ أَلْفًا وَهُوَ فَقِيرٌ، وَقَدْ لَا يَمْلِكُ إلَّا فَأْسًا وَحَبْلًا وَهُوَ غَنِيٌّ وَلَا يَمْنَعُ الْمَسْكَنَةَ الْمَسْكَنُ وَمَا مَعَهُ مِمَّا مَرَّ مَبْسُوطًا، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكِفَايَةِ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ كِفَايَةُ الْعُمْرِ الْغَالِبِ نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي الْإِعْطَاءِ وَإِنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا.

لَا يُقَالُ: يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ أَخْذُ أَكْثَرِ الْأَغْنِيَاءِ بَلْ الْمُلُوكِ مِنْ الزَّكَاةِ.

لِأَنَّا نَقُولُ: مَنْ مَعَهُ مَالٌ يَكْفِيهِ رِبْحُهُ أَوْ عَقَارٌ يَكْفِيهِ دَخْلُهُ غَنِيٌّ، وَالْأَغْنِيَاءُ غَالِبُهُمْ كَذَلِكَ فَضْلًا عَنْ الْمُلُوكِ فَلَا يَلْزَمُ مَا ذُكِرَ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمِسْكِينَ أَحْسَنُ حَالًا مِنْ الْفَقِيرِ خِلَافًا لِمَنْ عَكَسَ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ} [الكهف: ٧٩] حَيْثُ سَمَّى مَالِكِيهَا مَسَاكِينَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمِسْكِينَ مَنْ يَمْلِكُ مَا مَرَّ

(وَالْعَامِلُ) الْمُسْتَحِقُّ لِلزَّكَاةِ بِأَنْ فَرَّقَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ أُجْرَةً مِنْ بَيْتِ الْمَالِ هُوَ (سَاعٍ) يُجْبِيهَا (وَكَاتِبٌ) مَا وَصَلَ مِنْ ذَوِي الْأَمْوَالِ وَمَا عَلَيْهِمْ وَحَاسِبٌ (وَقَاسِمٌ وَحَاشِرٌ) وَهُوَ الَّذِي (يَجْمَعُ ذَوِي الْأَمْوَالِ) أَوْ السُّهْمَانِ وَحَافِظٌ وَعَرِيفٌ وَهُوَ كَالنَّقِيبِ لِلْقَبِيلَةِ وَمُشِدٌّ اُحْتِيجَ إلَيْهِ وَكَيَّالٌ وَوَزَّانٌ وَعَدَّادٌ يُمَيِّزُ بَيْنَ الْأَصْنَافِ (لَا) الَّذِي يُمَيِّزُ نَصِيبَ الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ مَالِ الْمَالِكِ بَلْ أُجْرَتُهُ عَلَيْهِ وَلَا نَحْوَ رَاعٍ وَحَافِظٍ بَعْدَ قَبْضِ الْإِمَامِ لَهَا بَلْ أُجْرَتُهُ مِنْ أَصْلِ الزَّكَاةِ لَا مِنْ خُصُوصِ سَهْمِ الْعَامِلِ، وَلَا (الْقَاضِي وَالْوَالِي) عَلَى الْإِقْلِيمِ إذَا قَامَا بِذَلِكَ بَلْ يَرْزُقُهُمَا الْإِمَامُ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ الْمُرْصَدِ لِلْمَصَالِحِ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُمَا عَامٌّ.

وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ دُخُولُ قَبْضِ الزَّكَاةِ وَصَرْفِهَا فِي عُمُومِ وِلَايَةِ الْقَاضِي، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْهَرَوِيِّ وَأَقَرَّهُ مَا لَمْ يُنَصَّبْ لَهُمَا مُتَكَلِّمٌ خَاصٌّ، وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ أَخْذِهِ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِ إذَا اسْتَدَانَ لِلْإِصْلَاحِ، وَمِنْ سَهْمِ الْغَازِي الْمُتَطَوِّعِ وَمِنْ سَهْمِ الْمُؤَلَّفِ الضَّعِيفِ النِّيَّةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا مُنِعَ حَقُّهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ جَازَ لَهُ الْأَخْذُ بِنَحْوِ الْفَقْرِ وَالْغُرْمِ مُطْلَقًا، وَسَيَأْتِي فِي الرِّشْوَةِ أَنَّ غَيْرَ السُّبْكِيّ بَحَثَ الْقَطْعَ بِجَوَازِ أَخْذِهِ لِلزَّكَاةِ.

(وَالْمُؤَلَّفَةُ) جَمْعُ مُؤَلَّفٍ مِنْ التَّأْلِيفِ وَهُوَ جَمْعُ الْقُلُوبِ، وَهُوَ (مَنْ أَسْلَمَ وَنِيَّتُهُ ضَعِيفَةٌ) فِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَوْ فِي الْإِسْلَامِ نَفْسِهِ بِنَاءً عَلَى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَغَيْرِهَا كِفَايَةَ الْعُمْرِ الْغَالِبِ أَشْكَلَ؛ لِأَنَّهَا إذَا عَادَتْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا عَلَى الزَّوْجِ فَلَا يَبْعُدُ أَنَّهَا تُعْطَى كِفَايَتُهَا إلَى عَوْدِهَا وَوُجُوبِ نَفَقَتِهَا اهـ سم عَلَى حَجّ

قَوْلُهُ (أَوْ كَسْبٍ حَلَالٍ) أَيْ وَلَيْسَ فِيهِ شُبْهَةٌ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ أَوْ فِيهِ شُبْهَةٌ قَوِيَّةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيَجِدُ سَبْعَةً) أَيْ بَلْ أَوْ خَمْسَةً أَوْ سِتَّةً لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مِنْ يَمْلِكُ أَرْبَعَةً فَقِيرٌ عَلَى الْأَوْجَهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ لَا يَمْلِكُ إلَّا فَأْسًا) بِالْهَمْزِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: كِفَايَةُ الْعُمْرِ الْغَالِبِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَخْذِ نَفْسِهِ، أَمَّا مُمَوَّنُهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْدِيرِ ذَلِكَ فِيهِ بَلْ يُلَاحَظُ فِيهِ كِفَايَةُ مَا يَحْتَاجُهُ الْآنَ مِنْ زَوْجَةٍ وَعَبْدٍ وَدَابَّةٍ مَثَلًا بِتَقْدِيرِ بَقَائِهَا أَوْ بَدَلِهَا لَوْ عُدِمَتْ بَقِيَّةُ عُمْرِهِ الْغَالِبِ

(قَوْلُهُ وَمِشَدٍّ) هُوَ الَّذِي يَنْظُرُ فِي مَصَالِحِ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ أَخْذِهِ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقَاضِي إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَالْمُؤَلَّفَةُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ يُعْطُونَ وَلَوْ مَعَ الْغِنَى اهـ سم عَلَى مَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ جَمْعُ الْقُلُوبِ) أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ الزَّوْجَ أَوْ الْبَعْضَ لَوْ أُعْسِرَ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَنْ أَعْسَرَ زَوْجُهَا بِنَفَقَتِهَا تَأْخُذُ مِنْ الزَّكَاةِ وَإِنْ كَانَتْ مُتَمَكِّنَةً مِنْ الْفَسْخِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْفَسْخَ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ اسْتِغْنَاؤُهَا، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الِاسْتِغْنَاءُ بِأَنْ كَانَ لَهَا قَرِيبٌ مُوسِرٌ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا لَوْ فُسِخَتْ أَنَّهَا لَا تُعْطَى فَلْيُرَاجَعْ الْحُكْمُ

(قَوْلُهُ: مَنْ مَعَهُ مَالٌ يَكْفِيهِ رِبْحُهُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْجَوَابُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ كَوْنِ الْمَالِ يَكْفِيهِ الْعُمُرَ الْغَالِبَ أَنَّهُ تَكْفِيهِ عَيْنُهُ يَصْرِفُهَا كَمَا بَنَى عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>